![الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي (تعديل عنب بلدي)](https://cdn.enabbaladi.net/arabic/wp-content/uploads/2025/02/Ahmed-Al-Sharaa-and-Mazloum-Abdi-1.jpg)
الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي (تعديل عنب بلدي)
الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي (تعديل عنب بلدي)
عنب بلدي – محمود العبد الله
المواقف المعلنة من جانب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والإدارة الجديدة في دمشق تشي بأن الطرفين لا يزالان يعولان على التفاوض والحوار، كوسيلة للوصول إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
لكن ذلك لا يعني، بحسب باحثين تحدثوا لعنب بلدي، غياب أي تحديات من شأنها أن تقود العملية إلى الصدام والفشل.
ترتبط هذه التحديات بأكثر من مسار وتتعلق على وجه الخصوص بثلاثة سيناريوهات قد تصل إليها عملية التفاوض المتواصلة حتى الآن بين الجانبين، بحسب باحثين تحدثوا لعنب بلدي.
أول هذه السيناريوهات هو الوصول إلى تفاهمات تحافظ على الاستقرار في سوريا.
بينما يذهب السيناريو الثاني باتجاه الصدام العسكري، الذي قد يعيد رسم خريطة السيطرة من جديد.
وقد يظل الوضع الحالي بين “قسد” وإدارة دمشق دون أي مواجهة شاملة، ما يضمن استقرارًا نسبيًا لكل طرف، وهو السيناريو الثالث الذي قد ينعكس في المرحلة المقبلة.
وقال الرئيس السوري في المرحة الانتقالية، أحمد الشرع، في 3 من شباط الحالي، إن المفاوضات مع “قسد” لا تزال مستمرة، مشيرًا إلى تحفظه على ذكر التفاصيل، “نظرًا إلى وجود أطراف ليس من مصلحتها نجاح المفاوضات”.
وذكر الشرع أن “قسد” أبدت استعدادها لحصر السلاح بيد الدولة السورية، مع وجود بعض الاختلافات الجزئية بين الطرفين.
في المقابل، قال القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، في أحدث تعليقاته على القضية، إن المفاوضات مع دمشق مستمرة، برعاية وسطاء من أعضاء في التحالف الدولي، مضيفًا أن رؤيته لسوريا بأنها “دولة لامركزية علمانية قائمة على الديمقراطية”.
كما أشار عبدي إلى أن “الكرد في شمال شرقي سوريا، يريدون إدارة شؤونهم المحلية في دولة لامركزية، دون الانفصال أو إنشاء حكومة أو برلمان مستقلين”، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس“.
تطالب “قسد” بأن يكون هناك اعتراف دستوري بالكرد وبلغتهم وبثقافتهم، أو الحصول على نوع من الخصوصية الكردية في سوريا، الأمر الذي لا يشكل عائقًا كبيرًا، وفقًا للباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أسامة شيخ علي.
ويرى شيخ علي، في حديث لعنب بلدي، أن أحد السيناريوهات المتوقعة الأكثر ترجيحًا من المفاوضات هو نجاحها والوصول إلى تفاهمات بين الطرفين، دون أن يستبعد الباحث السوري وجود تحديات.
وأوضح أن أهم هذه التحديات “إعادة هيكلة الجيش السوري الجديد، بالإضافة إلى مستقبل وشكل الإدارة الذاتية”.
وتعمل إدارة دمشق على وضع هيكلية لـ”الجيش السوري الجديد”، وتطالب بأن يكون الانضمام لوزارة الدفاع كأفراد، بعد حل الفصائل والكتل العسكرية.
في المقابل، تصر “قسد” على وجودها ضمن الجيش السوري ككتلة عسكرية، ما يشكل تحديًا أمام نجاح السيناريو الأول، وهو ما ترفضه دمشق، حتى لا تتشكل دولة داخل دولة، بحسب ما ذكره شيخ علي.
الباحث في الشؤون الكردية بدر ملا رشيد، قال إن دمج “قسد” ضمن وزارة الدفاع في “الجيش السوري الجديد”، يعتمد على عدة عوامل سياسية وميدانية وإقليمية.
وأضاف ملا رشيد، لعنب بلدي، أن نجاح عملية التفاوض بين “قسد” وإدارة دمشق تحتاج إلى توافق يعتمد على تفاهمات دقيقة، وثقة قوية، في ظل اختلاف الجهات الداعمة، والأهداف المتعلقة بالتصور حول صيغة الحكم في سوريا.
كما أشار الباحث في الشؤون الكردية إلى أن كلا الطرفين لديه وجهة نظر مختلفة، فيما يخص الموارد والثروات الطبيعية من نفط وغاز، ومحصول القمح بشكل رئيس، وهذه الموارد الخاصة بالدولة السورية تقع تحت سيطرة “قسد”.
وإلى جانب رفضها الانضمام على مستوى الأفراد، تعمل “قسد” على إبقاء الهياكل المدنية التابعة لها دون حلها، وهو ما اعتبره شيخ علي تحديًا ثانيًا أمام نجاح المفاوضات.
ويرى شيخ علي أنه يوجد توافق جزئي بين الطرفين، حول إعطاء صلاحيات أكبر للإدارة المحلية، لكن دمشق تصر على رفض أي صيغة قد تؤدي إلى نوع من المحاصصة العرقية أو الطائفية.
السيناريو الثاني المتوقع من قبل الباحثين على صعيد التفاوض الحاصل بين دمشق و”قسد” هو فشل العملية المستمرة بينهما، وتحول مجريات الأمور باتجاه الصدام العسكري.
ورغم ترجيح دمشق للحل السلمي على أي صدام عسكري مع “قسد”، فإن احتمال عدم توافق الطرفين وحصول تصعيد عسكري ما زال قائمًا، وفقًا لبدر ملا رشيد.
ومن وجهة نظر الباحث أسامة شيخ، علي فإن فشل المفاوضات ووقوع أي صدام عسكري سيكون “أمرًا مكلفًا بطبيعة الحال”.
وذكر أن أهم معوق لهذا السيناريو هو الوجود الأمريكي، مستبعدًا سعي دمشق إلى حصول صدام واسع أو إطلاق معارك في مناطق شمال شرقي سوريا، قبل انسحاب واشنطن من هناك.
تسيطر “قسد” على مناطق واسعة في شمال شرقي سوريا، وتتلقى دعمًا عسكريًا منذ سنوات من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد سقوط نظام الأسد، تصدرت قضية هذه القوات المشهد السوري، خاصة أن حلها قد يعني إزالة أبرز العقبات أمام الإدارة الجديدة في دمشق، على صعيد الميدان والعسكرة وحتى الشق المتعلق بالسياسية.
وما بين التفاوض ونجاحه وفشله وذهاب “قسد” وإدارة دمشق باتجاه الصدام، يبرز سيناريو ثالث يتعلق باستمرار المفاوضات لفترة أطول، لكن الباحثين يعتبرونه “الأقل حظًا”.
وقال الباحث أسامة شيخ علي، إن من المتوقع استمرار مسار التفاوض لفترة أطول مع تحقيق بعض الاختراقات، من خلال تقديم “قسد” بعض التنازلات في بعض الملفات التي تتمسك بها، والمتمثلة في شكل الانضمام للجيش وقضايا أخرى تتعلق بالثروات وإدارتها.
وأشار إلى أن بقاء هياكل “الإدارة الذاتية” الجناح السياسي لـ”قسد” لفترة مقبلة سيناريو متوقع، من خلال التوافق مع دمشق على خروج “قسد” من المناطق ذات الغالبية العربية في دير الزور والرقة وبقائها في مثلث الحسكة أو في مناطق ذات غالبية كردية.
ويعتقد بدر ملا رشيد أن استمرار ما أسماها حالة اللاتوافق دون مواجهات شاملة هي الأقل حظوظًا بين الاحتمالات الأخرى، لما تفرضه الضرورات لإمكانية بقاء عمل “قسد” السياسي والعسكري دون أي اعتراف رسمي من الحكومة الجديدة أو المجتمع الدولي، ما يجعلها عرضة للتهميش ويضعف قدرتها على التفاوض أو تأمين دعم دولي مستدام.
وأضاف أن هذا السيناريو سيفرض استمرار حالة الصدام العسكري وغياب التنسيق بين الطرفين، ما يؤدي إلى أزمات اقتصادية وإنسانية وأمنية، مثل نقص الموارد والخدمات الأساسية.
ووفقًا للباحث أسامة شيخ علي، فإن أبرز أوراق الضغط التي تمتلكها “قسد”، هي قوتها العسكرية وقدرتها على التأثير، بالإضافة إلى ملف معتقلي وعوائل “التنظيم” المحتجزين لديها.
وقال إن هذا الملف يعد من أقوى الأوراق التي تملكها “قسد” ولن تتنازل عنها بسهولة.
الدولة التي تحظى باعتراف دولي هي الوحيدة القادرة على إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المحتجزين من عناصر التنظيم، وربما ترحيلهم إلى دولهم، بحسب شيخ علي، مشيرًا إلى عدم قدرة “قسد” على إنهاء هذا الملف.
وذكر أن الوضع الحالي في مخيمات عوائل التنظيم ومقاتليه المحتجزين لا يمكن أن يستمر طويلًا.
وتعمل “قسد” على تحريك الرأي العام الكردي، من خلال ربط مصير القضية الكردية بمصيرها، بمعنى أن انهيار “قسد” أو نهايتها سيعني نهاية القضية الكردية في سوريا، وبالتالي زيادة الدعم الكردي لمشروعها، بحسب ما ذكره شيخ علي.
وعقدت القيادة العامة في سوريا مؤتمرًا لإعلان انتصار الثورة، في 29 من كانون الثاني الماضي، ضم قادة عسكريين من أغلب الفصائل العسكرية.
ومن أهم ما جاء في مخرجات “مؤتمر النصر“، تنصيب أحمد الشرع رئيسًا لسوريا في المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى حل جميع الفصائل العسكرية ضمن وزارة الدفاع، وإعادة بناء الجيش السوري على أسس وطنية.
وكانت “الإدارة الذاتية” انتقدت “مؤتمر النصر” معتبرة أنه غير قانوني، وجاء في بيانها، في 2 من شباط الحالي، أن القرارات الصادرة عن المؤتمر يجب أن تكون ضمن مؤتمر وطني تحضره جميع المكونات والطوائف والشرائح السورية، وليس القيادات العسكرية فقط.
وأضاف البيان أن السياقات التي تتم خارج إطار المؤتمر الوطني السوري ودون مشاركة القوى السياسية والثورية والشعبية تعتبر “منقوصة”، مشيرة إلى أن الحل الأمثل لإنهاء حالة عدم الاستقرار هي عقد حوار وطني دون إقصاء أحد.
بينما قال وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، في 7 من شباط الحالي، إن نحو 100 فصيل مسلح في سوريا وافقوا على الانضمام لوزارة الدفاع، مع حل وحداتهم الحالية.
وذكر أبو قصرة في وقت سابق أن وزارة الدفاع هي حالة مؤسساتية، والأولوية ترميم جيش هدفه الدفاع عن الوطن لا عن مصالح خاصة أو طائفة على حساب باقي المكونات السورية.
وذكر أنه تم تشكيل لجنة من كبار الضباط للعمل على هيكلة المؤسسة العسكرية الجديدة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى