عقارات في منطقة المزة 86 بدمشق-26 آذار 2025(عنب بلدي/ زينب ضوا)
رغم انخفاض الأسعار
جمود يضرب سوق الشقق السكنية بدمشق
شهدت سوق العقارات في دمشق وضواحيها جمودًا في عمليات بيع وشراء الشقق السكنية، خصوصًا بعد سقوط نظام الأسد، وتوقف الدوائر الحكومية التي تجري معاملات التسجيل والفراغ العقاري ونقل الملكية، منذ 8 من كانون الأول 2024.
وأثّرت قلة السيولة النقدية بين أيدي الناس وتذبذب سعر صرف الدولار على أسعار العقارات منذ التحرير باعتبار أن القيمة المادية لأي عقار تحدد به.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي عبر أكثر من مكتب عقاري في دمشق، فقد انخفضت أسعار العقارات السكنية خلال الفترة الحالية إلى “النصف تقريبًا”، وسط “عزوف عن الشراء”، فالبيت الذي بلغ سعره 500 مليون ليرة سورية (حوالي 50 ألف دولار أمريكي) انخفض هذه الأيام إلى 300 مليون ليرة، وهناك بيوت لا تتجاوز أسعارها 150 مليون ليرة.
وبالنسبة للغرف مع المنافع، فإن الغرفة التي كان سعرها 100 مليون أصبحت بـ50 مليون ليرة، وفق ما قاله محمد علي، صاحب مكتب عقاري لعنب بلدي في منطقة “المزة 86”.
وذكر صاحب المكتب العقاري أن أسعار المنازل وصلت إلى أرقام قياسية في الأحياء العشوائية من محافظة دمشق قبل سقوط النظام، وسجل بعضها سعر 500 مليون ليرة وأكثر، حسب مكان البيت ومساحته.
اليوم ورغم الجمود في حركة بيع وشراء العقارات، فإن إيجارات المنازل في سوريا، ولا سيما في المدن الكبرى، تشهد ارتفاعًا مستمرًا مدفوعًا بجملة من العوامل الاقتصادية والمعيشية.
أما سابقًا ومع ازدياد معاناة الأهالي في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام وزوال الأمل بتحسن الأوضاع، كثرت حركة العرض على البيوع العقارية كي يسند الأهل أبناءهم في الخروج من سوريا إلى بلدان اللجوء، ما أدى إلى انتعاش حركة البيع وقتها.
أسباب الجمود
الباحث في مجال العلوم الاقتصادية خالد التركاوي قال لعنب بلدي، إن الجمود ليس في حركة بيع وشراء العقارات فقط وإنما في مجمل السوق، وأرجع سبب الجمود إلى تأرجح سعر الليرة السورية بين الارتفاع والانخفاض مقارنة بالعملات الأجنبية.
وأضاف أن تريث الناس قبل البيع والشراء يؤثر على جمود سعر العقارات، بسبب عدم استقرار السوق، وتمهل الملّاك في عمليات الإكساء تفاديًا للخسارة الناتجة عن التذبذب في قيمة العملة، وتوقف الدوائر المسؤولة عن إجراءات الفراغ العقاري.
وذكر التركاوي أن تجار العقارات ظنوا بعد سقوط النظام أن المهجرين العائدين من الخارج رجعوا محملين بالأموال ولديهم رغبة بشراء العقارات، لكن لا حركة بهذا الاتجاه.
ممثل مفوضية اللاجئين في سوريا، غونزالو فارغاس يوسا، كشف عن عودة 270 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد، “بينما يخطط عدد أكبر بكثير منهم للعودة في العام المقبل”.
ولفت عبر منشور على منصة “إكس”، في شباط الماضي، إلى أن أكثر من ربع اللاجئين السوريين يخططون للعودة خلال الـ12 شهرًا المقبلة لإعادة بناء حياتهم.
عزوف عن الشراء
أحمد علي، شاب التقته عنب بلدي، قال إن جمود سوق العقارات يشكل خوفًا عند المشتري، مشيرًا إلى أن لديه نية في شراء عقار (محل تجاري) في منطقة المزة، لكنه يفضل التمهل قليلًا حتى يستقر سعر الصرف، فهو يتخوف من شراء عقار ربما يقل سعره في الأيام المقبلة.
ورغم تراجع سعر الدولار، واتباع نهج اقتصاد السوق الحر، وانخفاض الأسعار بشكل ملحوظ، فإن أسعار العقارات وإن انخفضت، إلا أنها مرشحة لمزيد من الاضطراب والتأرجح بين الارتفاع والانخفاض، لعدم وجود ضوابط، وكذلك غموض السوق، إضافة إلى حالة القلق العام من الأوضاع الأمنية.
وبالنسبة لأحد أهم العوامل المؤثرة في ارتفاع أو انخفاض أسعار العقارات، شدد الباحث في مجال العلوم الاقتصادية خالد التركاوي، على عامل العرض والطلب، فعندما يكون الطلب على العقارات أعلى من العرض، فإن الأسعار تكون مرتفعة والبائع يمتلك نقطة قوة وقدرة على تحديد السعر الذي يريده، والعكس بالعكس، عندما يقل الطلب ويرتفع العرض تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ.
وأوضح التركاوي أنه قبل سقوط النظام وبسبب القصف، اضطرت عائلات لبيع عقاراتها بسبب السفر، وهذا ما جعل سعر العقار ينخفض بشكل كبير.
شقق في دمشق بأسعار تضاهي مدنًا أوروبية
تصل أسعار الشقق السكنية في أحياء مثل “أبو رمانة” و”المالكي” إلى عشرات المليارات من الليرات السورية، ولطالما أثارت هذه الأسعار استغراب المحللين الاقتصاديين، فهي تضاهي أسعار الشقق السكنية في عواصم أوروبية أو مدن تعرف بنشاط تجارة العقارات الفارهة مثل دبي.
قال مصطفى محمد، وهو صاحب مكتب عقاري في منطقة التضامن لعنب بلدي، إن أسعار الشقق بمنطقتي “أبو رمانة” و”المالكي” بعد الانخفاض الأخير ما زالت تتراوح بين مليار وصولًا إلى 30 مليار ليرة سورية تقريبًا (من 100 إلى 300 ألف دولار أمريكي)، حسب موقع العقار ومساحته.
وذكر أن الأسعار قبل سقوط النظام كانت تبدأ من مليار ونصف وتنتهي بـ45 مليار ليرة.
وانخفض سعر الشقة في مشروع دمر وضاحية قدسيا حاليًا ليتراوح بين مليار ومليار ونصف مليار ليرة سورية، حسب الموقع والمساحة، وكان السعر يتراوح بين مليارين ومليارين ونصف مليار ليرة سورية، بحسب الموقع والمساحة.
ما المطلوب من الحكومة الجديدة
أكد الباحث الاقتصادي خالد التركاوي دور الحكومة في تحديد السياسات العقارية التي تناسب الواقع، وجعل سعر العقارات مقبولًا من خلال قوانين التنظيم العقاري، وأن تكون الأسعار واضحة للزبائن عند بيع أو شراء عقار أو حتى لاستعادة البيوت التي سُلبت من أهلها أيام النظام السابق.
ولفت التركاوي إلى أهمية موضوع التأمين العقاري من ناحية سلامة أوراق العقار القانونية والترخيص، لتجنب معوقات عند تثمينه.
ونوّه إلى أن الحكومة يمكن أن تساعد المواطنين في موضوع القروض العقارية، من خلال منح قرض إصلاح المنزل، خصوصًا للناس الذين فقدوا منازلهم، وتشجيع المؤسسات العقارية على الدخول من أجل البناء في مناطق ريفية.
وفي عهد النظام السابق، كان كل من يريد أن يشتري أو يستأجر عقارًا يواجه إشكاليات متعلقة بموضوع توثيق العقود على اختلافها وتصل ربما إلى المنع من السكن.
ووفق منظمة “سوريون من أجل العدالة والحقيقة“، كانت الموافقة الأمنية شرطًا لتنظيم عقد الإيجار، وتعد من أبرز المشكلات المتعلقة بمسألة الإيجارات، وبالتالي كانت تعطل بنود القانون وإمكانية تسجيل عقود الإيجار التي تتم بناء على إرادة المتعاقدين بلا وجود الموافقة.
وبحسب المنظمة، فإن كل عقد إيجار ينظم لدى الجهة الإدارية كان يتم تحويله إلى الجهات الأمنية المختصة لإعطاء الموافقة عليه أو رفضه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :