جريدة عنب بلدي – العدد 56 – الأحد – 17-3-2013
مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا
هي توازن في التنمية يطال المناحي الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية بحيث تنجز التنمية من دون أن يطغى استغلال الموارد في الحاضر على مستقبل الأجيال القادمة، ولا يطال البيئة ضرر أو أذى كبير نتيجة التفكير الآني المحدود. وترتبط التنمية المستدامة بالتغيير والتطوير بحيث يتم استغلال الموارد بطرق مقننة، وبعبارة أدق: تتطلب التنمية المستدامة تحسين معيشة البشر دون إفراط في استغلال الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة البيئة على التحمل.
لا تتحقق التنمية المستدامة من دون وجود استقرار سياسي، ولطالما أعاقت الحروب والاقتتالات مسار التنمية ككل، وأرجعت الكثير من الدول إلى عهود متأخرة، وأثقلت كاهل اقتصادياتها بالديون وضرائب إعادة الإعمار.
يرتبط تحقق التنمية المستدامة بوجود نمو اقتصادي مترافقًا بحفظ الموارد الطبيعية والبيئة، وبالتنمية الاجتماعية من خلال القضاء على الفقر، ووجود حكم رشيد يتسم بالشفافية، ووجود شراكة مجتمعية بين كل المكونات والشرائح أيضًا، وكذلك بناء قدرات المواطنين وتمكينهم وإدماج الفئات جميعها في مسار التنمية من خلال إيلائهم أدوار تناسبهم وتحفظ حقوقهم.
إن تحقيق مستوى عال من الرفاهية للبشر وتحوّل المجتمعات إلى مجتمعات استهلاكية صرفة من دون النظر إلى استدامة الموارد هو الخلل الأكبر الذي يواجه سياسات التنمية المستدامة، كما لا تتحقق التنمية المستدامة من دون النظر في التنوع البيئي والحفاظ عليه.
وجود بيئة نظيفة وغنية و إنسان مقتدر فاعل مع قوانين، وتشريعات تنظم حياة المواطنين ومعاملاتهم هي الملامح الأساسية لمجتمع ينعم بتنمية مستدامة.
كما يلعب التمكين وتنمية القدرات وتأهيل الفئات المنتجة دورًا أساسيًا في نقل المجتمع إلى طور التنمية المستدامة.
من ملامح التنمية المستدامة أيضًا وجود تعليم عصري، وطبابة ومؤسسات ترعى كل مصالح المواطنين وعلى درجة عالية من الشفافية والقابلية للتطوير.
في سوريا وعبر سنوات طويلة من غياب الممارسة الديمقراطية وانعدام الشفافية، وشيوع الفساد الممنهج والتزام بأنظمة (تنموية) غير فعالة تآكلت قدرة الدولة على إنتاج سياسات تنموية تحقق رفاها للمواطن، وبات قسم كبير من المواطنين السوريين تحت خط الفقر، كما تأذت البيئة، وتفاقمت نسب البطالة وواجهت قطاعات الإنتاج أزمات كبيرة كما يواجه السوريون حاليًا تحديات كبيرة نتيجة تدمير جزء كبير من البنى التحتية والأبنية السكنية، وأدى استمرار القتال إلى فقدان أعداد هائلة من المواطنين لأعمالهم وموارد أرزاقهم، وتأثرت قطاعات التجارة والزراعة والصناعة بشكل كبير، ولا سيما في المدن التي تشهد نزاعًا مسلحًا و استهدافًا مباشرًا، وهذا ما ينبغي على السوريين وضعه على سلم الأولويات في عملية التحول الديمقراطي، وإنجاز تنمية مستدامة لاحقة.