“ليس رواية، وليس سيرة ذاتية، وليس تأريخًا لزمن ما”، ولا كتابًا أدبيًا من نسج الخيال، ولا محاكاة للواقع، هو خليط من كل ما سبق، فحجم المأساة في السجون السورية بعهد الأسدين، الأب والابن، لا يوفيها كتاب حقها، وكتاب “حجر الذاكرة” لبسام يوسف، هو “أنين روح مواطن سوري يحتضر”، كما يصف الكاتب.
الكاتب السوري والمعتقل السابق بسام يوسف، وضع مشاعره وأحاسيسه التي عايشها في سجنه خلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي، وما لقيه من تعذيب ومرض وجوع وموت، في مذكرات بعنوان فرعي هو “بعض من جحيم السجون السورية”.
الكتاب ليس مذكرات بمعناها الدقيق، فلا يسير بخط زمني واضح، إذ طغى عليه النفس الأدبي، وأثقل بالمشاعر التي تحدثت عن العذابات في سجون الأسد، حاملة شيئًا من أمل، مما كسر بعضًا من الكآبة التي ترافق أدب السجون عادة.
ومما كتبه يوسف: “في السجن لا حياة، فأنت مجبر على اختراعها، بل أنت مطالب بأن تمنح ذاكرتك ما يمكنها اختراع الحياة أيضًا (…) في السجن نخترع الحياة ونصوغها، كما تستطيع ذاكرتنا أن تفعل، نخترع شخوصًا ونحبهم أو نكرههم، وربما نقتلهم، ونخترع مطارح ومعارك ننتصر فيها أو نهزم، ونخترع نساء لكي نبكي حنينًا إليهن، فنضاجعهن كما لو أننا نصلي، ونكتئب إن هجرننا، وربما نحاول الانتحار”.
ويخرج الكاتب من لغته الأدبية البحتة، التي يحافظ عليها في الصفحات الأولى، لينتقل إلى التأريخ ورواية الأحداث ومجريات ما حدث معه في سجون نظام الأسد، مع المحافظة على النفس الأدبي، ولغته التلقائية.
“حجر الذاكرة”، مجموعة من القصص غير المترابطة مع بعضها، إلا أن ترتيبها يوحي بأنها متتالية من سياق حديثها، ويروي الكاتب فيها قصصًا عاشها أو عايشها على وجوه وأجساد أشخاص آخرين تقاسموا معه جحيم السجن.
صدرت الطبعة الأولى من كتاب “حجر الذاكرة” (نحو 125 صفحة) عن مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” ودار “ميسلون للطباعة والنشر” عام 2018.
الكاتب يوسف من مواليد 1961، ويحمل إجازة في العلوم الطبيعية من جامعة “اللاذقية”، حصل عليها عام 1985.
نشط الكاتب في السياسة، واعتقل لنحو عشر سنوات في السجون السورية من 1987 وحتى1997 لانتمائه إلى حزب “العمل الشيوعي” المحظور في سوريا.
يشغل يوسف أمين سر “حركة معًا من أجل سوريا حرة وديمقراطية”، كما شغل رئيس تحرير جريدة “كلنا سوريون”.