ما وراء اتهام “قسد” بتفجيرات منبج

  • 2025/02/04
  • 5:30 م
آثار مكان تفجير سيارة مفخخة بجانب سيارة تقل عاملات في الزراعة - 3 من شباط 2025 (محمد سعيد الأحمد)

آثار مكان تفجير سيارة مفخخة بجانب سيارة تقل عاملات في الزراعة - 3 من شباط 2025 (محمد سعيد الأحمد)

صعدن إلى السيارة وجمعن فؤوسهن ليتوجهن إلى الأراضي الزراعية بمدينة منبج بغية العمل في الأراضي الزراعية وتأمين جزء يسير من قوت عائلاتهن، لكن كان مصير 11 منهن الموت إضافة إلى ثلاثة أطفال ورجل بتفجير سيارة مفخخة.

تناثرت دماء الضحايا وأشلاء بعضهم عند مدخل مدينة منبج، لتسجل كجريمة أخرى بحق المدنيين في مدينة منبج، عبر سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة.

شهدت منبج خلال الـ40 يومًا الماضية (منذ 24 من كانون الأول 2024) تفجير سبع سيارات مفخخة، خمس منها أوقعت ضحايا، وكان تفجير الاثنين 3 من شباط هو الأعنف والأكثر دموية.

“قسد” متهمة

وجهت اتهامات لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالوقوف خلف إرسال سيارات مفخخة إلى منبج، بعد سيطرة “الجيش الوطني السوري” على المدينة في 6 من كانون الأول 2024، في إطار عمليته “فجر الحرية” التي أطلقها في 30 من تشرين الثاني 2024، ضد “قسد” ونظام بشار الأسد.

اتهام “قسد” بالوقوف خلف تفجيرات منبج ليس جديدًا، فقد وجهت اتهامات لها إلى جانب نظام الأسد وتنظيم “الدولة الإسلامية” بتفجير سيارات ودراجات نارية مفخخة وعبوات ناسفة على مدار السنوات الماضية في مناطق سيطرة “الجيش الوطني” بريف حلب شمال غربي سوريا.

“الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) حذر في بيان له، الأحد 2 من شباط، من هجمات بالقذائف المدفعية والسيارات المفخخة تنطلق من مناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا.

وذكر “الدفاع المدني” في بيانه أن وتيرة الهجمات بالسيارات المفخخة التي تنطلق مناطق سيطرة “قسد” ارتفعت في الآونة الأخيرة، وباتت تستهدف الأسواق الحيوية والمرافق العامة ومنازل المدنيين بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا من المدنيين ولبث الذعر والخوف في نفوس المدنيين.

استمرار الهجمات على البيئات المدنية السورية واستهداف المدنيين في الوقت الذي يحاولون فيه التعافي من آثار حرب نظام الأسد التي استمرت لنحو 14 عامًا، يهدد أرواحهم ويعمّق مأساتهم الإنسانية ويقوّض الأنشطة التعليمية والزراعية وسبل العيش، ويزيد من تردي الأوضاع الإنسانية في سوريا، بنسفه لمحاولات المدنيين بالاستقرار، ودفعهم للنزوح، وفق “الدفاع المدني”.

وأدانت الرئاسة السورية في بيان التفجير الذي وصفته بـ”الإرهابي الغادر”، مؤكدة أن “الدولة السورية لن تتوانى عن ملاحقة ومحاسبة المتورطين في هذا العمل الإجرامي”.

كما استنكر “المجلس الإسلامي السوري” في بيان له عملية التفجير ووصفها بـ”الجرائم المروعة التي ارتكبتها عصابة (قسد) الإرهابية الانفصالية ضد أهلنا في مدينة منبج”.

واستطاعت القوى الأمنية في حلب خلال أسبوعين (في 10 و23 من كانون الثاني 2025) ضبط سيارتين مفخختين كانتا بطريقهما إلى مدينة حلب وتمكنت من تفكيكها دون حصول أضرار بشرية.

مصدر هذه السيارات كان مناطق سيطرة “قسد” أيضًا، إذ قال مصدر في “إدارة الأمن العام” حينها، إن مواطنًا سوريًا ذهب إلى مناطق سيطرة “قسد”، وتعرض للاعتقال هناك لأيام قبل إطلاق سراحه وإرساله إلى مناطق سيطرة حكومة دمشق المؤقتة.

وأضاف المصدر أن بعد وصوله إلى أحد الحواجز الأمنية تبيّن أن سيارة المفرَج عنه مفخخة.

بالمقابل، تنفي “قسد” بعد كل تفجير أو اتهام لها باستهداف مناطق سيطرة حكومة دمشق صلتها بهذه التفجيرات.

وأدانت “قسد” تفجير منبج، الاثنين، واتهمت “الجيش الوطني” بالقوف خلفه، معتبرة أن “ثقافة المفخخات والاقتتال الداخلي والإرهاب والفوضى والفتنة” هي جزء من أفعاله، لـ”ترويع الأهالي ومنعهم من الاحتجاج على الأوضاع السيئة التي تعيشها منبج”.

آثار مكان تفجير سيارة مفخخة بجانب سيارة تقل عاملات في الزراعة – 3 شباط 2025 (محمد سعيد الأحمد)

تجارب سابقة

سيطر “الجيش الوطني” على منبج في 6 من كانون الأول 2024، لتبدأ أولى المفخخات بالوصول إلى المدينة في 24 من كانون الأول (بعد نحو 18 يومًا)، إلى جانب استهداف “قسد” منازل المدنيين في منبج وجرابلس بالقذائف المدفعية.

الباحث في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” نوار شعبان، قال إنه قياسًا بتجارب سابقة مع “قسد”، كانت مناطق سيطرة “الجيش الوطني” تتعرض لتفجيرات، وغالبًا ما تتبناها “قوات تحرير عفرين” أو “غرفة عمليات غضب الزيتون”.

وتنفي “قسد” تبعية المجموعتين المسلحتين لها، لكنهما عبارة عن “تكتلات أو مجموعات غير شرعية تتبع لـ(قسد) بشكل غير مباشر”، وفق نوار شعبان.

وأوضح شعبان لعنب بلدي، أن “قسد” تستخدم نفس السياق الذي استخدمته في عفرين واعزاز سابقًا، وهو استخدام الخلايا المخترقة لهذه الجغرافيا، ومن خلال قدراتهم السابقة على تنفيذ هجمات في العمق ضد أهداف مدنية يمكن أن نستشهد بذلك أنه استكمال لاستراتيجية كانت تتبعها “قسد” سابقًا ضد مناطق سيطرة “الجيش الوطني”.

ونفت “قسد” سابقًا ارتباط هذه المجموعات بها، لكن عمليًا هي تعمل وفق معايير “قسد” ومرتبطة بها ومن يشرف على هذه المجموعات هم قادة في “قسد”، وشكلت “قسد” هذه المجموعات كي لا تنسب لها هذه الهجمات بشكل مباشر، وهو “نوع من الالتفاف على المحاسبة”، وفق شعبان.

“قوات تحرير عفرين” هي مجموعة مسلحة ظهرت بعد سيطرة “الجيش الوطني” والجيش التركي على عفرين في آذار 2018 وطرد “قسد” منها.

مناطق سيطرة “قسد” هي مكان انطلاق المقاتلين لتنفيذ هجمات ضد الجيش التركي ومناطق سيطرة “الجيش الوطني”.

ولا توجد إحصائية بأعداد المقاتلين أو تجهيزاتهم داخل “قوات تحرير عفرين”.

وتشير التسجيلات المصورة التي تنشرها هذه القوات بأن عملياتها تتركز على التسلل والاستهدافات الفردية.

وبحسب منشورات النعي التي تصدرها “قوات تحرير عفرين”، تضم “القوات” عناصر غير سوريين، وبعضهم من جنسيات تركية وعراقية.

في أيلول 2024، أعلنت “قوات تحرير عفرين” عن مقتل قائدها رضوان أولوكانا الملقب بـ”كاركر تولهدان”، القادم من جبال “أمانوس” التركية.

وذكرت حينها أن تولهدان قدم مع مجموعة من رفاقه “الكريلا” الذين قاتلوا في مختلف الميادين، ومنها مناطق عفرين وأخرى شمال شرقي سوريا.

و”الكريلا” هي مجموعات مقاتلة تتبع مباشرة لحزب “العمال الكردستاني” المتمركز في جبال قنديل، وتنفذ عمليات عسكرية جنوبي تركيا.

وتعتبر تركيا “وحدات حماية الشعب” الكردية (عماد “قسد”) الفرع السوري لحزب “العمال الكردستاني”.

آثار مكان تفجير سيارة مفخخة بجانب سيارة تقل عاملات في الزراعة – 3 شباط 2025 (محمد سعيد الأحمد)

من يسيطر على منبج

سكان في منبج قالوا لعنب بلدي، إن فصائل “الجيش الوطني” هي صاحبة السيطرة الحالية عسكريًا على منبج إلى جانب وجود إدارة مدنية، أما “إدارة الأمن العام” فدخلت فقط خلال زيارة محافظ حلب إلى منبج وخرجت بعدها.

وتنشر فصائل “الجيش الوطني” و”الشرطة العسكرية” حواجز في منبج ليلًا.

وأشار السكان إلى وجود عدد من عناصر “قسد” السابقين في المدينة وتجولهم بحرية، وذلك بعد إعطائهم الأمان من قبل فصائل “الجيش الوطني”، وهو ما أثار تخوفًا من بقاء ارتباط بعضهم بـ”قسد”.

ودعا “المجلس الإسلامي السوري” الحكومة السورية في المنطقة إلى إحكام الأمن ومتابعة المجرمين ومن يقف وراءهم ممن يهدفون إلى نشر الخوف والفوضى  وعدم التهاون معهم.

تفجير خلّف “مجزرة”

آثار مكان تفجير سيارة مفخخة بجانب سيارة تقل عاملات في الزراعة – 3 شباط 2025 (محمد سعيد الأحمد)

تزامنًا مع مرور سيارة متوسطة زراعية (بيك آب) على متنها عاملات يومية في الأراضي الزراعية، انفجرت سيارة شاحنة صغيرة (سوزوكي) مفخخة، الاثنين 3 من شباط.

أدى الانفجار إلى مقتل 15 شخصًا (3 أطفال و11 سيدة ورجل) وإصابة 15 آخرين (5 أطفال و13 امرأة) بجروح منها بليغة، وجميع الضحايا من عمال الزراعة.

الانفجار هو السابع الذي تشهده منبج منذ 24 من كانون الأول 2024 (نحو 40 يومًا).

في 1 من شباط، قتل أربعة مدنيين بينهم طفلان وامرأة، وأصيب تسعة مدنيين بينهم أربعة أطفال بجروح منها بليغة بانفجار سيارة مفخخة ضرب منبج.

وذكر “الدفاع المدني” أن مدنيًا توفي متأثرًا بإصابته وأصيب أربعة آخرون بتفجير سيارة مفخخة قرب مدرسة مقابل المستشفى الوطني على طريق منبج– حلب، في 23 من كانون الثاني الماضي.

وأدى التفجير أيضًا إلى أضرار في المدرسة وممتلكات المدنيين، وهو الخامس من نوعه الذي تشهده المدينة خلال أقل من شهر.

وفي 19 من كانون الثاني، أصيب ثلاثة مدنيين بتفجير سيارة مفخخة في قرية الكابرجة على طريق قرية أبو قلقل قرب منبج بريف حلب الشرقي.

التفجير الأول في منبج كان في 24 من كانون الأول 2024، أي بعد نحو 18 يومًا من سيطرة “الجيش الوطني” على المدينة وطرد “قسد” منها في إطار عملية “فجر الحرية”.

وجرى التفجير عبر عبوة ناسفة مزروعة بسيارة مدنية انفجرت في شارع التجنيد وسط مدينة منبج، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 8 آخرين بينهم طفلان، واندلاع حرائق في السيارات المجاورة، وتضرر بعض المنازل في المكان.

ورصدت عنب بلدي تفجيرات أخرى ضربت منبج لم تسفر عن أضرار بشرية واقتصرت على الأضرار المادية وكان أحدها قرب من المسجد الكبير بشارع السرايا، في 27 من كانون الأول 2024، وبشارع الرابطة، في 17 من كانون الثاني الماضي.

مقالات متعلقة

  1. مقتل 14 امرأة بتفجير منبج
  2. "قسد" تدين تفجير منبج
  3. ضحايا بتفجير سيارة مفخخة في منبج
  4. تفجير يقتل ثلاثة مدنيين في منبج

سوريا

المزيد من سوريا