درعا – محجوب الحشيش
تضررت محاصيل معظم مزارعي محافظة درعا جنوبي سوريا، إثر موجة صقيع استمرت أربعة أيام متتالية نهاية شباط الماضي.
وطالت الأضرار مواسم الخضراوات “الباكورية” في وادي اليرموك، والمزروعة تحت الأنفاق البلاستيكية، خصوصًا تلك المحاصيل الشتوية التي تتأثر بالصقيع كالفول والبازلاء والبطاطا.
أضرار موجة الصقيع انعكست على السوق المحلية، إذ ارتفعت أسعار الخضراوات، فوصل سعر كيلوغرام البازلاء إلى 40 ألف ليرة سورية (4 دولارات أمريكية)، بعدما كان بـ20 ألف ليرة.
وارتفع سعر كيلو الفول من 5 إلى 15 ألف ليرة سورية، والكوسا من 7 إلى 15 ألف ليرة سورية.
ويعتمد سكان حوض اليرموك على الزراعة “الباكورية” مستفيدين من الأراضي المستصلحة في عمق الوادي.
رئيس الجمعية الفلاحية في بلدة كويا أقصى غرب حوض اليرموك، عبد الناصر المحسن، قال لعنب بلدي، إن الجمعية أحصت الأضرار في وادي اليرموك من جهة بلدة كويا وبلغت 3500 دونم، وهي متنوعة ما بين الكوسا والخيار والبازلاء والفول، لافتًا إلى وجود مساحات مماثلة على امتداد وادي اليرموك.
خسائر مالية للفلاحين
أدت موجة الصقيع إلى خسارة المزارع محصوله من الكوسا والخيار في أرضه البالغة مساحتها 40 دونمًا، مقدّرًا تكلفة الدونم الواحد بما يقارب الـ5 ملايين ليرة سورية (500 دولار).
وعن تفاصيل قيمة الأضرار في الدونم الواحد، قال المزارع إنها بلغت مليوني ليرة سورية ثمن بذار، وأكثر من مليون ونصف مليون ليرة ثمن أسمدة عضوية وكيماوية، يضاف إلى ذلك ثمن الأدوية التي يستدينها من الصيدليات الزراعية.
وقال خالد، إن الصيدلية الزراعية التي يتعامل معها تطالبه بتسديد ديون المحاصيل الزراعية، ما وضعه في حرج مالي لأن الصقيع أجهز على المحصول.
أما المزارع وليد محسن، فخسر ما يقارب الـ20 دونمًا من الكوسا، إذ باع منها في فترة بداية الإنتاج، وبلغ الكيلو الواحد من الكوسا 7 آلاف ليرة سورية.
وقال وليد، إن الصقيع أنهى المحصول، ووضعه في وضع حرج ماليًا، كما أن المحال التجارية توقفت عن بيعه المواد الغذائية لعدم قدرته على تسديد الديون، إذ كان يشتري المواد على أمل تسديدها بعد بيعه لموسمه.
وأضاف أن الزراعات “الباكورية” تعتبر مصدر رزق لمعظم سكان حوض اليرموك، وبتضررها طالت الخسائر معظم المزارعين.
إلى جانب الصقيع، اشتكى المزارع محمد الأحمد قلة الدعم في الأشهر الماضية، وذكر لعنب بلدي أن حكومة النظام السابق كانت تقدم المازوت المدعوم للفلاحين بسعر ألفي ليرة سورية بالإضافة إلى الأسمدة، في حين يشتري ليتر المازوت حاليًا بسعر 10 آلاف ليرة سورية.
من يعوض الفلاحين؟
مزارعون التقتهم عنب بلدي قالوا إن الزراعة “الباكورية” هي المورد الرئيس لسكان المنطقة، ومن النادر أن تؤثر عليها موجات الصقيع لأنها في منطقة منخفضة، إلا أن استمرار موجة الصقيع لأيام متتالية حال دون قدرتهم على حماية محاصيلهم من خلال إشعال الإطارات.
وتخوّف البعض من عدم تعويضهم، إذ تعرضت المنطقة ذاتها عام 2003 لطوفان نهر “اليرموك” ولم تعوضهم وزارة الزراعة حينها، مطالبين حكومة دمشق المؤقتة بتعويضهم عن خسارتهم جراء العوامل الجوية.
رئيس غرفة زراعة درعا، جمال المسالمة، قال لعنب بلدي، إنه بإمكان المزارعين مراجعة صندوق “الكوارث” في مديرية الزراعة.
وذكر أن الصندوق مسؤول عن تعويض الفلاحين، بعد تشكيل لجان من أجل إحصاء المساحات ودفع التعويضات، لافتًا إلى أن موجات الصقيع من الكوارث التي تعوض الوزارة من خلالها المزارعين.
وأضاف المسالمة أن للصندوق دورًا في دعم المزارعين المتضررين، لكن كان معظم الدعم يذهب سابقًا لمتضرري الساحل السوري.
“الباكورية” مهمشة
ترفد الزراعة “الباكورية” السوق المحلية بالخضراوات في سوريا مبكرًا قبل نضوج المواسم الصيفية.
وفق المهندس جمال المسالمة، فإن الزراعة “الباكورية” تسهم بخفض الأسعار التي تفرضها الزراعة المحمية في البيوت البلاستيكية، كما تقدم خضراوات طبيعية يحبذها السكان.
وأكد المسالمة أن الزراعة “الباكورية” مهمشة في سوريا، إذ تعتبر السهول في عمق وادي اليرموك على مستوى واحد من سهول غور الأردن، إلا أن عدم متابعة الفلاح ودعمه من قبل الحكومات المتعاقبة أدى إلى تراجع دور هذه الزراعة المهمة للسوق المحلية.
وتعتبر محافظة درعا مصدرًا رئيسًا في إنتاج الخضراوات، خاصة محاصيل البندورة والخيار والبطيخ والباذنجان وغيرها، ويصدّر إنتاج المحافظة إلى العاصمة دمشق وإلى دول الجوار.
وتتأثر هذه المحاصيل بالتغيرات الجوية، إذ تعرضت بعض المحاصيل الصيفية في ريف درعا للتلف بعد ارتفاع درجات الحرارة، في حزيران 2024، ما ألحق بالمزارعين خسائر مالية.
وكانت محاصيل البطيخ والبندورة والخيار والكوسا الأكثر تضررًا، بحسب شهادات من مزارعين التقتهم عنب بلدي.