عنب بلدي – هاني كرزي
يستعد المنتخب السوري الأول للمشاركة في التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا لكرة القدم عام 2027، حيث يخوض التصفيات ضمن مجموعة سهلة على الورق، لكن انقطاعه عن التدريبات ووجود بعض التحديات التي تواجه المنتخب، تجعل حظوظه في التأهل غير مؤكدة.
يخوض المنتخب السوري التصفيات المؤهلة لكأس آسيا، ضمن المجموعة الخامسة، التي تضم إلى جانبه باكستان وميانمار وأفغانستان، ويحتاج إلى تحقيق المركز الأول ضمن المجموعة، لضمان التأهل إلى بطولة كأس آسيا 2027 التي تستضيفها السعودية.
تثبيت المواجهة الأولى
أعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في 5 من آذار الحالي، تثبيت موعد ومكان المباراة الافتتاحية للمنتخب السوري الأول في تصفيات كأس آسيا 2027 أمام منتخب باكستان، وتعتبر أول مواجهة رسمية للمنتخب الأول بعد سقوط نظام الأسد.
وجاء تثبيت موعد مباراة سوريا وباكستان، بعدما رفع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عقوبة التجميد عن الاتحاد الباكستاني.
ويواجه المنتخب السوري نظيره الباكستاني في ملعب “الأمير عبد الله بن جلوي” في منطقة الأحساء بالسعودية، في الساعة التاسعة ليلًا بتوقيت دمشق في 25 من آذار الحالي.
كانت مباراة سوريا وباكستان تواجه خطر الإلغاء، بعدما علّق الاتحاد الدولي لكرة القدم عمل الاتحاد الباكستاني، بسبب فشله في إجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية، بحسب معايير “فيفا”.
وكان رفع الإيقاف يعتمد على موافقة كونجرس الاتحاد الباكستاني لكرة القدم على نسخة الدستور، التي قدمها الاتحادان الدولي والآسيوي للعبة.
مجموعة سهلة على الورق
تُقام مباريات الدور النهائي من التصفيات الآسيوية بنظام الدوري من مرحلتي الذهاب والإياب، على مدار ست جولات، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 25 من آذار 2025 و31 من آذار 2026.
المنتخب السوري سيواجه في أولى مبارياته نظيره الباكستاني، في 25 من آذار الحالي، في السعودية التي ستكون الأرض الافتراضية لسوريا، مع تواصل الحظر الدولي على الملاعب السورية.
في المباراة الثانية، يلتقي المنتخب السوري مع نظيره الأفغاني على أرض الأخير، في 10 من حزيران المقبل، ثم ميانمار، في 9 من تشرين الأول المقبل.
يعود المنتخب السوري لمواجهة منتخب ميانمار على أرض الأخير، وفي 18 من تشرين الثاني المقبل، يلتقي مع باكستان، ثم تخوض سوريا آخر مبارياتها في السعودية ضد المنتخب الأفغاني، في 31 من آذار 2026.
ويرى الصحفي الرياضي مازن الريس، أن مجموعة منتخب سوريا ليست سهلة، خاصة عندما نتحدث عن عدم ثبات أداء لاعبي منتخب سوريا أنفسهم، فالمنتخب الذي تعادل مع ميانمار في تصفيات كأس العالم 2026، وانتصر عليها بالسبعة بعد خمسة أيام، لا يمكن أن يعطيك صورة واضحة عن مستواه.
وأضاف الريس لعنب بلدي، أن الأمر الإيجابي يتمثل في أن المنتخب السوري سيخوض أولى مبارياته أمام باكستان المصنّف من منتخبات المستوى الرابع في آسيا، وبنفس الوقت ستكون المباراة على أرض سوريا الافتراضية (السعودية)، ما يمنح المنتخب السوري دفعة قوية للفوز في المواجهة، والدخول بقوة في التصفيات الآسيوية.
وتوقع الريس أن يخطف المنتخب السوري صدارة المجموعة ويتأهل لكأس آسيا، ولكن الفكرة بطريقة التأهل كمتصدر، وهل سيعاني منتخب سوريا قبل التأهل، أم سيحسم الأمور بسهولة مبكرًا، مشيرًا إلى أن أصعب مباراة ستكون أمام أفغانستان.
من جهته، قال الصحفي الرياضي همام كدر، إنه من حسن حظ المنتخب السوري أن هناك فرصة أخرى لبلوغ كأس آسيا، بعدما أهدر بطريقة غريبة فرصة التأهل المباشر من الدور الثاني.
وأضاف كدر لعنب بلدي، “نظريًا المنتخب السوري الأقوى ليس فقط في المجموعة، ولكن بين جميع المنتخبات الـ24 التي تلعب هذا الدور من التصفيات، فهو الأعلى تصنيفًا (95)، بينما باكستان التي سيلعب ضدها أولى المواجهات تقبع في التصنيف (198)، وبالتالي أي نتيجة غير صدارة المجموعة والتأهل والفوز بعدد نقاط عالٍ، يعد فشلًا جديدًا للكرة السورية”.
مشكلات متراكمة
المنتخب السوري يدخل تصفيات كأس آسيا، وهو يعاني من بعض المشكلات التي قد تؤثر على أدائه في المباريات، وقد تعرقل حظوظه في التأهل الذي يعتبر سهلًا من الناحية النظرية.
ويرى مازن الريس أن مشكلات منتخب سوريا كثيرة، خاصة عندما نتحدث عن عدم الاستقرار فنيًا وإداريًا، المنتخب يجب أن يُعزل عن وضع البلد وعن المشكلات الإدارية والخلافات الشخصية، وبالتالي إذا استمر تأثره بكل هذه التفاصيل فلن يتطور مستواه، “لذا المطلوب من الاتحاد الرياضي العام عزل المنتخب عن الأجواء المحيطة به، وأعتقد أن الأمر ليس بهذه السهولة”.
وأضاف الريس أن الظروف الحالية ليست مثالية، وهناك تغييرات عديدة وانقطاع عن التدريبات لفترة طويلة، مشيرًا إلى أن هناك لاعبين في الخارج سيحتاج لهم المنتخب في كأس آسيا، وبالتالي فإن ملف اللاعبين المغتربين يحتاج للكثير من العمل، ويجب أن يقوده أناس محترفون.
بدوره، أكد همام كدر أن المشكلات التي يعاني منها المنتخب كثيرة، وأبرزها الانقطاع الطويل عن التدريبات، “وفي حال استمر المدرب خوسيه لانا بعمله (وأنا مع ذلك بقوة)، أعتقد أن عليه إقامة معسكرين في سوريا والسعودية قبل التصفيات، لكي يقف الفنيون على ما يحتاج إليه المنتخب، ويعملون على تصحيح الأخطاء وانتقاء التشكيلة الأفضل”.
وشدد كدر على أنه يجب على منتخب كرة القدم الاقتداء بمنتخب السلة في نافذة التصفيات التي تأهل منها إلى آسيا، من خلال الفوز على الإمارات والبحرين في قطر، من ناحية اللعب بروح عالية والإصرار على عدم حدوث أي مفاجآت، مع الفوارق بين الخصوم ومستوياتهم، بين السلة والقدم.
بخصوص اللاعبين المغتربين، يرى كدر أن لاعبي المنتخب الحاليين بإمكانهم التأهل إلى كأس آسيا دون أي مشكلات، ومن ثم يمكن العمل بملف المغتربين، من خلال جذب لاعبين جدد أو إعادة عدد من اللاعبين السابقين قبل البطولات الكبرى.
خطوات نحو منتخب أفضل
عقب سقوط نظام الأسد، بدأ العمل على إعادة هيكلة الرياضة السورية، ووضع خطوات جديدة لبناء منتخب سوري قوي، حيث أُقيل رئيس الاتحاد الرياضي العام، فراس معلا، الذي أغرق الرياضة المحلية بالفساد والفوضى، وعُيّن مكانه محمد الحامض.
كما عُيّن الكابتن فراس تيت رئيسًا لمكتب الألعاب الجماعية في الاتحاد الرياضي العام، والذي وعد بتطوير المنتخب ليصبح من كبار آسيا.
الاتحاد الرياضي الجديد يعمل على تطوير المنتخب الأول على المدى البعيد عبر الاهتمام بمنتخب الشباب، بحسب فراس تيت، مضيفًا أنه سيتم العمل في المرحلة المقبلة على دعم منتخب سوريا للشباب بتوفير المعسكرات الخارجية والمباريات الاستعدادية له قبل الاستحقاقات المقبلة.
هاني عنطوز، الذي يعمل حكمًا في الدوري السوري، تحدث لعنب بلدي عن عدة خطوات ضرورية لإنعاش المنتخب السوري وتطوير مستواه منها:
- تجهيز بنية تحتية قوية عبر الاعتماد على خبرات الرياضة الآسيوية والدولية وليس المحلية فقط، وتأهيل الملاعب والمنشآت الرياضية.
- وضع خطط استراتيجية لتطوير اللعبة والاستفادة من تجارب الدول المجاورة التي عملت بهذا الأسلوب بدقة.
- تطوير المنافسة في الدوري العام، وصقل لاعبين منه، بغية الاستفادة منهم في المنتخب.
- عمل ورشات فنية لتطوير الكوادر والإداريين، بما يساعدهم على تطبيق أحدث أفكار كرة القدم على اللاعبين.
- الاهتمام بجميع الفئات العمرية، وتغيير الفكر والعقلية التي كان يتم زرعها خلال حكم الأسد منذ المدارس، بأن صاحب النفوذ والواسطة هو الأحق باللعب.
- تعيين مراقبين ذوي خبرات رياضية لمتابعة شؤون اللعبة بجميع المجالات، والإشراف على مراقبة الكوادر الفنية وتقديم تقييم لعملها.
بدوره، الخبير التحكيمي السوري فراس محمد الخطيب، تحدث عن جانب مهم يصب في مصلحة المنتخب السوري، وهو أن يعمل الاتحاد الرياضي على اتخاذ خطوات تدفع “فيفا” لرفع الحظر عن الملاعب السورية، بحيث يستطيع المنتخب لعب مبارياته على أرضه وأمام جمهوره.
وأضاف الخطيب لعنب بلدي، أن عودة إقامة المباريات الدولية في سوريا تتطلب عملًا كبيرًا، فيجب في البداية ضبط الوضع الأمني، وثانيًا أن تكون الملاعب مجهزة حسب المواصفات العالمية المتعارف عليها، وتأمين حماية خاصة للاعبين والكوادر المرافقة، وتأمين أماكن إقامة للبعثات الرياضية، من فنادق ومنشآت رياضية وترفيهية.
بلا إنجازات
أول مشاركة لمنتخب سوريا في تصفيات كأس العالم كانت في عام 1950، لكنه انسحب بعد خسارته في أول مباراة بالتصفيات بسبعة أهداف نظيفة.
وفي النسخ التالية، انسحب المنتخب السوري من تصفيات كأس العالم في ثلاث بطولات أخرى، بينما فشل في التأهل إلى المونديال في باقي التصفيات.
كان أفضل عرض قدمه المنتخب السوري في تصفيات مونديال 1986، عندما وصل للتصفيات النهائية، لكنه خرج على يد المنتخب العراقي في الملحق النهائي.
كما وصل منتخب سوريا إلى الملحق الآسيوي عام 2018، لكنه فشل في بلوغ الملحق القاري بعد خسارته أمام أستراليا، بينما استُبعد المنتخب من تصفيات مونديال 2014، بسبب فشل إداري من الاتحاد الرياضي الذي أشرك لاعبًا سبق أن شارك لمصلحة منتخب السويد.
على الصعيد الآسيوي، لم يحقق المنتخب كذلك أي إنجازات، إذ نجح في التأهل لكأس آسيا سبع مرات، لكنه فشل في تحقيق اللقب القاري، وكان أفضل إنجاز له هو التأهل لدور الـ16 لكأس آسيا 2023.
طوال تاريخه، استطاع منتخب سوريا الفوز بدورة ألعاب المتوسط عام 1987، وبطولة غرب آسيا عام 2012، ودورة الألعاب العربية عام 1957، وهي بطولات غير مهمة مقارنة بالمونديال العالمي أو كأس آسيا.
خلال حكم الأسد، تدهور مستوى المنتخب بشكل كبير، إلى أن وصل في أحدث تصنيف لاتحاد كرة القدم الدولي (فيفا) إلى المركز الـ95 على مستوى العالم، والمركز الـ13 على صعيد قارة آسيا.