سوريا في “دافوس” لأول مرة.. فرصة واعتراف نادران
عنب بلدي – جنى العيسى
في أول مشاركة من نوعها بتاريخ سوريا، حضر وزير الخارجية في حكومة دمشق المؤقتة، أسعد الشيباني، منتدى الاقتصاد العالمي “دافوس 2025” في سويسرا بنسخته الـ55 الذي عقد بين 20 و24 من كانون الثاني الحالي.
المشاركة الأولى حملت الكثير من الأصداء الإيجابية حول أثر الحضور على اقتصاد البلاد من جهة، وتعزيز العلاقات من جهة ثانية، إذ شارك في المؤتمر نحو 3000 قائد من أكثر من 130 دولة، بالإضافة إلى 350 من زعماء الحكومات، وتضمن جدول أعمال المنتدى مجموعة من القضايا، أبرزها حالة عدم اليقين الجيواقتصادي، والذكاء الاصطناعي، وإعادة تصور النمو، وحماية الكوكب.
وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قال في منشور له عبر منصة “إكس” في اليوم الأول من المؤتمر، “سأتشرف بتمثيل سوريا لأول مرة في تاريخها بمنتدى الاقتصاد العالمي دافوس 2025 في سويسرا، سننقل للعالم رؤيتنا التنموية حول مستقبل سوريا وتطلعات شعبنا العظيم”.
شراكات تجارية وإنجازات سياسية
منتدى “دافوس” هو اسم شائع للمنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum – WEF)، وهو منظمة دولية غير حكومية وغير ربحية مقرها في سويسرا، تأسس في عام 1971 على يد البروفيسور الألماني كلاوس شواب، انعقد أول مرة في 1971 وكان يعرف باسم “منتدى الإدارة الأوروبي”، وجرى تغيير الاسم إلى الحالي عام 1987.
يعد المنتدى منظمة تسعى للتعاون بين القطاعين العام والخاص، ويمكن أن تؤدي هذه الاجتماعات إلى شراكات تجارية وإنجازات سياسية.
يوفر المنتدى الذي يعقد سنويًا في منتجع “دافوس” بجبال الألب السويسرية، منصة عالمية محايدة وغير ربحية للتواصل بين أصحاب المصلحة من أجل بناء الثقة وبناء المبادرات للتعاون والتقدم، ويتعاون مع القادة السياسيين ورجال الأعمال والأكاديميين والمجتمع المدني وغيرهم من قادة المجتمع، لتشكيل الأجندات العالمية والإقليمية والصناعية.
يجمع “دافوس” رؤساء الدول وقادة القطاع الخاص، بالإضافة إلى العديد من الأصوات الرائدة من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.
ويشمل ذلك السياسيين من مختلف الأطياف السياسية، وصانعي التغيير في القطاع الخاص، وكبار العقول من مختلف المجالات، ويشمل أيضًا الناشطين والفنانين والقادة العماليين وأعضاء مجتمع السكان الأصليين وأصوات الشباب البارزة.
لقاءات عديدة
خلال حضوره لمؤتمر “دافوس”، أجرى الشيباني عدة لقاءات إلى جانب كلمة ألقاها في أثناء المؤتمر أمام الحضور، كان من بين اللقاءات اجتماعه مع وزير الخارجية السويسري، ووزير الخارجية النمساوي، ووزير الخارجية الأوكراني.
والتقى الشيباني مع عدة أشخاص وجهات غير حكومية، منهم رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنتدى الاقتصادي العالمي، والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية، والرئيس المشارك للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى جانب عدد من رجال الأعمال السوريين والعرب المتخصصين في سلسلة التوريد، وخدمات إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية.
لتطوير العلاقات
الأستاذ المشارك في كلية إدارة الاقتصاد بجامعة “ماردين” التركية، الاقتصادي السوري الدكتور عبد الناصر الجاسم، اعتبر دعوة سوريا وحضورها أمرًا مهمًا ويدل على وجود رغبة لدى المجتمع الدولي بإتاحة الفرصة لسوريا الجديدة لتقدم رؤيتها، ولتعود إلى العالم كعضو إيجابي وتعاوني فعال على عكس ما كانت سوريا حين كان يحكمها رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد.
وأوضح الجاسم في حديث إلى عنب بلدي، أنه يمكن اعتبار الحضور فرصة لعرض الرؤية والتشبيك مع بعض الحاضرين بصفاتهم الاعتبارية، لا سيما أن سوريا بحاجة إلى تعاون دولي للبدء بعملية إعادة الإعمار والتنمية، وبنفس الوقت هذه العملية تتضمن الكثير من الفرص لكثير من المنظمات والشركات والجهات الفاعلة والحاضرة.
حول الأثر الاقتصادي وانعكاس مشاركة وزير الخارجية في مؤتمر كهذا، اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الناصر الجاسم، أن النتائج ستكون لاحقة ولن تكون بصورة مباشرة، معتبرًا أن من المفيد استغلال فرصة الحضور بالتشبيك وبناء العلاقات مع الحضور المتنوع.
فرصة قد لا تتكرر
الباحث المتخصص في الشأن الاقتصادي خالد تركاوي، اعتبر أن المنتدى يساعد المتحدثين المشاركين على تقديم وجهة نظرهم، وتقديم تطمينات للمستثمرين والحديث عن فرص تجارية واقتصادية ممكنة في بلادهم، لذلك تعتبر مشاركة سوريا في المؤتمر فرصة قد لا تتكرر.
الباحث أكد في منشور له عبر “فيس بوك” أن مشاركة سوريا في المؤتمر تعد مهمة للغاية من حيث العلاقات العامة مع المؤسسات وصناع القرار الدوليين، كذلك هي مهمة لتقديم مشاريع وطرح أفكار ورسم رؤية عامة حول البلاد.
تركاوي انتقد مشاركة وزير الخارجية، أسعد الشيباني، وحده، معتبرًا أن سوريا كان يجب أن تشارك بفريق كامل لا أن تنحصر المشاركة بالوزير فقط، إذ ينبغي أن تكون مهمة الفريق تقاسم العمل لشرح وجهة نظرهم حول سوريا، وإقامة حملة علاقات عامة على هامش المؤتمر من أجل التعريف بالفرص الاستثمارية.
تجاوب وشبه اعتراف
بدوره، اعتبر كبير الاقتصاديين في شركة “ACY” ووزير الاقتصاد السوري الأسبق، نضال الشعار، أن مشاركة الوزير السوري في منتدى “دافوس” بناء على دعوة رسمية قدمت لسوريا لأول مرة في تاريخها، يمثل خطوة جوهرية واستباقية تعكس تجاوبًا دوليًا مع الحكومة الحالية.
وتدل الدعوة الموجهة التي جاءت بصفة رسمية واضحة لوزير الخارجية السوري، على وجود شبه اعتراف دولي بالإدارة السورية الحالية، كما تعد مؤشرًا على أن سوريا بدأت بأخذ مكانها على الساحة الدولية كدولة منفتحة على الاستثمارات الخارجية مع تقليل كبير للقيود التي كانت موجودة سابقًا، بحسب ما قال الشعار خلال لقاء أجراه مع شبكة تلفزيون “الشرق Bloomberg“.
تتغير أجندة “دافوس” كل عام لبحث ومعالجة القضايا العالمية الأكثر إلحاحًا، ويصدر تقرير المخاطر العالمية قبل الاجتماع السنوي في شهر كانون الثاني من كل عام، لتحديد وتحليل المخاطر العالمية الحاسمة المقبلة على المدى القريب والبعيد.
يحتوي برنامج المنتدى على أكثر من 300 جلسة، يتم بث 200 منها مباشرة إلى جمهور عالمي، ما يمكن الجمهور من مشاهدة الاجتماع والتفاعل معه.
في عام 1988، تجنبت اليونان وتركيا نشوب صراع مسلح من خلال اتفاق تم التوصل إليه في “دافوس”.
وفي عام 1992، التقى في “دافوس” نيلسون مانديلا ورئيس جنوب إفريقيا حينها فريدريك دي كليرك لأول مرة، وهو ما كان خطوة في إنهاء الفصل العنصري بالبلاد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :