جريدة عنب بلدي – العدد 56 – الأحد – 17-3-2013
حاولنا في الأيام الماضية فهم خلفية وأسباب التصريحات التي خرجت على لسان المفتي العام للجمهورية (أحمد حسون) وما تلاها أو سبقها من حيثيات، وكان هذا أهم ما وصلنا إليه من معلومات، بعد تواصلنا مع أصدقاء ذوي صلة ومنهم من أبناء مدينة القرداحة في محافظة اللاذقية..
حيث قرر عدد من الأهالي العلويين في مدينة اللاذقية عدم إرسال أولادهم إلى الخدمة الإلزامية، بسبب حالة القتل الكبيرة التي تحصل في صفوفهم أثناء المعارك مع الجيش الحر. أُخبِرنا عن أعداد تجاوزت المئات من الشباب قد قرر أهلهم ذلك. ولكن النظام حاول تجنيدهم بشكل إجباري، مما أدى إلى حالة توتر وانزعاج كبيرة في صفوف الطائفة، وبالذات بعد أن بات واضحًا أنها هي من تقاتل حاليًا عن النظام في سوريا بشكل أساسي. وكل الدعم المزعوم من إيران وحزب الله بالأشخاص لا يتناسب أبدًا مع الحجم البشري الذي تضعه الطائفة العلوية لخدمة المعركة التي يقودها بشار الأسد لحماية ملكه ولحماية الأقلية العلوية كما يدّعي. لذلك لم يجد النظام مخرجًا من حالته هذه إلا بتلك الخطوة التي أعلنها مفتي جمهوريته وهي النفير العام، في رسالة إلى الطائفة مفادها أنكم لن تكونوا أنتم الوحيدين الخاسرين في المعركة، بل سوف نجنّد في صفوف الجيش من كل الطوائف وأكبرها السنية.
ولكن لا يخفى على عاقل أن تنفيذ هذا الأمر يعد ضربًا من المستحيل، حيث أن نسبة كبيرة من المدن والمحافظات السورية لم تعد تحت سيطرة النظام، وإعلان النفير العام لا يمكن تطبيقه سوى على المدن التي تحت سيطرته، لأن آلية التبليغ عن الالتحاق بالخدمة لا تتم باستدعاء الشبان من الطرقات أو باعتقالهم من على الحواجز، بل بإرسال أوراق استدعاء إلى أماكن سكنهم، وهذا مالا يمكن تطبيقه حتى في دمشق حاليًا، فغالب أهلها قد هجروها، ومن يسكنها الآن هم من كافة المحافظات السورية وبالذات الريف الدمشقي المنكوب، وبالتالي لا قيود ولا سجلات مدينة ولا تفاصيل أخرى متوفرة.
جل ما في هذا التصريح (إعلان النفير العام) هو محاولة احتواء للتوتر الذي بدأ يظهر في الأوساط العلوية نتيجة فقدان شبابهم اليومي والكبير في معركة باتوا يتحسسون خسارتها ونتائجها الكارثية عليهم وعلى مستقبلهم. وإنّ أكثر ما يدمي قلوبنا نحن السوريون، أنه لا بصيص أمل يلوح في الأفق يقول أن الطائفة العلوية ممثلةً في عقلائها ومشايخها وكبار رجالها قد تعود إلى رشدها وتتخلى عن تخندقها في صف بشار الأسد ورجال مخابراته وشبيحته، بل كل أملهم أن يأتيهم دعم بالرجال من باقي مكونات الشعب السوري وإيران وحزب الله، حتى لا يبقوا هم الخاسر الأكبر في المعركة وحتى لا يفنوا عن بكرة أبيهم. وهذا ما عبر عنه النائب اللبناني وئام وهاب بعد قوله في محاولة لطمأنة العلويين أنفسهم أنّ «خمسمائة ألف مقاتل قادمون من إيران لمؤازرة نظام الأسد في حربه المقدسة ضد العصابات الإرهابية.»