العام الماضي، كان سنة “ازدهار” التعليم في حمص وريفها، حيث تم إطلاق عدد كبير من المشاريع، رغم الصعوبات التي أحاطت بظروف إطلاقها بسبب القتال والقصف العنيف على الريف الشمالي، إذ خرج عدد كبير من المدارس عن الخدمة بعد أن سوّيت بالأرض، وتعذر ترمميمها. فتم تحويل عدد كبير من البيوت إلى مدارس، بجهود شخصية وإشراف منظمات داعمة، ساعدت على استئجار هذه العقارات وحولتها إلى مدارس، وأخذ 250 معلمًا ومعلمة في المناطق المحررة على عاتقهم إحداث نقلة نوعية في قطاع التعليم بعد توفر الدعم اللازم، والذي ساعد على تأمين الحقيبة المدرسية لنحو 30 ألف طالب وطالبة بمعدل تنفيذ 60% من إجمالي مناطق الريف والمدينة.
وعمل مجلس محافظة حمص على إيجاد حلول لمشكلة نقص الكتاب المدرسي عبر توفير ماكينات طباعة وإدخالها إلى الريف المحاصر وكذلك إلى حي الوعر، ما ساهم بحل المشكلات الناجمة عن نقص الكتب وتوفيرها لحوالي 51 ألف طالب في الحي والريف الشمالي.
وبحسب مدير مكتب التعليم في مجلس المحافظة، زكريا المولية، بقي تسرب الطلاب من المدارس من أهم العقبات التي تواجه العاملين في المجال التعليمي، ويعود ذلك إلى خوف الأهالي على أولادهم، وليس لأي عامل آخر كالفقر أو الحاجة المادية عكس بقية المناطق الأخرى.
يؤكد المولية أن أغلب جهود إطلاق عجلة العملية التعليمية ودفعها في حمص وريفها تمت من قبل منظمات ومتبرعين، ولم يكن للحكومة المؤقتة دور في تقديم “الدعم المادي”، وتقتصر العلاقة بين الطرفين حاليًا على “الختم” والتوقيع على الشهادات. ويؤكد المولية أن العلاقة مع الحكومة المؤقتة تقتصر على التوقيع على الشهادات فقط، “نبقي معهم على شعرة معاوية فقط”.
ويشير وزير التربية عماد برق، إلى أن المعاهد والفروع التي تأسست في حمص تتبع لجامعة حلب، وتشرف عليها الوزارة مباشرة، وتم تمويلها من منظمات وداعمين، وكان للوزارة دور كبير في ذلك.
ثلاثة معاهد في حي الوعر المحاصر والإقبال “كبير”
يبدو أن التعليم العالي يسير بوتيرة أسرع، حيث تشهد مناطق الرستن وتلبيسة افتتاح معاهد تتبع لجامعة حلب، كان آخرها المعهد الطبي المتوسط والعالي، كما تم افتتاح معهد إعداد المدرسين في الحولة والرستن وحي الوعر، وذلك من أجل رفد قطاع التعليم الابتدائي والإعدادي بالكفاءات التعليمية، وبسبب انقطاع الكثير من الطلاب عن التعليم نتيجة وجودهم في حي الوعر المحاصر وعدم تمكنهم من الذهاب إلى الجامعات في مناطق سيطرة النظام سواء بحلب أو دمشق.
يقول هاني الشيخ، وهو المدير الإداري في المعهد المتوسط في حي الوعر، “خلقت ظروف الحصار والحرب أزمة حقيقية في قطاع التعليم العالي للشباب بين عمر 18 و23، فمنهم من لم يحصل أساسًا على شهادة الثانوية العامة، ومنهم من اضطر للانقطاع عن التعليم العالي مع بداية الثورة، وكانت هذه الأسباب دافعًا كبيرًا لافتتاح عدة معاهد في حي الوعر بحمص تتبع لجامعة حلب”، مشيرًا إلى أن المعاهد ومنذ افتتاحها لاقت إقبالًا شديدًا، “يداوم 180 طالبًا وطالبة في هذه المعاهد، وبدأنا الدوام في نهاية تشرين الأول 2015، وافتتحنا حتى الآن ثلاثة معاهد، الأول لإعداد المدرسين، والثاني معهد طبي، والثالث معهد تقانة الحاسوب”.
التعليم الإلزامي.. وضع “كارثي” ومدارس تكتظ بالنازحين
في المقابل، يعتبر وضع التعليم الإلزامي بمراحله الثلاث “كارثيًا” بالمقارنة مع وضعه سابقًا، سواء قبل الحصار في حي الوعر، أو قبل القصف والأعمال القتالية في الريف الشمالي، فالمدارس تمتلئ بالنازحين، وقد بدأت مؤخرًا عملية إفراغها منهم، وإعادة الطلاب إليها، ليبدأ الوضع بالتحسن، وفق وصف أحد المدرّسين في الحي.
يعتبر المدرّس، محمد المبارك، أن التحسّن بالعملية التعليمية كان “نسبيًا”، إذ “لم تتحقق نتائج إيجابية كبيرة، لا سيما في مجال الشهادتين الإعدادية والثانوية، وكانت أعداد الطلاب الناجحين محدودة”.
ويضيف “لم ينل عدد من طلاب الشهادة الثانوية علامات تؤهلهم لدخول فروع متميزة في التعليم العالي والجامعات، وكذلك الوضع بالنسبة لطلاب الصف التاسع، إذ اقتصر عدد من التحق بالصف الأول الثانوي (العاشر) على 43 طالبًا في حي الوعر”.
وينقسم التعليم في حي الوعر إلى قسمين، الأول: تعليم حكومي يتبع لمؤسسات النظام، ويعتبر المدرّس وضعه جيد من حيث التزام المعلمين، إلا أن عدد الحصص الدراسية قليل، مشيرًا إلى توفر الكتب بالحد الأدنى.
أما القسم الثاني: فهو التعليم الخاص، وهو يلتزم أيضًا بمنهاج حكومة النظام، ولكنه يعاني من “الشرذمة” إذ لا يتبع لإشراف جهة واحدة، وفق رأي المدرّس.
وانعكست الهدنة الأخيرة بشكل إيجابي على واقع القطاع التعليمي في الحي، فبدأ الطلاب يرتادون المدارس بأجواء من الطمأنينة، قطعها استهداف الحي المحاصر منذ أسبوعبن تقريبًا بصاروخ أرض- أرض، “ولاحظنا تلكؤًا مجددًا في الذهاب إلى المدرسة”، كما يقول المبارك.
تابع قراءة الملف الموسع: سوريا المحررة.. مقاعد مهجورة ومدارس في الأقبية والكهوف.
إدلب وحلب.. النصيب الأكبر من المدارس المدمرة.
النظام يشتري الأسلحة برواتب المعلمين في حلب.
الإدارة الذاتية و”تكريد” التعليم.
إدارة وتشغيل أول جامعة في حلب بعد الثورة.
بعد حلب.. تأسيس جامعة في إدلب.
السعودية تموّل برنامج “لأتعلم” بـ 17 مليون دولار.
بسبب الدمار.. تحويل البيوت في حمص إلى مدارس.
ثلاث مرجعيات تتحكم بالعملية التعليمية في إدلب.
النظام والمعارضة يتقاسمان المدارس والطلاب في حماة.
غوطتا دمشق.. القصف والجوع يُفقدان التلاميذ تركيزهم.
نقص “شديد” في توفر الكتاب المدرسي في درعا ووزارة التربية المؤقتة تنفي.
توزيع عشرة ملايين كتاب مدرسي في المناطق المحررة.
خبيرة تربوية تتنبأ بمستقبل “أسود” للتعليم في المناطق المحررة.
لقراءة الملف كاملًا: سوريا المحررة.. مقاعد مهجورة ومدارس في الأقبية والكهوف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :