كيف تواجه سوريا أطماع إسرائيل

شاب سوري أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي خلال احتجاج ضد الوجود الإسرائيلي في القنيطرة - 2 كانون الثاني 2025 (NPR)

camera iconشاب سوري أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي خلال احتجاج ضد الوجود الإسرائيلي في القنيطرة - 2 كانون الثاني 2025 (NPR)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – عمر علاء الدين

انتقلت إسرائيل من التوغل داخل الأراضي السورية إلى تثبيت وجودها، وسط تلويح بالبقاء الدائم في هذه المناطق، بدعم أمريكي، بينما لا تزال خطوات السلطات السورية الجديدة خجولة في مواجهة هذا التدخل.

وتعمل إسرائيل على إنشاء قواعد عسكرية في القنيطرة، لكنها انسحبت، في 2 من شباط الحالي، من مبنى المحافظة والقصر العدلي في مدينة السلام (البعث سابقًا)، وفق مراسل عنب بلدي.

استفادت تل أبيب من حالة التوتر الأمني والفوضى السياسية بعد إسقاط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024، لتبقى التساؤلات حاضرة عن التدابير التي يمكن للدولة السورية اتباعها لإبعاد القوات الإسرائيلية، وما الأدوات التي تملكها.

الشرع: كل الضغوط الدولية معنا

إذاعة الجيش الإسرائيلي ذكرت، في 11 من شباط، أن إسرائيل أقامت “بهدوء شديد” منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، مؤكدة أن وجودها في سوريا لم يعد مؤقتًا.

ووفقًا للإذاعة، يعمل الجيش الإسرائيلي على بناء تسعة مواقع عسكرية داخل المنطقة الأمنية، ما يشير إلى نية تل أبيب تعزيز انتشارها العسكري في سوريا على المدى الطويل.

وأوضحت الإذاعة أن الجيش الإسرائيلي يخطط للبقاء في سوريا طيلة عام 2025، مع رفع عدد الألوية العاملة هناك إلى ثلاثة ألوية، مقارنة بكتيبة ونصف فقط قبل 7 من تشرين الأول 2023.

وخلال زيارته إلى الجانب السوري من جبل الشيخ، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 28 من كانون الثاني الماضي، إن قواته ستبقى في سوريا إلى أجل غير مسمى.

رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أكد أنه يجب على إسرائيل العودة خلف المنطقة العازلة المحددة باتفاق 1974.

وفي مقابلة مع مجلة “الإيكونوميست”، في 3 من شباط، قال الشرع، “في أول يوم لنا في دمشق أرسلنا إلى الأمم المتحدة لإبلاغهم بأننا ملتزمون باتفاقية 1974، ونحن مستعدون لاستقبال قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك التي كانت في المنطقة العازلة”.

وأضاف، “تواصلنا مباشرة مع قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، وقد أعربوا عن استعدادهم للعودة إلى المنطقة العازلة، بشرط انسحاب القوات الإسرائيلية”.

أما بالنسبة لسوريا فأكد الشرع، “كل الضغوط الدولية معنا، وكل الدول التي زارت دمشق والدول التي لم تزرها نددت بتقدم القوات الإسرائيلية في المنطقة”، مشيرًا إلى “شبه إجماع دولي” على أن هذا التقدم غير صحيح.

ماذا تريد إسرائيل؟

الخبير في شؤون الجولان السوري المحتل سمير أبو صالح، أوضح، في حديث لعنب بلدي، أن مواصلة إسرائيل لـ”حربها على الشعب السوري” هدفه إنجازان أساسيان، الأول إحراج العهد الجديد بقيادة الثورة، ولا سيما بعد أن لاقى هذا التأييد المحلي والعربي والدولي.

والهدف الثاني الاستمرار بقضم الأراضي السورية، ولا سيما مرتفعات جبل الشيخ الاستراتيجية، ثم المصادر والسدود المائية المهمة، إضافة إلى السهول الخصبة وصولًا إلى وادي اليرموك الاستراتيجي، حيث مثلث الحدود السورية- الفلسطينية- الأردنية.

ويرى أبو صالح أن التوغل الإسرائيلي يشكل “حلقة ضغط ومصدر قلق كبير لدى العهد السوري الجديد”، حيث جاءت تلك التطورات في وقت كانت الحكومة السورية الجديدة منهمكة في ترتيب البيت السوري الداخلي.

وعن عدم وجود إجراءات ميدانية تقابل العدوان الإسرائيلي، قال أبو صالح، إن هذا الأمر “يندرج سياسيًا في الإطار الموضوعي”، وخصوصًا أن إسرائيل قامت باستهداف كل القدرات العسكرية لسوريا، التي كانت بحوزة النظام السابق.

وفي 10 من كانون الثاني الماضي، كشفت صحيفة إسرائيلية عن مخطط يهدف لتوسع نفوذ إسرائيل بالأراضي السورية بعمق 15 كيلومترًا عسكريًا و60 كيلومترًا “استخباراتيًا”.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مسؤولين إسرائيليين “كبار” (لم تسمِّهم)، أن تل أبيب ستحافظ على السيطرة العسكرية بعمق 15 كيلومترًا داخل سوريا، لضمان عدم تمكن الموالين للنظام الجديد (الإدارة السورية الجديدة) من إطلاق الصواريخ على مرتفعات الجولان.

ويعتمد الجيش الإسرائيلي في خطابه الرسمي حول مجريات الأحداث في سوريا، أن إسرائيل تركز على تأمين الجولان المحتل من “التهديدات المتطرفة”، وفق ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت“، في 14 من كانون الأول 2024.

الأدوات السورية في وجه التوغل

المفكر السياسي السوري برهان غليون قال لعنب بلدي، إن الوضع الراهن لا يتيح للإدارة السورية إلا العمل السياسي والدبلوماسي مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومع الدول الرئيسة العربية وغير العربية، لدفعها إلى اتخاذ مواقف تفيد في تثبيت الحق السوري بالأراضي المحتلة حديثًا وبالجولان المحتل سابقًا، بحسب غليون.

ويرى المفكر السوري أن هناك إمكانية لعمل أكبر على صعيد الدبلوماسية والتواصل مع دول العالم، لحثِّها على اتخاذ مواقف واضحة في إدانة الأعمال الإسرائيلية العدوانية والماسة بالسيادة السورية وحقوق السوريين في الأمن والسلام واستعادة الأراضي المحتلة.

وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، دعا إلى الضغط على إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي التي توغلت فيها.

وفي تصريحات للصحفيين خلال زيارته إلى أنقرة، في 16 من كانون الثاني الماضي، قال الشيباني، “ندعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الصديقة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل حتى تنسحب من الأراضي التي تقدمت فيها خلال الفترة الماضية، ونحن جاهزون لمنع أي تهديدات محتملة”.

ماذا عن التفاوض؟

الخبير بشؤون الأمن والدفاع ومدير الأبحاث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية“، معن طلاع، أوضح، في حديث لعنب بلدي، أن موضوع التفاوض مرتبط بالدولة السورية حال استقرارها، ووضوح المرحلة واستحقاقاتها، وليس منوطًا بأي جهة تدير المرحلة الراهنة.

ويرى طلاع أن سوريا الآن ما زالت في مرحلة ما قبل تشكيل حكومة انتقالية، في حين أن عملية التفاوض مع إسرائيل تتطلب التعريف الرسمي للحكومة.

وعندما تبدأ سوريا بتحقيق قدر معقول من الأمن، كما قال طلاع، ستفتح ملفاتها الإقليمية وستكون لديها أدوات دبلوماسية، ونقاشات مع الحلفاء لتفعيل اتفاقية عام 1974، وتسلم الجيش السوري الجديد عملية ضبط الحدود.

وعن تصريحات الإدارة السورية الجديدة حول هذا الملف، يرى الخبير أنها نابعة من تقدير الموقف الأمني والسياسي، ويجب أن تجمع هذه التصريحات بين عدم التفريط بحق السيادة السورية، واحترام القواعد الدبلوماسية.

أجندة التطبيع مؤجلة

عن التطبيع بين سوريا وإسرائيل، اعتبر الخبير بشؤون الدفاع والأمن، معن طلاع، أن هذا الأمر مرتبط بأجندة الخارجية السورية، وهذه الأجندة يمكن عنونتها وفق ما صرحت به الحكومة، بأنها تبحث عن الاستقرار وأن سوريا لن تكون بيئة نزاع.

وهذه رسالة توحي بأن الاستحقاقات الداخلية لسوريا ستجعل أداءها في السياسة الخارجية قائمًا على العلاقات الدبلوماسية والتفاعل الإيجابي مع قضايا المنطقة، بحسب طلاع.

ويرى طلاع أن أجندة سوريا الخارجية اليوم تضم محورين مهمين، الأول التوازن في الأدوات الخارجية، أي إنهاء العلاقة مع محور إيران والذهاب نحو محور الدول العربية وتحسين العلاقات معها بالإضافة إلى تركيا.

والمحور الثاني ملف العقوبات والتصنيف وإعادة الإعمار والتعافي المبكر وضمان عودة اللاجئين، وصحيح أن هذه الملفات استحقاقات ضرورية، لكنها ستكون أيضًا ورقة ضغط بيد الإدارة السورية الجديدة.

وبناء على ما سبق، يعتقد طلاع أن أجندة التفاوض مع إسرائيل ستكون مؤجلة وليست في المدى المنظور على الأقل.

ما اتفاق 1974

عقب حرب تشرين 1973 بين سوريا وإسرائيل، تم التوصل بإشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لاتفاق بين الجانبين الإسرائيلي والسوري، في 31 من أيار عام 1974، يقضي برسم خط فك الاشتباك بين الجانبين، وشمل تفاصيل لتحديد مواقع القوات العسكرية لسوريا وإسرائيل على طول خطي “A” و”B”.

يطلق اسم “برافو” على الخط “B” و”ألفا” على الخط “A”، ونصت الاتفاقية على فصل القوات بشكل أساسي لتكون القوات الإسرائيلية غرب الخط “A”، والقوات السورية شرق الخط “B”، على أن تكون المنطقة العازلة بين الخطيين “A” و”B”، وهي منطقة فاصلة بين القوات الإسرائيلية والسورية، على أن تشرف عليها قوة مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (UNDOF).

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة