مشبرومو مسلسل "حبق" للموسم الرمضاني 2025
الدراما السورية تترقب نصيبها من الانفتاح السياسي
من المتوقع أن يؤثر هذا الانفتاح السياسي في المشهد السوري بعد سقوط النظام على مناح كثيرة، أهمها الحركة الفنية، وخاصة الدراما، كونها تعتبر اقتصادًا قائمًا بحد ذاته، ويمكن إسقاط التجربة عربيًا على الدراما المصرية.
لاقت الدراما السورية منذ بدايتها انتشارًا عربيًا واسعًا، وخاصة في بلاد الشام والخليج العربي والمغرب العربي، إذ تعد الخصم الأشد لنظيرتها المصرية.
وبعد أحداث الثورة السورية، تأثرت الدراما بشكل كبير، وعلى وجه الخصوص، الحد من انتشارها على القنوات العربية، الأمر الذي أسهم بتراجعها، بالتوازي مع عدة عوامل داخلية.
داخليًا.. سلاح ذو حدين
الأوساط الفنية السورية تتأمل استغلال صنّاع الدراما للتطورات الحاصلة، وعودة العلاقات السورية العربية، بطريقة تعيد ألقها وتميزها لإعادة مكانتها داخليًا وخارجيًا.
الصحفي والكاتب السوري وسام كنعان يعتقد أن الانفتاح السياسي الداخلي سيتيح بتعددية الأحزاب، وانفتاح الإعلام وارتفاع سقف الرقابة، وهذا مكسب مهم جدًا وتاريخي للدراما السورية، ولكلّ مبدع وصانع.
واعتبر ذلك سلاحًا ذا حدين، لأنه ربما يحقق تناول المواضيع ومن ثم معاينتها بمباضع نقدية حرة للحد الأقصى، ومن وجهات نظر مختلفة وزوايا متباينة بالملمح الإيجابي.
أما عن الجانب السلبي فيتمثل بتوجه الحالة الإبداعية عمومًا، والدراما على وجه الخصوص، إلى المواضيع التي حرمت من أن تطرح، ولو ومضات منها خلال سنوات طويلة، بمباشرة وفجاجة شديدتين، كنوع من ردّ الفعل على عقود طويلة من كمّ الأفواه والفساد.
وهنا ربما تفقد الدراما بعضًا من أهم مكوّنات توهّجها في: الترميز، والإسقاط، والتأويل، وتضمين المواضيع الكبيرة بطريقة دلالية تترك للمتلقي فرصة توقفها وتصيدها، وتعمل على تنشيط طريقة الجمهور يتلقّفها من خلال محاولته الربط والإسقاط وما إلى هنالك، حسب ما فسره كنعان.
ومن جهة أخرى، فإن “التوثيق جزء من مهمة الدراما، يحمله بعض صناع الدراما على أكتافهم، ولكن وظيفة الدراما في الأساس هي المتعة والتسلية والفرجة، ومن ثم الفائدة على سوية واحدة”، بحسب كنعان.
أما منحى الانفتاح السياسي الخارجي، فسيؤثر عليها بالمنطق الإيجابي، لأن هناك مقاطعة من سلسلة محطات كبرى كانت تنأى بنفسها عن عرض وشراء هذه الدراما، بذريعة النظام السابق، وبالتالي ستنفتح وهذا يدعم ناحية التسويق والانتشار.
شركات الإنتاج العربية والفنية
الناقد الفني عامر عامر يرى، في حديث إلى عنب بلدي، أن الحديث عن تأثير الانفتاح السياسي على الدراما، يقودنا إلى المرحلة التي سبقت الحرب في سوريا، والتي كانت فيها العلاقات السورية مع بقية الدول العربية طبيعية ومن دون انقطاع في التعاملات عامة.
وانعكس ذلك على الدراما، فكانت خلال تلك الفترة تنمو نموًا طبيعيًا، من حيث توافر أدوات الإنتاج وسوق الإنتاج، لكن بالنظر اليوم إلى الفارق الزمني وما قبل العام 2011، ومقارنته، يمكن القول إن الانفتاح السياسي له تأثيراتٍ عميقة على الدراما السورية من عدة جوانب.
أهم هذه الجوانب، التشجيع على الإنتاج بنفسٍ مختلف عن السابق، فمع رحيل نظام الأسد، باتت هناك مادة جديدة متوافرة لم يكن يُسمح بالتطرق لها، فالقوانين الرقابية الصارمة كانت مسيطرة.
أما اليوم فيبدو أن تنوع المادة القابلة للإنتاج وحرية الطرح، ستشجع رأس المال العربي لإنتاج قصص جديدة لم تكن الدراما السورية قد ألقت الضوء عليها قبلًا، وفقًا لعامر.
ويُشرع الانفتاح السياسي الباب أمام شركات الإنتاج العربية والأجنبية للاستثمار والتصوير في مناطق كثيرة من سوريا، تبعًا لعامر، مرجحًا ذلك لعدة مغريات، منها الانقطاع عن هذه اللوكيشنات لسنوات، ومنها الكلفة والتقديرات المالية، وهذا سيصب في خانة الإنتاج وزيادة الميزانيات.
وتطرق عامر إلى مسألة عودة الفنانين السوريين المهاجرين من ممثلين وكتاب ومخرجين، فهؤلاء لهم حسابات كثيرة، ولا بد أن وجودهم سيعيد كفة راجحة لتقديم الدراما السورية نفسها بصورة أكثر إشراقًا مع رؤى مختلفة.
واعتبر أن كل ذلك سيزيد من اتساع رقعة جمهور الدراما السورية، وباقتراب الأعمال من الواقع سيكون لحصة النقد المجتمعي حضوره المهم والفاعل، والذي سيزيد من محبة الناس للدراما من جديد.
وبعودة سريعة للدراما السورية خلال السنوات الـ14 الأخيرة، يلحظ أن القنوات العربية كانت تتجه لشراء مسلسلات البيئة الشامية دونًا عن غيرها.
ويعود ذلك إلى حساسية العلاقات السورية العربية، ولما تضمنته بعض المسلسلات الاجتماعية، فكان الخيار للقنوات شراء أعمال البيئة الشامية التي بات إنتاجها يفوق غالبية الأنواع الدرامية الأخرى بغية التوزيع.
العمل بالمنطق التوثيقي
وتبقى جزئية استغلال الدراما السورية والقائمين عليها الانفتاح السياسي، محط الأنظار والترقب، ريثما تتبين أولويات الدراما اليوم ومتطلباتها، وتوضيح معطيات الاستفادة سواء في الإنتاج أو في التوزيع.
وفي هذا السياق، أشار الصحفي والكاتب وسام كنعان، إلى أنه إذا أراد صناع الدراما الاستفادة من الأحداث السياسة فعليهم العمل حاليًا بالمنطق التوثيقي، من خلال المواد الصحفية والسينما الوثائقية والتقارير والتحقيقات الاستقصائية.
وبرر ذلك بالعمل على توثيق الانتهاكات التي كانت تجري وحالة كل السجون التي فتحت أبوابها، ولتقفي وتقصي اللحظات الأخيرة (قبيل سقوط النظام) التي تنضوي على الكثير من الدراما بشكل دقيق ومن عدة زوايا.
وبالتالي تصبح كبنية أساسية ليطلع عليها صناع الدراما، ويستقون منها أفكارًا وبنية لمسلسلاتهم، بعد إعادة تدوير هذه الوثائق على شكل فرضيات مصنعة حكائيًا، وصوغها بطريقة جذابة تحتوي على كل عناصر الدراما من تصعيد حكائي وجاذبية وحالة تشويقية وقيم فنية، علّها تصبح مادة غنية مشوقة للجمهور الذي يريد متابعة المسلسلات ليستمتع، تبعًا لكنعان.
أعمال تعكس التحولات السياسية والاجتماعية
أما الناقد عامر عامر، اعتبر أن القائمين على الدراما لا بد أن يشركوا هذه الصناعة بالحدث، من خلال أعمال تعكس التحولات السياسية والاجتماعية، إذ يحتمل الحدث قصص الواقع والنبش فيها والإضاءة عليها.
واقترح تقديم الأعمال الجريئة لتزيد من قوة الدراما التي تُعد مرآة للواقع السوري، حيث كانت من أكثر الجوانب المؤثرة في الجمهور المحلّي والعربي معًا.
والاستثمار هنا برأيه، من خلال الانفتاح على السوق العربية بتشريع أبواب الإنتاج المحلية والعربية، ومنح التسهيلات لتصوير وإنتاج ما يمكن إنتاجه، وإعادة استقطاب النجوم، والعمل على خلق سوق محلية خطوة خطوة، من خلال وجود شركات إنتاج بمعايير ومواصفات تليق بإنتاج أعمال ضخمة، وبدورها، تنافس العمل العربي أولًا ولاحقًا العمل الدرامي الأجنبي، حيث تعالج بطريق إنسانية تدركها مختلف الثقافات.
وإلى جانب الانفتاح على السوق العربية، يجب العمل أيضًا على منح التراخيص للتلفزيونات المحلية والبث الفضائي لعرض الأعمال المحلية، ليكون لدينا مكان لتصريف الأعمال الدرامية السورية من دون الاتكال على السوق الخارجية فقط، بحسب عامر.
واستحضر التعاون مع منصات البث الرقمي مثل “نتفليكس” و”شاهد” وغيرهما.
سينعكس بشكل إيجابي
يحتمل توجه شركات الإنتاج العربية الضخمة لافتتاح مراكز ومقرات لها في سوريا، وأيضًا يرتقب بدء الاستثمار الخارجية في القطاع الفني بسوريا.
وسبق أن شاعت معلومات عن عودة “mbc” السعودية لافتتاح مكتب لها في سوريا، صيف 2024، وهو ما نفته المجموعة آنذاك.
ويعد الاستثمار الخارجي بمثابة “بوابة اقتصادية”، تولد الكثير من فرص العمل بمختلف مجالاته.
وحول دخول الشركات الأجنبية وانعكاس الاستثمار الفني، قال الصحفي وسام كنعان إن ذلك واقع، وقد بدأ بالحدوث فعلًا، كشركة “كلاكيت” التي كانت أغلبية أعمالها تصور خارج سوريا، فالآن دخلت دمشق وأعادت تنشيط مكاتبها، وصورت جزءًا من مسلسلها “تحت الأرض” من كتابة شادي دويعر وسلطان العودة وإخراج مضر إبراهيم، وتعد بأنها ستنتج عدة أعمال من داخل سوريا، مشيرًا إلى دخول وسائل إعلام عربية (لو أنها تقدم تغطيات خبرية إلى الآن) إلى سوريا بعد سنوات من منعها.
ويرى أن الاستثمار الخارجي بالقطاع الفني بسوريا، ينعكس بشكل إيجابي بتوافر فرص عمل مناسبة للخبرات، وإعداد كوادر من خلال إقامة ورشات تدريبية وتأهيل كوادر شابة ونشر منظومة عمل وتقاليد مهنية كانت غائبة عن البلاد تماماً.
وبالتالي، سيكون الانعكاس على الحالة الإعلامية بالدرجة الأولى، أما صناعة الدراما، فربما يكون طفيفًا في هذه المرحلة، بحسب كنعان، وفسر ذلك بأن القضية تحتاج وقتًا، لا بد من خلاله أن تحقق الإدارة الجديدة الأمن والأمان.
ومن وجهة نظره، هذا يشجع شركات الإنتاج الخارجية والمحطات الكبرى على افتتاح مكاتب لها ضمن سوريا، وإنتاج مسلسلات وبالتالي تنشيط حركة الدراما السورية بشكل كبير وملحوظ، خلال السنوات المقبلة.
التوازن بين المحلي والخارجي
أما الناقد عامر عامر، يعتقد أن التوازن في الأمور هو الحل السليم للحفاظ على الدراما السورية، فلا يكون الاعتماد الأكبر على شركات الإنتاج العربية والدولية فقط، بل يجب أن يكون هناك توازن بين المحلي والخارجي، ومنح الامتياز للعمل المحلي أكثر من غيره ودعمه، والانتباه لفكرة العرض الداخلي من دون الاتكال على العرض في الشبكات والتلفزيونات العربية فقط.
واعتبرها خطوة ستحسن من جودة الإنتاج وستوفر فرص العمل، وستعيد سوريا إلى خارطة الإنتاج الدرامي العربي، وننشط السياحة الثقافية.
ووفق تصوره، فمستلزمات الاستثمار تكون باستدامة الاستقرار السياسي والأمني، وبمنح الحكومة التسهيلات القانونية، ووضوح التشريعات التي تخدم الملكية الفكرية حماية من القرصنة، وتوافر بنية تحتية فنية وتقنية، وأيضًا التشارك بين القطاعين العام والخاص، والترويج والتسويق.
وشهدت الدراما السورية خلال السنوات الماضية إنتاجًا خارجيًا لبعض أعمالها، حيث عانى الإنتاج الداخلي من معيقات كثيرة اعترضت سير العملية الفنية.
ونتج عن المعيقات هذه، ضعف التمويل والأجور، فاتجه الكثير من الفنانين السوريين للأعمال المشتركة أو المعربة أو العربية، وفضلوها على الأعمال السورية.
إشراك الخبرات والكوادر
وفي حالة عدم الرتابة التي يشهدها قطاع الفن في سوريا، لا بد من وجود جهود فعالة لضبط الحالة ومعرفة جوانب القصور، ومعالجتها بإشراك الجميع.
نقابة الفنانين ووزارة الإعلام تعنيان بالشأن أولًا فعليهما العمل سوية للنهوض بالدراما السورية، وتذليل كافة الصعوبات التي تعاني منها، بالإضافة لإعادة دور الفنان الفعال وحمايته.
وفي غضون ذلك، شرح الصحفي وسام كنعان، أن نقابة الفنانين شبه مجمدة، لأنها جزء من حالة كاملة تحتاج لإعادة تنظيم من جديد، ولن تتم انتخابات نقابة الفنانين حسب القوانين الناظمة حاليًا، لأنها بحاجة إعادة هيكلة حتى تستطيع التصدي لدورها، ودورها له علاقة، ببناء سياج عالٍ، يحمي الفنانين وكل العاملين في هذه الصنعة، ويستقطب المنتجين بطريقة ذكية ليستطيع إدارة أعمالهم ومشاريعهم داخل سوريا ومن ثم الانتقال لمحاولة رفد الدراما ودعمها.
أما وزارة الاعلام ما زالت تراوح في مكان متأخر عما يجب أن تكون عليه، خاصة أنها أمام مسؤوليات جسيمة وكبيرة، بحاجة التعاون مع بعض الكوادر التي كانت موجودة، والانفتاح أكثر على كل الخبرات والعاملين في سوريا، دون اعتبار من كان داخل سوريا مواليًا للنظام السابق، أو يعمل تحت سلطته، وفقًا لكنعان.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك كمًا كبيرًا من الأسماء التي كانت تعمل داخل سوريا ورافضة لسياسة النظام وتعارضه من داخل سوريا، وتستطيع تلك الكوادر أن تكون شريكة حقيقية لإعادة نهوض الدولة بالمطلق، وعلى رأسها وزارة الاعلام لأنها الوزارة الأكثر أولوية بالنسبة لنا هي ووزارة الثقافة.
واقترح كنعان إشراك الخبرات والكوادر، لكي تنهض الوزارة وتسد الفجوة أمام مسؤولياتها الجسيمة في تنظيم عمل الإعلام وتنظيم عمل الدراما، وما هنالك من مسؤوليات مهمة وحساسة للحد الأقصى.
فرصة زمنية نادرة لإثبات مقدرتهما
المهام كثيرة ولا بد من تنظيمها بين وزارة الإعلام ونقابة الفنانين، بحسب الناقد الفني عامر عامر، واعتبرها فرصة زمنية نادرة لإثبات كل من هاتين الجهتين لمقدرتها في تنظيم الأمور بينهما، وتفعيل دور الوزارة.
ويجري ذلك من خلال تخفيف القيود الرقابية والديناميكية في السياسة الإعلامية المتبعة، بدلًا من فرض القيود، وتشجيع الاستثمار في حقل الإنتاج الدرامي، وتقديم الحوافز الضريبية للمستثمرين على تنوعهم، ودعم الحداثة في الاستديوهات ومواقع التصوير، وإعادة الترويج للدراما السورية من جديد، وتسويقها في الفضائيات ومنصات البث الرقمية، وتنظيم مهرجانات دولية ومحلية تخص الدراما السورية، وفق تعبيره.
أمّا الدور النقابي برأيه، فهو في عدة اتجاهات، كتأمين فرص العمل لكل الفنانين على اختلاف أعمارهم وتوجهاتهم وليس البعض فقط، وعدم نسيان الرعيل القديم منهم، وتحسين الأجور، والدفاع عن حقوقهم، وإنشاء صناديق الدعم على تنوعها للشباب والصحة والمناسبات الاجتماعية وغيرها.
وأيد عامر فكرة تقديم التسهيلات للأعمال العربية وللفنانين العرب الراغبين في العمل في الدراما السورية، ومكافحة الأعمال الدرامية الضعيفة، والتواصل مع قنوات البث لدعم المسلسل السوري وبثه في أوقات الذروة، وتعزيز التعاون مع الجهات الإنتاجية الخارجية، وجذب الاستثمارات.
يحمل الموسم الرمضاني المقبل بجعبته حوالي 12 مسلسلًا، تتنوع بين الاجتماعية والبيئة الشامية، ومنها مايحمل حكاية تاريخية بقالب فانتازي.
وبدأت بعض القنوات العربية بعرض البرومو الرسمي لبعض هذه الأعمال السورية، كمسلسلي “البطل” و”تحت سابع أرض” على مجموعة “mbc”، ومسلسل “تحت الأرض” على قناة أبو ظبي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :