إسرائيل تلجأ لـ”الإغراءات” لترسيخ سيطرتها في القنيطرة

الشريط الحدودي مع الجولان المحتل من جهة بلدة الحميدية جنوبي محافظة القنيطرة السورية- 9 أيلول 2024 (عنب بلدي/ زين الجولاني)

camera iconالشريط الحدودي مع الجولان المحتل من جهة بلدة الحميدية جنوبي محافظة القنيطرة السورية - 9 أيلول 2024 (عنب بلدي/ زين الجولاني)

tag icon ع ع ع

تحولت السياسة الإسرائيلية جنوبي سوريا من التوغل إلى ترسيخ القواعد، عقب سيطرتها على مواقع بمحافظة القنيطرة الحدودية إثر سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024.

ويخشى أهالي القنيطرة من مصادرة القوات الإسرائيلية أراضيهم ومنعهم من الزراعة لبناء نقاط مراقبة وقواعد عسكرية، ومستوطنات في المستقبل.

وازدادت المخاوف مع مقترح إسرائيلي يسمح لأصحاب المهن من سكان القنيطرة بالعمل داخل الأراضي الإسرائيلية بنظام “اليوم الواحد”، الذي يمكنهم من دخول مناطق العمل صباحًا والعودة مساء إلى منازلهم.

قال وزير الدفاع الإسرئيلي، يسرائيل كاتس، في 9 من آذار الحالي، إنه سيتم السماح قريبًا للعمال الدروز القامين من سوريا بالعمل في بلدات الجولان.

وجاء تصريح كاتس خلال إعلانه أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطة غير مسبوقة لمساعدة الطائفة الدرزية والمكون الشركسي، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وأشار كاتس إلى ما قال إنه “ولاء الطائفتين ومساهمتهما في أمن إسرائيل”، مؤكدًا أن إسرائيل ستواصل تعزيز الطائفتين وحماية أبنائهما في سوريا، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.

تجريف أراضٍ ونقاط مراقبة

أحمد أبو زين، ناشط في قرية جباتا الخشب بالقنيطرة قال، لعنب بلدي، إن وحدات الجيش الإسرائيلية توغلت مئات الأمتار، ومنعت المزارعين من الدخول إلى أراضيهم والعمل فيها بالمناطق القريبة من الحدود مثل الحرية وجباتا الخشب وشرق الحميدية.

وأوضح أحمد أن وحدات الجيش الإسرائيلي جرفت 200 دونم من أراضي حرش جباتا الخشب بالآليات العسكرية، وفعلت نقاط مراقبة غربي الحرش وأخذت برج الزراعة المطل على حرش جباتا وحضر وقرية طرنجة.

نقاط المراقبة الإسرائيلية تعوق حركة الأهالي وتحد من حرية ممارسة أعمالهم المدنية.

ويواجه أهالي المناطق الشمالية في مدينة القنيطرة عقبات في الدخول إلى مدينة السلام والقرى المجاورة، حيث يحتاجون إلى موافقة من الأمن الإسرائيلي وبتنسيق مع مخاتير المنطقة، وفقًا لأحمد.

“عروض عمل” و”مساعدات”

تنشر وحدات الجيش الإسرائيلي حواجز مؤقتة داخل قرى القنيطرة في القطاع الشمالي والجنوبي، وتحاول التواصل مع أهالي القرى.

وتقدم فرص عمل في عدة مجالات داخل الجولان، كالزراعة والصناعة وبرواتب تبدأ من 70 دولارًا إلى 100 دولار بشكل يومي، بحسب أحمد.

وأوضح أحمد أبو زين، أن عروض الجيش الإسرائيلي تُقابل بالرفض من الأهالي، الذين يتخوفون من ضياع هويتهم السورية.

ولم تقتصر مغريات إسرائيل عبر سياسة “الاحتلال الناعم”، بحسب وصف أهالٍ بالمنطقة، على فرص العمل، بل يقدم الجيش الإسرائيلي مساعدات إغاثية وطبية لأهالي قرى القنيطرة، وتُقابل أيضًا بالرفض.

“مخطط لسلب الهوية”

يرفض أهالي القنيطرة عروض الجيش الإسرائيلي، ويصفونها بـ”الاحتلال الناعم” الذي قد يتحول إلى استغلال لموارد المنطقة، وفقدان الهوية السورية.

“تستغل إسرائيل الظروف السيئة التي نعيشها وما خلفه نظام الأسد من تهميش للمحافظة وتقدم فرص عمل ومساعدات جيدة”، قال رائد سليمان (30 عامًا) أحد سكان قرية جباتا الخشب في القنيطرة والذي يعمل مزارعًا.

وأضاف، “100 دولار في اليوم هو مبلغ مغرٍ جدًا، ولكنني لن أقبل العمل خوفًا من أن تُنفذ إسرائيل مخططًا يسلب منا هويتنا”.

أما سناء الحريري (35 عامًا) من قرية كودنة فترفض حتى المساعدات الإغاثية المقدمة من الجيش الإسرائيلي، أو التحدث مع العناصر لإجراء استبيان لها ولعائلاتها.

وترى سناء أن الجيش الإسرائيلي يستغل أهالي القنيطرة لتنفيذ مشروع استيطاني في المنطقة.

تسعى إسرائيل إلى تقديم المساعدات الطبية والإغاثية، بعدما أجرت إحصاء شاملًا لسكان المنطقة، وفقًا لما قاله الناشط أحمد أبو زين لعنب بلدي.

احتلال “ديموغرافي”

الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور سمير أبو صالح، قال لعنب بلدي، إن توسع رقعة احتلال إسرائيل لأراضٍ سورية جديدة جغرافيًا، شمل أيضًا احتلالًا ديموغرافيًا للمنطقة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي بتقديم سلسلة من الوعود الخدمية لأهالي المنطقة مستغلًا حاجة شريحة كبيرة من المواطنين على أمل أن يحظى بالقبول في تلك المناطق.

وأضاف أن إسرائيل تستغل التنوع الطائفي في مجتمع جبل الشيخ والقنيطرة، وكأنها تحاول استخدام التنوع كورقة لتعميق الاختلاف في وجهات النظر بين الدروز والمسيحيين والسنة هناك، “وهو ما لا يمكن تسميته اختلافًا بل اجتهادًا في إطار المواطنة وليس الدين أو الواقع السياسي”.

وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حاول إرسال رسائل بأن حكومته مستعدة لحماية الدروز، مصورًا وكأن هناك خلافًا أو حربًا بين الدروز وسائر مكونات المجتمع السوري، وهذا غير صحيح لا سيما وأن الدولة السورية وعلى لسان الرئيس، أحمد الشرع، أكد الحرص على وحدة المكونات السورية، وهو أيضًا ما ذكره الدروز والسنة والمسيحيون في بياناتهم، عبر تأكيدهم على الانتماء للدولة السورية في عهدها الجديد.

وأشار سمير أبو صالح إلى أن محاولات إسرائيل استمالة سكان القنيطرة ستفضي إلى “فشل ذريع”، إذ لطالما استمر المواطنون السوريون ومن كل المذاهب والأديان برفضهم لاحتلال أراضيهم وللإغراءات والوعود الإسرائيلية، و”لطالما بقي موقفهم منسجمًا ومدعومًا من قبل دولتهم وشعبهم ولا سيما بعد انتصار ثورتهم وسقوط النظام البائد”.

تحركات إسرائيل في المنطقة

استفادت تل أبيب من حالة التوتر الأمني والفوضى السياسية بعد إسقاط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024، لتبقى التساؤلات حاضرة عن التدابير التي يمكن للدولة السورية اتباعها لإبعاد القوات الإسرائيلية، وما الأدوات التي تملكها.

إذاعة الجيش الإسرائيلي ذكرت، في 11 من شباط، أن إسرائيل أقامت “بهدوء شديد” منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، مؤكدة أن وجودها في سوريا لم يعد مؤقتًا.

ووفقًا للإذاعة، يعمل الجيش الإسرائيلي على بناء تسعة مواقع عسكرية داخل المنطقة الأمنية، ما يشير إلى نية تل أبيب تعزيز انتشارها العسكري في سوريا على المدى الطويل.

وأوضحت الإذاعة أن الجيش الإسرائيلي يخطط للبقاء في سوريا طيلة عام 2025، مع رفع عدد الألوية العاملة هناك إلى ثلاثة ألوية، مقارنة بكتيبة ونصف فقط قبل 7 من تشرين الأول 2023.

وخلال زيارته إلى الجانب السوري من جبل الشيخ، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 28 من كانون الثاني الماضي، إن قواته ستبقى في سوريا إلى أجل غير مسمى.

وكانت حكومة دمشق المؤقتة أبدت، في 29 من كانون الثاني الماضي، استعدادها لتغطية المواقع البرية الحدودية في حال انسحبت إسرائيل من تلك المواقع.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة