هدوء حذر في جرمانا.. القصة الكاملة للتوتر الأمني

  • 2025/03/02
  • 2:34 م
ساحة الروضة في جرمانا بريف دمشق - 1 آذار 2025 (عنب بلدي/لمى دياب)

ساحة الروضة في جرمانا بريف دمشق - 1 آذار 2025 (عنب بلدي/لمى دياب)

تشهد مدينة جرمانا في ريف دمشق هدوءًا حذرًا، اليوم الأحد 2 من آذار، بعد عدة حوادث أمنية جرت خلال اليومين السابقين، بين فصائل محلية وقوى وزارة الدفاع والأمن السوري، زادت حدتها تصريحات إسرائيلية تتعهد بالدفاع عن جرمانا.

وأدى وصول مقاتلين من فصائل السويداء في الجنوب السوري، ومفاوضات مع الحكومة وتعهد مشايخ الطائفة الدرزية بتسليم المتورطين، إلى احتواء الموقف.

تبعد جرمانا عن مركز العاصمة دمشق ثلاثة كيلومترات، وتقطن فيها غالبية درزية ما يربطها بعلاقات وثيقة مع محافظة السويداء.

شعلة التوتر

بدأت التوترات، مساء الجمعة 28 شباط، إثر وقوع شجار في ساحة السيوف بين مجموعة شباب من مدينة جرمانا وآخرين من خارج المدينة، ما أدى إلى إصابة أحد شاب من المجموعة الأولى، نقل إلى مشفى المجتهد في دمشق.

وبحسب مراسلة عنب بلدي، وقعت في مستشفى المجتهد بدمشق ملاسنات كلامية بين مرافقي المصاب وعناصر من الأمن العام، وبعدها نقل المرافقون إلى قسم شرطة الصالحية.

عندها توجه عدد من مشايخ جرمانا إلى قسم الشرطة لحل الخلاف وعند خروجهم أطلق مجهولون النار عليهم، ما زاد الأمور سوءًا عندما وصلت الأخبار إلى المجموعات الأهلية وأدى إلى استنفارهم.

حادث أمني ثانٍ

بالتزامن مع هذه التوترات الأمنية، حصل حادث أمني آخر بعد حاجز القوس، أحد مداخل جرمانا، الذي تتولى إدارته إحدى المجموعات الأهلية.

وأفاد صاحب محل تجاري في حي القوس بجرمانا، عنب بلدي، أنه عند الساعة 10 مساء الجمعة، دخلت سيارة إلى المدينة وبداخلها أفراد يتبعون إما لـ”هيئة تحرير الشام” أو الأمن العام، ولم تعرف بدقة تبعيتهم الأمنية.

وطلب عناصر حاجز جرمانا في مدخل المدينة تسليم سلاحهم الحربي، وامتثلوا للإجراء المتبع بحق من يدخل جرمانا وبحوزته سلاح حربي، وبعد نحو ما يقدر بـ 100 متر حصلت مشاجرة بين هذه السيارة وسيارة أخرى من خارج جرمانا.

وتابع صاحب المحل أنه تخلل هذه المشاجرة تبادل إطلاق نار بين الطرفين، ما استدعى تدخل شباب حاجز جرمانا للوقوف على حيثيات المشاجرة، وأسفرت الحادثة عن إصابة شاب أحمد أديب الخطيب الذي نقل إلى أحد مشافي المدينة، وبعدها فارق الحياة.

واستدعت التوترات الأمنية الحاصلة إغلاق المحال التجارية من قبل أصحابها خوفًا على أنفسهم.

وتوجه مشايخ مدينة جرمانا إلى بلدة المليحة في ريف دمشق مكان إقامة أهل الشاب القتيل، لتهدئة الأمور ومنع تداعيات أخرى.

مدير مديرية أمن ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، أوضح في بيان أنه مساء الجمعة 28 شباط، وفي أثناء دخول عناصر تابعين لوزارة الدفاع السورية إلى مدينة جرمانا بهدف زيارة أقاربهم، أوقفوا عند حاجز يتبع لما يُعرف بـ”درع جرمانا”، ومنعوا من الدخول بسلاحهم، وبعد تسليم أسلحتهم لعناصر الحاجز تعرضوا للضرب والشتائم من قبل عناصر الحاجز، قبل أن يجري استهداف سيارتهم بإطلاق نار مباشر.

وعلى خلفية حادثة إطلاق النار التي شهدتها المدينة، قتل أحد العناصر على الفور فيما أصيب آخر وأُسر من قبل عناصر الحاجز.

وأعقب ذلك هجوم على قسم الشرطة في المدينة، حيث طُرد عناصر القسم، وسط إطلاق الشتائم بحقهم وسلب أسلحتهم، ورغم إنكار “درع جرمانا” في البداية احتجاز العنصر، جرى تسليمه لاحقاً بعد التواصل مع الوجهاء.

وتتواصل الجهود بالتعاون مع الوجهاء في مدينة جرمانا لملاحقة جميع المتورطين في حادثة إطلاق النار، والعمل على إعادة العناصر الشرطية إلى القسم المعني، بحسب الطحان.

وأكد الطحان أنهم لن يسمحوا لأي جهة كانت بالتعدي على وحدة سوريا، ومشكلتهم الوحيدة تقتصر على من ارتكبوا الهجوم والاعتداء، ودعوا أصحاب العقول إلى إدراك أن هذا الطريق يهدد أمن واستقرار ووحدة سوريا.

اشتباكات جديدة

وشهد يوم السبت 1 آذار، هدوءًا نسبيًا قبل أن تعود التوترات الأمنية في المدينة خلال فترة بعد الظهيرة، حيث حصل إطلاق نار كثيف في محيط المدينة، واستهدافها برشقات من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، واندلع اشتباك بين مجموعات مسلحة على أطراف جرمانا ومجموعات الأهلية.

وأسفر هذا الحادث الأمني عن مقتل أحمد أبو الندى، الذي صادف مروره بمنطقة الاشتباكات، وإصابة أربعة شباب من جرمانا بجروح طفيفة.

وأعادت هذه الحادثة الأخيرة التوتر إلى المدينة، ما أدى إلى استنفر المجموعات الأهلية بشكل كامل، لكن وصول وفود من السويداء أسهم باحتواء الموقف.

وفود من السويداء

ووصلت وفود من السويداء إلى المدينة كان أبرزها وفد بقيادة نجل مؤسس فصيل حركة “رجال الكرامة” الشيخ ليث البلعوس.

وظهر البلعوس من أمام منزل شيخ مدينة جرمانا، أبو عهد هيثم كاتبة، وقال، “نحرم التعدي منا والتعدي علينا، ومدينة جرمانا لها رجال وليست بحاجة لحماية أحد، وإن كان لا بد من وجود أمن عام أو جيش أو شرطة يفترض أن يكون من أبناء المدينة”.

وحرص على التهدئة خلال كلامه الموجه للمجموعات الأهلية التي تقوم بحماية المدينة.

ولم يتوقف سير الجهود التفاوضية بين وجهاء جرمانا ومسؤولي الحكومة السورية لإنهاء التوترات الأمنية ومنع تكرارها.

إسرائيل تصب الزيت على النار

زادت التعليقات الإسرائيلية حدة الموقف في السويداء، إذ أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، تعليماتهما للجيش بالاستعداد للدفاع عن مدينة جرمانا.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية منها صحيفة “معاريف“، السبت 1 من آذار، بيانًا صادرًا عن نتنياهو، جاء فيه، “لن نسمح للنظام الإرهابي المتطرف في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز”.

وقال نتنياهو وكاتس، إنهما لن يسمحا بإلحاق الأذى بالدروز، “لقد أصدرنا تعليمات لجيش الدفاع الإسرائيلي بالتحضير وإرسال رسالة تحذير حادة وواضحة: إذا آذى النظام الدروز، فسوف نلحق الأذى به”.

ولفت البيان إلى أن إسرائيل ملتزمة بمنع المساس بالدروز في سوريا، “سنتخذ كل الخطوات اللازمة للحفاظ على أمنهم”.

احتواء برفع الغطاء عن المتورطين

الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في مدينة جرمانا، أصدرت بيانًا أكدت فيه أن جرمانا لم تكن يومًا إلا جزءًا من غوطة دمشق، ولن يكون لها يومًا عمق آخر غير العمق الدمشقي والسوري.

وعن الحادثة الأمنية الأخيرة التي وقعت في المدينة، أكد البيان أن الهيئة الروحية تتشارك بالحزن مع المصاب الجلل الذي وقع مساء الجمعة في مدينة جرمانا وأودى بحياة أحمد ديب الخطيب وإصابة شخصين آخرين على يد “مجموعة غوغائية غير منضبطة لا تنتمي إلى الأعراف والتقاليد المعروفية التوحيدية”.

كما رفعت الهيئة الروحية الغطاء عن جميع المسيئين والخارجين عن القانون، وسيتم تسليم كل ما تثبت مسؤوليته عن هذا الحادث الأليم للجهة المختصة لينال جزائه العادل.

وطالبت خلال بيانها من الجهات المعنية فتح تحقيق رسمي بملابسات الحادث الذي وقع في قسم شرطة الصالحية، وما تضمنه من إساءة تعامل وإطلاق النار على عدد من الأشخاص مكلفين بالتواصل مع ضباط القسم لحل مشكلة وقعت في مشفى المجتهد، وأدى ذلك إصابة شخصين من المتواجدين مع الوفد.

مقالات متعلقة

  1. الأمن العام ينتشر داخل جرمانا
  2. احتجاجات أم شجار.. ماذا حصل في حي جرمانا بالعاصمة دمشق
  3. اعتصام في جرمانا احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية
  4. إسرائيل تهدد دمشق من بوابة جرمانا

سوريا

المزيد من سوريا