دير الزور.. الجفاف وغلاء الأعلاف يخفضان أسعار الماشية

دير الزور – عبادة الشيخ

انخفضت أسعار الماشية في ريف دير الزور شرقي سوريا لأكثر من 60%، بسبب قلة المراعي إثر موجة الجفاف التي تضرب المنطقة، وارتفاع أسعار الأعلاف الجاهزة.

وفق مراسل عنب بلدي في دير الزور، فإن هبوط الأسعار خلق مخاوف لدى مربي الماشية والتجار من انهيارها أكثر، وبالتالي تكبدهم خسائر مالية فادحة.

يلجأ المربون إلى شراء الأعلاف بسعر مرتفع حاليًا، إذ وصل سعر الطن من النخالة والشعير إلى 350 دولارًا أمريكيًا، ومن الخبز اليابس إلى 275 دولارًا، ومن البرسيم إلى 300 دولار، ومن تبن القمح إلى 130 دولارًا (1.3 مليون ليرة سورية، على اعتبار أن الدولار يعادل 10 آلاف ليرة).

لا مراعي طبيعية

انخفاض الأسعار بنحو 60%، عرّض العديد من مربي وتجار المواشي لخسائر مالية، ومنهم عبد الرحمن الفقر من بلدة شقرا غربي دير الزور، وهو مربٍّ وتاجر في سوق الأغنام.

وقال عبد الرحمن لعنب بلدي، إن المبيعات تراجعت “بشكل كبير” إثر انخفاض الأسعار، ما تسبب بخسارته لأكثر من 20 مليون ليرة سورية في الأسبوع الأول من شباط الحالي.

وذكر أن ثمن النعجة صار بـ600 ألف ليرة سورية، وثمن الخروف الكبير لم يتجاوز المليون ليرة اليوم، في انخفاض وصل لأكثر من نصف السعر قبل شهر.

من جانبه، قال سالم الجاسم وهو سمسار (دلال) في سوق الأغنام، إن الطلب انخفض وبات يقتصر على أصحاب محال بيع اللحوم.

وذكر لعنب بلدي أن أغلب مربي الأغنام يجلبون مواشيهم لبيعها صباحًا، ويعودون بها نفسها عند إغلاق السوق، في حالة متكررة على مدار الأيام الماضية.

وأرجع لطوف الحسن، وهو مربي أغنام وأبقار في بلدة الطيانة شرقي دير الزور، انخفاض أسعار المواشي لانخفاض منسوب الأمطار وعدم توفر مراعٍ طبيعية.

وقال لعنب بلدي، إن هذه الحالة تتشابه مع ما حدث عام 2021، عندما شهدت المنطقة جفافًا وقلة أمطار.

وأضاف أن مربي المواشي طالبوا “الإدارة الذاتية” بالتدخل ودعم القطاع، وفتح الحدود مع العراق لتصدير الماشية، وإعادة نشاط الحركة لدى مربي المواشي، ولا يزالون ينتظرون استجابة.

ومع سقوط النظام السوري السابق، أعلنت السلطات العراقية إغلاق معبر “القائم” الحدودي مع سوريا بشكل كامل، وذكرت أن الحدود العراقية مؤمّنة، ولا يُسمح بالدخول والخروج من هذا المعبر، إلى جانب إغلاق المعابر مع سوريا بشكل كامل، مع اعتزام فتحها وفق شروط.

وكانت الحكومة العراقية أعلنت، في 8 من كانون الثاني الماضي، إنهاء بناء 400 كيلومتر من الجدار “الكونكريتي” (الأسمنتي) بين الحدود العراقية والسورية، كما قالت وزارة الدفاع العراقية، في 6 من شباط الحالي، إن معدل التهريب على الحدود العراقية- السورية وصل إلى الصفر لأول مرة منذ عام 2003.

عقبات أمام تربية الماشية

مصدر في اتحاد الفلاحين والثروة الحيوانية بالمنطقة الشرقية بدير الزور (فضل عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول بالحديث مع وسائل الأعلام)، قال إن قطاع الثروة الحيوانية يواجه عدة مصاعب في مقدمتها انخفاض أعداد الماشية.

وأضاف لعنب بلدي أن أغلب المربين اضطروا لبيع قطعانهم خلال السنوات السابقة، خوفًا من نفوقها وعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتها، وارتفاع تكاليف رعايتها.

وأكد وجود حاجة ملحة لتفعيل مراكز بيطرية وتوفير الأعلاف، بالإضافة إلى تقديم الدعم المستمر لتنشيط الثروة الحيوانية، لافتًا إلى أن المنطقة تعتمد بشكل رئيس على تربية المواشي.

وبحسب أحدث إحصائية لاتحاد الفلاحين والثروة الحيوانية في دير الزور، وصل عدد المواشي إلى 950 ألف رأس من الأغنام، و45 ألف رأس من الأبقار، وقرابة 7500 من الإبل والخيول.

انخفاض أسعار اللحوم

انعكس انخفاض أسعار الماشية على أسعار لحومها في الأسواق المحلية بريف دير الزور.

وقال أيمن السلوم صاحب محل “قصابة” بريف دير الزور، إن أسعار لحوم الأغنام انخفضت من 160 ألف ليرة سورية للكيلوغرام إلى 75 ألف ليرة، كما انخفض سعر لحم العجل من 140 ألف ليرة إلى 80 ألف ليرة للكيلو، مضيفًا أن الحركة الشرائية زادت على اللحوم.

ويعاني مربو المواشي في سوريا ظروفًا صعبة متعددة، دفعت الكثيرين منهم للتفكير بترك المهنة، سواء بوجود بدائل عن هذه المهنة أو دونها، فباتوا مضطرين لبيع مواشيهم إن توفر من يشتري، أو ذبحها، للتخلص من عبء مصروفها.

قبل عام 2011، كانت الثروة الحيوانية في سوريا مسؤولة عن نحو 40% من إجمالي الإنتاج الزراعي، كما أمّنت فرص عمل لحوالي 20% من القوى العاملة في المناطق الريفية، وفق دراسة لمنظمة “IMMAP” الدولية، نُشرت في أيار 2021.

وكانت نسبة الأسر الريفية في سوريا التي تعتبر تربية الماشية المصدر الرئيس للغذاء والدخل بالنسبة لها تصل بمعدل وسطي إلى حوالي 35%.