مبادرات وجهود محلية قاصرة أمام إعادة الخدمات لبلدات ريف إدلب - شباط 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
مساعٍ لإعادة تأهيل أرياف إدلب.. قاصرة أمام الاحتياج
إدلب – سماح علوش
قرر أسعد (45 عامًا) ترك محله في مدينة إدلب، والعودة إلى مدينته سراقب، وإصلاح محله المدمر بشكل جزئي، ليعيد فتحه، ويسهل على أهالي مدينته شراء ما يلزمهم من تمديدات صحية وكهربائية، في محاولة لإعادة النشاط إلى المدينة التي دمرت معظمها قوات النظام السوري السابق وحلفاؤها.
قال أسعد لعنب بلدي، إن عدد السكان العائدين بدأ يزداد، وبدأت الحياة تعود للمدينة، رغم الدمار الذي لحق بالمباني، مضيفًا أن هناك عدة جهات تبنت عمليات إصلاح للطرقات وإزالة الركام، وإعادة تأهيل للمدارس.
وذكر أسعد أن مبيعاته وصلت للضعف عما كانت عليه في إدلب، بسبب الحاجة إلى مستلزمات شبكات الصرف الصحي المنزلية، ومواد “تسليكها” وفتحها، وصنابير المياه، وأسلاك لتمديد الكهرباء الداخلية، وقواطع، كونها تعرضت للسرقة أو التلف بفعل القصف.
بجهود فردية أو من جهات حكومية أو تطوعية، يسعى كثيرون لإعادة الخدمات إلى مدن وبلدات أرياف إدلب، سواء التي كانت تسيطر عليها قوات النظام السوري السابق قبل هروب بشار الأسد في 8 من كانون الأول 2024، أو التي كانت خطوط تماس، لكن هذه الجهود لا تزال قاصرة أمام حجم الاحتياجات.
مؤشرات إيجابية
نقل مصطفى ورشته في تمديد الكهرباء المنزلية من بلدة كلي بريف إدلب الشمالي إلى سراقب، بعد أن ازداد الطلب عليه، باعتباره معروفًا في منطقته، وبدأ بعض الأهالي بإصلاح منازلهم وفق قدراتهم المالية.
أما فادية المنحدرة من مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، فقالت إن نظرة الأهالي التشاؤمية بسبب الدمار تغيّرت إلى إيجابية بعض الشيء عما كانت عليه قبل شهرين، بفضل الجهود، سواء المجتمعية أو الفردية لعودة الخدمات للمدينة.
ويبقى موضوع التعليم وسوء حالة المدارس الهاجس الذي يقلق الأهالي، لما لحق بها من دمار وخروج شبه كامل عن الخدمة، وهذا ما عبرت عنه خولة من بلدة جوباس بريف إدلب الجنوبي، آملة أن يكون تطبيق الوعود بإعادة إعمار المدارس، والمنشآت الخدمية، في القريب العاجل.
وقالت خولة لعنب بلدي، إن الجهود القائمة على أرض الواقع تعتبر مؤشرًا إيجابيًا، لكن هناك عدة أمور متشابكة يجب أن يتم النظر بأمرها، كتوفير فرص عمل، ودعم المزارعين عن طريق تفعيل الوحدات الإرشادية في الأرياف.
وفق نازحين قابلتهم عنب بلدي، تبقى الخدمات المقدمة حاليًا “عاجزة” عن إعادة الحياة إلى مدن وبلدات أرياف إدلب، فمثلًا تفتقر قرية الطلحية بريف إدلب الشرقي إلى معظم الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي وطرقات معبّدة ومدارس مؤهلة، حيث تضم مدرستين تعرضتا للتدمير الممنهج والسرقة من قوات النظام وحلفائها.
ومنذ سقوط النظام السوري، بلغ عدد العائدين إلى الطلحية حوالي 100 إلى 150 شخصًا من أصل 7500 نسمة لا يزالون في مخيمات الشمال السوري.
تأهيل خطوط الصرف الصحي
إبراهيم الإسماعيل، مساعد مهندس في مديرية الخدمات بإدلب، قال لعنب بلدي، إن شبكات الصرف الصحي القائمة ضمن مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي والشرقي لحق بها ضرر كبير نتيجة القصف من قبل النظام السابق، بالإضافة إلى سرقة أغطية “الصرف” جميعها، وبالتالي تحتاج إلى صيانة و”تسليك” للخطوط من أجل إعادة تأهيلها من جديد.
وأضاف الإسماعيل أن هناك خطة لتنفيذ شبكات صرف صحي ضمن القرى والبلدات المحررة حديثًا، والتي توجد فيها مخططات تنظيمية، كما أن بعض الشبكات القائمة تحتاج إلى تنفيذ خطوط جديدة ضمن الأحياء غير المخدمة سابقًا.
ولفت إلى وجود خطة مستقبلية، لتوسيع العمل وتأهيل مناطق جديدة، مثل سراقب معرة النعمان وخان شيخون وكفرنبل وسنجار وأبو الظهور.
في حين تقوم وحدة إدارة المشاريع في مديرية الخدمات بإحصاء احتياج الطرق، والصرف الصحي ضمن المناطق المحررة حديثًا، من أجل رفعها إلى مديرية التخطيط والتعاون الدولي، لمشاركتها مع المنظمات الدولية، والسعي لتنفيذ هذه المشاريع، والتي تساعد على عودة المهجرين إلى بلداتهم، وفق الإسماعيل.
تجهيز شبكات الكهرباء
من جانبه، قال مدير شركة كهرباء إدلب، إبراهيم حميجو، لعنب بلدي، إن الشركة وجّهت كوادرها من ورشات وفرق هندسية إلى ريف إدلب الجنوبي، للعمل على صيانة وتجهيز شبكات التوتر، من أجل إعادة الخدمة لها.
وأضاف أنه تم توجيه فرق الدراسات لتقييم الأضرار الناجمة عن القصف الذي خلفه النظام السابق، وإعداد الدراسات اللازمة لتجهيز خطوط التوتر وشبكات المنخفض ومراكز التحويل، حيث تحتاج إلى بناء منظومة كهربائية بشكل كامل، بسبب حجم الدمار الكبير الذي حل بالبنية التحتية.
وكان العمل بالدرجة الأولى على إيصال التيار الكهربائي للمنشآت الخدمية، مثل محطات المياه، والأفران، ومراكز الاتصالات، بالإضافة إلى صيانة وترميم خط التوتر المغذي للمنطقة من محطة تحويل “الشريعة” في ريف حماة الشمالي إلى مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، ومن ثم إلى مدينة معرة النعمان.
كما وجهت الشركة ورشات التوتر المنخفض للعمل داخل مدينة خان شيخون لصيانة الأعطال على الشبكات، حيث تمت صيانة 80% من الأضرار داخل المدينة، وفق حميجو.
ويجري العمل حاليًا على إيصال التيار الكهربائي إلى بلدتي التح والتمانعة بريف إدلب الجنوبي، وفق مدير شركة كهرباء إدلب.
وعن الخطة التي تتبعها الشركة في الصيانة، قال حميجو، إنه بعد الانتهاء من إيصال التيار الكهربائي “20kV” إلى مدينة معرة النعمان، ستقوم الشركة بتجهيز المراكز العامة داخلها، ومن ثم تتوجه إلى تجهيز شبكة التوتر المنخفض داخل المدينة.
كما تعمل الورشات على تأهيل محطة تحويل “بسيدا” بريف إدلب الجنوبي، وتجهيز خط توتر “230kV” و”66kV” لتغذية المحطة، ومن ثم تغذيتها بالتيار الكهربائي من مدينة حلب، بالإضافة إلى وضع محطة تحويل متنقلة في مدينة سراقب.
وعن مصدر تغذية الكهرباء، أفاد حميجو أنه ستتم تغذية ريف إدلب الجنوبي من خلال محطة “الشريعة” بريف حماة الشمالي.
ومن خطوات تحسين بعض الخدمات، ما أجرته مديرية صحة إدلب، إذ وجّهت دعوة لأهالي منطقة معرة النعمان، للمشاركة بحملة تنظيف للمستشفى، تهدف إلى ترحيل أنقاض الأجزاء المتهدمة، والمخلفات الطبية السابقة، وتنظيف المستشفى ومحيطه من الركام والأوساخ ومخلفات الحرائق، بالإضافة إلى تنظيف وتجميل الحديقة المحيطة بالمستشفى
الوضع الإنساني “حرج”
في 13 من شباط الحالي، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، إن أكثر من 825 ألف شخص نازح سوري عادوا إلى مناطقهم منذ كانون الأول 2024، لكن حركة الخروج من المخيمات ما زالت محدودة، إذ غادر نحو 80 ألف شخص المخيمات شمال غربي سوريا، بينما غادر 300 شخص مخيم “العريشة” شرقي البلاد.
ولا يزال نحو مليوني شخص نازحين في الشمال الغربي من سوريا، ويعيش أكثرهم في مواقع مكتظة وخيام هشة.
ويشكّل دمار الأبنية وتردي الخدمات عائقًا أمام عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى مناطقهم، حيث اعتبرت رئيسة المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إيمي بوب، أن عودة اللاجئين السوريين بشكل واسع تؤدي إلى تأجيج الصراع في سوريا، وتمثل عبئًا ثقيلًا على البلاد، مؤكدة أنها لا تشجع العودة، فـ”المجتمعات ليست جاهزة لاستيعاب اللاجئين”.
وحثت بوب على التريث في خطط إعادة اللاجئين، مشيرة إلى أن بعض المجتمعات تضطر للنزوح مرة أخرى بسبب عدم وضوح الحياة تحت السلطات الجديدة، في حين أكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، أن الوضع الإنساني لا يزال حرجًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :