نقص في الأدوية يفاقم معاناة المرضى برأس العين

عنب بلدي – رأس العين

تفتقد الصيدليات في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة إلى بعض أصناف الأدوية، ما خلق أزمة أمام المرضى، وفاقم من معاناتهم.

النقص يعود لإغلاق جميع المنافذ بين المدينة ومناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بما فيها طرق “التهريب”، منذ بداية عام 2025، والتي كانت الممر لوصول تلك الأدوية إلى رأس العين.

هذا الانقطاع يتجدد بين فترة وأخرى، ويتسبب بضرر لدى المرضى، وقد تصل الحالة إلى الوفاة، حيث سجلت مدينة رأس العين وريفها العديد من حالات الوفاة، نتيجة انقطاع الأدوية الخاصة بالمرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين والسكري.

ألم المرضى يزداد

تعتمد مرام العلي (40 عامًا) على الإنسولين كعلاج رئيس لمرضها، إذ تعاني منذ 15 عامًا من مرض “السكري”، وكانت تحصل على علاجها عبر أشخاص قادمين من الحسكة أو الرقة عبر طريق “التهريب”.

وعقب إغلاق الطرق بشكل نهائي، وعدم حصولها على الإنسولين، ساءت حالة السيدة الصحية، خصوصًا أنها تعاني من “السكري” من “النوع الثاني” الذي لا يستجيب للأدوية الأخرى.

وبعد معاناة طويلة، تمكنت مرام من الحصول على الإنسولين من تركيا عن طريق تاجر عبر معبر “رأس العين” الحدودي، لكن بسعر مرتفع وبطريقة غير رسمية.

أما أحمد الجاسم (48 عامًا)، فتدهورت حالته الصحية إثر انقطاع دوائه الأساسي في الصيدليات، وتفاقمت الأعراض، كالألم في الصدر وضيق التنفس، إذ يعاني من انسداد في أحد شرايين القلب، ويضطر لاستخدام الأدوية منذ ثماني سنوات.

وقال لعنب بلدي، إنه توجه إلى مستشفى “رأس العين” للحصول على العلاج، لكن الأدوية التركية التي تم توفيرها له لم تُحسن حالته كما كان يتوقع، خاصة أنها كانت جديدة عليه.

أدوية مفقودة

تعد الصيدليات الوجهة الأولى والمباشرة لمعظم السكان في رأس العين ليس فقط لشراء الأدوية، إنما لتشخيص بعض الأمراض، والحصول على أدوية تقلل من حجم الألم وتساعد في العلاج، لكن فقدانها خلق أزمة طبية في المدينة.

الصيدلاني محمد فاضل من رأس العين، قال لعنب بلدي، إن الصيدليات تعاني من نقص واضح في الأدوية منذ سقوط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024، بسبب إغلاق “قسد” جميع طرق “التهريب” إلى رأس العين.

وأوضح أن المنطقة تعتمد بشكل أساسي على الأدوية السورية القادمة من مستودعات الرقة والحسكة، إلا أن انقطاع الطرق أدى إلى فقدان أنواع مهمة من الأدوية، خصوصًا تلك الخاصة بالأمراض المزمنة.

وأضاف أن عشرات المرضى يتوافدون على صيدليته يوميًا، بحثًا عن العلاج لأنفسهم أو لذويهم، لكن غالبًا ما تكون الأدوية مفقودة.

وأشار إلى أن الأدوية التركية متوفرة، وأنه لا إقبال عليها نظرًا إلى اعتياد السكان على الأدوية السورية.

المجلس المحلي: أدوية تركية بديلة

مقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا “حادًا” في الدعم، وتعيش المدينة حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي.

وقال المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد موسى ملكي، لعنب بلدي إن الأدوية السورية انقطعت نتيجة إغلاق الطرق.

وأضاف أن المجلس عبر مديرية الصحة بدأ بالاعتماد تدريجيًا على الأدوية التركية كبديل، في انتظار استقرار الأوضاع السياسية.

وأشار إلى أن المستشفى “الوطني” في رأس العين وفر غالبية الأدوية اللازمة للسكان، حيث أصبحت الأدوية التركية بديلًا لتلبية احتياجات المرضى وذلك حتى استقرار الأوضاع.

نقص عام في الخدمات الطبية

لا يعتبر نقص الأدوية المشكلة الوحيدة التي يعاني منها سكان المنطقة على صعيد القطاع الطبي، إذ يعاني مستشفى رأس العين “الوطني” قلة الكوادر الطبية المؤهلة.

وتعتبر قلة المعدات الطبية الحديثة عائقًا بالنسبة لمراجعي المستشفى، إذ يشير كثير من السكان إلى عجزه عن تقديم خدمات صحية بجودة عالية.

ولا يتوفر أطباء عيون في رأس العين، بينما يوجد طبيبا أطفال فقط في المدينة، ويلجأ بعض الأهالي إلى السفر لمسافات طويلة نحو مدينتي سلوك أو تل أبيض (تبعد نحو 120 كيلومترًا) لتأمين العلاج، ما يضيف عبئًا ماليًا ويرهق العائلات.

تقع مدينة رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تسيطر “قسد” على جميع المناطق المحيطة بها، ما يجعل منفذها الوحيد هو الحدود التركية.