“المركزي السوري” يحبس أموال المواطنين

  • 2025/02/10
  • 3:01 م
يحمل السوريون العملة بالحقائب مع تدني قيمتها أمام الدولار بينما يحاول المركزي تقييدها (رويترز/ عمار عوض)

يحمل السوريون العملة بالحقائب مع تدني قيمتها أمام الدولار بينما يحاول المركزي تقييدها (رويترز/ عمار عوض)

أثارت قضية حبس السيولة في مصرف سوريا المركزي الجدل بين المواطنين، بعدما انعكس سلبًا على قدرة المواطن الشرائية.

مواطنون قابلتهم عنب بلدي قالوا إنهم لم يتمكنوا من سحب مبالغ مالية من أرصدتهم في البنوك، لعدم توفر سيولة في المصارف.

ولا تسمح المصارف الخاصة للمواطنين بسحب أموالهم أو رواتبهم التي يتم تحويلها إلى حساباتهم الخاصة.

ويعطل هذا الإجراء حركة المال، ما أدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي والاستثماري.

سقف السحب اليومي

وحددت بعض المصارف الخاصة سقف السحب اليومي بمبلغ 250 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين المستلزمات الضرورية للأسرة.

ويعني ذلك حبس السيولة النقدية من العملة السورية بيد المصرف المركزي، والمصارف الخاصة، وينعكس ذلك على الأفراد الذين يضطرون لصرف مدّخراتهم.

يصرّف المواطنون مما يدخرون من العملة الأجنبية (الدولار) أو من الحوالات القادمة من الخارج، ولو بسعر أقل من التسعيرة المحددة من قبل مصرف سوريا المركزي.

لكن شركات الصرافة المرخصة أغلقت أبوابها منذ أيام بسبب تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية.

بينما ينتشر الصرافون الجوالون غير المرخصين في شوارع دمشق خصوصًا في ساحة السبع بحرات مقابل مصرف سوريا المركزي، ويعملون دون رقابة.

ويلجأ بعض التجار للتخفيضات أو للعروض لمختلف الأنواع سواءً الغذائية أو الألبسة، ليتقاضوا أموالًا تساعدهم لدفع المستحقات الشهرية من أجور محال وعمال.

اقرأ أيضًا: بعد الزيادة.. رواتب الموظفين تعادل ربع احتياجات العائلة

حبس السيولة يوقف الإنتاج

الأكاديمي والخبير الاقتصادي فراس شعبو، قال لعنب بلدي إن حبس السيولة يوقف عجلة الإنتاج، وفي علم الاقتصاد نسمي ذلك “قتل الطلب”، أي أن السيولة عندما تسحب من السوق، يوجه الطلب للأولويات فقط.

وعندما ينخفض الاستهلاك نتيجة حبس السيولة يتوقف البيع، وهذا يؤدي إلى عدم قدرة التاجر أو الصناعي على دفع تكاليف إنتاجه، بحسب شعبو، وعندما يلجؤون لتصريف الدولار تعد هذه كارثة، لأن حبس الليرة أدى إلى انخفاض قيمة الدولار بشكل كبير، وبهذه العملية ارتفعت تكاليف الإنتاج.

أما بالنسبة للأفراد، فقد تأثروا بأن المدخرات التي يمتلكونها تآكلت، فعلى سبيل المثال الشخص الذي كان يمتلك 10 آلاف دولار كانت تعادل حوالي 150 مليون ليرة سورية قبل شهرين أما اليوم تعادل تقريبًا 100 مليون ليرة سورية أو أقل، وبالمقابل لم تنخفض الأسعار فعليًا.

وبالنسبة للإجراءات التي يجب اتباعها، قال شعبو إنه يجب أن يكون هناك ضخ للسيولة بشكل تدريجي وتسهيل عمليات السحب البنكي والأرصدة، حتى تدور عجلة الاقتصاد، لأن الإنفاق الحكومي بحدوده الدنيا وهذا ما يساهم أيضًا بحبس السيولة، فمن المفترض أن تعمل مؤسسات الدولة و السماح بسحب الودائع لأنها حق كل شخص.

كما يجب أن تعود أموال منصة تمويل المستوردات لأصحابها، والتي تقدر بنحو ترليون ونصف ليرة سورية وهو رقم ضخم جدًا، ولكن هذه الخطوات يجب أن تكون تدريجية لأن الاستمرار بهذا الوضع من شأنه أن يرفع سعر الصرف لمستويات كبيرة، بحسب شعبو.

لا معلومات عن حجم الكتلة النقدية

وحول إغلاق شركات الصرافة، أوضح شعبو أن مصرف سوريا المركزي اشترط وضع وديعة بقيمة 20 مليون دولار، مقابل حصول شركات الصرافة والحوالات على ترخيص العمل، بينما اشترط وضع مليون دولار لترخيص مكاتب الصرافة.

واعترض أصحاب الشركات على هذا القرار، وسط مباحثات حول الأمر، بحسب شعبو، مبينًا أن إغلاقها سيفسح المجال لأصحاب النفوذ في التحكم بسعر الصرف.

وأصدر مصرف سوريا المركزي تعميمًا، في 5 من شباط الحالي، حول عمليات بيع القطع الأجنبي للمصارف العاملة المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي.

ويسمح في إطار تسوية أرصدة الالتزامات العائدة للمستوردين التي كانت تمول عن طريق منصة تمويل المستوردات، للمصارف بإجراء عمليات بيع دولار أمريكي قيدًا في الحساب الخاص بالعميل، مقابل اقتطاع الليرات السورية من حسابه بقيمة المبلغ المحول إليه باستخدام سعر الصرف الوارد في النشرة الصادرة عن المصرف، بتاريخ تنفيذ عملية البيع.

مصرف سوريا المركزي تعميم حول عمليات بيع القطع الأجنبي للمصارف العاملة المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي.


وتعليقًا على القرار، أوضح شعبو أن هذه خطوة إيجابية وتؤدي إلى تنشيط حركة الاقتصاد، ونحن بحاجة لخطوات أكثر لبث الأمان في السوق السورية.

أما إجراء حبس السيولة، فجزء منه كان من أولويات المرحلة الحالية، والجزء الآخر تنظيمي وإداري، فالحكومة الجديدة استلمت المصرف شبه خالٍ من الأموال، بالإضافة إلى أن الإدارة كان لديها تخوف من تحريك بعض الحسابات المحسوبة على الأذرع الأمنية أو المالية لدى النظام السابق، فحاولت تقييد حركة الحسابات، وتوقيف جميع الإنفاقات الحكومية، وفقًا لشعبو.

وتعد السيولة النقدية أحد العناصر الأساسية التي تضمن استقرار الاقتصاد ونموه، في وقت يعاني معظم السوريين صعوبة في الحصول على أموالهم اللازمة للمعاملات اليومية.

ضبط الكتلة النقدية في السوق مهم جدًا، لأن ذلك يساعد في معرفة سعر الصرف الحقيقي والعديد من الإجراءات الأخرى إن أرادت الحكومة تغيير العملة، وليست هنالك معلومات حول حجم الكتلة النقدية من العملة السورية الموجودة في السوق، وفق شعبو.

ويلزم لضبط عملية التصريف مؤسسات قوية ممثلة بمصرف سوريا المركزي، لديها القدرة على الرقابة وتنفيذ العمليات (بيع، شراء) وفق تسعيرته الصادرة وإلزام المصارف بها، لكون عمل المصرف اليوم يقتصر على إصدار النشرة الرسمية فقط.

وختم شعبو أن إزالة العقوبات المفروضة على سوريا سيسمح بتنظيم العمل المصرفي الداخلي، لأن العقوبات توقف عمل المصارف.

وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، على الرغم من تحسن الليرة السورية، لأن الأسعار ماتزال مرتفعة مقابل الدخل الشهري وهذا ما يزيد من تردي الأوضاع المعيشية.

وترتبط القدرة الشرائية للمواطنين بسعر صرف العملة ومعدل التضخم في البلاد، فكلما ارتفع معدل التضخم، قل عدد السلع والخدمات التي يمكن أن تشتريها الوحدة النقدية من العملة، وكلما ارتفع سعر العملة، زادت القدرة الشرائية، والعكس بالعكس.

وكان مصرف سوريا المركزي وجه في اليوم التالي لسقوط النظام السابق، رسالة للسوريين المتعاملين مع جميع المصارف العاملة، بأن ودائعهم وأموالهم الموضوعة لدى تلك المصارف آمنة ولم ولن تتعرض لأي أذى.

مقالات متعلقة

  1. النظام يخبئ "الكاش" تحت "مخدة المركزي" لضبط الليرة السورية
  2. "تجفيف السيولة" لضبط الأسواق في سوريا.. ما النتائج؟
  3. "المركزي السوري": رفع سقف السحب النقدي للمواطنين خلال أشهر
  4. "المركزي السوري" يرفع سقف السحب اليومي من الحسابات المصرفية

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية