![أبنية سكنية في منطقة المزة فيلات شرقية بالعاصمة دمشق- 14 شباط 2025 (عنب بلدي)](https://cdn.enabbaladi.net/arabic/wp-content/uploads/2025/02/%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-678.jpg)
أبنية سكنية في منطقة المزة فيلات شرقية بالعاصمة دمشق- 14 شباط 2025 (عنب بلدي)
أبنية سكنية في منطقة المزة فيلات شرقية بالعاصمة دمشق- 14 شباط 2025 (عنب بلدي)
عنب بلدي – نوران السمان
تشهد إيجارات المنازل في سوريا، ولا سيما في المدن الكبرى، ارتفاعًا مستمرًا مدفوعًا بجملة من العوامل الاقتصادية والمعيشية.
ورغم التحسن النسبي في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار وتراجع أسعار بعض السلع في السوق، لا يزال قطاع الإيجارات يواصل اتجاهه التصاعدي.
يعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل رئيسة، أبرزها تزايد الطلب على المساكن نتيجة عودة بعض السوريين بعد سقوط النظام السوري، وشح المعروض من الشقق السكنية، وعدم قدرة العديد من السكان على شراء العقارات، بحسب ما رصدته عنب بلدي، ما دفعهم إلى الاعتماد على الإيجار رغم تكاليفه المرتفعة.
وتتفاوت أسعار الإيجارات بشكل كبير بين الأحياء داخل المدن الكبرى، حيث تلعب عوامل، منها الموقع الجغرافي ووجود الخدمات الأساسية والقرب من مركز المدينة، دورًا حاسمًا في تحديد الأسعار.
زاهر، صاحب مكتب عقاري في حي ركن الدين بدمشق، قال لعنب بلدي، إن الإيجارات في المناطق الراقية بالعاصمة تتراوح بين 7 و10 ملايين ليرة شهريًا (بين 700 و1000 دولار أمريكي وسطيًا بحسب سعر صرف السوق السوداء)، وقد تصل إلى 100 مليون ليرة بالدفع على أساس سنوي (حوالي 10 آلاف دولار)، لافتًا إلى أن الأسعار تختلف بحسب الموقع وحداثة البناء.
أما في الأحياء المتوسطة كركن الدين ونهر عيشة، فتبلغ بين 4 و5 ملايين ليرة شهريًا (أي حوالي 400 و500 دولار)، بينما في المناطق الشعبية تتراوح الأسعار بين مليون ومليونين ونصف (حوالي 100 و250 دولارًا)، وفق المكتب العقاري.
وأشار زاهر إلى حالة من الجمود في شراء العقارات وسط إقبال على الإيجارات، مشيرًا إلى أن ذلك يعود إلى توقف إجراءات نقل الملكية العقارية بشكل قانوني في السجل العقاري.
وفي ريف دمشق، قال فارس أحمد زين، صاحب مكتب عقاري في الغوطة الشرقية، لعنب بلدي، إن الإيجارات في المنطقة تبدأ من مليون ليرة شهريًا، موضحًا أن توفر المساكن كان أكبر في فترة النظام السابق، لكن عودة السكان بعد سقوط النظام أدت إلى زيادة الطلب مقابل نقص في العرض.
من جهته، أفاد مراسل عنب بلدي في محافظة حلب بأن الإيجارات السنوية تتراوح بين 15 و30 مليون ليرة سورية سنويًا (بين 1500 و3000 دولار أمريكي)، بينما تصل في بعض المناطق الراقية إلى مستويات أعلى بكثير، كما أن غالبية العقارات تُؤجر بعقود سنوية.
وتبقى الأسعار أقل نسبيًا في الأحياء الشعبية، لكنها لا تزال تشكل عبئًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المحدود.
الباحث الاقتصادي رضوان الدبس قال إن الحكومة لا تملك إجراءات مباشرة للحد من ارتفاع الإيجارات، لكنها قد تتبنى سياسات غير مباشرة، منها تسريع منح تراخيص البناء للعقارات الجديدة، وتسهيل تجديد التراخيص للعقارات القديمة، وتسريع إجراءات فرز العقارات غير النظامية تمهيدًا لإنشاء مشاريع سكنية.
كما اقترح إلغاء الضرائب على مواد البناء المستوردة مثل الحديد والأسمنت، وتخفيض رسوم التراخيص العقارية، وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية لتشجيع التوسع العمراني خارج المدن الكبرى.
هذه الإجراءات قد لا تحقق نتائج فورية، بحسب الدبس، لكنها مع مرور الوقت يمكن أن تسهم في استقرار سوق الإيجارات وتخفيف الضغط عن القطاع العقاري.
ويرى محللون اقتصاديون أن التضخم يمثل العقبة الكبرى في سوق العقارات، إذ أوضح الدبس أن “معالجة التضخم ليست مسألة سهلة، ولا يمكن حلّها خلال فترة قصيرة، ما يعني أن الضغوط على سوق الإيجارات ستستمر لفترة طويلة”.
كما لفت إلى أن ارتفاع أسعار السكن في المدن الكبرى يعد أمرًا طبيعيًا عالميًا، نظرًا إلى تمركز الخدمات الحكومية والجامعات والمرافق الاقتصادية فيها، ما يرفع الطلب على السكن مقارنة بالمناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات وفرص العمل.
ورغم أن حكومة دمشق المؤقتة لم تعلن عن قرارات مباشرة تتعلق بأسعار العقارات والإيجارات، يبقى القطاع العقاري أحد المحركات الأساسية للسوق، حيث يسهم الطلب المرتفع على السكن في تحفيز القطاعات المرتبطة بالبناء، مثل صناعة مواد البناء والمقاولات، ما يؤدي إلى توفير فرص عمل وتنشيط الاقتصاد، وفق ما ذكره الخبير الاقتصادي جورج خزام في منشور عبر “فيس بوك“.
واقترح خزام إطلاق برامج قروض سكنية للمواطنين بتمويل من المصارف السورية أو الخليجية، بحيث يتم سداد القروض بالدولار، ما يسمح للعائلات بالتحول من دفع الإيجار إلى دفع أقساط تملك منازلهم، مؤكدًا أن هذه الاستراتيجية قد تساعد في تحريك سوق العقارات وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع البناء.
ويرى خزام أن “الطلب المتزايد على العقارات يعكس تحول الادخار من الدولار والذهب إلى الادخار بشراء بضاعة وطنية (العقار)، وهو ما قد يحدّ من الطلب على العملات الأجنبية ويسهم في استقرار الليرة السورية”.
كما أشار إلى أن القطاع المصرفي يستفيد أيضًا من نمو العقارات، حيث يتم استخدام العقارات كضمان للقروض التجارية والصناعية.
أما فيما يتعلق بجذب الشركات الأجنبية للاستثمار في إعادة الإعمار، فاعتبر خزام أن أسعار العقارات في سوريا حاليًا أقل من تكلفة البناء، ما يجعل الاستثمار في هذا القطاع غير مربح اقتصاديًا.
وأوضح أن الحل يكمن في رفع مستوى الدخل وزيادة الإنتاج المحلي، لتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين وخلق طلب حقيقي على العقارات، ويسهم ذلك في تحفيز السوق العقارية ودعم الاقتصاد الوطني.
كانت محافظة دمشق أعلنت، في 12 من شباط الحالي، عن بدء استقبال الشكاوى المتعلقة بالتعديات على المنازل والعقارات السكنية، مؤكدة التزامها بحماية حقوق المواطنين واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتجاوزين.
وأكدت محافظة دمشق أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحفاظ على الممتلكات الخاصة والتعامل السريع مع التعديات، داعية المواطنين إلى التبليغ الفوري لضمان سرعة الاستجابة ومعالجة الحالات المطروحة.
وعانت سوريا خلال حكم نظام الأسد من عمليات استيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، رافقها تزوير لعقود البيع والشراء، ما أدى إلى ضياع حقوق العديد من المواطنين.
واستغلت شخصيات مقربة من النظام السابق حالة الفوضى وتهجير السكان، وقامت بالسيطرة على عقارات وممتلكات المواطنين بطرق غير قانونية، أو الاستيلاء على تلك الممتلكات باستخدام التهديد أو التزوير، وبيعها لاحقًا لمواطنين بعقود مزورة من دون علم أو موافقة مالكيها الأصليين.
وبعد سقوط النظام ومحاولة هؤلاء الملاك العودة إلى عقاراتهم واستردادها، تفاجؤوا بأنها بيعت لأشخاص آخرين بمستندات مزيفة.
وحذرت وزارة الإدارة المحلية في سوريا جميع المواطنين من شراء عقارات من “المتورطين بدماء السوريين” في عهد النظام السابق.
وقالت الوزارة في تعميم، في 5 من كانون الثاني الماضي، إن على جميع المواطنين في سوريا الانتباه من شراء عقارات أو كتابة عقود بيع مع أي شخص “متورط بدماء السوريين” كان في زمن نظام الأسد المخلوع.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى