الحسكة.. سيدات يواجهن الضائقة الاقتصادية بالعمل من البيت
الحسكة – مجد السالم
حاولت عائشة محمود (33 عامًا) ممارسة مهنة التدريس في ريف محافظة الحسكة شرقي سوريا لأنها تحمل إجازة من معهد الفنون النسوية، لكنها لم تُوفق، لأن فرص العمل “تكاد تكون معدومة خصوصًا للسيدات”، حسب قولها.
بتشجيع من زوجها العامل بالمياومة، التحقت عائشة بدورة تدريبية في أحد مراكز التجميل بمدينة القامشلي، لتتعلم “فن جيل الأظافر”، الذي يلقى رواجًا بين الفتيات، وقد أحبت هذه المهنة.
رغم صعوبة إيجاد مكان لافتتاح مركزها الخاص، اشترت السيدة مجموعة من الأدوات والمواد لتبدأ العمل من المنزل، وصارت تروّج لعملها من خلال مجموعات “واتساب”، وأصبح لديها عدة زبونات، وأحيانًا تزورهن في منازلهن، ولاقى عملها استحسان أغلبهن.
في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها العديد من العائلات في الحسكة، تسعى نساء من المنطقة إلى إيجاد فرص عمل لمساعدة أنفسهن وأزواجهن على تحمل أعباء مصاريف العائلة.
في حديثها لعنب بلدي، وصفت عائشة المردود بـ”الجيد جدًا”، وهو أفضل من 150 ألف ليرة سورية (14 دولارًا أمريكيًا) مقابل العمل بالتدريس، إذ تتقاضى عن كل جلسة “جيل أظافر” 75 ألف ليرة سورية (7 دولارات).
مع العروض التي تقدمها عائشة والتي تترافق مع الأعياد وغيرها من المناسبات، تحقق بمساعدة زوجها دخلًا يؤمّن أغلب ما تحتاج إليه العائلة المكونة من أربعة أفراد.
صناعة الحقائب المنزلية
قررت هناء الحميد (36 عامًا) من القامشلي، أن تبدأ مشروعها الخاص لصناعة الحقائب اليدوية للنساء في المنزل، قائلة لعنب بلدي، إن المشروع ليس فقط مصدر دخل إضافي لها لتوفير احتياجات أسرتها، بل أيضًا طريقة لتعبر عن إبداعها.
بدأت هناء المشروع بشراء بعض الأدوات الأساسية مثل القطع القماشية، والخيوط، والإبر، والسحابات، وبعض الزينة مثل الأزرار والخرز.
ورغم التحديات التي تحدثت عنها هناء مثل وجود حقائب جاهزة بأسعار منخفضة، وصعوبة الوصول إلى زبائن في بداية الأمر، فإنها تغلبت على ذلك بمساعدة من صديقاتها، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
تبيع هناء الحقيبة بأسعار تتراوح بين 20 ألفًا و30 ألف ليرة سورية، وبعضها بـ50 ألفًا حسب الحجم، معتبرة أنها نجحت في مشروعها، بدليل أن بعض الزبونات أصبحن يأتين لشراء المزيد، ويوصين بالشراء من عندها.
شح في الدعم
تعمل عدة منظمات في الحسكة لدعم النساء، وتقيم دورات تدريبية لتعليم المهن، منها منظمة “الخير”، التي تنفذ عدة دورات تدريبة “مجانية” في مختلف المجالات بعضها يختص في تدريب النساء على مواجهة التحديات الاقتصادية “التمكين الاقتصادي للنساء”.
إحدى الموظفات في المنظمة (طلبت عدم الكشف عن اسمها كونها غير مخولة بالحديث للإعلام)، قالت لعنب بلدي، إن المنظمة قدمت عشرات الدورات التي تساعد النساء على تأمين مصدر دخل “مناسب ومستقل”.
من هذه الدورات، الخياطة والتطريز والتجميل (كوافيرة)، ودورات في كيفية “تجفيف وتخليل وحفظ الأطعمة” وكيفية تسويقها وبيعها، ودورات الإسعافات الأولية والتمريض.
وذكرت أن الأقبال من نساء المنطقة “جيد جدًا”، وأن المنظمة تضطر أحيانًا إلى الاعتذار “نتيجة الأعداد الزائدة”، وأن بعض السيدات “بالفعل” بدأن مشاريعهن الخاصة مثل الخياطة النسائية.
وأضافت أن المشكلة تكمن في شح الدعم المقدم، فدور المنظمة “ومثلها العديد من المنظمات” يقتصر على الدورات التعليمية المهنية دون تقديم دعم مادي أو عيني مثل معدات أو أجهزة.
ولفتت الموظفة إلى أن شريحة الذكور في المنطقة تعاني من البطالة، وهي مضاعفة بالنسبة للنساء خصوصًا النساء غير المتعلمات، والأمر يزيد سوءًا لدى النساء في المخيمات.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي فإن أغلب المنظمات التي تعنى بأمور النساء في المنطقة يقتصر دورها على التوعية والتأهيل المهني، وقليلًا ما يكون هناك دعم “مادي وعيني”.
ومنذ سنوات، انخرطت السيدات في مهن خطرة وصعبة لا تتناسب مع طبيعة أجسامهن، منها “العتالة“، إذ تصل بعض الأوزان التي يحملنها إلى 25 كيلوغرامًا، وفي بعض الحالات يضطررن لصعود الأدراج محملات بهذه الأثقال.
كما لا يوجد حتى الآن، في شمال شرقي سوريا عمومًا وبمدينة القامشلي خصوصًا، نقابة عمالية نسائية، وليس للنساء العاملات أي بطاقات صحية أو حتى إجراءات يمكن أن تخفف تكلفة العلاج عليهن، إذ لا مركز للشكوى في حال تعرضن للاستغلال، رغم انتشار النقابات والتجمعات المدافعة عن حقوق المرأة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :