طلاب في مدرسة عبقري الخاصة مدينة الدانا ريف إدلب الشمالي 10شباط 2025 (محمد مصطو \ عنب بلدي)
تحديات تعوق اندماج الطلاب السوريين العائدين من تركيا
عنب بلدي – بانة منلا
يواجه الطلاب السوريون العائدون من تركيا صعوبات في متابعة تعليمهم داخل المدارس السورية، ويشكّل ضعف إتقانهم اللغة العربية أبرز تلك التحديات. هذه العقبة تؤدي إلى تراجعهم الدراسي، إذ يُجبر العديد منهم على إعادة صفوف سابقة، في ظل غياب برامج دعم كافية لمساعدتهم على التكيف مع النظام التعليمي الجديد في سوريا.
إجراءات استقبال العائدين
مع عودة أعداد متزايدة من الطلاب السوريين من تركيا، كان لا بد من وضع آليات لاستيعابهم في المدارس، التي لجأ بعضها إلى إجراءات إدارية وأكاديمية تهدف إلى تقييم مستويات الطلاب ومساعدتهم على الاندماج في بيئة دراسية جديدة تختلف عن تلك التي اعتادوها في تركيا.
بعض المدارس تطلب من الطلاب العائدين من تركيا تقديم وثائق تثبت مستواهم الدراسي، تليها اختبارات لتقييم مستواهم في المواد الأساسية مثل اللغة العربية والرياضيات.
غير أن نتائج هذه الاختبارات تكشف غالبًا عن ضعف في اللغة العربية، ما يؤدي إلى تأخر هؤلاء الطلاب عن مستواهم الدراسي الفعلي.
وأوضح مدير إحدى المدارس، ساري الرحمون، لعنب بلدي، أن هذا الضعف يعود إلى سنوات إقامة الطلاب في تركيا، إذ كانت اللغة التركية هي السائدة في التعليم والحياة اليومية.
وأضاف أن المدارس تحاول تعويض هذا النقص من خلال تقديم دروس إضافية لمدة ساعة يوميًا بعد الدوام المدرسي، لكن هذا الإجراء لا يكفي لسد الفجوة التعليمية.
وراء كل طالب قصة
وراء كل طالب عائد من تركيا قصة تكشف عن حجم المعاناة التي يواجهها في محاولته للاندماج في النظام التعليمي السوري.
ويضطر العديد من هؤلاء الطلاب إلى إعادة صفوف سابقة أو الالتحاق بمستوى أدنى مما كانوا عليه في تركيا، ما ينعكس على معنوياتهم ومستواهم الدراسي.
تعكس قصص بعض الطلاب العائدين حجم الصعوبات التي يواجهونها عند العودة إلى المدارس السورية.
حسن هيثم الإبراهيم، الذي كان يدرس في الصف العاشر بمدينة ماردين التركية، أُعيد إلى الصف الثامن عند عودته بسبب ضعفه في اللغة العربية.
وقال والده لعنب بلدي، إن ابنه يواجه صعوبة “كبيرة” في التكيف، ما أدى إلى تراجع مستواه الدراسي وفقدان الرغبة في التعلم.
أما حنان، التي كانت تدرس في الصف السادس بمدينة سامسون التركية، فأُعيدت إلى الصف الخامس، في حين أُعيدت شقيقتها الصغرى إلى الصف الثالث.
وبيّن والدهما أنهما حاولتا تعلم العربية في المساجد بتركيا، لكن ذلك لم يكن كافيًا لمساعدتهما في الاندماج ضمن النظام التعليمي السوري.
رابعة مصطفى، الطالبة العائدة من محافظة تكيرداغ إلى إدلب، كانت تعاني من صعوبة بسبب ضعفها في اللغة العربية.
ورغم وضعها في الصف الثالث وفقًا لمستواها الدراسي في تركيا، لاحظ المعلمون أنها تواجه مشكلات في استيعاب المناهج العربية، ما دفعهم إلى اقتراح نقلها إلى الصف الثاني لتسهيل اندماجها.
الحلول الممكنة
أمام هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى وضع حلول فعالة لمساعدة الطلاب العائدين على تجاوز الصعوبات التعليمية والنفسية والاجتماعية.
ويتطلب ذلك تضافر جهود الجهات التعليمية والمعلمين وأولياء الأمور لضمان انتقال سلس لهؤلاء الطلاب إلى النظام التعليمي السوري.
يرى المستشار التعليمي والمدرب المعتمد في تأهيل المعلمين السوريين بتركيا، مازن رشيد أوغلو، أن اندماج الأطفال العائدين من المهجر في النظام التعليمي السوري يتطلب تبني مجموعة من الخطوات الفعالة لضمان تأقلمهم أكاديميًا ونفسيًا واجتماعيًا.
تتمثل أولى هذه الخطوات في إجراء تقييم شامل للطلاب العائدين، بهدف تحديد نقاط ضعفهم الأكاديمية من خلال اختبارات تقييمية دقيقة.
بعد ذلك، يجب تقديم برامج تهدف إلى تعزيز مهارات الطلاب في المجالات التي يظهر فيها القصور، بهدف تمكينهم من الوصول إلى مستوى متوازن مع أقرانهم في النظام التعليمي السوري.
كما أشار رشيد أوغلو إلى أهمية توفير برامج دعم نفسي واجتماعي للأطفال العائدين، إذ إن الكثير من الأطفال يعانون من صدمات ثقافية نتيجة الانتقال بين بيئات تعليمية وثقافية مختلفة.
لذا، من الضروري توفير جلسات دعم نفسي تساعد الأطفال على التكيف مع التغيرات التي يواجهونها.
من جهة أخرى، أكد الحاجة إلى تنظيم دورات تقوية أكاديمية للمواد الأساسية مثل اللغة العربية والتاريخ، بما يتماشى مع المناهج السورية، إذ تساهم هذه البرامج في سد الفجوات المعرفية الناتجة عن اختلاف المناهج الدراسية بين البلدان، ما يضمن تكافؤ الفرص الأكاديمية للجميع.
وشدد رشيد أوغلو على أهمية تبني أساليب تدريس حديثة، واستخدام التكنولوجيا والوسائل التعليمية الحديثة، لتعزيز التحصيل الدراسي.
كما يرى أن التدريب المستمر للمعلمين يعد أساسيًا لكي يتمكنوا من التعامل مع الطلاب ذوي الخلفيات التعليمية المتنوعة.
وأخيرًا، يجب تسهيل الإجراءات الإدارية المتعلقة بتسجيل الطلاب العائدين من المهجر، وتبسيط عمليات معادلة شهاداتهم التعليمية السابقة، لتجنب العوائق الإدارية التي قد تؤدي إلى إحباط الطلاب وأسرهم، وبالتالي عرقلة عملية اندماجهم.
وفي هذا السياق، يرى رشيد أوغلو أن تعزيز الهوية والانتماء الوطني للأطفال يعد أمرًا أساسيًا، من خلال تنظيم أنشطة تربط الأطفال بهويتهم الثقافية والوطنية بطريقة إيجابية، مما يعزز شعورهم بالفخر والانتماء إلى وطنهم.
يتطلب نجاح اندماج الطلاب العائدين من تركيا في المدارس السورية جهودًا متكاملة تشمل الدعم الأكاديمي والنفسي والاجتماعي، لضمان عدم تحول الصعوبات التي يواجهونها إلى عائق دائم أمام مستقبلهم التعليمي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :