ما آثار دخول سوريا ضمن منظومة “النقد الدولي”

  • 2025/02/19
  • 10:30 ص
مبنى البنك المركزي في دمشق - شباط 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

مبنى البنك المركزي في دمشق - شباط 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

يثير إعلان المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، بدء التواصل بين موظفي الصندوق وحكومة دمشق المؤقتة التساؤلات حول الآثار المترتبة على الدخول في هذه المنظمة الاقتصادية والشروط التي تفرضها مقابل ذلك.

وقالت غورغييفا لقناة “الشرق“، في 16 من شباط الحالي، إن التواصل مع حكومة دمشق هو لسد فجوة البيانات التي ظلت تتسع خلال تلك السنوات الطويلة، وتفهم حاجة المؤسسات الرئيسة، كالبنك المركزي.

وعزت التواصل للحصول إلى دعم يمكّن السلطات الحالية في دمشق من بناء قدرات مؤسسات سوريا، حتى تؤدي مهامها بـ”كفاءة” بما يفيد الاقتصاد والشعب.

وعلقت مسار المحادثات مع سلطات دمشق المؤقتة برد الأخيرة، قائلة، “هم من يقررون شكل التواصل وسرعته”.

ولفتت غورغييفا إلى أن التواصل بين صندوق النقد الدولي ودمشق عاد بعد انقطاع منذ عام 2009.

التصريحات جاءت خلال فعاليات مؤتمر “العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة” المقام في مدينة العلا بالمملكة العربية السعودية.

بدوره، شارك وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في المؤتمر، وناقش خارطة طريق للرؤية الاقتصادية في سوريا وإعادة دمج البنك المركزي السوري في النظام الدولي، وتمثيل سوريا في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

كما تناول المؤتمر أيضًا استكشاف المساعدة الفنية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

الشيباني يناقش خططًا اقتصادية في السعودية

ماذا يقدم الصندوق؟

الخبير والأكاديمي الاقتصادي الدكتور فراس شعبو، يرى أن الاستعانة بالمؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أمر طبيعي.

وقال شعبو لعنب بلدي، إن هذه منظمات دولية ولديها مساعدات، و لها جانب إيجابي وآخر سلبي.

وربط شعبو مدى الاستفادة من هذه المنظمات باستطاعة السلطة التوفيق بين الجانبين، ووضع سياسات تخفف من الآثار السلبية ويمكن الاعتماد عليها.

أوضح الخبير أن صندوق النقد الدولي يمكن أن يضخ سيولة مباشرة في الأسواق ويمنح قروضًا ميسرة بفوائد منخفضة أو فترات سماح طويلة لتمويل مشاريع إعادة الإعمار.

ويرى شعبو أن هذه الإجراءات تساعد في تحريك عجلة الاقتصاد وخلق وظائف جديدة، وتسهم في إصلاحات اقتصادية بنوية مثل تحسين السياسات الضريبية ومكافحة الفساد والمساهمة في تحرير الاقتصاد ما يخلق نظامًا اقتصاديًا مستدامًا.

كما يساهم في دعم الليرة وتحسين سعر الصرف من خلال تقديم بعض حزم المساعدات كودائع بالعملات الأجنبية في المصرف المركزي، وفق شعبو.

ما السلبيات؟

تنسحب السلبيات على فرض شروط صارمة تؤدي إلى تقليص الدعم الحكومي أو تلغيه وتحرر أسعار الصرف وترفع الضرائب، ما يؤدي إلى الضرر وزيادة الهوة بين طبقات المجتمع.

أيضًا يؤدي إلى فرض ديون على الدولة، والتدخل في سياسات الدولة وتوجيهها لمصلحة شركات معينة، كما أفاد شعبو.

ويعتقد شعبو أن المشكلة تكمن في إيجاد بعض السياسات التي تحمي الطبقات الفقيرة والأكثر ضعفًا، وإبعاد سياسات الدولة عن الاقتصاد التابع، سواء لصندوق النقد أو لأي جهة أخرى.

ووفق تقديرات منظمات أممية وحقوقية، يعيش أكثر من 90% من الأسر السورية تحت خط الفقر، بينما يعاني ما لا يقل عن 13 مليون شخص (أكثر من نصف السكان) من عدم القدرة على الوصول إلى غذاء كافٍ أو تحمل تكلفته.

كما يحتاج 16.5 مليون شخص إلى  المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

العقوبات تعطل الخدمات الأساسية في سوريا

ما المقابل؟

أشار الخبير الاقتصادي إلى أن صندوق النقد الدولي يدعو الحكومات إلى اتباع سياسات اقتصادية معينة، تشمل رفع الدعم الحكومي عن المواد الأساسية وخصخصة القطاع العام، وهذا ما تسير عليه السياسات المتبعة من السلطة الحالية، وفق شعبو.

وأضاف أنه يمكن للحكومة السورية أن تستفيد من هذا الدعم ولكن بشروط، وبالتفاوض بين الطرفين يمكن رفض الشروط القاسية، والموافقة على التي يمكن تطبيقها وبذلك يكون أثرها  السلبي قليلًا على الشعب.

كما يمكن البحث عن مصادر تمويل بديلة، وجذب رجال الأعمال السوريين في الخارج والتعاون مع الدول الصديقة والدفع باتجاه إعادة بناء الموارد السورية وإجراء إصلاحات اقتصادية داخلية.

شعبو يعتقد أن دخول سوريا بمنظومة صندوق النقد الدولي قد يكون جزءًا من حل المشكلات الاقتصادية ولكن ليس هو الحل الوحيد.

ويرى أنه يجب الاستعانة به لكن بشروط ومفاوضات تضمن مصالح الدولة السورية، دون فقدان السياسة الاقتصادية.

ويبقى الخيار الأول هو أن تلجأ السلطات في سوريا إلى الموارد المحلية والإقليمية أو المساعدات، بعيدًا عن القروض، لأن “سوريا الجديدة” تحتاج إلى بناء سياسات اقتصادية ذكية لا ديون جديدة، وفق الخبير شعبو.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية