نادر لكنه يستوجب التشخيص والعلاج.. اضطراب المزاج الدوري
د. أكرم خولاني
يعاني بعض الأشخاص من تقلبات عاطفية غير مبررة تحدث بشكل متكرر، تسمى “اضطراب المزاج الدوري”، ورغم أن هذه التقلبات العاطفية قد تكون غير شديدة لدرجة الاضطرابات ثنائية القطب، فإنها يمكن أن تتسبب بحدوث مشكلات مع المحيطين، وقد تؤدي إلى إساءة استخدام المواد المخدرة، وربما أدت للإقدام على الانتحار، ولذلك لا بد من تشخيص مثل هذه الحالات وعلاجها بالشكل المناسب.
ما المقصود باضطراب المزاج الدوري
اضطراب المزاج الدوري، ويُعرف أيضًا بـ”اضطراب دوروية المزاج”، هو عبارة عن اضطراب في المزاج يسبب تقلبات عاطفية خفيفة، فتأتي فترة يرتفع فيها المزاج ويشعر الشخص بأنه في قمة السعادة، ثم تليها فترة يهبط فيها المزاج فيشعر بالحزن والاكتئاب، وبين فترات التقلب قد يشعر بالاستقرار وأنه في حالة صحية جيدة.
عادة ما يظهر اضطراب دوروية المزاج خلال فترة المراهقة أو في سن الشباب، وهو يصيب الذكور والإناث بنفس العدد تقريبًا، ويُعتقد أنه حالة نادرة نسبيًا.
ما الأسباب
ليس معروفًا على وجه التحديد سبب الإصابة باضطراب المزاج الدوري، إلا أنه قد ينجم عن مزيج من العوامل الوراثية والتغيرات البيولوجية العصبية للمخ والمشكلات البيئية، كالصدمات النفسية والتعرض للتوتر لفترات طويلة.
ما الأعراض
تشمل أعراض اضطراب المزاج الدوري حدوث تناوب بين التقلبات المزاجية ارتفاعًا وهبوطًا، ففي فترة ارتفاع المزاج، تظهر أعراض الهوس الخفيف، وفي فترة هبوط المزاج تظهر أعراض اكتئابية خفيفة أو متوسطة.
وتشمل أعراض الهوَس الخفيف التي تؤشر لارتفاع المزاج ما يلي:
- شعور مبالغ فيه بالسعادة أو النشوة.
- التفاؤل المفرط.
- التقدير المفرط للذات.
- الحديث أكثر من المعتاد.
- تسارُع الأفكار.
- النشاط البدني المفرط
- تناقص الرغبة في النوم.
- عدم القدرة على التركيز والميل للتشتت.
- زيادة الدافع نحو الارتقاء بالأداء الجنسي أو فيما يتعلق بالعمل.
أما الأعراض الاكتئابية التي تؤشر لانخفاض المزاج فتشمل ما يلي:
- الشعور بالحزن أو اليأس أو الفراغ.
- سرعة البكاء.
- سهولة الاستثارة، وبخاصة لدى الأطفال والمراهقين.
- فقدان الرغبة في الأنشطة التي كانت ممتعة من قبل.
- الشعور بعدم القيمة أو الشعور بالذنب.
- مشكلات في النوم.
- الشعور بالإجهاد وسرعة التعب.
- مشكلات في التركيز.
- التفكير في الموت أو الانتحار.
كيف يتم تشخيص الحالة
عند الشعور بأعراض اضطراب المزاج الدوري ينصح بمراجعة طبيب الأمراض النفسية الذي يأخذ قصة مرضية مفصلة، وقد يجري بعض الفحوص المخبرية لنفي وجود مشكلات عضوية كاضطرابات الغدة الدرقية، وتشمل معايير التشخيص النقاط التالية:
- المرور بدورات عديدة من ارتفاع الحالة المزاجية وانخفاضها لعامين على الأقل (عام واحد بالنسبة للأطفال والمراهقين)، مع حدوث تلك الارتفاعات والانخفاضات لنصف ذلك الوقت على الأقل.
- تستمر فترات المزاج المستقر لأقل من شهرين.
- تؤثر الأعراض على المريض على المستوى الاجتماعي في العمل أو المدرسة أو في مناطق مهمة أخرى.
- الأعراض لا تتفق مع معايير الاضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب أو أي أمراض نفسية أخرى.
- الأعراض ليست ناتجة عن تعاطي المخدرات ولا عن حالة مرضية طبية.
ما سبل العلاج
لا يتحسن اضطراب المزاج الدوري عمومًا من تلقاء نفسه وإنما يحتاج للعلاج، وهو ليس شافيًا، لذلك يجب أن يستمر العلاج مدى الحياة حتى في فترات الاستقرار، ويشمل:
الأدوية
عادة ما توصف الأدوية التي تستخدم في علاج الاضطراب ثنائي القطب للتحكم بالأعراض والوقاية من نوبات الاكتئاب والهوس الخفيف، وتشمل الأدوية المثبتة للمزاج (كالليثيوم والكاربامازبين والديباكين واللاميكتال) ومضادات الذهان (كالزيبركسا ووالريسبردال) ومضادات القلق (كالبنزوديازبينات).
العلاج النفسي
يُشكل العلاج النفسي جزءًا في غاية الأهمية من العلاج، وهناك العديد من أنواع العلاج التي قد تحقق فائدة، ومنها:
- العلاج السلوكي المعرفي، وهو يركز على التعرف إلى المعتقدات والسلوكيات غير الصحية والسلبية لدى المريض التي تحفز ظهور الأعراض واستبدالها بأخرى صحية وإيجابية.
- العلاج الإيقاعي الشخصي الاجتماعي، ويركز هذا النوع من العلاج على تثبيت إيقاعات الأنشطة اليومية، مثل مواعيد النوم والاستيقاظ وتناول الطعام وممارسة الرياضة، فلا شك أن الحفاظ على نظام يومي ثابت يجعل التحكم بالحالة المزاجية أفضل.
معالجة مشكلات سوء استخدام الكحوليات أو المواد المخدرة الأخرى، نظرًا إلى أن هذه المواد تؤدي إلى تفاقم أعراض اضطراب المزاج الدوري.
وكما ذكرنا فإن العلاج ليس شافيًا ولكنه ضروري لتحقيق الأهداف التالية:
- تقليل فرص الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، نظرًا إلى احتمالية تطور اضطراب المزاج الدوري إلى اضطراب ثنائي القطب.
- تقليل تكرار الأعراض وشدتها، ما يسمح بعيش حياة أكثر اتزانًا ومتعة.
- الوقاية من انتكاس الأعراض، وذلك عن طريق استمرار العلاج في أثناء فترات التعافي (العلاج الوقائي).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :