ماذا تشمل العقوبات الأوروبية على سوريا

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (AP)

camera iconمقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (AP)

tag icon ع ع ع

يستعد الاتحاد الأوروبي لتعليق جزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، منذ سنوات، خلال جلسة مزمعة لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين 27 من كانون الثاني.

ونقلت وكالة “رويترز“، الأحد 26 من كانون الثاني عن ثلاثة دبلوماسيين ووثيقة اطلعت عليها، أن الاتحاد الأوروبي سيعلق العقوبات المفروضة على سوريا فيما يتعلق بقطاعي الطاقة والنقل، لكنه لم يتفق على ما إذا كان سيخفف القيود على المعاملات المالية.

ويرى الدبلوماسيون أن النقل يشكل عنصرًا أساسيًا في مساعدة مطارات سوريا على العمل بكل طاقتها، ما قد يسهل بدوره عودة اللاجئين، كما ينظر إلى الطاقة والكهرباء على أنهما عنصران مهمان لتحسين الظروف المعيشية للمساعدة في استقرار البلاد وتشجيع المواطنين على العودة.

العقوبات نفسها لا تقتصر على قطاعي النفط والطاقة، إذ تشمل جوانب أخرى منها التعاملات المصرفية، والحوالات المالية، وحظر على دخول العديد من السلع إلى سوريا.

ماذا تشمل

أدت العقوبات الشاملة التي فرضتها أوروبا ردًا على قمع الأسد للسوريين منذ عام 2011، إلى انهيار العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، إذ احتلت سوريا عام 2023 المرتبة 143 بين الشركاء التجاريين للاتحاد، بتدفقات تجارية بلغت قيمتها 396 مليون يورو.

ولا يعتبر هذا الرقم كبيرًا بالنسبة لعلاقات اقتصادية بين بلدين، خصوصًا في ظل القيود التي فرضتها أوروبا على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، والقطاع المالي السوري، لتجنب دعم آلة الحرب التي كان يشغلها النظام.

وفي حين أن السوريين أطاحوا بنظام الأسد، لا تزال العقوبات مصدر قلق بالنسبة لحكومة دمشق المؤقتة التي تدير سوريا اليوم.

ونتيجة للعقوبات الأوروبية، يحظر على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقديم منح، ومساعدات مالية، وقروض، والتأمين، وإعادة التأمين للحكومة السورية، ويمتد الحظر إلى بنك الاستثمار الأوروبي، الذي لا يُسمح له بتقديم أي مدفوعات أو دفعات لسوريا، كما يُحظر الشراء المباشر وغير المباشر للسندات السورية.

وعلى صعيد المصارف، فإن العقوبات لا تسمح للبنوك الأوروبية بفتح فروع لها في الأراضي السورية، ولا يُسمح للبنوك السورية بفتح فروع لها في أراضي الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المشاريع المشتركة، ولا يجوز للبنك المركزي السوري أن يتعامل مع العملات المعدنية والأوراق النقدية الأوروبية.

المساعدات العامة والخاصة لدعم التجارة بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، مثل ائتمانات التصدير والضمانات، محظورة أيضًا، وفي المجمل، تعمل العقوبات على إقامة العديد من الحواجز التي تجعل من المستحيل تقريبًا على الحكومات والشركات الأوروبية التعامل مع الكيانات السورية، وخاصة تلك المرتبطة بالدولة السورية.

ورغم أن النظام القانوني يتضمن استثناءات على المساعدات الإنسانية، فإن المنظمات غير الحكومية تواجه مشهدًا معقدًا ومكلفًا في عملياتها، وفق دراسة أجراها البرلمان الأوروبي في عام 2023، سلطت الضوء على “الرفض الواسع النطاق” من جانب البنوك لمعالجة أي تحويلات إلى سوريا و”التأثير المخيف” الناجم عن الخوف من انتهاك العقوبات.

تقييد لقطاع النفط

قبل عام 2011، كان النفط من أهم الموارد الاقتصادية لتغذية الميزانية العامة للدولة، إذ تعد سوريا من الدول الغنية نسبيًا بآبار النفط.

حقول النفط في سوريا كانت تنتج يوميًا 380 ألف برميل، وكانت قدرة مصفاة حمص وحدها نحو 110 آلاف برميل يوميًا، بينما مصفاة بانياس تنتج نحو 130 ألف برميل يوميًا، وفق ما قاله المحلل الاقتصادي والسياسي في شؤون الشرق الأوسط، الدكتور محمد صالح الفتيح، في حديث سابق لعنب بلدي.

العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي لعبت دورًا في الانكماش الذي أصاب قطاع النفط في سوريا، إلى جانب عوامل أخرى، إذ فرض الاتحاد حظرًا صارمًا على شراء واستيراد ونقل النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة السورية، وفق ما جاء في “المادة 1” من تعديل القرار “2013/255/CFSP” المتعلق بالعقوبات على سوريا.

ومنع الاتحاد الأوروبي شركاته من المشاركة في بناء مشاريع كهرباء جديدة في سوريا، ومنع الاستحواذات والمشاريع المشتركة والقروض والاعتمادات والمساعدة الفنية في هذا المجال.

وخضعت العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة، وخاصة توليد الكهرباء، للتدقيق في أعقاب سقوط الأسد بسبب شدة الأزمة الإنسانية والدمار الهائل الذي خلفته الحرب الطويلة، والانقطاع الكهربائي متكرر.

وبالإضافة إلى القطاع المصرفي والتمويل، فإن الطاقة هي القطاع الرئيس الآخر الذي من المرجح أن يتناوله وزراء الخارجية في إطار تخفيف العقوبات، وفق ما تناقلته وسائل إعلام غربية خلال الأيام الماضية.

قطاع النقل والآثار

يتحدث الاتحاد الأوروبي عن استثناء قطاع النقل أيضًا من العقوبات، إذ كانت تشمل منع رحلات الطيران الجوية التي تشغلها شركات الطيران السورية، مثل “الخطوط الجوية السورية”، من الهبوط في مطارات الاتحاد الأوروبي، ولا تستطيع الدول الأعضاء تصدير وقود الطائرات إلى الشركات السورية.

وتلتزم سلطات الاتحاد الأوروبي بتفتيش حمولة السفن المتجهة إلى سوريا إذا اشتبهت في وجود مواد محظورة على متنها، وفي هذه الحالة، يتعين عليها مصادرة هذه المواد.

ويُحظر على الدول الأعضاء في الاتحاد أيضًا تداول المواد ذات “الأهمية الأثرية والتاريخية والثقافية والعلمية والدينية النادرة” التي خرجت بشكل غير قانوني من سوريا بعد عام 2011.

ونظرًا لقواعد الاتحاد، لن ينطبق الحظر إذا كانت المواد الثقافية “تُعاد بأمان إلى أصحابها الشرعيين في سوريا”، وهو الأمر الذي قد يصبح أكثر قابلية للتطبيق في حقبة ما بعد الأسد، وفق ما ذكره موقع “يورو نيوز” الأوروبي.

ونقل الموقع خلال تقرير أعده لإيضاح العقوبات المفروضة على سوريا، عن مسؤول أوروبي رفيع المستوى، قوله إن نظام العقوبات “معقد للغاية”، محذرًا من أن الاتفاق بين وزراء الخارجية سوف يستغرق “بعض الوقت” حتى يترجم إلى إجراءات قانونية يمكن أن تمهد الطريق للتعليق الفعلي.

“لدينا أيضا الشرط السياسي بأن السلطات (الجديدة) في دمشق سوف تسير في الاتجاه الصحيح من حيث الشمول والاستقرار”، أضاف المسؤول.

وبالتوازي مع العقوبات التي استهدفت سلعًا وقطاعات، أدرجت بروكسل مجموعة واسعة من الأفراد على “القائمة السوداء”، مثل وزراء في الحكومة وضباط عسكريين واستخباراتيين ورجال أعمال بارزين في النظام السابق، اتهمتهم بـ”تمكين القمع” في سوريا.

وتشمل “القائمة السوداء“، التي جددها الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني 2024، 318 شخصًا و86 كيانًا، وجميع هؤلاء يخضعون لتجميد الأصول وحظر السفر.

بعد إعفاء أمريكي

في 6 من كانون الثاني الحالي، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية إعفاءات تهدف لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، لمدة ستة أشهر، مع مراقبة ما يحصل على الأراضي السورية.

وذكرت الوزارة حينها، أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها أصدر الترخيص العام رقم “24” لسوريا، من أجل توسيع نطاق التصاريح للأنشطة والمعاملات في سوريا، بعد 8 من كانون الأول 2024.

ويؤكد هذا الإجراء التزام واشنطن بضمان عدم إعاقة العقوبات الأمريكية للأنشطة الرامية إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك تقديم الخدمات العامة أو المساعدات الإنسانية.

ويشمل الأمر التنفيذي رقم “24” المساعدة في ضمان عدم إعاقة العقوبات للخدمات الأساسية، واستمرارية وظائف الحكم في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي.

ويستمر هذا الترخيص لمدة ستة أشهر، حيث تواصل حكومة الولايات المتحدة مراقبة الوضع المتطور على الأرض، وفق القرار.

وقال نائب وزير الخزانة، والي أديمو، إن “نهاية حكم بشار الأسد الوحشي والقمعي، بدعم من روسيا وإيران، توفر فرصة فريدة لسوريا وشعبها لإعادة البناء”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة