يستعرض كتاب “مجازر نظام الأسد في نصف قرن” لكاتبه المهندس السوري هشام نجار، المجازر التي ارتكبها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، منذ تصدّره المشهد السياسي والعسكري في سوريا قبل توليه الرئاسة، والممتدة منذ ستينيات القرن الماضي وحتى آخر أيامه.
وحمل الكتاب عنوانًا فرعيًا هو “الصمت الدولي غيض من فيض”، ويشير فيه الكاتب إلى التغاضي الدولي عن المجازر التي ارتكبها الأسد الأب خلال حكمه، وغياب المحاكم الدولية والمساءلة الفعلية التي قادته إلى ارتكاب المجازر دون رقيب أو حسيب.
لم يكتفِ نجار بنقل الأحداث ذات الطابع الدموي، والتي سقط فيها ضحايا، بل استهل كتابه بما أسماه أيضًا مجزرة، وتحدث عن تسريح عدد كبير من الضباط، على أساس طائفي، لتثبيت حكم الأسد العسكري، وحصل ذلك عام 1963 بعهد رئاسة نور الدين الأتاسي، الذي مهد لانقلابه العسكري بعد ذلك بسبع سنوات، معرجًا على القرارات التي اتخذها الأسد، وما اعتبره إهمالًا منه لجنود الجيش السوري الذي أدى إلى مقتل المئات منهم.
أبرز المجازر التي ارتكبها الأسد الأب، هي ما يُعرف بأحداث الثمانينيات في القرن الماضي، والتي بدأت نهاية السبعينيات، في أثناء قضائه على الاحتجاجات التي قامت ضده، وحربه ضد جماعة “الإخوان المسلمين”، وثورة “الطليعة المقاتلة”.
ونالت مدينة حماة النصيب الأكبر من تلك المجازر، إذ وقع أكثر من 40 ألف قتيل في تلك الفترة خلال عدة مجازر ارتكبها حافظ وأخوه رفعت الأسد، الذي كان قائدًا لما يسمى بـ”سرايا الدفاع”، وامتدت لتشمل مدن حلب وإدلب، ومناطق أخرى في سوريا لكن بأعداد أقل للضحايا.
مجازر الأسد عبرت الحدود السورية لتمتد أيضًا إلى لبنان، الذي شهد تدخلًا من الجيش السوري، عقب الحرب الأهلية التي تسببت بمقتل الكثيرين، ووقوع ضحايا في صفوف مدنيين، إذ شارك الأسد في الحرب مباشرة أو عبر وكلاء له بالمنطقة، وفق ما أوضحه الكاتب.
اعتمد نجار في توثيقه على عدة مصادر، أولها مشاهداته وما عايشه في تلك الحقبة، إضافة إلى شهود من معارفه الشخصية، فضلًا عن المصادر المفتوحة من صحف ومجلات وتقارير.
ومن المآخذ على الكتاب، أنه اعتمد على موسوعة “ويكيبيديا” في مصادره، وهي لا تعد مصدرًا رسميًا يمكن الأخذ به، بسبب مجهولية مصدر المعلومات التي توردها.
نجار هو مهندس سوري، ومقلّ في كتاباته بسبب انصرافه إلى مجاله في الهندسة، إلا أنه يمتلك القليل من المؤلفات، باكورتها “محطات صغيرة.. في حياة مواطن سوري” التي دون فيها مذكراته، وكتابه الثاني “مجازر نظام الأسد في نصف قرن” صدرت الطبعة الأولى عام 2022.
ولد نجار عام 1943 بمدينة حلب، وهاجر إلى أمريكا وحصل على جنسيتها، ونال درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من “البوليتكنيك” بنيويورك، إضافة إلى درجة البكالوريوس في العلوم السياسية التي حصل عليها بوقت متأخر من جامعة “ستاتن آيلاند”.
شغل المهندس السوري منصب مدير المشاريع الهندسية لإدارة الصحة في نيويورك لمدة 22 عامًا، وحصل على شهادة تقدير من محافظها لتميزه بالتصميم الهندسي والإشراف على مشروع لكشف “الجريمة والإرهاب” في العالم.