
احتفال بذكرى الثورة السورية الـ14 في ساحة الأمويين بدمشق - 15 آذار 2025 (عنب بلدي/ عمر علاء الدين)
احتفال بذكرى الثورة السورية الـ14 في ساحة الأمويين بدمشق - 15 آذار 2025 (عنب بلدي/ عمر علاء الدين)
ينتظر السوريون الإعلان عن الحكومة السورية الجديدة في المرحلة الانتقالية، مع انتهاء مدة استلام حكومة تسيير الأعمال المؤقتة، لمعالجة بعض الملفات الشائكة، والتي لم تُحل أو توضع موضع اهتمام بشكل أساسي.
وأعلن وزير الخارجية في حكومة دمشق المؤقتة، أسعد الشيباني، في 12 من شباط الماضي، على هامش أعمال “القمة العالمية للحكومات” في دبي، أنه سيتم تشكيل حكومة جديدة في آذار المقبل تضم كل الأطياف وتراعي التنوع في الشعب السوري.
وأوضح الشيباني أن الحكومة الجديدة تؤمن بالشراكة مع الشعب، وتستفيد من أخطاء الماضي لضمان نجاح المرحلة المقبلة.
ويعاني الاقتصاد السوري من تراجع حاد، مردّه الركود والأزمات الاقتصادية المتتالية التي تعصف به، وتؤثر انعكاساته على جميع الملفات والقطاعات.
تشكيل الحكومة الجديدة خطوة أولى لتأسيس أرضية جيدة وصلبة للمرحلة الانتقالية، ولتحديد نقاط الإصلاح للانطلاق منها. للنهوض بشتى المجالات، وأهمها السياسية والاقتصادية والخدمية.
ويرى عميد كلية العلوم الإدارية في جامعة “ايبلا” الخاصة، الدكتور صبري حسن، في حديث لعنب بلدي، أنه يتعين على الحكومة الجديدة تنفيذ إستراتيجية شاملة لضمان الاستقرار الدائم والتنمية المستدامة.
ويجب أن تكون الأولوية لبناء الثقة بين الحكومة والمواطنين عبر إجراءات ملموسة، مع مراعاة التوازن بين الإصلاحات السريعة (كالأمن)، وذلك من خلال نزع السلاح، وإعادة دمج المقاتلين، وإزالة الألغام، والمتفجرات، وتعزيز الأمن بإصلاح قطاع الأمن (الجيش، الشرطة) لبناء الثقة مع المجتمع، وبين الإجراءات الطويلة الأمد (بناء الثقة الاجتماعية) من خلال الحوار الوطني بإنشاء منصات للحوار بين الأطراف لمعالجة جذور الصراع، وآليات العدالة الانتقالية، وتعويض الضحايا، بحسب الدكتور صبري حسن.
إضافة إلى الإصلاح السياسي والحوكمة من خلال دستور جديد شامل، يضمن التمثيل العادل ويحمي الحقوق الأساسية، ومكافحة الفساد، واللامركزية من خلال توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والمحلية، لتجنب التهميش.
وأخيرًا، فإن التعاون بين كل الأطراف “محليًا ودوليًا” هو مفتاح نجاح أي خطة ما بعد الصراع، بحسب الدكتور صبري حسن.
وبناء على ما سبق، فإن هذه الحكومة مختلفة عن سابقاتها، ويجب أن تكون حكومة تكنوقراط وأصحاب كفاءات علمية وعملية مرموقة وموثوقة (ذات مصداقية)، وتتحلى بأعلى درجات الشفافية في العمل واتخاذ القرارات، وشاملة لكل أطياف الشعب السوري بمختلف أعراقه وأديانه وطوائفه.
أول ما يرتقبه السوريون من الحكومة السورية الجديدة إنعاش الوضع الاقتصادي المرير، والنهوض بالاقتصاد الوطني عبر السياسات والخطط الاقتصادية، التي تسهم في تحسين وتنشيط الاقتصاد، وتحدد ركائز إصلاحه الأولى كمحاولة لإسعافه من عملية الاحتضار.
الخبير الاقتصادي عامر شهدا قال لعنب بلدي إن المطلوب من الحكومة الجديدة أن توفر العقول الاقتصادية، التي تعتبر مهمة لانتشال الوضع الاقتصادي المزري لسوريا، وأن توفر عوامل النمو الاقتصادي.
وأهم العوامل، بحسب شهدا، معدل الإنتاجية، الذي يعتبر حجر الأساس بأي عملية نمو اقتصادي، والذي يؤدي لانخفاض التكلفة، وبالتالي يحسن من القدرة التنافسية ويسهل في عملية تصريف البضائع محليًا وخارجيًا.
وبعده، تعزيز قدرة الاقتصاد على إعادة الاستثمار، والدخول في استثمارات جديدة عبر تكوين فوائد استثمارية من المشاريع الموجودة والعاملة، وهذه أول خطوة للحكومة ضمن استراتيجية وسياسة عامة للدولة للعمل على إنقاذ الاقتصاد السوري، حسب شهدا.
تعد آلية عمل الحكومة جزءًا أساسيًا من إدارة الحكومة، حيث تُسهم في تنظيم وتنسيق الطرق والاستراتيجيات التي تتبناها، لتنفيذ سياساتها ومبادراتها.
وتعكس هذه الآلية كيفية تنفيذ خطط الوزارات لتحقيق البنود المنصوص عليها في السياسات الموضوعة، بشكل أكثر فعالية.
ولتحسين الواقع والنهوض به، يجب على الحكومة الجديدة اعتماد آليات متكاملة تعالج التحديات الأساسية وتستثمر في الفرص، مع التركيز على الشفافية والعدالة والمشاركة المجتمعية.
ويرى الدكتور صبري حسن أن أهم الآليات المقترحة التي يتوجب على الحكومة الجديدة العمل بها:
أما الخبير عامر شهدا، فاعتبر أن الحكومة ينبغي أن تضع سياسات نقدية، تحمي القوة الشرائية لليرة السورية، وتعيد ثقة المواطن بالعملة المحلية، وبالتالي تعيد قوة دور المصارف بالسوق الاقتصادية، عبر رفع التمكين المالي، فالمصارف اليوم تعاني من ضعف السيولة وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على الأموال.
وينبغي أن تنهض الحكومة بقطاع المصارف، بما يمكنه من الدخول بالاقتصاد السوري وتمويل المشاريع الاستثمارية اللازمة لتحقيق نمو اقتصادي حقيقي.
وحسب شهدا، يجب أن تضمن الحكومة وجود مجلس نقد وتسليف، على أن يتضمن خبرات مهنية عالية، تستطيع إدارة الكتلة النقدية بالسوق، وبالتالي تستطيع وضع برامج رقابية محكمة على حركة الكتلة النقدية بالأسواق السورية.
وتعد سياسات الحكومات ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة، ولتحسين جودة الحياة، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. من خلال وضع سياسات فعالة وشاملة، وعبرها تستطيع الحكومات التفاعل مع احتياجات المجتمع وتوجيه جهوده نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
وفي سوريا، تتطلب الفترة الحالية وضع سياسات غير اعتيادية، وتناسب الواقع وأن تكون ملائمة للظروف الاستثنائية، وخاصة المعيشية.
وفي هذا السياق، أشار الخبير عامر شهدا إلى أن وضع السياسات والخطط مرتبط بالتمكين المالي للحكومة، واليوم هذا التمكين ضعيف جدًا، ويتطلب وضع سياسية رفع تمكين مالي للحكومة أولًا، وبالتالي توفير بيئة للاقتصاد الحر التنافسي، وله عدة مقومات أهمها تحرير سعر الصرف.
وبرأي الخبير، فنحن الآن غير قادرين على تحرير سعر الصرف، نظرًا لوضع الاقتصاد بشكل كلي، ولوضع الليرة السورية المنهكة، ونظرًا لتراجع الاحتياطات من القطع الأجنبي.
ويعتبر أنه من المفروض رفع الاحتياطي من القطع الأجنبي، وأن تتوفر مرونة لدى المصارف في عمليات بيع وشراء القطع الأجنبي، وأيضًا أن تبحث عن البنى التحتية التي يعتمد عليها في إطلاق مشاريع محددة.
الدكتور صبري حسن ينوّه إلى أنه عند وضع السياسات والخطط، يجب على الحكومة أن تعتمد على مجموعة من المبادئ والعوامل الأساسية لضمان فعاليتها واستدامتها، ومن أبرزها:
الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع يوقع على مسودة الإعلان الدستوري – 13 من آذار 2025 (سانا)
يجب أن تكون أولويات الحكومة الجديدة مُتكاملة ومرنة، مع مشاركة فعالة من المجتمع المحلي والدولي، لضمان انتقال ناجح من مرحلة الصراع إلى السلام الدائم والتنمية.
والأولويات الرئيسية التي يجب التركيز عليها، بحسب الدكتور صبري حسن، تشمل:
أما الخبير عامر شهدا، فيعتقد أن أولويات العمل لدى الحكومة تتضمن:
ميناء اللاذقية على الساحل السوري يستعيد نشاطه بعد أيام من سقوط نظام الأسد – 24 كانون الأول 2024 (ديان جنباز/ عنب بلدي)
تحسين الواقع الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية في سوريا بعد سنوات طويلة من الصراع يتطلب خطة شاملة متعددة الأبعاد، تعالج التحديات الهيكلية والاجتماعية والسياسية.
وحول هذه الخطة، يقترح الدكتور صبري حسن إطار عمل مقترح يمكن للحكومة الجديدة اتباعه:
أولًا: تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، ويتمثل في:
ثانيًا: إعادة الإعمار والبنية التحتية، وتتمثل في:
ثالثًا: الإصلاح الاقتصادي والمؤسسي:
لإعادة بناء سوريا ونهوضها بعد سنوات من الصراع، يجب على الحكومة الجديدة التركيز على القطاعات الأساسية التي تشكل أساساً للتنمية الشاملة وتدعم القطاعات الأخرى
وأهمها قطاع الزراعة، كون الاقتصاد سيدخل اقتصاد حر تنافسي، فالصناعة السورية لا تستطيع خلال سنة على المدى القصير ان تكونوفاعلة بموضوع النهوض، برأي شهدا.
ويؤيد شهدا استخدام نقاط القوة، ليتم البدء فيها، لتحقيق نمو اقتصادي، وعلى ذلك، يتصدر القطاعان الزراعي والسياحي، على أن يتم الاعتماد على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بالقطاعين.
وحسب ماختم به، لا يمكن انتشال الاقتصاد السوري إلا بالاعتماد عليهما، نظرًا لوجود مقومات وبنى تحتية متوفرة، إن كان على مستوى المساحات أو العمالة أو الاسواق للمنتجات السورية.
من أهم القطاعات التي يُنصح بالبدء بها، وفقًا للدكتور صبري حسن:
1. البنية التحتية الأساسية:
2. القطاع الصحي:
3. التعليم والتدريب:
4. الزراعة والأمن الغذائي:
5. الاقتصاد والاستثمار:
6. الأمن والعدالة:
7. المصالحة الاجتماعية:
لتحقيق ثقة المواطن السوري بالحكومة الجديدة، يجب عليها اتباع خطوات شاملة تعالج جذور الأزمات وتضمن مشاركة فعالة من المجتمع، لأن الثقة تُبنى عبر أفعال ملموسة يومية، وليس عبر الخطابات.
وأوضح الدكتور صبري حسن أنه يجب على الحكومة الجديدة أن تظهر التزامًا حقيقيًا بالتغيير، من خلال نتائج سريعة في الخدمات الأساسية (مثل الكهرباء والماء)، مع العمل على مشاريع طويلة الأمد تُعيد الأمل بمستقبل أفضل.
ولتكون هذه السياسة فعالة عليها العمل في إطار عمل منظم، يضمن:
الخبير عامر شهدا، يرجح أن اكتساب ثقة المواطن ترتبط بالإجراءات الحكومية، معتبرًا أنه لا يمكن استعادة الثقة بالحكومة دون تشكيل مجلس إصلاح وطني اقتصادي، ويتطلب توسيع المشاركة بوضع الخطط والسياسات الاقتصادية، وبالتالي توسيع المشاركة بوضع الحلول لإيصال الفكر الاقتصادي الحكومي للمجتمع.
الحكومات المتتالية في عهد النظام السابق، أفقدت ثقة المواطن تجاهها، عبر الإجراءات التعسفية، وعدم معالجتها هموم الشارع السوري، الأمر الذي زاد الفجوة بين المواطن السوري وحكومته.
ويتأمل كثير من المواطنين اليوم بأن تكون الحكومة المنتظر تشكيلها واقعية، ترصد المشكلة وتعاينها، وتسعى لمعالجة معيقات الأوضاع السورية بكل جوانبها، بما في ذلك الاقتصادية، والتي تخص الخط المعيشي للمواطن بشكل مباشر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى