المجلس العسكري للسويداء وقائده طارق الشوفي (تعديل عنب بلدي)
يدعو إلى الفيدرالية.. ما “المجلس العسكري للسويداء”
في عرض عسكري على أرض مطار “الكفر” جنوبي السويداء، ظهر عشرات المسلحين يحملون بنادق خفيفة ومتوسطة، وقدم “المجلس العسكري للسويداء” خلاله ما أسماه “المشروع الوطني”.
وقال مؤسس “المجلس العسكري للسويداء”، طارق الشوفي، في 24 من شباط الحالي، إنه جرى تشكيل المجلس بالتنسيق مع قوى سياسية ثورية ومجتمع أهلي، إضافة إلى الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري.
وأضاف أن مشروعه ينطلق من تنظيم التعاون بين القوى المسلحة التي ساهمت بحماية المنطقة و”شباب الجبل” (في إشارة إلى الشبان في السويداء)، من خلال منعهم من المشاركة بما أسماها “المقتلة السورية” والالتحاق بالخدمة الإلزامية، بعهد النظام السابق.
وأضاف الشوفي في البيان، أنه شكّل نواة عسكرية من كوادر العسكريين المنشقين والمتقاعدين الذين شاركوا في انتفاضة السويداء منذ انطلاقتها، كما دعا إلى الراغبين من القوى العسكري للانخراط في مشروعه.
وتحظى مدينة السويداء جنوبي سوريا بخصوصية عسكرية بدأت بعد انطلاق الثورة السورية بسنوات، وامتدت حتى بعد سقوط النظام السابق، وخلال هذه السنوات، برزت على المشهد الأمني والعسكري فصائل متعددة الانتماءات والولاءات.
وشاركت فصائل السويداء في العملية العسكرية لإسقاط النظام، وكانت من أوائل الواصلين إلى العاصمة دمشق في الساعات الأولى من فجر 8 من كانون الأول 2024.
وبعد سقوط النظام، وبالرغم من تشكيل حكومة دمشق المؤقتة وزارة دفاع ودعوتها لتسليم السلاح في سوريا، وإعلان حل الفصائل، الذي جرى في “مؤتمر النصر”، في 29 من كانون الثاني الماضي، وغابت عنه فصائل السويداء، بقيت الأخيرة متمسكة بسلاحها، بل وعمدت لتشكيل تكتلات جديدة، أحدثها “المجلس العسكري للسويداء”.
أثار جدلًا
أثار تشكيل العقيد طارق الشوفي لـ”المجلس العسكري للسويداء” جدلًا واسعًا في الأوساط السورية، لتزامن إعلانه مع تصريحات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضد الإدارة السورية الجديدة، ومطالبته بنزع السلاح من ثلاث محافظات جنوبي سوريا.
كما أن التشكيل جرى وسط الحديث عن إنهاء حالة الفصائلية في سوريا، وحصر السلاح ضمن مؤسسة عسكرية جامعة لكل السوريين، كما دعت إليه السلطات الجديدة في دمشق، وتزامن مع مؤتمر “الحوار الوطني”.
من جانب آخر، حمل الشعار الذي تبناه الفصيل طابعًا يشبه في تصميمه الذي تعتمده “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ما أثار شكوكًا حول نزعة انفصالية، الأمر الذي نفاه الفصيل خلال بياناته.
متى تأسس؟
لم يظهر الفصيل ببيان يعلن فيه عن ولادته، وسبق الاستعراض العسكري بيانات متلاحقة لمجموعات عسكرية محلية أعلنت انضمامها، للفصيل، ومنها، “قوات النبي شعيب”، و”بيرق سليمان” و”قوات الجنوب” إضافة إلى مجموعات محلية من قرى وبلدات الغارية وبكا.
وأشار قائد “المجلس” الشوفي، في مقابلة مصورة له عقب تلاوة البيان، إلى أن فصيله تشكل منذ سنتين، تزامنًا مع الحراك الشعبي في السويداء.
من جانبها، لفتت شبكة “السويداء 24” المحلية” إلى أن المجلس تشكل عقب يوم من سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، وأصدر بيانًا مصورًا بعد ثلاثة أيام من ذلك، داعيًا إلى الانضمام إليه والتنسيق معه بهدف “حماية المؤسسات وتنظيم السلاح”.
وخرج الشوفي في 8 من كانون الأول 2024، ببيان، يبارك ما أسماه “خلاص السوريين من الاستبداد”، وأعلن عن جاهزيته للتنسيق مع “القوى الدولية والإقليمية الفاعلة” للعمل مع قوى المجتمع المحلي.
وفي عام 2023، خرجت بيانات مجهولة المصدر تتحدث عن “مجلس عسكري مؤقت“، يضم فصائل محلية في السويداء، بمباركة الرئيس الروحي للدروز الهجري، إلا أن الأخير نفى علمه بهذه الدعوات، كما نفت كبرى الفصائل تبعيتها للمجلس.
وأثيرت شكوك حول هذا المجلس المجهول، واتهم بتبعيته للنظام السابق، إلا أنه انتهى على وسائل التواصل الاجتماعي، دون أن يكون له أي تحرك على الأرض.
ما تبعيته؟
تسجيل مصور لأحد عناصر “المجلس العسكري للسويداء” وهو يعلن ولاءه لإسرائيل، خلق شكوكًا حول تبعية الفصيل، وتثبتت عنب بلدي من وجود الشخص في الاحتفالات التي أعقبت تلاوة بيان إشهار الفصيل.
الشكوك دفعت قائد الفصيل للخروج ببيان لتأكيد “وطنية” مشروعه وعدم تبعيته لأحد، وقال الشوفي إن “المجلس العسكري للسويداء” هو “مشروع وطني سوري، غير تابع لأي جهة ويضم أبناء المنطقة من عسكريين ومدنيين”.
ووجه قائد الفصيل الشوفي الشكر لكل من يساند موقف المجلس العسكري ويسهم في حماية الطائفة الدرزية واستقرار المنطقة، وفق ما ذكرت شبكة “الوكالة”.
من جانب آخر، يشابه الشعار الذي اتخذه المجلس، إلى حد كبير الذي تعتمده “قسد” مع اختلاف بالألوان، من الأصفر إلى الأزرق.
كما سارع حزب “الاتحاد الديمقراطي” (pyd) وهو العماد العسكري لـ”قسد”، لنشر إعلان “المجلس العسكري للسويداء” على موقعه الرسمي ووصف الإعلان بـ”التطور اللافت”.
وقال “الاتحاد الديمقراطي” إن التشكيل الجديد “يأتي في وقت تشهد فيه سوريا تحولات سياسية وأمنية كبيرة مما يجعله خطوة مهمة في مسار تعزيز الأمن المحلي في السويداء”.
وتتوافق الرؤى السياسية بين الجانبين العسكريين، من حيث رؤيتهما لسوريا “لامركزية وعلمانية”، كما صرح الشوفي أنه على تنسيق مع التحالف الدولي، دون الإشارة إلى نوع التنسيق.
ووفق شبكة “السويداء 24″، ينسق “المجلس العسكري للسويداء” مع “قسد” دون أن تشير الشبكة إلى ماهية التنسيق أيضًا.
وفي تصريح للشوفي لـ”الوكالة“، أكد على أهمية إقامة “المجلس” لعلاقات جيدة مع “قسد”، ووصفها بـ”القوة التي دافعت عن أرضها وشعبها في مواجهة الإرهاب والحكم الدكتاتوري”.
هل يؤيده الهجري؟
حتى لحظة تحرير التقرير، لم يخرج الهجري بموقف واضح تجاه “المجلس العسكري” رغم أن الأخير أشار في بيان إشهاره، إلى أن التشكيل جرى بتنسيق مع شيخ العقل الدرزي.
وأحدث تصريح إعلامي للهجري، كان في ليلة إشهار المجلس لوكالة ”رويترز“، وتحدث عن استياء من الحكومة الحالية بدمشق، قائلًا إنه لم يرَ من السلطات “القدرة على قيادة البلاد أو تشكيل الدولة بالطريقة الصحيحة” وفق تعبيره.
كما أشار الهجري إلى ضرورة تدخل دولي لضمان أن تسفر العملية السياسية عن دولة مدنية، مع فصل السلطات وسيادة القانون.
وبالرغم من عدم الإفصاح عن مباركة الهجري أو دعمه لـ”المجلس العسكري للسويداء”، إلا أن كلامه يتطابق في كثير من جوانبه مع مطالبة الشوفي، في دولة علمانية مدنية.
الهجري تحدث أيضًا في أواخر شهر كانون الأول 2024، بمقابلة له على إذاعة “آرتا” عن مطالب بدولة لامركزية، وهو الأمر نفسه الذي طالب فيه الشوفي في بيانه.
ما موقف فصائل السويداء؟
أبرز فصائل السويداء لم تدخل في التشكيل الجديد، وأكدت “غرفة عمليات الحسم” و”غرفة العمليات المشتركة” أن “المجلس غير شرعي وبيانه لا يمثل إلا أصحابه”، وفق شبكة “السويداء 24”.
الناطق باسم “رجال الكرامة”، “أبو تيمور”، قال لعنب بلدي، تعقيبًا على تشكيل “المجلس العسكري”، إن الفصيل عبارة عن تشكيل عسكري جديد ظهر بعد سقوط النظام السوري، لافتًا إلى أن لا علاقة تجمع “المجلس” بـ”رجال الكرامة”.
وأرجع “أبو تيمور” عدم وجود تواصل إلى ما أسماها بـ”حالة الحساسية” من الفصائل التي يشتبه أنها مدعومة أو موجهة من الخارج.
ولفت “أبو تيمور” إلى أن الفصائل تشكلت في السويداء كرد فعل شعبي، وكانت تتلقى دعمًا من أبناء المحافظة أنفسهم ولم تتلقَّ دعمًا أو توجيهًا من الخارج، مشيرًا إلى أن هناك حالة تحفظ على “المجلس العسكري” المشكّل حديثًا.
ما موقفه من دمشق؟
لم يبدِ الشوفي موقفًا واضحًا من حكومة دمشق المؤقتة، إلا أنه لم يؤيد انضمامه للجيش السوري الجديد إلا بشروط.
تتمثل الشروط بأن تكون سوريا “دولة الحداثة والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان” وأن تكون ديمقراطية علمانية لامركزية، ودولة “العدالة والسلام الإقليمي والدولي”.
ووجه الشوفي رسالة للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مفادها “عليك أن تتعلم من أخطاء الماضي، وتشكل الجيش من كافة أطياف الشعب السوري وتعتمد على الضباط الثوريين والمنشقين”.
وقال الشوفي في مقابلته المصورة عقب البيان، إن المجلس تشكل نتيجة “الفوضى الحاصلة بالمنطقة” وعدم الثقة بالجيش الذي تشكل بدمشق.
وانتقد إدخال قيادات عسكرية غير سورية بمناصب الدولة وتشكيل الجيش من فصيل واحد انتقل من إدلب ومندرج ضمن “قوائم الإرهاب”، وفق قوله.
الشوفي نفى وجود تنسيق مع دمشق وأعرب عن تحفظات عليها، نتيجة التفرد بالقرار وعدم إشراك الجيش المنشق، بحسب تعبيره.
من الشوفي؟
تقتصر المعلومات المتوفرة عن العقيد الشوفي على بعض المصادر الإعلامية التي تصفه بالضابط المنشق، إلا أن تقريرًا لموقع قناة “الجزيرة” وصفه بالضابط المستقيل.
وتم استدعاؤه عقب الحراك الشعبي في السويداء عام 2023، إلى فرع “فلسطين” الأمني سيئ الصيت.
وقال الشوفي لـ”الجزيرة”، إنه كانوا جزءًا من الحراك المطالب بالحقوق العامة من الحرية والكرامة وبناء الدولة الديمقراطية، وتنفيذ القرار الأممي “2254”، وعدم التفرد بالسلطة من النظام الحاكم.
وأضاف أنه يمثّل مجموعة من الضباط المتقاعدين والمستقيلين، الذين “وقفوا إلى جانب أهلهم منذ بدء الانتفاضة السلمية في الجنوب السوري”.
الاستدعاء من فرع “فلسطين” جرى حينها بحق خمسة ضباط من السويداء، إلا أن وجهاء من الطائفة الدرزية وعلى رأسهم الهجري، منعوهم من مراجعة الفرع.
وبحسب حديث أحد الضباط الدروز المشاركين بحراك السويداء لـ”الجزيرة”، من الذين أُبلغوا بضرورة مراجعة ذاك الفرع، فإن النظام اختار فرع “فلسطين” فقط للتحقيق معهم، وليجبرهم على الوصول إلى دمشق.
وعلل الضابط أن فرع “فلسطين”، وخلافا لباقي الأجهزة الأمنية والمخابراتية، لا يمتلك فروعًا في باقي المحافظات السورية، ومنها السويداء.
“تيار سوريا الفيدرالي”
ينتمي الشوفي إلى كيان سياسي، يسمى “تيار سوريا الفيدرالي” ونشط بالتزامن الحراك في السويداء، ويدعو إلى دولة لا مركزية في سوريا، وهو مقرب من الهجري.
وعلق التيار مشاركته في الحراك بساحة الكرامة، في 15 من آذار 2024، تزامنًا مع ذكرى الثورة السورية، وقال إن ساحة التظاهر تحولت إلى مشاريع خاصة تتبع لأجندة خارجية، منها إسلامية “متطرفة” ومنها تتبع لـ”الإخوان المسلمين”.
وقال البيان إن التيار ليس امتدادًا للثورة التي خرجت في 2011، والتي “تحولت عن مسارها الثوري الصحيح الذي خرجت لأجله”، وفق توصيفهم.
الشوفي خرج بتسجيل مصور وقال إن مجموعة من الشبان حاملي “العلم الأخضر” اعترضوا دخول أعضاء التيار تحت لافتات تدعو إلى “الفيدرالية”.
وأضاف الشوفي أن “ثورة الـ2011” لم تعد تعنيهم بعد خروجها عن مسارها وتحولها لثورة إسلامية وتقودها ما وصفها بـ”الجهات المتطرفة”، في إشارة إلى الفصائل المعارضة ذات الطابع الإسلامي مثل “هيئة تحرير الشام”.
إلا أن التيار استأنف مشاركته في الحراك والتظاهر بساحة الكرامة، بعدها بأيام.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :