مهنة نقل الركاب تتراجع في تل أبيض ورأس العين

زادت حركة بيع سيارات النقل العامة والخاصة في تل أبيض ورأس العين - 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

camera iconزادت حركة بيع سيارات النقل العامة والخاصة في تل أبيض ورأس العين - 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

كان كريم العزيز (45 عامًا) يعمل على سيارته منذ 20 عامًا على طريق تل أبيض- الرقة، وكانت مصدر دخل أساسي له، عبر تلبية الطلبات الخاصة، ما يؤمّن احتياجات عائلته (أربعة أطفال) المقيمة في مدينة تل أبيض.

وبعد عملية “نبع السلام” التي أطلقها “الجيش الوطني السوري” بدعم تركي ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عام 2019، انقطعت الطرق، وضاقت المنطقة جغرافيًا، وهو ما أفقد كريم عمله، وخصوصًا مع انقطاع طريق تل أبيض- الرقة.

هذا العام، اضطر كريم لبيع سيارته الخاصة بعد أن صارت عبئًا وليست مصدر دخل، ونفاد الحلول للعمل عليها، واعتماد الأهالي على أنفسهم بالتنقل.

زيادة المعروض للبيع

وفق رصد عنب بلدي، تشهد مدينتا رأس العين وتل أبيض ارتفاعًا في أعداد السيارات المعروضة للبيع، حيث يضطر العديد من أصحاب السيارات الخاصة والعامة إلى التخلي عنها بسبب قلة فرص العمل، وارتفاع تكاليف المعيشة. 

ويعود ذلك إلى الحصار الذي تعاني منه المدينتان، حيث تبلغ مساحتهما الكلية نحو 120 كيلومترًا مربعًا، ما أدى إلى محدودية الحركة وفرص العمل، خاصة لأصحاب السيارات الذين كانوا يعتمدونها عليها في عملهم.

العامل الآخر في بيع السيارات هو الرغبة في تصديرها إلى المناطق السورية الأخرى، فمنذ سقوط النظام السابق، نشط “التهريب” عبر المعابر غير النظامية إلى مناطق سيطرة “قسد”.

وارتفعت أسعار السيارات 40%، لكن الربح الأكبر عائد للتجار الذين يتحكمون بتحديد السعر ويديرون عملية تصدير السيارات إلى إدلب والشمال السوري، ومنها إلى باقي المناطق.

ضيق منطقة تل أبيض ورأس العين لا ينشّط مهنة نقل الركاب - 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

ضيق مدينتي تل أبيض ورأس العين لا ينشّط مهنة نقل الركاب – 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

قلة العمل تدفع لبيع السيارات

باع عمر عز الدين سيارته الخاصة التي كان يعمل عليها على خط رأس العين- الحسكة لمدة 13 عامًا، بسبب توقف النقل وضيق حدود منطقته التي لا تتجاوز 30 كيلومترًا.

بعد بيع سيارته بسعر 40 مليون ليرة سورية، وهو مبلغ منخفض مقارنة بأسعار السيارات، افتتح محلًا صغيرًا لبيع الألبسة المستعملة (البالة) رغم قلة معرفته بتفاصيل هذه المهنة.

وقال عمر لعنب بلدي، إنه في البداية تعرض لخسارة تجاوزت 10 ملايين ليرة سورية بسبب قلة الخبرة في مهنة “البالة”، وبعد تعلمه المهنة، بدأ وضعه المالي يتحسن، وتمكن من تعويض قسم من خسائره.

يعتمد الأهالي على أنفسهم بالتنقل في تل أبيض ورأس العين - 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

يعتمد الأهالي على أنفسهم بالتنقل في تل أبيض ورأس العين – 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

من جانبه، قال وسيم الحميد وهو صاحب معرض سيارات في رأس العين ولديه فرع في تل أبيض، إن أصحاب سيارات النقل العامة والخاصة يأتون إلى المعرض لعرض سياراتهم بأسعار منخفضة بسبب قلة فرص العمل.

وأضاف لعنب بلدي أن ما بين الخمسة والعشرة أشخاص يأتون إليه يوميًا لعرض سياراتهم في المعرض من نوع “هيونداي فان” بالإضافة إلى سيارات نقل ركاب نوع “تاكسي”.

وذكر أن الغالبية يعرضون سياراتهم بأسعار منخفضة لبيعها بشكل أسرع، وتوفير احتياجات عائلاتهم.

وتعتمد مدينتا رأس العين وتل أبيض بشكل رئيس على قطاع واحد هو الزراعة، ما يضيق مجالات العمل، ويحد من توفر وظائف متنوعة للسكان، كما أثر ضعف البنية التحتية والخدمات مع ضيق المساحة في قدرة المنطقة على استقطاب الاستثمارات، وأسهم كل ما سبق في ضعف القدرة الشرائية للسكان.

مهنة نقل الركاب غير مجدية ماليًا في تل أبيض ورأس العين - 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

مهنة نقل الركاب غير مجدية ماليًا في تل أبيض ورأس العين – 3 آذار 2025 (عنب بلدي)

غير مجدية ماليًا

باتت مهنة النقل غير مجدية ماليًا في رأس العين وتل أبيض، الأمر الذي كان سببًا بدفع العديد من أصحاب السيارات إلى بيعها والتوجه لمهن أخرى، ووصفها البعض بأنها مهنة “مندثرة”.

صاحب شركة سيارات لنقل الركاب من رأس العين إلى الحسكة والرقة، علاء العبد الله، قال لعنب بلدي، إن هذه المهنة أصبحت غير مجدية ماليًا للعاملين بها.

وأوضح أنه كان يمتلك نحو 12 سيارة نقل بين عامة وخاصة، وقد باعها جميعها واتجه للتجارة، وذلك لأن هذه السيارات لم تعد تجد عملًا سوى في خط رأس العين- تل أبيض، وهو لا يغطي تكاليف التشغيل ورواتب السائقين.

وأضاف أنه كان في الماضي يعتمد 250 شخصًا على نقل الركاب إلى المناطق السورية الأخرى من مدينتي تل أبيض ورأس العين، ولكن حاليًا لا يعمل أكثر من 25 شخصًا في مجال النقل الداخلي بين رأس العين وتل أبيض.

وأشار إلى أن الحل الوحيد لتحسين الوضع هو فك الحصار عن تل أبيض ورأس العين، وإعادة تفعيل الخطوط السابقة إلى الداخل السوري.

وتدير تركيا مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا، وتُدار المؤسسات الخدمية فيها عبر مركز ولاية أورفا التركية، ويشرف المجلس المحلي في المدينة على تنفيذ المشاريع الخدمية التي تعتبر خجولة مقارنة بتلك التي تنفذ شمالي محافظة حلب.

وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة