تعا تفرج

سوري؟ أم مجهول النسب؟

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

المشكلة في شعبنا الطيب أنه اعتاد، خلال عشرات السنين، على الهزائم، ولذلك تنتابه، اليوم، بعض مشاعر الفرح بسقوط نظام الأسد، الذي كان يبدو وكأنه غير قابل للسقوط، فتراه ينظر إلى أي تحسن في وضعه، على أنه انتصار، حتى إن أحدهم كتب على صفحته، إثر تعيين أحمد الشرع في منصب الرئاسة: الحمد لله، أنا سوري، وصار عندي رئيس سوري.

لست بصدد الرد على هذا الإنسان الطيب، ولكن الفكرة التي طرحها، برأيي، تستحق المناقشة، لأن الانتساب لسوريا، لدى غالبية الشعب السوري، يبدو غائمًا. فأن تكون سوريًا، هذا تعريف، وليس ميزة تدعو للتباهي، أضف إلى ذلك أن حضرتك، على ما يبدو، متأثر بفيصل القاسم الذي زعم، ذات يوم، أن بشار الأسد بهرزي، وليس سوريًا، والحق أن بشار الأسد كان مستبدًا، مجرمًا، ولكنه سوري، بالإضافة إلى أن الذين تضافرت جهودُهم لقتل أبناء الشعب السوري، إما سوريون، أو غرباء دعاهم سوريون “لتشريفنا”، والمساهمة في قتلنا.

تعال نقرأ هذه المعلومات التاريخية البسيطة. من سنة 1516، ولغاية 1918، يعني خلال 402 سنة، لم تكن هذه البلاد تُعرف باسم سوريا، وكانت واقعة تحت سلطة الدولة العثمانية، لم يحكمها ملك سوري، ولا حتى عربي، وبمجرد ما هزمت الدولة العثمانية، في أواخر سنة 1918، أرسل الشريف حسين، والي الحجاز، ولده فيصل إلى دمشق، ليحكمها، دون استشارة أهلها، وللعلم أن هذه المنطقة الجغرافية التي حملت اسم “سوريا” فيما بعد، قدمها الإنجليز هدية للشريف حسين، لأنه حارب معهم ضد العثمانيين، في الحرب العالمية الأولى.

وأما رؤساء سوريا، الذين جرى تعيينهم أو انتخابهم، منذ أيام الانتداب الفرنسي إلى اليوم، ومنهم محمد علي العابد، وتاج الدين الحسني، وهاشم الأتاسي، وحسني الزعيم، وأديب الشيشكلي، وشكري القوتلي، وناظم القدسي، وأمين الحافظ، ونور الدين الأتاسي، فسوريون، حتى ولو كان بعضهم من أصول تركية، ففي النصف الأول من القرن الـ20، لم يكن ثمة تمييز بين عثماني وسوري، لأن سوريا لم تكن موجودة بوصفها كيانًا سياسيًا محددًا، والاستثناء الوحيد، كان: جمال عبد الناصر، رئيس مصر الذي ذهب ضباط سوريون إليه، وأهدوا له سوريا ليحكمها.

لا أهتم، أنا محسوبكم، فيما أكتب أو أقول، بمسألة النسب، وأقول، دائمًا، إن معيار الأهمية والاحترام، عندي، هو العمل، فلو كان بشار الأسد بهرزيًا، كما زعم فيصل القاسم، ومحبًا لسوريا وشعبها، مكرسًا حياته لخدمتها، لوضعناه على الرأس والعين، والكلام نفسه يقال عن الملك فيصل، وجمال عبد الناصر.

هذا الكلام، يتيح لنا أن نتحدث في شأن لا يخلو من الطرافة، يتعلق بظاهرة “التكويع” التي انتشرت في الآونة الأخيرة، فقد رأينا ضابطين منشقين عن الجيش السوري، كان لهما وجود ثقيل في أثناء “الثورة”، عرف عنهما أنهما يبثان الكراهية والحقد ضد أبناء مكونات الشعب السوري، رأيناهما وهما يمدحان أحمد الشرع، ويدافعان عنه باستماتة.. وما فعله الناشطون الثوريون، أنهم عادوا إلى أرشيفيهما، واتضح أنهما كانا يتهمان أحمد الشرع (الجولاني سابقًا) في فيديوهات سابقة، بأنه مجهول النسب. فتأمل!

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة