انتهاء “رحلة الرعب” على طريق الحسكة- دمشق

  • 2025/02/23
  • 11:44 ص
ارتاح مسافرون على طريق الحسكة- دمشق بعد سقوط النظام السوري وزوال انتهاكات الحواجز العسكرية - آب 2024 (أرتا)

ارتاح مسافرون على طريق الحسكة- دمشق بعد سقوط النظام السوري وزوال انتهاكات الحواجز العسكرية - آب 2024 (أرتا)

الحسكة – مجد السالم

مع سقوط النظام السوري السابق، وهروب بشار الأسد إلى روسيا، تنفّس المسافرون من الحسكة إلى دمشق الصعداء، وشعروا ببعض الارتياح خاصة الطلاب والمرضى، بعد أن عانوا صعوبات جمة خلال السنوات السابقة.

كانت الرحلة التي تستغرق عادة 8 ساعات، تمتد إلى 24 ساعة أحيانًا بسبب كثرة الحواجز الأمنية والتفتيش المتكرر، ما جعل السفر تجربة مرهقة ومهينة للكثيرين. بعد سقوط النظام، طرأت تحولات جذرية على واقع السفر بين الحسكة والعاصمة.

مصدر خوف وهلع للمسافرين

في ظل سيطرة النظام السابق، انتشرت الحواجز الأمنية بكثافة على طول الطريق بين الحسكة ودمشق، خاصة حواجز تابعة لـ”الفرقة الرابعة” التي كان يقودها ماهر الأسد.

خالد الحسين، طالب من القامشلي في كلية الاقتصاد بدمشق، كان يضطر إلى التوقف مع الركاب عند كل حاجز لساعات، خاصة في ظروف الطقس القاسية، إذ كان التفتيش مرهقًا ومهينًا في كثير من الأحيان، وتعرّض الكثير من المسافرين للسرقة والإذلال من حواجز قوات النظام.

وقال لعنب بلدي، إن هذه الحواجز لم تكن تعوق طريق السفر فقط، بل كانت تشكل مصدر قلق وخوف للمسافرين.

أما مالك الحسين (38 عامًا)، من أبناء القامشلي، فيستذكر في حديثه لعنب بلدي كيف حُرم من مرافقته لابنه المريض الذي أجرى عملية جراحية صعبة لاستئصال ورم من العنق في دمشق، إذ كان يخشى الاعتقال على أحد حواجز النظام.

وقال مالك لعنب بلدي، إن والده الذي يبلغ من العمر نحو 80 عامًا، اضطر للسفر ومرافقة زوجته وولده المريض لمدة نحو 24 ساعة للوصول إلى العاصمة، وتحملوا خلال الطريق العذاب جراء التعامل السيئ من قبل حواجز النظام.

وأضاف مالك نقلًا عن تجربة والده، أن حاجز “الفرقة الرابعة” كان يوقف الحافلة (البولمان) لمدة نحو 3 ساعات للتفتيش، ويطلب العناصر من جميع الركاب إغلاق الستائر والبقاء داخل الحافلة مهما كانت ظروفهم، بينما يتولى العناصر تفتيش الحقائب و”سرقة” ما يحلو لهم منها.

وذكر أن أي مسافر يجرؤ على النظر من نافذة الحافلة، يتم ضربه وشتمه، وكذلك شتم مرافق وسائق “البولمان”.

“دولة الفرقة الرابعة”

موظف في شركة للنقل، قال لعنب بلدي، إن الرحلات سابقًا كانت تستغرق بين 15 و24 ساعة، إذ يقف “البولمان” عند حاجز قوات النظام لمدة أربع ساعات تقريبًا، فلا يوجد سوى مسار واحد تصطف عليه الحافلات والصهاريج والسيارات المدنية.

وكانت توجد أربعة حواجز، حاجز “الفرقة الرابعة” ثم حاجز “الأمن العسكري” ثم حاجز “الأمن السياسي” ثم “أمن الدولة”، وكل هذه الحواجز متباعدة بنحو كيلومتر عن بعضها.

وفق الموظف، كانت طريقة التفتيش وكذلك طريقة “التشليح” تختلف من حاجز لآخر، لافتًا إلى أن “الفرقة الرابعة” كانت تتحقق من جميع البطاقات الشخصية، وتتأكد من أصحابها دون أن ينزل الركاب من “البولمان”، وهذا الحاجز يأخذ نسبة من النقود التي ترسل مع مرافق “البولمان”.

مثلًا، كل مرافق يحمل معه مبلغًا من المال نحو 500 ألف ليرة سورية، وكل حاجز يأخذ 100 ألف ليرة سورية من كل حافلة، وهذه النسبة تتغير من فترة لأخرى، حيث يقوم الحاجز بإبلاغ الشركة أن الأسعار تغيرت، قائلًا “الفرقة الرابعة تتصرف كدولة لوحدها”.

إتاوات و”تشليح”

موظف شركة النقل ذكر أن حاجز “الأمن العسكري” كان على عكس “الفرقة الرابعة”، إذ يقوم بإنزال جميع الركاب وأخذهم لغرفة خاصة وتفتيشهم جميعًا، ويأخذ مبلغ نحو 50 ألف ليرة سورية من الشركة.

بعد ذلك، يأتي دور حاجز “الأمن السياسي” وهو “مختص بتشليح المازوت”، يأخذ 25 ليتر مازوت تكون الشركة قد جهزتها مسبقًا في عبوات خاصة (بيدونات)، وكذلك حاجز “أمن الدولة” يأخذ 25 ليتر مازوت، وأحيانًا يطلب 50 ألف ليرة سورية بدلًا من المازوت.

أضاف الموظف أنه عندما لا يكون هناك مازوت كافٍ في “البيدونات” لتوزيعه على الحواجز، يقوم عناصر الحاجز بسحب وشفط المازوت بخرطوم من خزان الوقود الرئيس لـ”البولمان”، ما يعرض الركاب لخطر التوقف وسط الطرقات.

الموظف أردف أن الضباط المسؤولين عن الحواجز والمعابر كانت تصلهم حصص شهرية من مبالغ تتراوح بين مليونين و3 ملايين ليرة سورية، تسلم لهم من الشركة في دمشق “لتسيير أمور الشركة عند الحواجز”، عدا عن الهدايا التي تطلب بشكل مباشر من الشركة كالمشروبات الروحية والعطور والدخان، والشركات التي كانت لا تدفع كان يجري إعاقة عملها، حيث تنتظر ساعات طويلة على الحواجز “كعقوبة”.

أرباح الشركات زادت.. ارتياح بين المسافرين

في الوقت الحالي، هناك ارتياح بين المسافرين بعد الخلاص من كل هذه الحواجز و”الانتهاكات والتجاوزات التي كانت تحصل”.

وتخلصت الشركات من الإتاوات التي كانت تفرض، وتحسّن العمل وزادت الأرباح، وذلك انعكس على أسعار التذاكر.

وكان سعر التذكرة للراكب الواحد 150 ألف ليرة سورية، وأصبح 137 ألفًا، وكانت تذكرة درجة رجال الأعمال بـ200 ألف ليرة سورية، وأصبحت بـ182 ألف ليرة.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي من عدة مسافرين، فقد أبدوا ارتياحهم من التغييرات الحاصلة، خصوصًا بعد تقليص مدة السفر والتخلص من الإتاوات، فلم يعد هناك أي حاجز يطلب المال سوى حاجز لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في منطقة الطبقة.

هذا الحاجز يأخذ 2000 ليرة سورية عن كل راكب تحت اسم “رسم خروج المعبر”، وحتى مدخل حمص يوجد حاجز واحد يتبع لحكومة دمشق المؤقتة، ويسأل الركاب فيما إذا حصلت أي مشكلات معهم خلال السفر أو إذا أخذت الشركات أجرة أكثر مما هو مقرر.

مقالات متعلقة

  1. غلاء وصعوبة حجز في "كراجات" الحسكة ترهق الأهالي والطلاب
  2. القامشلي- منبج.. طريق سفر واقتصاد جديد
  3. الحسكة.. شركات لنقل الركاب تضرب عن العمل مطالبة برفع التعرفة
  4. الحسكة.. حاجز "حطين" يعرقل تنقل المدنيين بمناطق سيطرة "قسد"

مجتمع

المزيد من مجتمع