أقساط القروض.. عبء على الموظفين المفصولين

تاجر عملات في سوق بمدينة منبج في محافظة حلب شمالي سوريا - 4 كانون الثاني 2025 (AFP)

camera iconتاجر عملات في سوق بمدينة منبج في محافظة حلب شمالي سوريا - 4 كانون الثاني 2025 (AFP)

tag icon ع ع ع

خسر عيد زيود، عمله في وزارة التنمية الإدارية، مع بداية عام 2025، نتيجة صدور قرار بفصله مع مجموعة من زملائه، تحت ما يسمى “إعادة هيكلة الجهاز الحكومي“.

واستغنت حكومة محمد البشير منذ استلامها زمام الأمور في سوريا، عن بعض العاملين في القطاع الحكومي، وخاصة المعينين من “ذوي قتلى” جيش النظام السابق، أو بموجب مسابقة “المسرحين” من الخدمة الإلزامية، إضافة لتجميد عدد آخر من العاملين، بمنحهم إجازة مأجورة لمدة ثلاثة أشهر.

أقساط قروض متعثرة

زيود حصل على قرض شخصي من “المصرف التجاري” بقيمة 12.5 مليون ليرة سورية (يقابل الدولار 10 آلاف ليرة وسطيًا في السوق السوداء)، بقسط شهري 255500 يدفعه يدويًا لدى أحد فروع المصرف لمدة سبع سنوات.

لكنه لن يتمكن من دفع أقساط القرض المترتبة عليه، إذا استمر الوضع المعيشي بهذا السوء، بحسب ما قاله لعنب بلدي، فبالتزامن مع زيادة عدد العاطلين عن العمل ونقص العروض في السوق، لا يعلم ما الإجراءات التي سيتخذها المصرف لتحصيل مبلغ القرض.

يتراوح متوسط الرواتب والأجور في القطاع العام بين 375 و400 ألف ليرة، بعد الزيادة الأخيرة في عام 2024، بنسبة 50%، ويستطيع الموظفون الحصول على قروض شخصية من المصارف الحكومية بسقوف تتناسب مع دخولهم، على أن يكونوا قادرين على سدادها.

أماني الفروان، منحت إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر، وليس هناك أي تصور حول ما ينتظرها في نهاية المدة.

الفروان حصلت على قرض شخصي من “المصرف العقاري” بقيمة 15 مليون ليرة سورية لمدة سبع سنوات، وبقسط شهري قيمته 300 ألف ليرة سورية، يقتطع بشكل أتوماتيكي عند صدور الراتب، وستستمر بدفع أقساطه من عملها الإضافي في القطاع الخاص إذا صدر أي قرار بفصلها من الوظيفة، حتى لا تتسبب بالضرر لكفيلها، بحسب ما قالت لعنب بلدي.

وأعلن وزير المالية في حكومة سوريا الانتقالية، محمد أبازيد، عن زيادة في رواتب العديد من موظفي القطاع العام قد تصل إلى 400%، بعد الانتهاء من عملية “إعادة الهيكلة” دون الكشف عن الفئات التي  ستحصل عليها، مما سيكلف الدولة نحو تريليون و650 مليون ليرة شهريًا.

خسارة متواضعة

يعود تقدير كتلة القروض وتأثيرها إلى مصرف سوريا المركزي، الذي يملك النشاط الإقراضي للمصارف بشكل عام،  وتعد نسبة القروض الشخصية متواضعة جدًا كنسبة مئوية إلى إجمالي التسليف المسلف لدى المصارف الحكومية، ولكنها تبقى أموال المودعين وليست أموال المصرف، وأموال المودعين حق لهم، بحسب ما قال الخبير والباحث الاقتصادي، الدكتور علي محمد، لعنب بلدي.

ويختلف سقف القروض الشخصية الممنوحة من المصارف الحكومية حتى نهاية عام 2024، ليصل الحد الأعلى لسقف القرض لدى المصرف التجاري إلى 50 مليون ليرة، أما المصرف العقاري 25 مليون ليرة، واعتمد كل من مصرفي التسليف الشعبي والتوفير قروضًا بسقف 5 مليون ليرة.

يعتقد الدكتور علي محمد أن الموظف المفصول صار دون دخل، وسيكون عاجزًا عن السداد، مما يستوجب معالجة من قبل الوزارات المعنية، فحين اتخذ قرار الفصل كان يجب أخذ هذا الأمر بالاعتبار، متسائلًا عن إمكانية إعفاء هذه القروض من العمولات والفوائد لحين انتهاء مدة القرض، وبالتالي على المقترض فقط سداد رأس المال الباقي عليه من المبلغ الذي اقترضه، أو إعفاؤه من كامل المبالغ التي اقترضها وهذا يحتاج دراسات معمقة من قبل الجهات المعنية التي قامت بهيكلة الجهاز الحكومي.

قروض بكفالة التأمين

أبرمت “المؤسسة العامة السورية للتأمين“، اتفاقيات مع بعض المصارف الحكومية والخاصة، وبموجب هذه الاتفاقيات تقدم المؤسسة خدمات التأمين على الحياة والعجز الكلي الدائم مقابل ضمان سداد القروض غير المسددة من قبل عملاء المصرف (المقترضين) وذلك في حال التعثر بالسداد.

وأوضحت “المؤسسة العامة للتأمين” لعنب بلدي، أنها ستقوم بتسديد كتلة الدين المضمونة من قبلها باعتبارها كفيلًا ضامنًا للمقترض، مع الإشارة إلى حفظ حق المؤسسة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة كي تحصل على حقوقها كاملة من المقترض الممتنع عن السداد، وذلك بالتأكيد بعد أن تتخذ هذه المصارف جميع الإجراءات اللازمة والخاصة بالتحصيل وفق سياستها المصرفية.

وأوضحت المؤسسة في ردها، أنه حاليًا لا توجد لدى المؤسسة إحصائية دقيقة عن أعداد الموظفين الحاصلين على قروض بكفالة مؤسسة التأمين، وهم حاليًا بصدد إجراء هذه الإحصائية بالتنسيق مع المصارف.

إجراءات قانونية

ليست المرة الأولى التي تتعرض لها المصارف الحكومية في سوريا، لظاهرة تعذر سداد أقساط القروض من قبل المستفيدين، فهناك العديد من الموظفين الذين حصلوا على قروض قبل عام 2011، ثم اضطروا للجوء خارج سوريا أو اعتقلوا على يد أجهزة الأمن أو فقدوا بسبب ما عانته سوريا خلال السنوات السابقة.

تختلف الحالة اليوم، فالموظفون ففصلوا بقرار من الحكومة، لكن الإجراءات المتبعة من قبل المصارف نفسها في كلتا الحالتين، إذ يحجز البنك عند امتناع المقترض من دفع المستحقات المترتبة عليه على راتب الكفيل واقتطاع القسط، وفي حين تعذر ذلك أيضًا، ينتقل البنك للإجراءات القانونية، والتي تبدأ بالتبليغ وتنتهي بالحجز الاحتياطي على أملاك المقترض عند تعذر سداد ما عليه من التزامات، وفق ما ذكره المحامي عدي شوا، لعنب بلدي.

وتابع المحامي شوا، يحق للموظف الذي فصل، رفع دعوى إلى القضاء الإداري على الجهة التي فصلته، فإما أن يكون قرار الفصل لأسباب موجبة أو قرارًا تعسفيًا يمكن الموظف من العودة إلى عمله، وحصوله على كامل الاستحقاقات عن الفترة التي توقف فيها.

تعاميم وقرارات

كان “مصرف سوريا المركزي”، قد أصدر القرار “رقم 1699” في 30 من كانون الأول 2024، المتضمن تأجيل جميع الأقساط المستحقة على القروض اعتبارًا من تاريخ 1 من كانون الأول 2024، ولمرة واحدة لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من تاريخه، وذلك في حال رغبة العميل بتأجيل الأقساط المستحقة.

وأوضح المركزي في تعميم إلى المؤسسات المالية المصرفية، حصلت عنب بلدي على نسخة منه، إن الإزاحة لا تستوجب الطلب من المتعامل سداد الأقساط دفعة واحدة بعد انتهاء المدة.

وتعتبر الفوائد العقدية من حق المصرف، وهو خيار متاح أمام العميل، إما سداد الأقساط المستحقة ضمن مواعيدها، أو تحمل قيمة هذه الفوائد عن مدة الإزاحة، على أن تتخذ الإجراءات اللازمة بخصوص سداد هذه الفوائد العقدية من قبل المتعاملين بما يضمن عدم إضافتها إلى مبلغ القرض واحتساب فائدة عقدية مركبة عليها.

ويجب الإعلان بشكل واضح وصريح من قبل المصارف بجميع الوسائل المتاحة، خاصة لمتعاملي ذوي الدخل المحدود، باعتبار أن الإزاحة ستتم بشكل تلقائي وسيتحمل المقترض فوائد عقدية إضافية، بحسب ما جاء في البيان.

وكانت المصارف الحكومية في سوريا، توقفت عن منح القروض الشخصية خلال الربع الأخير من عام 2024، لأسباب قالت إنها تتعلق بنقص السيولة القابلة للإقراض، ووجود تفاوت بين مستويات الدخل (الذي تراجع بسبب انهيار قيمة الليرة) وقيمة الأقساط المترتبة على القروض.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة