إغلاق المؤسسات الرسمية يعطل معاملات الأهالي في الحسكة

سيطرت "الإدارة الذاتية" على المؤسسات الحكومية التي كانت في "المربع الأمني" وسط الحسكة بعد سقوط بشار الأسد - 8 كانون الأول 2024 (نورث برس)
tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

يعجز مواطنون في الحسكة شرقي سوريا عن إتمام معاملاتهم الرسمية بسبب إغلاق مؤسسات حكومية مثل مديرية الأحوال المدنية (النفوس)، والمحاكم من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

هذه الحالة التي لا تزال تربك الأهالي مستمرة حتى شباط الحالي، إذ بدأت منذ سيطرة “قسد” على تلك المؤسسات عقب سقوط النظام السوري السابق، وهروب بشار الأسد إلى موسكو، في 8 من كانون الأول 2024.

استخراج الوثائق مهمة مستحيلة

صارت المعاملات مثل تجديد الهويات واستخراج الوثائق الرسمية، وتسجيل العقارات، وحتى إتمام القضايا القانونية، مهمة مستحيلة، وفق أشخاص قابلتهم عنب بلدي.

ويعتبر إغلاق مديرية الأحوال المدنية من أكثر الإجراءات تأثيرًا على المواطنين، بحسب ما رصدته عنب بلدي، فمن دون هذه المديرية لا يمكن للمواطنين تجديد هوياتهم الشخصية أو استخراج شهادات الميلاد أو الوفاة، أو إتمام أي معاملة تتعلق بالحالة المدنية.

هذا الأمر خلق مشكلات للسكان، خاصة في القضايا التي تحتاج إلى وثائق رسمية لاستكمال أي معاملة حكومية.

يشعر عزت الحسين (40 عامًا) المقيم في القامشلي بالقلق من أن تطول هذه المشكلة، إذ أضاع بطاقته الشخصية (الهوية) قبل بدء المعارك التي أدت إلى سقوط النظام بأسبوع.

وقال لعنب بلدي، إنه كان يحاول تنظيم “ضبط شرطة ” لدى مديرية منطقة القامشلي من أجل استخراج بطاقة “بدل ضائع”، لكن تطور وتسارع الأحداث حال دون ذلك.

وأضاف أنه الآن من دون هوية أو ضبط رسمي يثبت أنه فقدها، ما يسبب له العديد من المشكلات خلال المرور بحواجز “قسد” المنتشرة في المنطقة، ويعرقل تحركه لمناطق أبعد من مدينته.

المحاكم والقضايا القانونية

المحامي حسن مخلف (37 عامًا) من القامشلي، قال لعنب بلدي، إن إغلاق المحاكم الرسمية في كل الحسكة أدى إلى تعطيل آلاف القضايا القانونية، بما في ذلك قضايا الأحوال الشخصية مثل الطلاق والميراث، بالإضافة إلى القضايا المدنية والتجارية ودفع ببعض السكان للسفر إلى محافظات أخرى لاستكمال أوراقهم.

وذكر أن المواطنين الذين يحتاجون إلى حل نزاعات أو إتمام معاملات قانونية وجدوا أنفسهم أمام خيارين، إما الانتظار لفترات غير محددة، وإما اللجوء إلى المحاكم التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، التي لا تعترف بها الحكومة السورية ولا العديد من الدول.

تأثير على سوق العقارات

المحامي أوضح أن توقف العمل في دوائر تسجيل العقارات التابعة للحكومة السورية أدى إلى تجميد سوق العقارات في المنطقة، فالأشخاص الذين يرغبون في بيع أو شراء عقارات وجدوا أنفسهم عاجزين عن إتمام معاملاتهم، بسبب عدم وجود جهة رسمية معترف بها لتسجيل العقارات.

وخلق هذه الأمر حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، وسبب ركودًا في سوق العقارات، وحتى في بيع وشراء السيارات المسجلة لدى حكومة دمشق المؤقتة.

تعذّر على عبد الرحمن العليوي (32 عامًا) من القحطانية بريف الحسكة بيع منزله الذي تبلغ قيمته نحو 30 ألف دولار أمريكي لوفاء دين مالي مستحق عليه.

وقال لعنب بلدي، إنه رغم تخفيض السعر بنحو 6000 دولار، لم يستطع البيع بسبب إغلاق المحاكم وعدم رغبة المشترين بالمغامرة في الوقت الحالي.

وذكر أنه سُجن لدى “الإدارة الذاتية” لمدة أسبوع بعد شكوى ضده تقدم بها الدائن، لكنه خرج بكفالة، وحتى الآن يحاول بيع منزله وهو “مهدد بالسجن مرة أخرى” إذا لم يسدد ما عليه من ديون.

وبحسب ما علمته عنب بلدي من عدة محامين في المنطقة، فإن عملهم شبه متوقف حاليًا، ويقتصر دورهم على كتابة بعض عقود البيع والشراء، لكن دون أن يتم تثبيتها في المحاكم.

كما طلبت “الإدارة “الذاتية” من المحامين العودة إلى الدوام في المحاكم، لكن على أن يكون العمل وفق “قوانين الإدارة” وهذا ما رفضوه، لافتين إلى أن “الإدارة” في الوقت الحالي مسيطرة على كامل أوراق ومعاملات وأرشيف المحاكم، ونقلتها إلى أحد الأقبية في مبنى المحكمة.

وأثار قرار إغلاق المؤسسات من قبل “الإدارة الذاتية” موجة من الانتقادات من قبل سكان المنطقة، مطالبين بالتراجع عن قرارها غير المعلن.

وبالنسبة لـ”قسد” وهي الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية”، لا تزال المفاوضات جارية مع دمشق، للانخراط مع الإدارة السورية الجديدة، بوجود أطراف تحاول خلق صدام عسكري بينهما، وفق قائد “قسد”، مظلوم عبدي، الذي ذكر وجود تنسيق لتفادي هذا الصدام.

في المقابل، يشترط الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وجود ثلاث قواعد أساسية لحل المشكلة وهي: ألا يكون هناك تقسيم في سوريا بأي شكل من الأشكال، حتى لو كانت بشكل فيدرالي، ومغادرة المسلحين الأجانب الذين يتسببون بمشكلات لدول مجاورة، وأن يكون السلاح محصورًا بيد الدولة فقط.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة