
رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال اجتماعه مع وجهاء وأعيان محافظة طرطوس - 16 شباط 2025 (محافظة طرطوس)
رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال اجتماعه مع وجهاء وأعيان محافظة طرطوس - 16 شباط 2025 (محافظة طرطوس)
أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قرارًا بتشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي في سوريا، مؤلفة من حسن صوفان، والدكتور أنس عيروط، والدكتور خالد الأحمد.
جاء الإعلان عن اللجنة بالتزامن مع توترات أمنية في الساحل السوري ضد فلول نظام الأسد المخلوع، وصلت حصيلة القتلى فيها من المدنيين وعناصر الأمن إلى 642 قتيلًا.
وفق قرار الرئاسة، يأتي تشكيل اللجنة استنادًا للمصلحة العليا والتزامًا بتحقيق السلم الأهلي بين مكونات الشعب السوري، وهي مكلفة بثلاث مهام رئيسة:
منذ سقوط النظام السوري، شغل حسن محمد سليم صوفان منصب المسؤول عن السلم المجتمعي في الساحل السوري، فهو ينحدر من مدينة اللاذقية، مواليد عام 1977، ونشط في لقاءاته مع وجهاء ورجال دين ومدنيين.
عن دوره في القيادة الجديدة، قال صوفان، في 13 من كانون الثاني الماضي، إنه مكلف بالتأكد من صحة تطبيق المسار الاستراتيجي المتعلق بالساحل السوري لأنه متضمن لرعاية الحالة الطائفية المتعددة، معتبرًا أنه موضوع حساس وأهميته توجب ضرورة المتابعة والمراقبة.
وذكر لصحيفة “عكاظ” السعودية أنه لن يغادر مسؤولياته في الساحل السوري حتى يتأكد من استقرار هذا المسار، معتبرًا أن هذا الأمر أكبر من التوصيف أو النفوذ أو المفاهيم المرتبطة بالسلطة، هو “أمر فوق السلطة”، حسب وصفه.
ويرى صوفان أن المغزى والمعنى من شرعية الدولة الناشئة ينبثق من النجاح في هذه المهمة وتحقيق الانسجام المجتمعي وعلاقات الأخوة بين الناس ولا علاقة لها بتكليف، وهي دور وواجب.
وأضاف صوفان أن امتلاكه رصيدًا شعبيًا وثوريًا ورصيدًا في المجتمع يحتم عليه القيام بهذه المهمة، وكذلك وجود شبكة علاقات أصدقاء قدامى في الجامعة أو جيران في المنزل أو رفاق على الدرب وغير ذلك، يخلق حالة مساعدة للوصول إلى ذلك الهدف.
يكنى حسن صوفان بـ”أبو البراء” ومعرف بالاسم المستعار “شادي المهدي”، درس الاقتصاد في جامعة اللاذقية، والتحق بعدها بجامعة “الملك عبد العزيز” في السعودية لتحصيل العلوم الشرعية.
سجن في السعودية لمدة عام ونصف بتهم التواصل مع تنظيم “القاعدة” عام 2004، قبل أن يعود إلى سوريا.
اعتقله النظام السوري فور عودته وأودعه سجن “صيدنايا”، وكان من بين المشاركين في “استعصاء صيدنايا” عام 2008، وأحد المفاوضين عن السجناء، وصدر بحقة حكم الإعدام، إلا أنه لم ينفذ واستبدل بـ25 عامًا.
تم الإفراج عن صوفان في صفقة تبادل أسرى مع النظام السوري، في 26 من كانون الأول 2016، ليلتحق فورًا بـ”حركة أحرار الشام الإسلامية”.
تم تعيينه قائدًا عامًا للحركة من قبل مجلس “الشورى” في 2 آب 2017، بعد استقالة قائد الحركة السابق علي العمر، وتم تعيينه أيضًا قائدًا عامًا لـ”جبهة تحرير سوريا”، والتي تم تشكليها بعد دمج حركتي “أحرار الشام” و”نور الدين زنكي”، في 18 من شباط 2018.
استقال صوفان من قيادة “حركة أحرار الشام” و”جبهة تحرير سوريا” في 31 من أيار 2019، لظروف خاصة بحسب ما ذكر في بيان استقالته.
فترة صوفان، تخللتها وتلتها انشقاقات وخلافات حادة ضمن “حركة أحرار الشام”، حيث برز تياران أحدهما بقيادة صوفان ويضم أعضاء المجلس العسكري، والذي يميل إلى التقارب مع “هيئة تحرير الشام”، والآخر تمثله قيادات الحركة السياسية والعسكرية، ويضم جابر علي باشا.
حسن صوفان خلال اجتماع ضم مشايخ وأعيان الطائفة العلوية مع محافظ اللاذقية وقائد الشرطة والمندوب العسكري والأمني للمحافظة – 23 كانون الأول 2024 (محافظة اللاذقية)
الدكتور أنس عيروط من مواليد عام 1971، ينحدر من مدينة بانياس الساحلية، وعاد إليها في اليوم الذي هرب فيه بشار الأسد إلى روسيا، في 8 كانون الأول 2024، بعد فراقها لـ13 عامًا.
منذ سقوط النظام السوري السابق، نشط عيروط بتعزيز السلم الأهلي في طرطوس، ودعوته إلى التعايش بين المكونات، وضرورة حفظ الحقوق العامة والخاصة.
قبيل ساعات من وصوله إلى بانياس، أوصى عيروط أهالي بانياس والساحل عبر تسجيل مصور، بأن يتوخوا الحذر، وألا يمسوا مؤسسات الحكومة بأي تعدٍ، لأنها أملاك الشعب، ويجب المحافظة عليها.
وأكد عيروط على ضرورة التعايش بين جميع المكونات، قائلًا “لم نخرج للتشفي والانتقام، هي ثورة ضد إسقاط ظلم، ثورة ضد الظلم والفساد، هذا يوم فتح القلوب، ينبغي أن نتقارب بقلوبنا ونتلاحم فيما بيننا، هكذا ينبغي”.
رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وأنس عيروط على هامش زيارة الشرع لمحافظة طرطوس -17 شباط 2025 (محافظة طرطوس)
في 9 من آذار الحالي، ظهر عيروط في تسجيل مصور، من وسط بلدة اسقبلي بريف بانياس، قائلًا إنه موجود ليؤمّن الناس والأهالي، وإنها معركة لملاحقة فلول النظام، وتم القضاء عليهم.
وذكر أنه يدين تجاوزات من قبل الأفراد المكلومين سابقًا، ولا يقبل بها، متوعدًا بمحاسبة كل من تجاوز أمر القيادة وجهاز الجيش والأمن، داعيًا الأهالي إلى التعاون مع الأمن ونبذ هذه العصابات والتبليغ عنها.
في 10 من كانون الثاني الماضي، خطب عيروط خطبة الجمعة في المسجد “الأموي” بدمشق، وحملت عدة مواضيع، منها عن النصر والفرح بالصلاة بأمان دون مخابرات، وعن ضرورة السلم والسلام، بعد سقوط النظام السوري، معتبرًا أن الأمن والأمان لا يكون على جماجم الأبرياء، ودعا إلى التطوع في صفوف الشرطة والأمن.
تخرج عيروط في كلية الشريعة بجامعة “دمشق”، ثم حصل على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد الإسلامي في لبنان.
عمل إمام مسجد في مدينة بانياس قبل انطلاق الثورة السورية، وهو المسجد الذي لعب دورًا مهمًا في الحراك الثوري في المدينة عامي 2011 و2012، الأمر الذي عرّض عيروط للملاحقة الأمنية.
تولى رئاسة مجلس قيادة الثورة في بانياس، قبل أن ينضم للمجلس الوطني السوري عند تأسيسه ضمن الكتلة الوطنية، ولاحقًا ضمن كتلة الحراك الثوري.
انضم إلى جبهة “تحرير سوريا الإسلامية” وأصبح قياديًا فيها، وشغل عضوية “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، وعضوية مجلس “العلماء السوريين”.
كان عيروط من القائمين على مبادرة الأكاديميين، في 27 من آب 2017، التي دعت إلى تشكيل مجلس حل وعقد في إدلب، والذي تفرعت عنه لاحقًا حكومة ومجلس قضائي ومجلس عسكري.
بعد تأسيس حكومة “الإنقاذ” بإدلب، ترأس عيروط محكمة الاستئناف التابعة لوزارة العدل التابعة لها، قبل أن يتولى منصب عمادة كلية الشريعة والحقوق في جامعة “إدلب”.
في 12 من تموز 2018، تعرض لمحاولة اغتيال بعبوة ناسفة في مدينة إدلب، تبناها تنظيم “الدولة الإسلامية”، ليصاب على إثرها بجروح، ويصاب سائقه ومرافقه.
تواصلت عنب بلدي مع مكتب العلاقات في حكومة دمشق المؤقتة، لمعرفة ما إذا كان الدكتور خالد الأحمد، نفسه المستشار السابق لبشار الأسد أم لا، وكانت الإجابة بعدم توفر معلومات عنه.
عمل الأحمد مستشارًا لبشار الأسد من عام 2012 إلى 2018، وأعطاه استشارات أمنية وسياسية، ينحدر من مواليد مدينة حمص، وهو من الطائفة العلوية.
وفق مراسلات مسربة من البريد الإلكتروني الشخصي لبشار الأسد، نشرنها صحيفة “الجارديان” البريطانية في آذار 2012، يُعتقد أن الأحمد كُلِّف بمهمة تقديم المشورة للأسد بشأن حمص وإدلب.
وفي تشرين الثاني 2011، كتب الأحمد إلى الأسد يحثه على “تشديد القبضة الأمنية لبدء عملية استعادة سيطرة الدولة (الحكومة) في ريفي إدلب وحماة”، كما أبلغ الأسد أنه علم أن صحفيين أوروبيين “دخلوا المنطقة عبر الحدود اللبنانية بطريقة غير شرعية”.
وفي رسالة أخرى حذر الأحمد الأسد من أن “مصدرًا موثوقًا التقى زعماء مجموعات في بابا عمرو اليوم، وقال إن شحنة كبيرة من الأسلحة قادمة من ليبيا ستصل إلى شواطئ إحدى الدول المجاورة خلال ثلاثة أيام لتهريبها إلى سوريا”.
وفق مقال نُشر في صحيفة “وول ستريت جورنال“، في كانون الأول 2015، كشف أن اتصالات خالد الأحمد مع البيت الأبيض في عهد أوباما بدأت في أواخر عام 2013، عندما التقى روبرت فورد، المبعوث الخاص لسوريا، لعرض التعاون بين الأسد والولايات المتحدة في مكافحة “الإرهاب”.
وكشف المقال أيضًا أن الأحمد هو الذي رتب في عام 2015 لزيارة ستيفن سيمون لدمشق ومقابلة الأسد، وكان سيمون رئيسًا لسياسة الشرق الأوسط في البيت الأبيض في عهد أوباما حتى عام 2012، وفي وقت مهمته السرية إلى دمشق كان يعمل في معهد الشرق الأوسط في واشنطن.
صورة متداولة لخالد الأحمد مستشار بشار الأسد سابقًا وعضو لجنة السلم الأهلي في الساحل السوري حاليًا (حرية برس/ مدونة هادي العبدالله)
خلال تلك السنوات، حاز الأحمد مكانة عالية بين حاشية الأسد، وبدأ ينتقل من الاستشارات المرتبطة بالتطورات داخل سوريا إلى لعب دور مستشار دبلوماسي، ومبعوث سري في لقاءات مع مسؤولين من الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
ولم يكن تأثير الأحمد في سياسيات النظام السوري فقط، بل كان له تأثير على التلاعب بجهات دولية من بينها مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان ديمستورا.
في صيف 2021، وصل الأحمد إلى إدلب، والتقى الشرع (أبو محمد الجولاني)، فهو صديق الطفولة قديمًا، وفق تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية.
في مرحلة البلوغ، سلك الاثنان (الشرع والأحمد) مسارات مختلفة للغاية، إذ ارتقى الأحمد إلى منصب بارز في القصر الرئاسي المطل على دمشق، بينما خطط الشرع لعمليات انتحارية ضد النظام الذي يحتل القصر.
كان الأحمد طلب من وسطاء أتراك أن يربطوه بـ”الجولاني” لأنه كان يعتقد أن النظام في آخر أيامه، وقد منح الارتباط (بين الأحمد والشرع) الأحمد فرصة للتأثير على ما سيأتي بعد ذلك، إذ لم يكن يريد الانتظار حتى يقف المقاتلون الإسلاميون على أبواب المدن العلوية قبل أن يتحسس الطريق، وفق المجلة.
المحامي المختص بالقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، انتقد وجود خالد الأحمد في لجنة السلم الأهلي، متسائلًا كيف يكون مستشار الجلاد الدكتاتور، صانعًا للسلام؟
وقال الكيلاني عبر “فيس بوك“، من المؤسف للغاية أن يكون أحد مستشاري بشار الأسد، المسؤول الأول عن مآسي سوريا، عضوًا في لجنة عليا للسلم الأهلي، فكيف يمكن لمن كان جزءًا من منظومة القتل والقمع أن يساهم في تحقيق العدالة والمصالحة؟ حسب قوله.
واعتبر الكيلاني أن وجود شخصيات من النظام السابق في قضايا مصيرية كهذه أمر غير مفهوم إطلاقًا، خاصة عندما يكون الحديث عن السلم الأهلي، وهو أحد أهم الملفات الوطنية في هذه المرحلة، ولا يمكن بناء سلام حقيقي دون قطيعة كاملة مع رموز الاستبداد والانتهاكات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى