بسطات الكتب تفترش الأرصفة تحت جسر الحرية في دمشق - 10 آذار 2025 (عنب بلدي/كريستينا الشماس)
“بسطات” الكتب تفترش أرصفة دمشق دون قراء
شهدت طباعة وتجارة الكتب تحولات جذرية أثرت على بائعي الكتب في سوريا، مع سيطرة التكنولوجيا والتطورات التقنية على جميع المجالات، إذ عزف العديد من رواد القراءة عن الكتاب الورقي واستبدلوا به الإلكتروني، ما جعل مهنة بيع الكتب في تحدٍ أمام استمراريتها.
وفقًا لتقرير “القراءة في العالم العربي” الصادر عن “مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة” في عام 2016، فإن 80% من العرب لا يقرؤون أي كتاب سنويًا، بينما كانت نسبة من يقرؤون كتابًا واحدًا أو أكثر لا تتجاوز 20%.
“الكتاب صديق لا يخون”، بهذه الكلمات عبر عبد الله حمدان، بائع كتب على “بسطة” تحت جسر “الحرية” بدمشق، عن علاقته التي كونها مع الكتب على مدار 25 عامًا، في الوقت الذي تتراجع به قيمة الكتاب الورقي في عصر “الرقمنة”.
“الرقمية” تصارع “الورقية”
أظهر تقرير للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) لعام 2020، أن عدد القراء الرقميين في الوطن العربي قد زاد، لكن هذا لم يعوض عن تراجع القراءة التقليدية.
وأشار التقرير إلى أن 60% من الشباب يفضلون القراءة عبر الإنترنت أو عبر الأجهزة الذكية.
ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، فإن نسبة القراءة في الدول النامية قد لا تكون مرتفعة، لكن الدول المتقدمة شهدت انخفاضًا ملحوظًا في قراءة الكتب التقليدية بسبب الانشغال بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.
وهذا ما أكد عليه البائع عبد الله حمدان، بتراجع عدد القراء بشكل كبير خلال الـ10 سنوات الأخيرة، إذ يقتصر بيعه ما بين 4 إلى 10 كتب في اليوم، وأحيانًا لا يبيع أي كتاب.
ما الأسباب؟
أرجع عبد الله أسباب تراجع عدد القراء لهجرة أغلب المثقفين السوريين ورواد القراءة إلى الخارج، وبالتالي اقتصر العدد على فئة قليلة من الطلبة ليستفيدوا من الكتب بدراستهم، إضافة إلى صعوبة الظروف الاقتصادية التي عاشها المجتمع السوري الذي بات ينظر إلى الكتب كالكماليات في حياته.
وعوضًا عن ذلك، توجه العديد من القراء لاستبدال النسخ الورقية بالإلكترونية، التي اعتبرها عبد الله حلًا لكنه غير ناجح لكسب المعلومات، فلا يمكن إيجاد النسخة الأصلية لبعض الكتب كما الحال في النسخ الورقية، إضافة إلى وجود نسخ غير كاملة أو مزيفة وتنسب إلى كاتب مجهول في بعض الأحيان، وبالتالي هذا لا يغني عن النسخ الورقية.
“نحن نصارع لاستمرار مهنة يجمعنا بها حب منقطع النظير”، هكذا وصف عبد الله علاقته مع مهنة بيع الكتب، فرغم دراسته للشريعة لم يعمل طيلة حياته إلا في بيع الكتب.
ويشجع عبد الله حمدان على القراءة من خلال إعطاء كل من يزوره كتابًا دون مقابل مادي فقط ليشجعهم على القراءة وليحمي مهنته من الاندثار في عصر الرقمنة.
البائع إحسان حب الرمان أمام بسطته تحت جسر الحرية في دمشق – 10 من آذار 2025 (عنب بلدي/كريستينا الشماس)
بائعو الكتب في دمشق
تراجع عدد عدد بائعي الكتب بدمشق في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، إذ اقتصر العدد على 20 مكتبة في منطقة الحلبوني، و7 “بسطات” في جسر “الحرية”، وما يقارب 5 “بسطات” بين تجمع الكليات في منطقة البرامكة.
“حالنا كالقابض على الجمر”، هكذا عبر البائع إحسان حب الرمان المعروف بـ”أبو أسامة”، الذي يبيع الكتب منذ 30 عامًا، واصفًا وضع مهنتهم التي باتت “تعبر عن بقايا الزمن الجميل”، على حد تعبيره، فلا يمكن تركه لهذه المهنة التي ورثها عن أبيه منذ أن كان عمره 10 سنوات.
وبحسب “أبو أسامة”، رغم الأسعار الرمزية للكتب، هناك العديد من المكتبات أغلقت بسبب خسارتها بعد امتناع العديد من القراء عن شرائها، فرواد القراءة اليوم يقتصر عددهم على أصابع اليد الواحدة، بحسب تعبيره.
وتعرض بائعو الكتب في حكم النظام السابق للتضييق من ناحية منع بيع بعض الكتب وتداولها كبعض المؤلفات السياسية.
كما تكبد بائعو الكتب على “البسطات” خسائر مادية بعدما أقدمت محافظة دمشق، في تشرين الأول 2024، على إزالة جميع “البسطات” تحت جسر الحرية بالجرافات ومصادرة ما يقارب 200 ألف كتاب.
ووصلت خسائر البائع عبد الله حمدان لما يقارب 100 مليون ليرة، بعد مصادرة المحافظة لكامل الكتب دون سابق إنذار لهم، بحسب قوله.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :