وزارة الزراعة تعد بالدعم

عائدون يلحقون “المربعانية” بزراعة أراضيهم في إدلب

مزارعون يعودون لأراضٍ متهالكة ومسروقة من قبل قوات النظام السوري السابق بريف إدلب - 24 كانون الثاني 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)

camera iconمزارعون يعودون لأراضٍ متهالكة ومسروقة من قبل قوات النظام السوري السابق بريف إدلب - 24 كانون الثاني 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)

tag icon ع ع ع

إدلب – سماح علوش

تحولت مساحات واسعة من الأراضي بريف إدلب الجنوبي إلى جرداء خاوية، إثر ممارسات قوات النظام السوري السابق وميليشيات موالية له، عملت خلال السنوات الماضية على سرقة خيراتها واقتلاع أشجارها وسرقة معداتها.

مزارعون عادوا إلى أراضيهم بفرحة ممزوجة بغصة، ومنهم عبد السميع (65 عامًا)، الذي أعرب عن حزنه بعد رؤيته لأرضه، وهي خاوية بلا حياة ودون أشجار، والتي عاش وترعرع فيها، قائلًا إن “الأرض هي العرض”، في إشارة إلى مكانتها العالية في قلبه.

“تلحيق الموسم”

رغم الألم الذي شعر به المزارع عبد السميع، لم تثبط عزيمته، بل عاد إلى أرضه في كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، وبدأ بحراثتها وزراعتها ببذار الكمون والحبة السوداء (حبة البركة).

وقال لعنب بلدي، إن فترة “مربعانية الشتاء”، وهي الفترة التي يشتد فيها البرد، وتمتد بين 22 من كانون الأول وحتى نهاية كانون الثاني، يمكن فيها زراعة بذور الكمون والحبة السوداء واليانسون والكزبرة والعصفر والسمسم وغيرها.

وعن أسعار البذار، قال عبد السميع، إن سعر الطن الواحد من الكمون بلغ 3200 دولار أمريكي، ومن حبة البركة 1700 دولار، واليانسون الأخضر 1900 دولار، والكزبرة 800 دولار، أما “العصفر الريش” الذي يعتبر الأغلى ثمنًا بين البذار فبلغ سعر الطن الواحد تقريبًا 8700 دولار.

عاد المزارع محمد (35 عامًا) إلى قريته الدير الغربي في ريف معرة النعمان جنوبي إدلب، وزرع أرضه بالقمح والشعير، قبل انتهاء موعد بذاره، إذ لا تنجح زراعته مع دخول “مربعانية الشتاء”.

وبلغ سعر الطن الواحد من بذار القمح القاسي 350 دولارًا، بينما وصل سعر طن بذار الشعير إلى 300 دولار، و”العدس الزيرو” إلى 500 دولار.

وتتطلب زراعة الهكتار الواحد بمحصول الكمون من 40 إلى 50 كيلوغرامًا من البذار، وبمحصول القمح من 250 إلى 300 كيلوغرام من البذار.

أدت تكاليف الزراعة المرتفعة، من حراثة وبذار وأسمدة ومبيدات حشرية وري، إلى عزوف كثير من المزارعين عن العودة وزراعة أراضيهم، وهذا ما أكده المزارع رشيد (55 عامًا) من مدينة سراقب.

وقرر رشيد تأجير أرضه، لأنه لا يملك تكاليف زراعتها من الصفر، وبالمقابل يمكنه إعادة تأهيل بيته الذي دمّر النظام أجزاء “كبيرة” منه، ويوفر على نفسه تكاليف دفع إيجار لمنزل آخر.

قروض عينية ووعود بالتحسين والدعم

تعد مناطق ريفي إدلب الشرقي والجنوبي وريف حماة الشمالي من أكثر المناطق تضررًا في سوريا، حيث غالبية الأشجار تم قطعها بالكامل، وفق تصريح من معاون وزير الزراعة والإصلاح الزراعي للشؤون الزراعية، المهندس تمام الحمود، لعنب بلدي.

وبحسب الحمود، لم يتم حتى الآن إجراء إحصاء لمساحات الأشجار المقتطعة من الأراضي.

وعن وجود خطط مستقبلية لتحسين القطاع الزراعي في سوريا، ذكر الحمود أن الوزارة ستعمل على موضوع القروض العينية لدعم المزارعين، بالإضافة إلى ذلك سيكون هناك تركيز على تسويق المنتجات الزراعية، وتغليفها بناء على احتياجات الدول المستوردة للمنتجات الزراعية من سوريا.

كما ستعمل الوزارة على تحسين القطيع وإنتاج صغار المواشي المحسنة والصوص الملقح والدجاج البيّاض.

ووجه الحمود بعض النصائح للمزارعين العائدين إلى أراضيهم، كاستخدام التقنيات الزراعية الحديثة التي توفر الجهد والوقت وخاصة في مجال الري، وتحسين واقع الإنتاج الزراعي والاعتماد على الخطط الزراعية التي ستعمل عليها الحكومة مستقبلًا، والتي ستوضع بناء على احتياجات السوق المحلية، لضمان عدم حدوث فائض بالإنتاج يؤدي إلى تدني الأسعار وحدوث خسائر.

معوقات أمام الزراعة

تتشابه أحوال المزارعين المهجرين في معظم مناطق سوريا، ومنهم في أرياف حماة، الذين لم تكتمل فرحتهم بعد سقوط النظام السوري بالعودة إلى أراضيهم التي هُجروا منها، بسبب مشكلات تعرقل معاودة الزراعة.

وفق تقرير سابق أعدته عنب بلدي، فإن تربة الأراضي متعبة ومتهالكة، وتعرضت لجور شديد، من سرقة معدات، واقتلاع أشجار عمرها عشرات السنوات، وانتشار الفئران، وظهور نباتات وحشائش ضارة، إلى جانب الخطر الأكبر وهو المواد الكيماوية والمتفجرة.

وتوجد معوقات أمام الزراعة، كارتفاع تكاليف الإنتاج، فمعظم العائدين من المهجرين الذين ساءت أحوالهم المادية، بعد تركهم لمصدر دخلهم، ونزوحهم إلى مناطق أخرى، وتحملهم تكاليف إضافية كالإيجار ومستلزمات المعيشة، بالإضافة إلى اعتماد التجار على المحاصيل المستوردة من تركيا، بتكلفة أقل الأمر الذي تسبب بخسائر كبيرة في أسعار المحاصيل المحلية.

ومن المشكلات، وجود حقول من الألغام زرعتها قوات النظام السابق في مناطق متفرقة في أرياف إدلب وحلب وحماة، ما يشكل خطرًا على حياة المزارعين ويحول دون عودتهم للعمل.

وبحسب إحصائية حصلت عليها عنب بلدي من “الدفاع المدني السوري”، قُتل 40 شخصًا بينهم 8 أطفال وامرأة بانفجار ألغام ومخلفات حرب خلال الفترة بين 27 من تشرين الأول 2024 و19 من كانون الثاني الماضي (منذ انطلاق معركة ردع العدوان).

وفي تصريح سابق لـ”الدفاع المدني” لعنب بلدي، تم تحديد 134 حقل ألغام ونقطة لوجود الألغام (بما في ذلك الألغام المضادة للدبابات وأخرى للأفراد) في إدلب وحلب وحماة ودير الزور واللاذقية، كما قدم “الدفاع المدني” 330 جلسة تدريب عملي للسكان قبل عودتهم إلى المناطق التي هُجروا منها.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة