مفاوضات “قسد”- دمشق.. اتفاق بالعموميات خلاف في الجزئيات

camera iconعناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" يشاركون في تشييع مقاتل في "قسد" في محافظة دير الزور شمال شرقي سوريا- 10 من نيسان 2019 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

تضارب التصريحات الصادرة عن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومظلتيها السياسيتين، “الإدارة الذاتية” و”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، أثار التساؤلات حول الجزئيات المتبقية من المفاوضات مع دمشق، خصوصًا مع حالة القبول التي أبدتها “قسد” لتولي أحمد الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية بعد رفض استمر لأكثر من شهر.

وفي 18 من شاط الحالي، أعلن قائد فصيل “لواء الشمال الديمقراطي” التابع لـ”قسد”، “أبو عمر الإدلبي”، أن اجتماعًا عقد بين “قسد” و”مسد” و”الإدارة الذاتية” خرج عنه قرار ضم المؤسسات الأمنية التابعة لـ”قسد” و”الإدارة الذاتية” إلى هيكلية الجيش السوري.

وقال “الإدلبي” عبر حسابه  في “إكس”، إن الاجتماع الذي عقد، في 17 من شباط الحالي، بين الأطراف الثلاثة، خرج بجملة من القرارات تحل الخلاف القائم مع دمشق.

إيحاء يناقض البيانات الرسمية

حديث “الإدلبي” أوحى أن اتفاقًا على الاندماج مع دمشق أُقر، في حين أن بيانات متلاحقة من “قسد”، و”مسد” و”الإدارة الذاتية” حول الاجتماع نفسه لم تتحدث عن الوصول لاتفاق في هذا الشأن.

وقالت “الإدارة الذاتية”، إن الاجتماع الثلاثي أكد حرص “قسد” ومظلتيها السياسيتين (“الإدارة” و”مسد”) على إنجاح الحوار مع دمشق.

تضمن الاجتماع سلسلة لقاءات محلية “لممثلي ونخب فئات المجتمع في جميع مقاطعات إقليم شمال شرقي سوريا”، وفق “الإدارة الذاتية”.

وأبدى المجتمعون حرصهم على إنجاح الحوار، وضرورة إيجاد حل للقضايا المطروحة، عبر الوصول إلى آلية تنفيذ مناسبة، مثل دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، وعودة المهجّرين قسرًا إلى مناطقهم الأصلية.

ولم يرد في بيان “الإدارة” أي موافقة على ما سبق وذكره “أبو عمر الإدلبي” بشكل منفصل.

من جانبها، عنونت “قسد” بيانها حول الاجتماع نفسه، وفق بيان نشره مركزها الإعلامي، بـ”اجتماع ثلاثي بين قواتنا و(مسد) والإدارة الذاتية.. تأكيد على أهمية قيام الإدارة الجديدة بدمشق بتحمل مسؤولياتها لوقف إطلاق النار وأهمية الحوار معها”.

ولم تشر “قسد” أيضًا إلى أي موافقة على الخطوات التي وردت في منشور “الإدلبي”، وجاء في البيان، “أبدى الاجتماع حرصه على إنجاح هذا الحوار، وضرورة إيجاد حل للجزئيات والقضايا التي يتم النقاش عليها، من خلال الاتفاق للوصول إلى آلية تنفيذ مناسبة، مثل قضايا دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، وعودة المهجرين قسرًا إلى أماكنهم الأصلية التي هُجّروا منها (…) وحل جميع القضايا الخلافية الأخرى عبر الحوار”.

ووضعت “قسد” شرط الوصول إلى عملية وقف إطلاق نار كضرورة لا بد منها للتقدم في الحوار، ودعت الإدارة الجديدة في دمشق إلى “تحمل مسؤولياتها بما يخص ذلك”.

ولم يختلف بيان “مسد” عن سابقيه، إذ أشار إلى ضرورة الوصول لوقف إطلاق نار، وبدء نقاشات داخلية بهدف الوصول إلى تفاهم مع دمشق.

ما وراء التضارب

تحاول الإدارة السورية الجديدة منذ الإطاحة بنظام الأسد المخلوع استعادة المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” التي تشكل نحو ربع مساحة سوريا، إلى سيطرة الدولة، وهي المناطق الأغنى في سوريا من حيث الثروات.

وتقوم مفاوضات معقدة بين دمشق وشمال شرقي سوريا للوصول إلى صيغة تفضي لإنهاء تفرد “قسد” بالسيطرة على المنطقة، وإقناعها بالانضمام لوزارة الدفاع السورية.

يعتقد الباحث المتخصص في شؤون فواعل ما دون الدولة، بمركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أسامة شيخ علي، أن هناك أطرافًا ضمن “قسد” مصرة على عدم تقديم تنازلات.

وأضاف لعنب بلدي أن قرار انضمام “قسد” تحت مظلة الحكومة السورية في دمشق لا يواجه مشكلة جذرية بالنسبة للطرفين، لكن الاختلاف يكمن في شكل الاندماج.

وفي منتصف كانون الثاني الماضي، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في حزب “العمال الكردستاني” (PKK) لم تسمّه قوله، إن “العمال” سيوافق على مغادرة شمال شرقي سوريا إذا احتفظت “قسد” المتحالفة مع الولايات المتحدة بدور قيادي.

وأضاف المسؤول الذي يشغل منصبًا في المكتب السياسي لـ”قسد”، أن “أي مبادرة تؤدي إلى حكم شمال شرقي سوريا تحت سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)، أو يكون لها فيها دور كبير في القيادة المشتركة، ستقودنا إلى الموافقة على مغادرة المنطقة”.

ولفت إلى أنه في حال مغادرة “الحزب” لسوريا، سيواصل المراقبة عن بعد، وسيعمل ضد القوات التركية، أو يتحرك حسب الحاجة.

الطرح الذي نقلته “رويترز” لم يبتعد كثيرًا عما جاء على لسان قائد “قسد”، مظلوم عبدي، قبل أيام، إذ قال في مقابلة أجراها مع قناة “الشرق“، إنه منفتح على ربط “قسد” بوزارة الدفاع السورية على أن يكون ذلك ككتلة عسكرية موجودة ضمن هذا التشكيل، وليس على شكل أفراد.

من جانبه، يشترط الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وجود قواعد أساسية لحل المشكلة القائمة شمال شرقي سوريا وهي:

ألا يكون هناك تقسيم في سوريا بأي شكل من الأشكال، حتى لو كانت بشكل فيدرالي.
مغادرة المسلحين الأجانب الذين يتسببون بمشكلات لدول مجاورة.
ينبغي أن يكون السلاح محصورًا بيد الدولة فقط.

خلاف حول الشكل

الباحث أسامة شيخ علي، يرى أن الخلاف يركز على شكل الاندماج المطروح منذ أشهر بين “قسد” ودمشق، ولفت إلى أن التضارب الذي ظهر مؤخرًا حول الاندماج، يتركز على شكل هذا الاندماج، إذ تصر “قسد” علنًا على أن تكون لها خصوصية ضمن الجيش السوري الجديد، تنضم له على شكل كتلة، وليس كأفراد كما تصبو إليه دمشق.

وعلى الضفة الأخرى، تدعو وزارة الدفاع السورية للانضمام على شكل أفراد، وهنا يكمن التناقض في المضمون، لكن الباحث توقع أن تصل الأطراف لحل توافقي قد ينتهي باندماج جزء من “قسد” بالجيش السوري على شكل مجموعة، وليس “قسد” ككل.

ورجح أن تُشكّل فرق عسكرية تقوم على تعداد معين من “قسد”، وتتفاوض مع دمشق على أن تضم هذه الفرق ككتلة، كما تناقش أماكن تمركز هذه الفرق، وسلسلة القيادة فيها، بهدف الوصول إلى حل توافقي.

وسبق أن رفض وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، خلال حوار مع صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، التعليق على تفاصيل المفاوضات مع “قسد”، لكنه أبدى اعتقاده أن القضية ستحل دبلوماسيًا، وفق قوله، لكن الحكومة رفضت عرض “قسد” الاندماج في وزارة الدفاع ككتلة موحدة.

وقال أبو قصرة، إن هدف رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا هو ضمان خضوع المنطقة لسلطة دمشق وسيطرة الحكومة على السجون في المنطقة، وأضاف، “الحل العسكري سيؤدي إلى إراقة الدماء على الجانبين. وبحسب تقديرنا فإن الحل سيكون سلميًا. نحن لا نميل إلى الحل العسكري”.

وفي الأسابيع التي أعقبت سقوط الأسد، قال مسؤولون أمريكيون إنهم يتوقعون مستوى معينًا من التكامل بين “قسد” والحكومة الجديدة، بما في ذلك القوات الأمنية والعسكرية، لكن “قسد” لن ينتهي بها المطاف على الأرجح إلى الحصول على منطقة شبه مستقلة، وقد استبعدت دمشق أي نوع من الحكم الذاتي للمنطقة، وفق ما عقلت به صحيفة “واشنطن بوست” خلال الحوار الذي نشرته مع وزير الدفاع السوري.

وقال أبو قصرة للصحيفة، إن نحو 100 فصيل مسلح في سوريا وافقوا على الانضمام لوزارة الدفاع، وأضاف أن هناك عددًا من الفصائل الرافضة، بما في ذلك أحمد العودة، وهو زعيم فصيل معارض في الجنوب قاوم محاولات وضع وحدته تحت سيطرة الدولة.

وأضاف أبو قصرة أن المجموعات التي ستنضم لقيادة وزارة الدفاع لن يسمح لها بالبقاء في وحداتها الحالية، وستحل جميعها في نهاية المطاف.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة