استهداف مستمر.. أمريكا تحاصر “حراس الدين” في سوريا

طيران مسيّر يستهدف شخصًا لا تزال هويته غير معروفة في مدينة الدانا بريف إدلب شمالي سوريا - 21 شباط 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)

camera iconطيران مسيّر يستهدف شخصًا لا تزال هويته غير معروفة في مدينة الدانا بريف إدلب شمالي سوريا - 21 شباط 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

كثّفت واشنطن ضرباتها الجوية في سوريا مؤخرًا لاستهداف قادة من تنظيم “حراس الدين” (فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا) وذلك بعد أيام من إعلان التنظيم حل نفسه على خلفيات التطورات التي جرت في سوريا وإسقاط نظام بشار الأسد المخلوع.

أحدث هذه الضربات جرت في 21 من شباط الحالي، حين استهدف طيران تابع للتحالف الدولي شخصًا في محيط مدينة الدانا بريف إدلب، شمالي سوريا.

مراسل عنب بلدي في المنطقة ذكر أن الطيران المسيّر استهدف سيارة من نوع “هونداي/ سنتافيه)، موضحًا أن فرق “الدفاع المدني السوري” انتشلت جثة شخص من السيارة، بينما ذكر المرصد العسكري “80” (أبو أمين) أن الاستهداف جرى بطيران مسيّر تابع للتحالف، ومن طراز “MQ9”.

وبعد وقت قصير من الاستهداف، نعى الباحث محمد منير الفقير، وسيم بيرقدار، شقيق مدير أوقاف دمشق، سامر بيرقدار، وقال إن “حراك دمشق” يودع أحد أبرز الفاعلين فيه، وسيم بيرقدار، بعد مقتله في ريف إدلب الشمالي.

كما قدّم المتحدث باسم “المجلس الإسلامي السوري”، مطيع البطين، التعازي لمدير أوقاف دمشق، سامر بيرقدار، بعد مقتل شقيقه في مدينة سرمدا.

في اليوم التالي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم) تبنيها لمقتل بيرقدار، ووصفته بأنه “زعيم تنظيم (القاعدة) في شمال غربي سوريا”.

وجاء في بيان لـ”سينتكوم” عبر “إكس”، أن قوات القيادة المركزية نفّذت غارة جوية دقيقة في شمال غربي سوريا، ما أسفر عن مقتل وسيم تحسين بيرقدار، “أحد كبار القادة في منظمة (حراس الدين) الإرهابية، التابعة لتنظيم (القاعدة)”.

وبحسب البيان، فإن الغارة تأتي في إطار التزام القيادة المركزية الأمريكية المستمر، إلى جانب الشركاء في المنطقة، بتعطيل وتقليص جهود “الإرهابيين” في التخطيط وتنظيم وتنفيذ هجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.

قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، قال تعقيبًا على العملية، “سنواصل بلا هوادة ملاحقة التهديدات الإرهابية وتدميرها، بغض النظر عن موقعها، من أجل حماية وطننا وحلفائنا وشركائنا”.

تنظيم “حراس الدين”

ظهر تنظيم “حراس الدين” كفرع لـ”القاعدة” في سوريا، في شباط 2018، وأصدرت القيادة العامة لتنظيم “القاعدة”، في كانون الثاني 2018، بيانًا تضمّن تأكيدًا ضمنيًا على انتشار عناصره في سوريا، لأول مرة منذ فك “جبهة النصرة” ارتباطها به.

وضمّ “حراس الدين” كلًا من مجموعات “جيش الملاحم، جيش الساحل، جيش البادية، سرايا الساحل، سرية كابل، جند الشريعة”، فلول “جند الأقصى”، إضافة إلى عدد من الفصائل الصغيرة التي لها تاريخ من العلاقات الأيديولوجية والقيادية مع “القاعدة”، كما انضم العديد من المقاتلين الأجانب الأوروبيين إلى صفوف الفصيل منذ إنشائه.

وعلى مدار سنوات، تعرّض التنظيم لتضييق داخلي من قبل “هيئة تحرير الشام”، بالإضافة إلى ضربات من التحالف أودت بحياة عدد من قيادييه، ولم تتوقف بعدما حلّ التنظيم نفسه في 28 من كانون الثاني الماضي.

ولم يمتلك التنظيم أرضًا أو منطقة سيطرة محددة، وكان يستخدم إلى حد كبير الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة مثل بنادق “AK-47” وقذائف الهاون والقذائف الصاروخية في غاراته على مواقع النظام السابق.

تعامل جدّي.. ما المخاوف؟

قبل هذا الاستهداف، نفّذت الولايات المتحدة عبر “سينتكوم” عملية مماثلة استهدفت فيها قياديًا بارزًا في التنظيم، وفق ما أعلنته في 16 من شباط، عبر بيان جاء فيه أن القيادي الذي قتل في ضربة جوية دقيقة شمال غربي سوريا، هو مسؤول بارز بالشؤون المالية واللوجستية في “حراس الدين”.

وتتعامل واشنطن بجدّية مع هذه الاستهدافات التي زادت من وتيرتها بعد حلّ التنظيم لصفوفه، إذ استدعت هذه العملية تعليقًا من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في خروج عن سياق التعليقات التي كانت تصدر عن الإدارة الأمريكية عند مقتل قيادات ذات ثقل تنظيمي كبير، مثل قادة تنظيم “الدولة الإسلامية” (البغدادي والقرشي وغيرهما).

في 18 من شباط، كتب ترامب عبر منصة “تروث”، أن الولايات المتحدة نفذت غارة جوية دقيقة ضد “أحد أعضاء تنظيم (القاعدة) في سوريا، حيث كان الزعيم الإرهابي يعمل مع تنظيم (القاعدة) بجميع أنحاء المنطقة”.

وأشاد الرئيس الأمريكي بقوات “سينتكوم” التي نفّذت العملية، “تهانينا لقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، والمقاتلين الأمريكيين الذين حققوا العدالة لجهادي آخر يهدد أمريكا وحلفاءنا وشركاءنا”.

وفي 30 من كانون الثاني (بعد يومين من حلّ التنظيم)، نفذت أمريكا غارة جوية مشابهة، أسفرت عن مقتل قيادي في التنظيم نفسه بشمال غربي سوريا، وقالت حينها إنها تمكنت خلالها من “تحييد” محمد صلاح الزبير، وهو أحد العناصر البارزين في “حراس الدين”.

الباحث في الشأن السياسي وجماعات ما دون الدولة عمار فرهود، أوضح لعنب بلدي أن الاستهدافات الأمريكية المتواصلة لشخصيات من “حراس الدين” رغم إعلان التنظيم حلّ نفسه، وغياب نشاطه العلني على مدار سنوات سبقت هذا الحل، مرتبط باحتمالية أن تشكل هذه الشخصيات خطرًا مستقبليًا حسب وجهة النظر الأمريكية.

ولا ترغب واشنطن بأن تجد هذه الشخصيات مكانًا للحركة أو الاستراحة للتحضير ربما لمرحلة لاحقة، كما أن الاستهدافات تشكّل تذكيرًا أمريكيًا مفاده أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتغاضى عن وجود فكر عابر للحدود حتى على مستوى أشخاص، وليس فقط تنظيمات.

وحول مستقبل هذه الضربات والاستهدافات، رجّح الباحث فرهود استمرارها طالما أن السلطة الحالية في سوريا غير قادرة على ضبط المشهد الأمني بشكل كامل في سوريا، ما يعني أن الولايات المتحدة تحافظ على أمنها بيدها، ولم تعترف بعد بأن ملف هذه الجماعات صار منوطًا بالإدارة السورية الجديدة، بالكامل، وإنما ما زال في طور التعاون بين الجانبين (دمشق وواشنطن).

مخاطر قائمة

الاستهدافات المتكررة التي رافقت مشوار “حراس الدين” صاحبها تضييق محلي في الشمال من قبل “تحرير الشام” (جرى حلها في كانون الثاني الماضي مع كثير من فصائل المعارضة).

ومع كل استهداف لعناصر “حراس الدين”، كانت أصابع الاتهام تشير إلى “تحرير الشام”، بالوقوف خلف العملية، وتقديم معلومات استخباراتية للتحالف الدولي للتخلص من التنظيم، ما كان يقابله نفي متكرر من “الهيئة” رغم حالة عدم توافق بين الجانبين عبّرت عن نفسها بوضوح خلال الاشتباكات التي جرت بين “تحرير الشام”، وغرفة عمليات “فاثبتوا” التي كانت تضم أبرز الفصائل “الجهادية” وعلى رأسها “حراس الدين” في حزيران 2020، موقعة قتلى من الطرفين.

ورغم إعلان حلّ “حراس الدين”، فإن مخاطر التنظيمات التي تتقاطع في الأفكار معه لا تزال قائمة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وهو ما لم ينفِه وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في مقابلة مصورة مع التلفزيون “العربي”، في 21 من كانون الثاني الماضي، حين تحدث عن خطر موجود لتنظيم “الدولة الإسلامية”، والعمل على مكافحته من قبل وزارة الدفاع وجهاز الأمن السوري.

وكان التنظيم وجّه تهديدًا للحكومة السورية وهاجم الفصائل التي شاركت في عملية “ردع العدوان” (27 من تشرين الثاني وحتى 8 من كانون الأول 2024، وانتهت بإسقاط النظام)، واعتبرها “بيادق” بيد تركيا والدول الأخرى، وتنفّذ “حربًا بالوكالة”.

كما تساءل عن سبب الخروج على نظام بشار الأسد إن كانت الثورة ستفضي إلى نظام حكم دستوري، وهو ما لا يتوافق مع أدبيات التنظيم.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة