درعا – حليم محمد
لا تزال أسعار الأدوية مرتفعة على حالها في محافظة درعا جنوبي سوريا، رغم تحسن قيمة الليرة السورية، إذ وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى نحو عشرة آلاف ليرة سورية.
وفق رصد عنب بلدي، لا يزال المنتج الوطني من الأدوية يباع بناء على تسعيرة سابقة من وزارة الصحة في حكومة نظام بشار الأسد المخلوع.
كما فُقدت بعض أنواع الأدوية من الصيدليات جراء توقف بعض المعامل عن العمل، الأمر الذي دفع بعض المرضى للبحث عن البدائل وهو شراء الدواء المستورد.
أسعار الأدوية المرتبطة بالأمراض المزمنة مثل القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني، تعد باهظة الثمن مقارنة بالوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان.
سعر ثابت دون انخفاض
قال علي حرفوش (55 عامًا) من سكان مدينة درعا، إن سعر دواء العلاج من مرضه العصبي لم يتغير منذ أشهر، مضيفًا أنه يحتاج كل شهر لمبلغ يصل إلى 150 ألف ليرة سورية.
أما الستيني صالح المصري، فخابت آماله من عدم انخفاض سعر الدواء، إذ تصل تكلفة شرائه الأدوية إلى 200 ألف ليرة سورية شهريًا، يذهب معظمها لزوجته التي تعاني من مرض عصبي.
وقال لعنب بلدي، إنه بات يعجز عن تأمين ثمن الدواء، وإنه استدان من أكثر من صيدلية لتأمينه، ويتخوف من عدم قدرته على الاستمرار في ذلك.
ويعاني صالح من انقراص في الفقرات، ويحتاج لتناول المسكنات بشكل دائم، مشيرًا إلى أنه يدفع ثلثي راتبه التقاعدي ثمنًا للأدوية.
القرار بيد الوزارة والنقابة
تواصل الصيدليات في درعا التزامها بتسعيرة حكومة النظام السابق في بيع الأدوية للسكان، ولم تصدر أي قائمة جديدة بالأسعار بعد سقوط نظام الأسد، وتولي الحكومة المؤقتة إدارة البلاد.
الصيدلاني عادل نويران في مدينة درعا، قال لعنب بلدي، إن قرار تعديل سعر الأدوية مرتبط بنشرة رسمية تصدر عن وزارة الصحة.
وأضاف أن إدارة المعامل تقدم التكلفة لنقابة الصيادلة وإلى اللجان المختصة في وزارة الصحة وبناء عليها يتم تحديد السعر.
الصيدلانية أمل حريري، قالت لعنب بلدي، إن الوزارة ونقابة الصيادلة هي المعنية بتعديل نشرة الأسعار، ولا يستطيع الصيدلاني تغييرها من تلقاء نفسه ما يعرضه للعقوبات والغرامات المالية.
وطالبت حريري بتعديل نسبة أرباح الصيدلاني، إذ لا تتعدى النسبة الحالية 20%، معتبرة أنها غير كافية.
في المقابل، أرجعت نجلاء العاسمي موظفة في قسم الرقابة الدوائية بمديرية صحة درعا ثبات السعر وعدم انخفاضه إلى توقف بعض معامل الأدوية عن العمل، وبعضها ما زال يتعامل بالسعر القديم الذي اشترى فيه المواد الأولية بناء على سعر مرتفع للدولار.
وأضافت العاسمي أن المديرية تقوم بجولات تفتيش ومقارنة للأسعار والأدوية في معظم صيدليات محافظة درعا.
بينما ذهب المخبري علاء رميلاوي، وهو موظف في قسم الرقابة الدوائية، إلى أن المعامل قبل سقوط النظام كانت تستورد المواد الأولية بسعر مدعوم بناء على تصريف الدولار الواحد لـ8000 ليرة سورية.
وبعد سقوط النظام، ما زالت المعامل مستمرة في إنتاج الأدوية رغم تحرير السعر وإلغاء الدعم، لكن بالمقابل تخلصت المعامل من الإتاوة المالية التي كانت تدفعها إلى “شبيحة” النظام السابق، وهذا ما شكل هامش ربح لهذه المعامل، وفق رميلاوي.
ويوجد في محافظة درعا ثلاثة معامل أدوية جميعها ضمن نطاق الإنتاج.
أدوية مفقودة
إلى جانب ثبات السعر، اشتكى بعض المرضى من تراجع فاعلية الأدوية وفقدان بعضها، ما دفع المرضى لشراء ذات النوع لكن من الصنف الأجنبي، وهو بسعر أعلى مقارنة بسعر المنتج الوطني.
وانخفضت أسعار المواد الطبية المستوردة التي ترتبط بسعر تصريف الدولار، وكذلك انخفض سعر الإكسسوارات الطبية والمتممات الغذائية ذات المنشأ الوطني.
الصيدلانية أمل حريري ذكرت أن هناك بعض الأصناف من الأدوية وخاصة من أدوية الأمراض المزمنة مفقودة في معظم الصيدليات، وذلك بعد توقف بعض المعامل عن العمل، مضيفة أن البديل يكون من مصدر أجنبي.
القائم بأعمال وزارة الصحة السورية، ماهر الشرع، قال في مؤتمر صحفي حضرته عنب بلدي، إن الوزارة تسلمت إرثًا ثقيلًا متهالكًا في القطاع الصحي، متوعدًا برفع كفاءة القطاع وكوادره وتحسينه تدريجيًا.
وذكر أن في سوريا أكثر من 100 معمل أدوية، وكان هناك عدم تنظيم لعملية التصنيع الدوائي وعدم تنظيم لحركة الدواء، وبالتالي عشوائية في التصنيع، إذ كان يتم تصنيع المواد التي تكلفتها الأولية قليلة ودورتها سريعة وربحها عالٍ.
وأضاف أن الوزارة وإداراتها من مديرية الرقابة الدوائية وغيرها وضعت خطة تفرضها على المعامل لتنظيم العمل، وأنه خلال فترة بسيطة سيتم تدارك نقص وفقدان الأدوية.
ويلجأ معظم السكان في درعا إلى الصيدلية مباشرة لتشخيص بعض الأمراض والحصول على أدوية، تفاديًا لدفع تكلفة “كشفية” الطبيب.
وفي كانون الثاني الماضي، قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إن أكثر من 70% من سكان سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية “عاجلة”، وإن العمل الإنساني في البلاد يواجه “تحديات كبيرة وسط احتياجات متزايدة للسكان”.