عين الأردن على حدوده الشمالية

تجارة “الكبتاجون” بعد الأسد.. تضعف ولا تموت

وزارة الداخلية تضبط أحد معامل تصنيع "الكبتاجون" في دوما بريف دمشق - 15 كانون الأول 2024 (عنب بلدي- أنس الخولي)

camera iconوزارة الداخلية تضبط أحد معامل تصنيع "الكبتاجون" في دوما بريف دمشق - 15 كانون الأول 2024 (عنب بلدي- أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – موفق الخوجة

تراجعت تجارة “الكبتاحون” وعمليات تهريبها بشكل ملحوظ عقب سقوط نظام الأسد، بعدما كان الأخير متزعمًا لشبكة تصنيع وتهريب للمادة المخدرة، لكن عمليات التهريب ما زالت مستمرة، وسط إعلانات من السلطات الجديدة عن ضبط معامل ومستودعات تحتوي على كميات كبيرة من الحبوب المخدرة، وإحباطها عمليات تهريب، والقبض على تجار ومروجين.

وتثار التساؤلات حول إمكانية الإدارة السورية الجديدة منع إنتاج سلعة الأسد العابرة للحدود والتي تدار من منظومات دولية.

وفي السنوات الأخيرة من عهد الأسد المخلوع، انتشرت في سوريا معامل لتصنيع مادة “الكبتاجون” المخدرة، ويُتهم شقيق بشار، ماهر الأسد، باستخدامها لتمويل ميزانيته الخاصة، ودعم حليف النظام السابق، “حزب الله” اللبناني.

وبعد سقوط النظام في 8 من كانون الأول 2024، كشفت السلطات الجديدة عن مواقع يتبع بعضها لـ”الفرقة الرابعة” التي كان يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار، أو تتبع له مباشرة، أو لأحد المقربين له.

ورصد مراسل عنب بلدي مصنعًا لإنتاج “الكبتاجون” بالقرب من مدينة دوما، يحوي مئات الآلاف من الحبوب المخدرة مخبأة ضمن أجهزة كهربائية (منظمات) أو فواكه، ومعدّة للتصدير.

وبحسب حديث صاحب المعمل لمراسل عنب بلدي، استولى أشخاص يتبعون لماهر الأسد على المنشأة، ورفض الأخير الاستماع إلى شكواه وإعادة أملاكه.

“تطور نوعي”

قال الباحث في مركز “حرمون للدراسات” نوار شعبان، لعنب بلدي، إن ما حصل في ملف مكافحة السلطات الجديدة لـ”الكبتاجون” بعد سقوط النظام، هو “تطور نوعي”.

وأضاف شعبان أنه بالرغم من الإمكانيات المحدودة والمهام المبعثرة الموكلة للإدارة الجديدة، ما بين أمنية وتثبيت للخطوط وأخرى عسكرية وإدارية، فإن التحسن لافت وواضح.

وبالمقابل، يرى شعبان أن الإدارة الجديدة لا تستطيع أن تضبط ملف تصنيع “الكبتاجون” وتهريبه بشكل كامل، لأنه لا توجد دولة استطاعت ضبط تجارة المخدرات، بسبب ارتباطها بمنظومات دولية.

وترتبط هذه المنظومات بملفات متعلقة بـ”الإرهاب” وبيع السلاح وتجارة الأعضاء البشرية، وتجار حروب وأزمات، وفق الباحث شعبان.

المحلل الأردني المتخصص بالشأن السوري صلاح ملكاوي، يرى أن عمليات إنتاج “الكبتاجون” وتهريبها ستضعف لفترة من الزمن، إلا أنها لن تتوقف لأن الكثير من المعامل الصغيرة في سوريا ولبنان ما زالت قائمة.

وأكد ملكاوي أن قلة إنتاج “الكبتاجون” تعود إلى ضعف خطوط الإمداد التي تنقل هذه المواد إلى الساحل السوري أو إلى الأراضي الأردنية.

خط الإنتاج مستمر

من جانبه، يعتقد الباحث الاستراتيجي الأردني الدكتور عامر السبايلة، أن عمليات إنتاج “الكبتاجون” وتهريبها لم تتأثر، إلا أن هناك عمليات للسيطرة على الطرق التقليدية للتهريب.

ويرى السبايلة أن ما حصل في قطاع تهريب “الكبتاجون” بعد سقوط النظام، هو تأثر مرحلي بسبب خلل حصل في سوريا، مضيفًا أن الأمور ستأخذ وقتًا لتتضح مجددًا.

وتعلن وزارة الداخلية التابعة لحكومة دمشق المؤقتة عن القبض على مروجي ومهربي المخدرات، في العديد من المناطق السورية.

أحدث العمليات حتى لحظة تحرير التقرير كانت في 21 من كانون الثاني الحالي، إذ ضبطت وزارة الداخلية في حكومة دمشق المؤقتة بمنطقة الصبورة غربي دمشق، مستودعًا لتخزين الحبوب المخدرة، وقالت إنه يتبع لماهر الأسد.

كما ضبطت الداخلية السورية، في 19 من كانون الثاني، شحنة من حبوب “الكبتاجون” تُقدّر بـ100 مليون حبة، كانت مجهزة للتهريب إلى عدة دول عربية وغربية عبر مرفأ اللاذقية.

وقال المكتب الإعلامي بالوزارة، إن كميات من حبوب “الكبتاجون” و”البودرة المخدرة” كانت معبأة داخل ألعاب الأطفال، في مستودعات تعود ملكيتها إلى ماهر الأسد.

الباحث في مركز “حرمون” نوار شعبان، قال إن هذه العناصر التي ما زالت تحاول تهريب “الكبتاجون” لا يشترط أن تكون مرتبطة بالنظام السابق، رغم أنه كان المسيطر سابقًا على القطاع.

وأوضح شعبان أنه بعملية تجارة المخدرات هناك المورّد للمواد الخام، ثم المصنّع والتاجر، لتنتهي السلعة أخيرًا إلى المستهلك الذي سيبحث عن بدائل.

ويرى شعبان أن الذي اختلف الآن هو أن الدولة التي كانت ترعى عملية تصنيع المواد المخدرة أصبحت محاربة لها، ما أثر على عملية الإنتاج وحدّ منها.

 

لا يمكن القول إن تهريب “الكبتاجون” انتهى بسقوط الأسد، ولكن يمكن القول إن مشاركة الدولة التي كانت تحمي إرهاب “الكبتاجون” قد انتهت، وقوات وأدوات الدولة سوف تتحول إلى سلاح في هذه العملية وهو ما سيقلل نشاطها.

 نوار شعبان

باحث في مركز “حرمون للدراسات”

 

النظام ليس وحيدًا

السبايلة يرى أن النظام السابق لم يكن وحيدًا في تصنيع مادة “الكبتاجون” وتهريبها، لكنه كان يعمل فيها بصورة مباشرة.

وقال إن العديد من الأطراف ما زالت تمسك بزمام هذه التجارة، ويمكن أن يكون لها دور في خضم هذه التحولات الحاصلة، وأن يكون لها مكان وتحافظ عليه.

ويوافق الباحث شعبان رأي السبايلة، بأن النظام لم يكن وحده في منظومة إنتاج “الكبتاجون” وتصديره، بل هو جزء من منظومة “إرهابية” عملية، وبسقوط النظام، تسقط الجهة المصنعة والمصدرة للمادة المخدرة، ويبقى المورد للمواد الأولية، والمستهلك الذي تعد هذه العملية من أجله.

السبايلة قال، إن هناك مرحلة صراع على طرق التهريب وظهور لاعبين جدد.

وأضاف أن تجارة المخدرات عندما تنتشر بشكل كبير فهذا يعني أنها أصبحت مرتبطة بشبكات إقليمية ودولية، وبالتالي سترغب في الإبقاء على هذه التجارة وتبديل شخوصها فقط، بغض النظر عن شكل التغير الذي يحدث في سوريا.

وبحسب شعبان، فإن المورّد والمستهلك أيضًا جزء من المنظومة العالمية، التي ستبحث عن سبل أخرى، وسط تخوف من بيئة أمنية غير مستقرة، ومحاولات من قبل السلطة الجديدة لضبط الأمر.

الأردن.. عبّارة “الكبتاجون” البرية

تعد الجارة الجنوبية لسوريا، الأردن، المنفذ الرئيس لإخراج المادة المخدرة وتصديرها بريًا، إذ أعلنت عشرات المرات عن إحباطها شحنات “الكبتاجون” خلال السنوات الماضية، بعضها من المنفذ الرسمي “جابر- نصيب” الحدودي، والآخر عن طريق ممرات غير شرعية.

وكان الأردن معبرًا لتجارة “الكبتاجون” تمهيدًا لإيصاله لدول أخرى، وبالأخص دول الخليج وعلى رأسها السعودية.

وبعد سقوط النظام، استمرت عمليات التهريب على الحدود الجنوبية مع الأردن، وتطورت إلى اشتباكات وقصف جوي داخل الأراضي السورية.

وكان الأردن أعلن، في 12 من كانون الثاني الحالي، عن اشتباكات جرت بين قواته على الحدود ومجموعات مسلحة من المهربين، قالت عمان إنها حاولت اجتياز الحدود.

وأسفرت الاشتباكات عن مقتل مهرب، في حين لاذ الباقون بالفرار نحو الأراضي السورية، بالمقابل أصيب أحد أفراد الجيش الأردني، وفق ما ذكرته قناة “المملكة” الأردنية.

كما أغارت طائرات حربية، منتصف الشهر الحالي، على منازل يعتقد أنها عائدة لمهربي مخدرات بمنطقة الشعاب بريف السويداء.

ورجحت وسائل إعلام أن تكون هذه الطائرات أردنية، دون أن تعلق الأخيرة على الضربة.

السبايلة قال إن التحدي ما زال موجودًا بالنسبة للأردن، وقد يكون أشد في المرحلة المقبلة، بسبب تغير الأطراف التي تشرف على ملف صناعة “الكبتاجون” ونمطها.

ويعتقد السبايلة أن عمّان ستلجأ إلى إظهار نوع من الشدة في كيفية التعامل مع هذا الملف.

وأشار إلى أن تغيير قواعد الاشتباك هو إحدى الرسائل التي تظهر ما أسماها “الحزم الأردني” في التعامل مع هذه الظاهرة، قبل أن تشتد وتتحول إلى ظاهرة لا يمكن ضبطها.

ويلوح الأردن دائمًا بما يسميه “تغيير قواعد الاشتباك”، ويشير إلى التعامل العسكري مع المهربين خارج حدوده الشمالية والشرقية.

وفي عهد النظام السابق، تكررت حالات القصف الأردني داخل سوريا، مستهدفة مواقع و“مخابئ” لمهربي مخدرات.

وفي أيار 2023، هدد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بعمل عسكري داخل سوريا في حال عدم القدرة على وقف تدفق المخدرات نحو دول الخليج والعالم.

بالمقابل، قال المحلل السياسي الأردني ملكاوي، لعنب بلدي، إن الأردن كان أحد المتضررين إضافة إلى دول أخرى.

وأضاف أن الأردن كان يستخدم نحو 15% مما يدخل إلى أراضيه من المادة المخدرة، بينما يعاد تصدير الكمية المتبقية باتجاه السعودية ودول الخليج العربي.

ويرى ملكاوي أن ما يتم تهريبه إلى الأردن هو جزء يسير مما كان ينتجه النظام السابق، والقسم الأكبر يتم تهريبه عبر البحر باتجاه أوروبا وشرق آسيا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة