تحديات تواجه كرة السلة السورية

  • 2025/02/09
  • 12:44 م
المنتخب السوري خلال مواجهته لبنان في نهائي كأس بيروت لكرة السلة- شباط 2024 (الجديد)

المنتخب السوري خلال مواجهته لبنان في نهائي كأس بيروت لكرة السلة- شباط 2024 (الجديد)

عنب بلدي – هاني كرزي

افتقدت رياضة كرة السلة في سوريا بعهد النظام السوري السابق للحرفية والتطور والمتعة، ما جعلها رياضة بعيدة عن اهتمامات الجماهير السورية، التي أصيبت بخيبة أمل من أداء أنديتها في الدوري أو منتخباتها ضمن البطولات القارية، وسط مناشدات باتخاذ خطوات جوهرية للنهوض بواقع السلة السورية بعد سقوط الأسد.

منتخب سوريا لكرة السلة هو ممثل الجمهورية العربية السورية، لكن نظام الأسد السابق سخّر هذا المنتخب لخدمة أجنداته ومصالحه الشخصية كما فعل مع منتخب كرة القدم، ولم يعد يمثل الشعب، ليقرر كثير من السوريين التخلي عن تشجيعه عقب انطلاق الثورة السورية.

إنجازات غائبة

عجز منتخب سوريا الأول لكرة السلة عن تحقيق أي بطولات مهمة طوال تاريخه، وأفضل إنجاز حققه كان حصوله على المركز الرابع في بطولة كأس آسيا التي أقيمت في الصين عام 2001، حيث خسر حينها أمام كوريا الجنوبية 95-94 ضمن مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع.

ومثّل المنتخب في البطولة حينها لاعبون مميزون، أبرزهم: حكمت حداد، محمد أبو سعدى، ميشيل معدنلي، رضوان حسب الله، طلال يونس، عمار قصاص، أسامة مدني.

فشل المنتخب السوري وصل إلى درجة الانسحاب من عدة بطولات، ففي آب 2024، قرر اتحاد كرة السلة السوري الانسحاب من بطولة الشارقة الدولية لأسباب مالية.

وقال مدير منتخب سوريا لكرة السلة، علي درويش، لصحيفة “الوطن” حينها، إن تكلفة المشاركة تصل إلى 45 ألف دولار (ما يعادل نحو 675 مليون ليرة سورية حينها) وهو “مبلغ وجدته القيادة الرياضية واتحاد السلة كبيرًا”.

وهذه ليست المرة الأولى التي ينسحب فيها منتخب كرة السلة من بطولة دولية لأسباب مالية، ففي تموز 2024، انسحب منتخب الناشئات من بطولة آسيا التي أقيمت بالصين.

وردًا على قرار الانسحاب، فرض الاتحاد الآسيوي لكرة السلة غرامة مالية على الاتحاد السوري، مقدارها 50 ألف دولار أمريكي، مع الحرمان من مشاركة المنتخبات تحت 18 سنة لفئتي الذكور والإناث في جميع البطولات ولمدة ستة أشهر.

وكان منتخب سوريا لكرة السلة استُبعد أيضًا من المشاركة في البطولة العربية بالقاهرة، بسبب تأخره في الإعلان عن انضمامه للبطولة، نتيجة عدم جاهزية اللاعبين.

تحديات بالجملة

منتخب سوريا لكرة السلة تدهور على صعيد مختلف الفئات خلال حكم الأسد، لدرجة أن منتخب السلة للسيدات على سبيل المثال أصبح محط سخرية عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ففي مباراة لناشئات المنتخب السوري أمام الصين في بطولة آسيا، سجلت إحدى لاعبات سوريا على نفسها وسط استغراب ودهشة الحضور واللاعبات والحكام الموجودين على أرض الملعب.

وتعليقًا على الحادثة، رأى متابعون أن ما حدث أمر طبيعي، بسبب المحسوبيات و”الواسطة” التي تسيطر على كل المجالات في سوريا ولا سيما الرياضة.

وبحسب قوانين الاتحاد الدولي لكرة السلة، فإنه وبحالات كهذه تحسب النقاط للفريق الخصم وتستمر المباراة بشكل طبيعي.

ويرى لاعب نادي الكرامة والمنتخب السوري لكرة السلة عمر طيارة، أن سوء المنتخب السوري يعود في الأصل إلى عدم الاهتمام بالأندية السورية التي تعتبر نواة صناعة المنتخب، حيث يعاني اللاعبون ضمن الدوري السوري من تحديات ومشكلات كثيرة.

ومن أبرز تلك التحديات، بحسب ما قاله طيارة لعنب بلدي، عدم حصول اللاعبين على التمارين الرياضية اللازمة، ففي حمص على سبيل المثال توجد صالتان فقط، واحدة تابعة لمديرية التربية والأخرى للاتحاد الرياضي، وتشهدان ضغطًا كبيرًا، وبالتالي لا يُتاح للاعب إجراء تمارين كافية.

طيارة اشتكى كذلك من المحسوبيات في المنتخب، حيث قال، “لا نجد مكانًا أساسيًا في منتخب الرجال، رغم أننا قدمنا نتائج جيدة في الفئات العمرية الصغرى، وذلك بسبب الرشى والمحسوبيات التي تجعل اتحاد كرة السلة يتحكم في تشكيلة المنتخب”.

تأخر تسديد الرواتب من المشكلات التي يعاني منها لاعبو كرة السلة، والتي تؤثر على نفسية اللاعب وتنعكس بالتالي على أدائه على أرضية الملعب.

وشدد طيارة على مشكلة جوهرية كذلك يعاني منها اللاعبون، وهي غياب الدعم الصحي، حيث قال إنه أصيب مرتين بقطع في الرباط الصليبي، لكنه لم يتلقَ أي تعويض مالي من ناديه الكرامة، ما اضطره لدفع التكاليف “الباهظة” لإجراء العملية.

من جهته، تحدث الصحفي الرياضي حسين مصطفى، لعنب بلدي، عن عدم الاهتمام بالفئات العمرية الصغرى، التي تعيش حالة من الفوضى وعدم الاهتمام، والتركيز فقط على منتخب الرجال.

وأضاف مصطفى أنه في كل البلدان المتطورة في كرة السلة، نشاهد أكاديميات تقوم بتأسيس اللاعب منذ الصغر، “بينما في سوريا لا توجد لدينا أكاديميات، وعلى صعيد الأندية يتم تعيين مدربي القواعد على مبدأ الواسطة والمحسوبية وهذا أكبر خطأ، لأن مدربي القواعد يجب أن يكونوا من الأكاديميين ولديهم خبرات طويلة في هذه اللعبة”.

مدرب القواعد في كرة السلة هو شخص مسؤول عن تعليم وتوجيه اللاعبين حول القواعد الأساسية للعبة، وكيفية تطبيقها بشكل صحيح خلال المباريات، وهذا يشمل تعليم اللاعبين المهارات الفنية مثل التمرير، التسديد، الدفاع، والتنسيق الجماعي، بالإضافة إلى فهم القواعد التي تحكم اللعبة.

يستعد منتخب سوريا للرجال لمواجهتين حاسمتين في النافذة الثالثة والأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2025، التي ستقام بالسعودية في آب المقبل.

وكشف مدرب منتخب سوريا لكرة السلة للرجال، هيثم جميل، في مؤتمر صحفي، عن تحديات يواجهها الفريق، أبرزها ابتعاد اللاعبين عن أجواء المباريات عقب سقوط الأسد، ما يشكل تحديًا كبيرًا، لكنه أكد أن الطموح والرغبة القوية لدى اللاعبين يعززان آمال الفريق في تجاوز هذه المرحلة الصعبة.

واصطدمت تحضيرات سوريا لتصفيات كأس آسيا بالعديد من المعوقات، أبرزها توقف منافسات كرة السلة في البلاد، وصعوبة تأمين مباريات ودية استعدادية، إضافة إلى ضعف التمويل وعدم القدرة على حسم مسألة اللاعب المجنّس الذي سيشارك مع المنتخب.

بدوره، أشار المدرب المساعد في المنتخب السوري، عبود شكور، إلى أن الفريق يعاني من تراجع واضح في اللياقة البدنية بسبب الانقطاع الطويل عن التمارين، مؤكدًا أن الكادر الفني يعمل بجد لتحسين الجوانب البدنية والفنية.

وأكد أن الهدف الحالي هو الوصول إلى نسبة جاهزية لا تقل عن 70% قبل المباراتين الحاسمتين، معتبرًا أن “كل شيء يُحسم على أرض الملعب”.

طموح لبلوغ كأس آسيا

يواجه المنتخب السوري، في شباط الحالي، منتخبي الإمارات والبحرين في مواجهتين حاسمتين ضمن النافذة الثالثة من التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2025.

وقال الاتحاد السوري لكرة السلة، إن قطر فتحت أبوابها للمنتخب السوري من خلال معسكر خاص واستضافة مجانية تشمل تذاكر الطيران والإقامة والإطعام وتأمين مباريات ودية مع المنتخب القطري الأول، إضافة إلى استضافة مباريات النافذة الثالثة مع منتخبي الإمارات والبحرين باعتبارها الأرض البديلة للمنتخب السوري.

ويحتل المنتخب السوري المركز الثالث في مجموعته التي تضم أيضًا منتخبات لبنان والبحرين والإمارات.

المنتخب اللبناني ضمن تأهله إلى كأس آسيا، وبالتالي فإن الصراع على البطاقة الثانية المؤهلة بشكل مباشر إلى النهائيات لا يزال مفتوحًا على مصراعيه بين المنتخبات الثلاثة المتبقية في المجموعة السادسة، حيث يحتل منتخب البحرين المركز الثاني برصيد 6 نقاط، بفارق نقطة واحدة عن كل من سوريا والإمارات.

خطوات لمستقبل أفضل

تطمح الجماهير السورية لأن يكون المستقبل أفضل للكرة السورية بما فيها كرة السلة، وتأمل أن يكون التأهل إلى كأس آسيا رغم الظروف الصعبة الخطوة الأولى في طريق الصعود.

وطالب لاعب منتخب سوريا لكرة السلة، عمر طيارة، بتحسين واقع المنشآت والملاعب، حتى يستطيع اللاعب التمرن في أي وقت، إضافة إلى ضرورة زيادة عدد المباريات لضمان الحفاظ على اللياقة البدنية للاعبين، حيث ينتهي الدوري كل عام في الشهر الرابع ولا يبدأ حتى الشهر التاسع أو العاشر، وبالتالي هناك حالة فراغ لعدة أشهر.

وشدد طيارة على أهمية تكثيف الدورات التدريبية لتأهيل المدربين والحكام، مشيرًا إلى أن هناك نقصًا في حكام كرة السلة، الذين لا يتجاوز عددهم عشرة حكام في سوريا، بينهم حكمان دوليان فقط.

في حين قال الصحفي الرياضي حسين مصطفى، إن “الاهتمام في بناء القواعد هو أساس النجاح، ليكون لدينا منتخب قوي في السنوات المقبلة”.

أما على الصعيد الحالي فقال مصطفى، “نحن بحاجة إلى لاعب مجنس على مستوى عالٍ وهذا ليس بمستحيل”، إذ إن اتحاد كرة السلة كان يجلب لاعبين مجنسين دون المستوى المطلوب، بحيث تعود الفائدة على اللاعب فقط عبر تسويق نفسه إعلاميًا، دون أن يستفيد منه المنتخب أبدًا.

وأضاف مصطفى أنه يجب العمل بجدية على استدعاء اللاعبين المغتربين، “لأننا نمتلك عددًا كبيرًا من اللاعبين في الأرجنتين وأستراليا، ولكن للأسف الاتحادات الماضية فشلت في الاستفادة من هؤلاء اللاعبين”.

مقالات متعلقة

  1. منتخب سوريا لكرة السلة يخرج من بطولة آسيا للشباب دون أي انتصار
  2. دون أي انتصار.. منتخب سوريا لكرة السلة يخرج من بطولة غرب آسيا للناشئين
  3. سوريا تستضيف تصفيات أولمبياد باريس لكرة السلة
  4. مدرب أمريكي لمنتخب كرة السلة السوري.. ماذا عن العقوبات؟

رياضة محلية

المزيد من رياضة محلية