“الفار” في الملاعب السورية.. تقنية تصطدم بعقبات

  • 2025/02/23
  • 12:54 م
من اللقاء الودي بين أمية وتفتناز على ملعب إدلب البلدي تحضيرًا للدوري السوري- 19 من شباط 2025 (نادي أمية)

من اللقاء الودي بين أمية وتفتناز على ملعب إدلب البلدي تحضيرًا للدوري السوري- 19 من شباط 2025 (نادي أمية)

عنب بلدي – هاني كرزي

“تقلّل الأخطاء وتنصف الفرق”، هذا كان أحد أبرز أهداف تقنية الفيديو (الفار) حين اتجهت كثير من دول العالم إلى تطبيقها في ملاعبها، ويأمل عشاق الكرة في سوريا عقب سقوط الأسد وبدء عهد جديد للرياضة السورية، أن تدخل هذه التقنية إلى الملاعب السورية، بعدما عانت كثير من الفرق من الظلم التحكيمي وعدم الإنصاف.

شهد الدوري السوري الكثير من الأخطاء التحكيمية خلال السنوات الماضية، وصلت إلى حد إعلان فريقي جبلة والساحل انسحابهما من الدوري نتيجة “الظلم التحكيمي” نهاية عام 2023.

كلام على الورق

في آب 2024، كشف “اتحاد كرة القدم” التابع للنظام السوري السابق، عن اقتراب دخول تقنية الفيديو المساعد (الفار) إلى بطولة الدوري السوري الممتاز لكرة القدم.

وذكر رئيس لجنة المسابقات في “الاتحاد السوري لكرة القدم”، محيي الدين دولة، حينها، أن هناك مساعي قوية من الجميع داخل “اتحاد الكرة” لاعتماد تقنية “الفار” في الموسم الجديد 2024-2025 من الدوري المحلي.

وقال دولة، إن تقنية “الفار” من المقرر أن تصل إلى سوريا قبل بدء الموسم الجديد، لاستخدامها في مباريات الدوري السوري في موسم 2024-2025 لأول مرة.

المسؤول الرياضي قال إنه ستوجد عربتان لتقنية “الفار” من أجل تغطية المباريات، وسيتم توزيع مباريات كل جولة على أيام الجمعة والسبت والأحد لضمان تغطية كل المواجهات.

لكن الدوري السوري لموسم 2024-2025 بدأ حينها ولُعبت خمس جولات منه، دون أن يتم إدخال تلك التقنية، ما يشير إلى أن الحديث عن إدخال “الفار” إلى الملاعب السورية كان مجرد وعود.

بعد مضي خمس جولات على انطلاق الدوري السوري، قرر الاتحاد الرياضي لكرة القدم تأجيل الدوري عقب انطلاق معركة “ردع العدوان”، ليستمر توقف الدوري عقب سقوط النظام، إلى أن أعلن الاتحاد الرياضي الجديد عن استئناف الدوري السوري مجددًا في 10 من نيسان المقبل.

بدأ الحديث عن تقنية “الفار” في تشرين الأول 2022، حين قال رئيس الاتحاد الرياضي في عهد النظام السابق، صلاح الدين رمضان، إن اتحاد الكرة يسعى لاستخدام تقنية الفيديو في مباريات الدوري السوري، ابتداء من موسم 2023-2024، وإنه يحاول تأمين كل التجهيزات اللازمة لها.

وذكر رمضان أن الاتحاد جلب أفضل سماعات في العالم للتواصل بين الحكام واتخاذ القرارات، دون الحاجة إلى الإشارات فيما بينهم.

في تموز 2023، تحوّل الحديث من تقنية “الفار” إلى “الميني فار”، حين قال رمضان إن الاتحاد يبذل كل الجهد لتطبيق نظام “الميني فار”، الذي يعتمد على وجود أربع كاميرات، لكن تلك الوعود بقيت على الورق.

في 6 من كانون الأول 2023، أعلن اتحاد الكرة تشكيل لجنة مكوّنة من خمسة أفراد، بهدف متابعة مشروع الاستعانة بتقنية حكم الفيديو المساعد (الفار).

تقنية ضرورية

شهد الدوري السوري الكثير من الأخطاء التحكيمية التي أثرت على مجريات المباريات، ففي نيسان 2022، شهدت مباراة أهلي حلب والوثبة حالات مثيرة للجدل.

في تلك المباراة، سجل فريق أهلي حلب هدفًا ألغاه الحكم بسبب التسلل، لكن اللاعبين لم ينتبهوا لإلغائه، ليستغل لاعبو فريق الوثبة الموقف بهجمة سريعة في غفلة عن لاعبي الأهلي ويسجلوا هدفًا.

لاعبوا الوثبة سجلوا الهدف، رغم أن حاملي الكرات كانوا موجودين داخل أرضية الملعب، وكذلك شهدت هجمة الوثبة وجود أكثر من لاعب لفريق أهلي حلب خارج حدود الملعب، كونهم كانوا يحتفلون بالهدف قبل معرفتهم بإلغائه، ما سبب صخبًا كبيرًا من الجمهور.

وبين الأخذ والرد، عاد الحكم الدولي محمد قناة لإلغاء الهدفين، ثم أعلن انتهاء المباراة دون استكمال الوقت المتبقي وسط حالة من الغموض حول المباراة.

وفي مباريات أخرى كانت تحصل حالات شتم وضرب بين اللاعبين، دون أن ينتبه لها الحكام، إضافة إلى حساب الكثير من الأهداف أو ركلات الجزاء رغم أنها تسلل أو أن اللاعب قام بالتمثيل داخل منطقة الجزاء، لتتعالى أصوات الجماهير السورية المطالبة بتطبيق تقنية “الفار” في الدوري المحلي.

وقال الصحفي الرياضي مؤيد كيالي، إن تقنية “الفار” اليوم أصبحت جزءًا من كرة القدم، وهي مفتاح لتحقيق العدالة لكل الفرق، حيث لاحظنا أنه مع إدخال نظام “الفار” في كرة القدم، ارتكب الحكام أخطاء أقل بكثير، وبدؤوا باتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظات المثيرة للجدل.

وأضاف كيالي، لعنب بلدي، أن حالة الفوضى التي كانت تشهدها الملاعب السورية، في ظل ضعف خبرة الحكام وانتشار الفساد والرشى، تجعل اعتماد تقنية “الفار” مسألة مهمة، كإحدى الخطوات في سبيل تطوير مستوى الرياضة السورية.

عقبات بالجملة

اعتماد تطبيق “الفار” في سوريا يصطدم بالكثير من العقبات، ولا سيما تأمين المعدات اللازمة لتطبيق تلك التقنية.

في 13 من آب 2023، قال اتحاد الكرة في سوريا، إنه وقّع مذكرة تفاهم مع الاتحاد السعودي لكرة القدم، لتزويد نظيره السوري بتقنية “الفار”.

وقال نائب رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم في النظام السابق، عبد الرحمن الخطيب، إن رئيس لجنة الحكام بالاتحاد السعودي اجتمع مع المعنيين باتحاد كرة القدم السوري، وأرسل كتابًا إلى الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” لإقامة دورة لتدريب الحكام السوريين، كما سيرسل تقنيين فنيين للتدرب على تشغيل أجهزة “الفار”.

وبموجب المذكرة، كان يفترض أن يحصل اتحاد كرة القدم في سوريا على جهازين لـ”الفار” ضمن سيارات لتغطية مباراتين من كل جولة في الدوري السوري الممتاز، لكن تلك المعدات لم تصل.

وقال رئيس مكتب الألعاب الجماعية في الاتحاد الرياضي السوري الجديد، فراس تيت، إن البنى التحتية في سوريا شبه منهارة، وتطبيق تقنية “الفار” يحتاج إلى إعداد الكوادر الفنية والتقنية، وهذا يتطلب الكثير من الوقت لإعداد الحكام من خلال دورات عن طريق الاتحادات الدولية والآسيوية.

وأضاف تيت لعنب بلدي، أنه بعد إجراء الدراسات اللازمة، يمكن البدء بالعمل على تجهيز أو ترميم البنى التحتية، وتدريب الكوادر، تمهيدًا لإطلاق تقنية “الفار”.

من جهته، قال الصحفي الرياضي أنس عمو، إن اعتماد تقنية “الفار” يحتاج إلى متطلبات كثيرة غير متوفرة حاليًا في الملاعب السورية، ففي البداية نحتاج لإعادة تجهيز الملاعب، ولا سيما المدرجات التي يجب بناؤها بطريقة تكون فيها أماكن مخصصة لتركيب الكاميرات عليها لتشغيل “الفار”.

وأضاف عمو، لعنب بلدي، أن أزمة الكهرباء تعوق كذلك تشغيل تقنية “الفار”، فهناك الكثير من الكاميرات وغرف الحكام التي تحتاج إلى توفر التيار الكهربائي لرصد اللقطات الخاصة بكل مباراة، والأهم من ذلك تأهيل الحكام، فتقنية “الفار” لا تُلغي الأخطاء في أثناء المباريات بل تخففها، وبالتالي فإن الحكم المؤهل عنصر أساسي في إدارة هذه التقنية.

ما تقنية “الفار”؟

تقنية “الفار” في كرة القدم هي اختصار لمصطلح “Video Assistant Referee” أي “حكم الفيديو المساعد”، وهو نظام خاص لمساعدة الحكام في تقييم اللحظات المثيرة للجدل بالاعتماد على تسجيلات الفيديو.

يعتبر الهولنديون أول من اخترع “الفار” في كرة القدم على الإطلاق، وبدأ استخدام هذه التقنية من قبل الاتحاد الهولندي لكرة القدم في عام 2010، بطريقة بدائية وغير متطورة، ثم تطورت بعد ذلك حتى أصبحت معتمدة من قبل الاتحاد العالمي لكرة القدم بعد عدة سنوات.

الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اعتمد تقنية “الفار” رسميًا في بطولة كأس العالم لعام 2018، وكانت واحدة من التقنيات البارزة خلال بطولة كأس العالم 2022 في قطر.

في حال حدوث موقف مثير للجدل، يشير مساعد الفيديو إلى الحكم الرئيس للمباراة للمراجعة، وكذلك الأمر بالاتجاه المعاكس، عندما يلجأ الحكم الرئيس إلى مساعد الفيديو للحصول على المساعدة.

تعتمد تقنية “الفار” على غرفة مراقبة يوجد فيها فريق من الحكام والمختصين والفنيين، بالإضافة إلى عدد من الشاشات التي تعرض الأحداث التي تجري على أرض الملعب من عدة زوايا بكاميرات موزعة على محيط الملعب.

كما تعتمد “الفار” على شاشة داخل الملعب، ففي حال لم يستطع فريق الحكام في غرفة المراقبة الجزم بحالة ما، يطلب من الحكم الرئيس في الملعب التوجه نحو تلك الشاشة للتأكد بنفسه من الحالة واتخاذ القرار النهائي.

مقالات متعلقة

  1.  تقنية "الفار" في سوريا.. صعبة التطبيق ولا كادر لإدارتها
  2. سخرية حول استخدام تقنية الفيديو في لقاء اليونايتد وهدرسفيلد
  3. اللاعبون معرضون للإنذار إذا طالبوا باستخدام تقنية الفيديو
  4. حكام سوريون ينتقدون تأثير المحسوبية والفساد على أدائهم

رياضة محلية

المزيد من رياضة محلية