تنتظر استجابة.. مطالب بـ”تبييض” سجون إدلب

انتشار قوات "الأمن العام" في منطقة سرمدا بريف إدلب - 16 أيلول 2024 (وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ)

camera iconانتشار قوات "الأمن العام" في منطقة سرمدا بريف إدلب - 16 أيلول 2024 (وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ)

tag icon ع ع ع

تتواصل المطالب بالإفراج عن المعتقلين في سجون مدينة إدلب شمال غربي سوريا، كانت اعتقلتهم “هيئة تحرير الشام” التي شكلّت رأس حربة الفصائل العسكرية في عملية “ردع العدوان” ونتج عنها سقوط النظام السوري السابق، وهروب بشار الأسد إلى روسيا في 8 من كانون الأول 2024.

مطالب حملها ناشطون وشرعيون ومدنيون وأحزاب، معتبرين أن الإفراج عن المعتقلين أولوية، خاصة من معتقلي الرأي، لا سيما بعد التحرر من قبضة حكم الأسد وأجهزته الأمنية والعسكرية، مذكّرين بمبادئ الثورة السورية بالحرية والكرامة.

تتوجه الدعوات اليوم إلى رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، الذي كان قائد “هيئة تحرير الشام”، ولا تزال بانتظار الاستجابة.

دعوة لإصدار عفو

في 4 من شباط الحالي، طالب الداعية والشرعي، عبد الرزاق المهدي، أحمد الشرع بإصدار عفو عن جميع معتقلي الرأي من سجون إدلب، وفي مقدمتهم “أبو يحيى الجزائري” و”أبو شعيب المصري” و”أبو سفيان الجبلاوي”.

واعتبر المهدي أن تبييض السجون “واجب المرحلة”، قائلًا إن الناس يتساءلون لماذا التسامح والتلطف مع “أبواق النظام البائد من مذيعين ومذيعات وإعلاميين وإعلاميات وعساكر (الفرقة الرابعة) وجميع ميليشيات وضباط بشار وقصة التسويات”، ولا تكون هذه المعاملة مع معتقلي الرأي في إدلب، وكانوا مع المجاهدين والمرابطين في الخنادق؟”.

وذكّر المهدي الشرع بحديث عن النبي محمد، “وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا”، “فمن أحب أن يعزه الله فليصفح عن المؤمنين”، وفق تعبيره.

وأضاف، “كما أنكم توصون شرعييكم وجنودكم بأن يتعاملوا مع أبواق النظام وأشباههم باللطف واللين، فأولى أن يكون اللطف واللين مع عباد الله المؤمنين”.

“نداء إنساني”

في 21 من كانون الأول 2024، صدر بيان و”نداء إنساني” عن “نشطاء الحرك الثوري السوري” موجه لأحمد الشرع، في قيادة “إدارة العمليات العسكرية”، طالبوا بالإفراج عن كل المعتقلين في السجون التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” في إدلب، إلا المثبت عنهم تورطهم بالدم، بأدلة تقدم لمحاكم مستقلة للنظر في محاسبتهم.

ونص البيان الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه، أنه آن الأوان لتنهض سوريا من جديد، بصفحة بيضاء تُنهي عذابات الماضي، وأن إجراء الإفراج هو أسوة بكل السجون في سوريا، حتى تتشارك عائلاتهم فرحة السوريين بالنصر، وتلملم جراحهم بجمع الغائبين.

وطالب بيان “النشطاء” بإنهاء ملف المعتقلين في سجون جميع القوى العسكرية، بما فيها “الجيش الوطني السوري” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لإغلاق هذا الملف المظلم في تاريخ سوريا، ولينعم بالحرية كل معتقل.

وأكد البيان ضرورة تفعيل “محاكم سوريا الحرة” بالسرعة القصوى، لمحاسبة المجرمين وكل منتهك لحقوق الشعب السوري.

انتشار قوات "الأمن العام" في منطقة سرمدا بريف إدلب - 16 أيلول 2024 (وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ)

انتشار قوات “الأمن العام” في منطقة سرمدا بريف إدلب – 16 أيلول 2024 (وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ)

حزب “التحرير”: أكثر من 40 معتقلًا

لطالما كان ملف السجون والتعذيب في معتقلات “تحرير الشام” شائكًا خلال السنوات الماضية، وفتح منذ مطلع عام 2024 باب الانتقادات والحراك على مصراعيه، و أربك “الهيئة” وقائدها الذي واجه حملة انتقادات عام 2021، حين نفى وجود تعذيب في سجون الفصيل.

لم تستطع عنب بلدي معرفة عدد المعتقلين في سجون إدلب، لكن برزت خلال السنوات الماضية اعتقالات بحق أعضاء من حزب “التحرير” وهو حزب إسلامي سياسي، لا يعترف بحدود الدول الوطنية، ويطالب بعودة الخلافة الإسلامية، ولا يتوافق مع أفكار ونهج “هيئة تحرير الشام”.

وفق توضيح من حزب “التحرير” لعنب بلدي، فإن عدد المعتقلين من حزب “التحرير” في سجون إدلب يبلغ ما يزيد على 40 شابًا، وهم من محافظات مختلفة من درعا ودمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب والرقة، وأعمارهم ما بين 30 عامًا حتى قرابة الـ60 عامًا.

وذكر أن جميع المعتقلين رجال، ولا يوجد أطفال ولا نساء، وتواريخ اعتقالهم ليست واحدة، فمنهم من اعتقل عند حملة شنها “الأمن العام” في أيار 2023، ومنهم بعد شهر، والبقية تواريخ اعتقالهم مختلفة، لكن أغلب الأشخاص اعتقلوا بهذه الفترة.

لا تُهم ولا زيارات

وفق التوضيح، لم يصل إلى حزب “التحرير” أي معلومة عن الاتهامات بحق المعتقلين، لكن كثيرًا ممن خرج ونقل عنهم (والذين لا يتبعون للحزب) قالوا إن توقيفهم غير معروف السبب، ولم توجه لهم أي تهمة.

وعن ظروف الاعتقال، ذكر “الحزب” أنها مختلفة من مكان لآخر، فظروف المعتقلين في سجن “الـ55” في مدينة حارم شمالي إدلب كانت “بشعة بشكل كبير جدًا”، على عكس سجن “جسر الشغور” أو “سرمدا”، لكن في النهاية السجن هو سجن مهما أخذ المعتقل من ميزات أو حسن معاملة، وفق التوضيح.

أما الزيارات، فليست مسموحة، وكثير من المعتقلين حتى اللحظة لم تتم زيارتهم، ومضى على اعتقالهم سنة ونصف، وفق التوضيح.

وفق توضيح “الحزب” لعنب بلدي، فإن بعض الزيارات التي حصلت كانت بناء على “واسطة أو علاقة بين أهل المعتقل وقيادي”، وعدم وجود تهم واضحة يعني عدم إمكانية توكيل محامٍ، والأمر غير مسموح به، فضلًا أن من بين المعتقلين يوجد محامٍ معروف في منطقة إدلب وريف حلب الغربي.

وعود فقط.. رسالة إلى الإدارة الجديدة

لم يتلقّ حزب “التحرير” أي رد على مطالب إطلاق سراح أعضائه، فكل ما تلقاه هي “الوعود” بأن خروج المعتقلين قريب، وهذا يؤكد غياب الوضوح عن سبب الاعتقال، حسب قوله.

وعن المطالب أو الرسالة إلى الإدارة السورية الجديدة، قال “الحزب” إنه يذكّر بسبب خروج الثورة، فقد كانت نتيجة ظلم واعتقالات تعسفية كان يقوم بها النظام السابق، محذرًا من السير بنفس العقلية والأسلوب بالتعاطي مع مخالف الرأي.

كما ذكّر حزب “التحرير” بأن المعتقلين هم ناشطون سياسيون وميدانيون و”قيادات تحرير”، وقبل كل ذلك هم “ثوار أوائل”، كما ذكّر بأنهم لاقوا في سجون الأسد المخلوع الكثير، لافتًا إلى أن منهم من كان معتقلًا في فروع “الأمن العسكري” و”المخابرات الجوية” و”صيدنايا”.

الإفراج عن معتقلين في سجون إدلب بعد إصدار عفو عام - أيار 2024 (الأمن العام)

الإفراج عن معتقلين في سجون إدلب بعد إصدار عفو عام – أيار 2024 (الأمن العام)

تواصلت عنب بلدي مع مكتب العلاقات الإعلامية في حكومة دمشق المؤقتة للحصول على توضيحات عن المعتقلين في سجون “إدلب” وردها على مطالب الإفراج عنهم، وتعليقها على غياب التهم بحقهم، ومنع الزيارات لهم، لكن لم تتلقّ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.

مطالب و”عفو سابق”

في شباط 2024، خرج حراك سلمي يطالب بإسقاط “الجولاني” وتبييض السجون، كانت شرارته مقتل العسكري عبد القادر الحكيم المعروف بـ”أبو عبيدة تل حديا” في سجون “تحرير الشام”.

الشاب من فصيل “جيش الأحرار” قُتل إثر تعذيب تعرض له على خلفية ملف “العمالة”، إذ اعتُقل قبل نحو عشرة أشهر، ودفنته “الهيئة” قبل خمسة أشهر دون إخبار أهله.

بعد شهر من الحراك، تعهد رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في “تحرير الشام“، عبد الرحيم عطون، بزيارة السجون وإصدار عفو عام عن المعتقلين، مع إطلاقه وعودًا بوجود عدد من الإصلاحات والإجراءات المزمع تطبيقها والإعلان عنها، دون أن يوضح ماهيتها.

وفي 5 من آذار 2024، أصدرت حكومة “الإنقاذ” التي كانت تعمل في إدلب، مرسومًا يقضي بعفو عام عن مرتكبي الجرائم بمناسبة شهر رمضان، ومصادقة على مشروع منح عفو عام، بعد حصولهم على وثيقة “حسن سيرة وسلوك”، ووفق شروط واستثناءات.

و حتى 24 من أيار 2024، تجاوز عدد المفرج عنهم 700 شخص، بحسب توضيح حينها من وزارة العدل في “الإنقاذ” لعنب بلدي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة