حراك عمالي يحتج على قرارات التسريح في سوريا

  • 2025/02/24
  • 4:43 م
وقفة احتجاجية لعمال صدرت بحقهم قرارات فصل أو إجازات مأجورة حلب - 15 من كانون الثاني 2025 (عمال التغيير الديمقراطي/ فيس بوك)

وقفة احتجاجية لعمال صدرت بحقهم قرارات فصل أو إجازات مأجورة حلب - 15 من كانون الثاني 2025 (عمال التغيير الديمقراطي/ فيس بوك)

“لا للتسريح التعسفي.. نعم لمحاسبة الفاسدين”، “نحن عمال دولة ولسنا عمال نظام”، “حكومة تصريف أعمال وليس تسريح عمال”.

بعض من الشعارات، رفعها محتجون في عدد من الساحات السورية، في محاولة لإيصال مطالبهم إلى أصحاب القرار، بعد صدور قرارات فصل بحق البعض منهم، وإجازات مأجورة للبعض الآخر.

وأصدرت حكومة دمشق المؤقتة، عددًا من قرارات الفصل بحق بعض الموظفين، بينما منح آخرون إجازات مدتها ثلاثة أشهر مدفوعة الأجر، ضمن إجراءات إعادة هيكلة القطاع العام في سوريا.

وقفات احتجاجية

رابطة عمال التغيير الديمقراطي” أعلنت عن تشكيل تنسيقيات عمالية ديمقراطية سلمية مستقلة (غير مسيسة) تشمل جميع المحافظات، تحت شعار “توحدت الأضرار فتوحدت المطالب، معًا لتوحيد الساحات”.

وتهدف الرابطة، لتوحيد الاحتجاجات والاعتصامات بحشد واحد ومكان وزمان واحد، في جميع المحافظات، بحسب بيان تشكيل التنسيقيات العمالية الموحدة، حصلت عنب بلدي على نسخة منه.

ونظم موظفون عددًا من الوقفات الاحتجاجية، وذلك في القطاعين الصحي والتربوي والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ووزارتي الصناعة والتجارة الداخلية والمصرف العقاري، وغيرهم ممن طالتهم قرارات الفصل والإجازة، سواء في دمشق أو بقية المحافظات.

وفي 15 من شباط الحالي، نظمت رابطة العمال أولى الوقفات الاحتجاجية أمام مباني النقابات العمالية، في كل من محافظات دمشق والسويداء وحلب واللاذقية وطرطوس.

وتعذر انضمام تنسيقية حمص إلى الاحتجاجات نتيجة الوضع الأمني المتوتر في المحافظة، بحسب ما قاله المنسق في الرابطة هاشم يعقوبي، لعنب بلدي.

وأعلنت الرابطة في بيانها التأسيسي، أن الاعتصامات ستكون بشكل أسبوعي، كل يوم سبت من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، حتى تحقيق تأثير يضمن حقوق الموظفين المشروعة.

وأوضح يعقوبي أن عدد الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية الأولى، كان قليلًا مقارنة مع عدد الموظفين الذين تعرضوا لظلم القرارات الحكومية، وخسروا مصدر رزقهم الأساسي رغم انخفاض قيمته.

ويعود سبب قلة عدد المشاركين، بحسب يعقوبي، إلى ارتفاع إيجارات النقل للوصول إلى مكان الوقفة، فالكثير من الموظفين يسكنون في أرياف المحافظة.

واتسمت الوقفات الاحتجاجية في مختلف المحافظات السورية بالسلمية، وإعطاء المحتجين الحرية الكاملة للتعبير عن مطالبهم، دون التعرض لأي نوع من المضايقات، بحسب ما نقله موظفون شاركوا في الاحتجاج لعنب بلدي.

نقابة العمال تحتضن المحتجين

وجه الاتحاد العام لنقابات العمال، جميع الاتحادات في المحافظات لاستقبال المحتجين والتفاوض معهم، وتبني مطالب عمال سوريا، ووضعهم في صورة المفاوضات التي تجري بين الاتحاد وبين المعنيين في حكومة دمشق المؤقتة، لمعالجة القرارات التي صدرت بحق موظفي القطاع العام في سوريا، حسبما وضح أمين شؤون العمل في الاتحاد العام لنقابة العمال، بشار خريسين، لعنب بلدي.

وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، تسجيلات مصورة، تبين حضور كل من رئيس اتحاد عمال دمشق، عدنان الطوطو، ورئيس اتحاد عمال اللاذقية، فادي كنجو، وبعض أعضاء مكاتب الاتحادين، بين جموع المحتجين في محاولة لتوضيح بعض الإجراءات القانونية التي يمكن أن تؤخذ بحق العمال ممن صدر بحقهم قرارات شفهية أو عبر قنوات التواصل الاجتماعي، والتي لا يمكن اعتمادها في القضاء.

قانون وتوثيق

لا يوجد حتى الآن إحصائية كاملة بعدد من صدرت بحقهم القرارات، وتقوم نقابات العمال بتوثيق جميع الحالات التي يجري بموجبها تبليغ العاملين بقرار فصلهم، أو منحهم إجازة مدفوعة الأجر، والأسباب التي بنيت عليها هذه القرارات، وخاصة الشفهية منها، فهي الأكثر حساسية، بحسب وصف أمين شؤون العمل في الاتحاد العام لنقابة العمال بشار خريسين، خوفًا من اعتبار العامل (بحكم المستقيل) بعد غيابه لمدة 15 يومًا متواصلًا دون مبرر قانوني.

وأضاف خريسين، في حديث لعنب بلدي، أن عمليات التوثيق، ستمكن النقابات من تأدية دورها في الدفاع عن حقوق العمال، إن صدرت قرارات مجحفة بحقهم في المستقبل، ولن يتوقف نضال نقابات العمال حتى تحقيق جميع المطالب العمالية.

وينص البند “3” من الفقرة “أ” في المادة “135” من القانون الأساسي للعاملين في سوريا “رقم 50” لعام 2004، أنه يعتبر بحكم المستقيل عند عدم وجود اسباب مبررة تقبلها الجهة العامة، العامل الذى يترك وظيفته بدون إجازة قانونية ولا يستأنف عمله خلال 15 يومًا من تاريخ تركه الوظيفة، أو الذى يتغيب أكثر من 30 يومًا بصورة متقطعة خلال السنة الواحدة.

وقال المحامي عدي شوا، في تصريح سابق لعنب بلدي، إنه يحق للموظف الذي فصل، رفع دعوى إلى القضاء الإداري على الجهة التي فصلته، فإما أن يكون قرار الفصل لأسباب موجبة أو قرارًا تعسفيًا يمكن الموظف من العودة إلى عمله، وحصوله على كامل الاستحقاقات عن الفترة التي توقف فيها.

مذكرات إلى الحكومة

حصلت عنب بلدي، على نسخة من مذكرتين موجهتين إلى رئيس مجلس الوزراء، من قبل الاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا.

المذكرة الأولى رفعت، في 29 من كانون الثاني الماضي، وتبين المخاطر الاجتماعية الخطيرة الناجمة عن قرارات إعادة هيكلة القطاع العام، والتي تؤدي إلى ارتفاع معدل الجريمة في سوريا.

ومن منطلق إشراك جميع القوى والفعاليات في بناء الدولة التي يطمح إليها الجميع، وحفاظًا على القوى العاملة في مرحلة إعادة الأعمار وتسريع، تضمنت المذكرة بعض الاقتراحات للمساعدة في تسريع حركة الاستثمارات المقبلة، ومعالجة قرارات الفصل والإجازات.

أما المذكرة الثانية رفعت، في 9 من شباط الحالي، بهدف الوقوف على أوضاع العمال، والتراجع عن قرارات الحكومة الأخيرة بحق الموظفين، وضرورة إعادتهم إلى العمل، وإعادة الهيكلة في وقت لاحق بما يتوافق مع المرحلة المستقبلية، وفق أسس موضوعية للحفاظ على القطاع العام، وإشراك التنظيم النقابي في تقييم العمال.

مذكرة رفعها اتحاد نقابات العمال في سوريا إلى رئاسة مجلس الوزراء -29 كانون الثاني 2025

مذكرة رفعها اتحاد نقابات العمال في سوريا إلى رئاسة مجلس الوزراء – 9 شباط 2025

وحاولت عنب بلدي التواصل مع المعنيين في حكومة دمشق المؤقتة، لمعرفة الآلية التي يتم من خلالها إصدار القرارات بحق الموظفين، لكن لم تتمكن من الحصول على رد.

بينما أصدرت وزارة الصناعة في حكومة دمشق المؤقتة “القرار 280“، في 18 من شباط الحالي، الذي يقضي بإعادة العمال وتجديد العقود وطي قرارات الإجازات القسرية، في خمس معامل للنسيج، وتشكل لجنة لدراسة إعادة هذه المعامل للعمل والإنتاج.

ماذا يقول الخبراء

يخلو القانون الأساسي للعاملين في سوريا “رقم 50” لعام 2004، من نص يخول السلطة الإدارية منح العاملين لديها إجازة إجبارية بأجر لمدة زمنية معينة، أو فصلهم دون مبرر، وبالتالي فإن هذا الإجراء بالنسبة للعاملين المثبتين غير قانوني، بحسب ما قاله الخبير الاقتصادي الدكتور أيهم أسد، لعنب بلدي.

“ماذا بعد انتهاء مدة الإجازة الإجبارية المأجورة، هل سيتم إعادة تدوير العمالة في قطاعات أخرى أكثر احتياجًا، أم سيتم منحهم إجازة مأجورة جديدة لمدة زمنية جديدة؟”، تساءل الدكتور أيهم أسد، واصفًا الحالة السائدة بالغموض وعدم الشفافية في إدارة ملف موظفي القطاع العام من قبل الحكومة.

ويرى أسد، أنه من الأجدى معالجة ملف موظفي القطاع العام بشكل أكثر هدوء واحترافية وروية من خلال ربطه بملف إعادة الإصلاح الإداري الشامل للإدارة العامة، خاصة أن الجميع مدرك لوجود عمالة فائضة في بعض المؤسسات العامة، تراكمت بفعل عمليات فساد ومحسوبيات، لكن عمليات استبعاد الموظفين القسرية قد طالت الكثير من الكفاءات النظيفة في القطاع العام.

نحو الخصخصة

السياسات التي تتبعها حكومة دمشق المؤقتة، واستمرار تقليص أعداد موظفي القطاع العام الاقتصادي والإداري، بالتزامن مع ضيق القطاع الخاص في سوريا، وإعلان التوجه إلى اقتصاد السوق الحر، قد يسبب ازديادًا في معدلات البطالة، واتساعًا أكبر في القطاع غير المنظم، وانتشارًا للأعمال الهامشية، بحسب ما بين الخبير الاقتصادي الدكتور أيهم أسد.

ويوجد قصور تاريخي في منظومة الحماية الاجتماعية السورية، وغياب نظم دعم البطالة، ونظم دعم الفئات المهمشة الناتجة عن عمليات التحول والانتقال الاقتصادي، الأمر الذي يرى أسد أنه قد يعقد الحالة الاقتصادية والاجتماعية لفئة الموظفين المسرحين والمهددين بالتسريح.

وقال مساعد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية، عبد الله الدردري، إن مستقبل سوريا يعتمد على نهج قوي للتعافي التنموي.

وأشار إلى أن تحقيق ذلك، يتطلب استراتيجية شاملة تعالج إصلاح الحكم، والاستقرار الاقتصادي، وتنشيط القطاع، وإعادة بناء البنية الأساسية، وتعزيز الخدمات الاجتماعية.

وأضاف، “من خلال تنفيذ هذه الإصلاحات المترابطة، يمكننا مساعدة سوريا على استعادة السيطرة على مستقبلها، والحد من الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتمهيد الطريق لمستقبل مرن ومزدهر للجميع في سوريا”.

مقالات متعلقة

  1. عمال وعاملات في مرمى إجراءات تعسفية
  2. تركيا تمدد تطبيق قانون يمنع تسريح العمال
  3. سوريا.. القانون "الموحد" للنقابات يفقدها الاستقلالية ويخالف الدستور
  4. الرئيس التركي يمدد حظر فصل الموظفين شهرين إضافيين

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية