تقدر وزارة التربية في حكومة النظام السوري أضرار القطاع التربوي بحدود 235 مليار ليرة سورية، مع وجود خمسة آلاف مدرسة متضررة منذ بداية الأزمة، ووجود حوالي 17486مدرسة تستوعب حاليًا أربعة ملايين و250 ألف طالب، وبحسب الوزارة “كانت المدارس الواقعة ضمن المناطق الساخنة أكثر عرضة للتدمير”، إذ بلغت ذروتها في محافظة إدلب، بحدود 772 مدرسة، تلتها حلب 301 مدرسة، فيما تستخدم 1889 مدرسة كمراكز لإيواء النازحين، وبلغت قيمة أضرار القطاع التربوي ما يقارب 170 مليار ليرة سورية.
وتذكر الوزارة، أنه “رغم التحديات استمرت العملية التربوية حتى في المناطق غير الآمنة، حيث بلغت نسبة الدوام في المدارس 70% للطلبة و92% للأطر التدريسية والإدارية”.
وكانت حكومة النظام خصصت حوالي 10% من الميزانية الحكومية العامة للعام 2016 لتوفير مستلزمات التعليم بمن فيهم “الطلبة النازحون” المهجرون، وتمكنت الوزارة من طباعة 75 مليون نسخة كتاب لمرحلة التعليم الأساسي.
تراجع كفاءات المعلمين التدريسية
تمتنع أم عبد الله (اسم مستعار) من ريف إدلب عن إرسال أولادها (ولد وبنت) إلى المدرسة منذ عام تقريبًا، خوفًا عليهما من القصف العنيف، الذي يسمع صداه بوضوح في المناطق المجاورة لبلدتها، فقررت إبقاءهما بعيدًا عن مقاعد الدراسة، لكنها لا تكتفي باعتبار العنف والخوف على الأولاد هو السبب الرئيسي لعدم إرسالهما إلى المدرسة، بل بسبب “نقص الخبرات” و”نقص الكتب” وتراجع مستوى المعلمين أيضًا، فقد غادر البلدة من كان يوصف بأنه أهم مدرس أو “أفضل أستاذ”، كما تقول، وهؤلاء إما هاجروا إلى خارج سوريا أو نزحوا إلى مناطق سيطرة النظام، حيث الأمان النسبي بعيدًا عن البراميل المتفجرة، ما ترك مصير أطفال البلدة معلقًا بيد من يرغب بالتعليم دون النظر إلى مستواه الأكاديمي أو تحصيله العلمي، فالمهم الآن أن تبقى أبواب المدرسة مفتوحة وأن يستمر توافد الطلاب.
لكن هذه الحالة التي تعيشها مؤسسات ومدارس التعليم، لجهة ندرة الكوادر وضعف أدائها، لا تعيشها مؤسسات التعليم العالي، التي بدأت تنتشر وتنطلق في مناطق المعارضة بعد تأسيس جامعة حلب وإدارة التعليم العالي في إدلب. ويؤكد عميد كلية الطب البيطري في إدلب، جمعة عمر، أن “لا مشكلة لإدارة الجامعة في تأمين الكوادر، وهناك العديد من الزملاء أعضاء الهيئة التدريسية جاهزون للالتحاق بجامعة إدلب عندما يوجد حاجة لهم”.
وبحسب آراء مواطنين وشهادات لمدرسين ومديري التربية، فإن ضعف أداء المدرسين كان عاملًا سلبيًا في أداء المؤسسات التعليمية وفي استقطاب اهتمام الأهالي بإرسال أولادهم إلى المدارس، كحال أبو أحمد، أحد سكان حي المشهد في حلب، إذ لم يعد يذهب ابنه إلى المدرسة بسبب كبر سنه وعدم توفر صفوف لمرحلته العمرية، ما يجعله محرجًا في حال قرر الانضمام لأقرانه في شعبة واحدة، ويكتفي بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع، عله يلحق ابنه في المدرسة بعد انتهاء الأزمة، مشيرًا إلى تدني مستويات المدرسين وعدم امتلاكهم للخبرة الكافية التي تؤهلهم للتعليم.
انتشار التعليم في الكهوف والأقبية
حلت الكهوف والأقبية مكان المدارس والحصص الدراسية بسبب القصف والأعمال القتالية، وأصبح عدد لا بأس به من الطلاب في المناطق المحررة يقضون نهارهم تحت الأرض وبعيدًا عن التهوية والشمس من أجل الاستمرار بالتعلم، وكان لمدينة داريا في ريف دمشق وبعض مناطق ريف إدلب نصيب كبير من هذه التجربة خلال السنوات الماضية، ومع ذلك لم تكن مخرجات العملية التعليمية بالمرضية، حسب ما يقول أهالي عدد من الطلاب، لأسباب عديدة، أبرزها انعدام الشروط الصحية الأساسية لمساعدة الطالب على الفهم والاستيعاب، والتوتر الدائم، والخوف.
يقول وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، عماد برق، لعنب بلدي، إن هناك عددًا كبيرًا من الأطفال يتعلمون في الأقبية، في حلب والغوطة الشرقية وريف حمص، وهناك قسم من الأطفال يتعلمون في الكهوف بريف إدلب بسبب القصف العنيف، ويشير الوزير إلى أنه ورغم ذلك يستمر النظام باستهدافهم حيث يوجدون.
في داريا، يعاني التعليم من صعوبات “جمة”، تكبّله وتحول دون تحقيق قفزات مهمة، أسوة ببقية المناطق السورية، وذلك بسبب الحصار المفروض على المدينة منذ 13 تشرين الثاني 2012، وشراسة حملة البراميل والقصف العشوائي، وما كان أمام الأهالي خلال مرحلة القصف المستمر بالبراميل إلا تجهيز الأقبية وتدعيمها بالسواتر الترابية خوفًا من شظايا القذائف، وأدى هذا لإغلاق جميع منافذ التهوية، ما انعكس سلبًا على الاستيعاب.
وبخصوص السعي لتوفير التدفئة والإضاءة، هناك قصص أخرى يمكن أن تروى عن هذه الحاجات، فقد عمدت الإدارة إلى توفير الأخشاب والحطب من البساتين، وهو ما ضاعف المعاناة نتيجة انتشار الدخان في الأقبية، وتسبب بحالات ضيق تنفس للطلاب. ويقول الأستاذ حسين، مدير مدرسة “اقرأ وارقَ” في داريا، “تعتمد إدارة المدرسة في إضاءة الأقبية على البطاريات و(اللدات) ويحتاج شحنها إلى الوقود الذي ارتفع سعره أضعافًا، ما تسبب بأضرار وأمراض لعدد من الطلاب، في ظل ندرة الأطباء الموجودين في المدينة وبالذات أطباء العيون”.
كما يعاني طلاب المدينة المحاصرة من نقص القرطاسية، وعدم توفر الكتب والدفاتر والأقلام على اختلاف أنواعها، ولم يبق أمام الطلاب إلا اللجوء إلى مخلفات المكتبات وإلى جمع ما تبقى في المنازل من دفاتر وقرطاسية، وإذا ما توفرت هذه المستلزمات يغيب الطالب ويمتنع عن الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب الوضع المعيشي وصعوبة توفير الحاجات اليومية واضطرار الأهالي إلى تشغيل أولادهم، كما يقول مدير المدرسة.
وتعد حالة الطفل فادي حماد (11 عامًا) من مئات حالات الأطفال في المدينة، الذين لا يلقون بالًا للتعليم، ويعملون بجمع المواد البلاستيكية وبيعها، فهو يذهب للعمل كل يوم لتأمين حاجات أهله اليومية وسط ظروف معيشية صعبة جدًا.
800 ألف طالب في عهدة وزارة التربية والتعليم
يبدي وزير التربية عدم رضاه الكامل عن سير العملية التعلمية في المناطق المحررة، فهي بحاجة مزيد من الجهود، ويقدم الوزير أرقامًا تبدو صادمة عن واقع الطلاب والمدرسين في المناطق التي تشرف عليها وزارته، فإضافة إلى شح الدعم المادي وانقطاعه تمامًا من الحكومة، والذي تسبب بغياب الرواتب عن الكوادر الإدارية الأساسية والوزراء، هناك مشكلات متعلقة باستمرار تسرب الطلاب. يقول الوزير “الدعم المادي شبه معدوم، ولم أتقاضَ راتبي منذ الشهر الثامن (آب) الماضي”.
يشير الوزير إلى وجود 100 ألف طالب جامعي في المناطق المحررة منقطع عن التعليم، وهناك 50 ألف طالب حاصل على الثانوية العامة ويحتاج لإكمال التعليم الجامعي.
ولفت إلى أن الوزارة تشرف على 800 ألف طالب على مقاعد الدراسة، وأن هناك أكثر من مليون طفل خارج العملية التعليمية. وقدر نسبة التسرب من المدارس في المناطق المحررة بـ50%.
تخطط وزارة التربية المؤقتة لافتتاح كليات في درعا والقنيطرة.
افتتحت الوزارة كليات للطب البشري والمعلوماتية برسوم رمزية.
تستعد الوزارة لافتتاح مكتب ارتباط في العراق لمتابعة الطلاب السوريين وعددهم 150 ألف طالب.
تابع قراءة الملف الموسع: سوريا المحررة.. مقاعد مهجورة ومدارس في الأقبية والكهوف.
إدلب وحلب.. النصيب الأكبر من المدارس المدمرة.
النظام يشتري الأسلحة برواتب المعلمين في حلب.
الإدارة الذاتية و”تكريد” التعليم.
إدارة وتشغيل أول جامعة في حلب بعد الثورة.
بعد حلب.. تأسيس جامعة في إدلب.
السعودية تموّل برنامج “لأتعلم” بـ 17 مليون دولار.
بسبب الدمار.. تحويل البيوت في حمص إلى مدارس.
ثلاث مرجعيات تتحكم بالعملية التعليمية في إدلب.
النظام والمعارضة يتقاسمان المدارس والطلاب في حماة.
غوطتا دمشق.. القصف والجوع يُفقدان التلاميذ تركيزهم.
نقص “شديد” في توفر الكتاب المدرسي في درعا ووزارة التربية المؤقتة تنفي.
توزيع عشرة ملايين كتاب مدرسي في المناطق المحررة.
خبيرة تربوية تتنبأ بمستقبل “أسود” للتعليم في المناطق المحررة.