ما هيكلية “قسد”.. ولماذا تصر على مطلب “الكتلة” 

  • 2025/01/23
  • 12:36 م
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية خلال احتفالية بمحافظة دير الزور شرقي سوريا- 23 من آذار 2024 (SDF)

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية خلال احتفالية بمحافظة دير الزور شرقي سوريا- 23 من آذار 2024 (SDF)

مع استمرار الحديث عن إعادة هيكلة الجيش السوري، وإصرار “قوات سوريا الديموقراطية” على الاحتفاظ بكيانها المستقل، تثار تساؤلات حول هيكليتها وأسباب تمسكها بالبقاء ككتلة.

تسيطر”قسد” على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، منذ سنوات وتتلقى دعمًا من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

ولها جناح سياسي اسمه “مجلس سوريا الديمقراطية” وآخر إداري يختصر بـ”الإدارة الذاتية”.

التأسيس والهيكلية

تأسست “قسد” عام 2015، كتحالف عسكري، وشكلت “وحدات حماية الشعب” عمودها الرئيسي والمتنفذ.

وأوكل إليها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مهام العمليات البرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، بهدف استعادة المناطق الخاضعة لسيطرته، آنذاك.

شهد الاجتماع التأسيسي لـ”قسد” مشاركة “وحدات حماية المرأة”، وقوات “ستورو” المتحالفة، إلى جانب تشكيلات عسكرية أخرى مثل “جيش الصناديد”، وعدد من الكتائب والألوية.

الإعلان عن تأسيس هذه القوات، جاء بعد أقل من أسبوعين على بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا.

ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة حول عدد مقاتلي “قسد” أو الفصائل التابعة لها، قدرت أعداد التشكيلات المنضوية فيها عام 2017 بما يتراوح بين 60 ألفًا و75 ألفًا.

في مطلع عام 2016، بدأت “قسد” استقطاب الشبان من المناطق التي تسيطر عليها، سواء عبر حملات تطوع مدفوعة الأجر أو من خلال التجنيد الإلزامي.

وحتى شباط 2017، خرّجت القوات 12 دورة تدريبية، تركز معظم المشاركين فيها من مناطق الشدادي، الرقة، ودير الزور، وفقًا لـمركز عمران للدراسات الاستراتيجية”.

وبحسب دراسة لـ”مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” نشرت عام 2017، تدار “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عبر هيكلية تنظيمية محكمة يقودها المجلس العسكري، الذي يعد السلطة العسكرية الأعلى ضمن القوات.

يضم المجلس ممثلين عن كافة الفصائل والتشكيلات العسكرية، ويتولى اتخاذ القرارات الاستراتيجية بشأن الحرب والسلم انتخاب القائد العام، وتحديد أهداف القوات وفقًا للظروف الميدانية.

القائد العام لقسد ينتخب مباشرة من قبل المجلس العسكري، ويتولى قيادة اجتماعاته إلى جانب اجتماعات القيادة العامة، كما يشرف على تنفيذ قراراتها، ويعين الناطق الرسمي باسم القوات.

أما القيادة العامة لقسد، فتتألف من 9 إلى 13 عضوًا، يتم اختيارهم بانتخابات تجرى بين أعضاء المجلس العسكري، مع التأكيد على تمثيل العنصر النسائي ضمن القيادة.

وتتولى القيادة تنفيذ قرارات المجلس العسكري، تخطيط الحملات العسكرية، وإدارة تحركات القوات، مع فرض التزام جميع الفصائل بأوامرها. ويُمنع على أي فصيل إطلاق أي معركة أو حملة دون مراجعة القيادة.

لجنة الانضباط العسكري، التي تضم بين 5 إلى 7 أعضاء يعينهم المجلس العسكري، هي الجهة المسؤولة عن معالجة الخلافات بين الفصائل، محاسبة المقصرين، وحل النزاعات بين المقاتلين.

إلى جانب هذه الهيئات، تضم “قسد” العديد من المكاتب إدارية متخصصة، مثل مكتب الإعلام والعلاقات، مكتب شؤون المرأة المقاتلة، مكتب الذاتية والأرشيف، ومكتب المعلومات العسكرية.

البنية وتقسيم المقاتلين

الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا، سامر الأحمد يشير إلى وجود أقسام بارزة ضمن “قسد”.

وتتمثل هذه الأقسام في:  “الأسايش” (قوات الأمن الداخلي/الشرطة)، “الهات” (قوات مكافحة الإرهاب)، “اليات” (قوات التدخل السريع)، بالإضافة إلى جهاز الاستخبارات ووحدات حماية الشعب.

ويضاف إليهم مجالس عسكرية مناطقية مثل مجلس دير الزور العسكري، مجلس منبج، ومجلس الرقة، وتتركز مهام هذه المجالس على حماية مناطقها.

وأوضح الأحمد، لـعنب بلدي، أن قسد تعمل بأسلوب عسكري كان يخضع لإشراف التحالف الدولي، لا سيما خلال المعارك مع تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وذكر أن السيطرة الفعلية على القرارات العسكرية والأمنية داخل قسد تعود لقيادات من “حزب العمال الكردستاني”(PKK)، الذين يشغلون مناصب حساسة في جهاز الاستخبارات، وقوات “الهات”، و”وحدات حماية الشعب”.

وأضاف أن هؤلاء القادة غالبًا ليسوا سوريين، بل ينتمون إلى جنسيات أخرى مثل التركية أو الإيرانية.

من جهته، يقول مدير مركز “رامان للدراسات”، بدر مُلا رشيد، إن “قسد” اعتمدت بعد انتهاء معاركها الرئيسية ضد تنظيم “الدولة” في عام 2019 سياسة توزيع مقاتليها على مجموعات صغيرة، بدلًا من التحرك ضمن تشكيلات كبيرة.

وأوضح أن هذه السياسة ليست جديدة، بل تستخدم منذ فترة طويلة، حيث تقوم القوات بنشر هذه المجموعات الصغيرة على مساحات واسعة، وتمكينها من السيطرة على الجبهات العسكرية.

لماذا تتمسك بـ”الكتلة”؟

يرى الباحث الأحمد أن تمسك “قسد” بالبقاء ككتلة مستقلة أمر طبيعي.

ويقول، إن هذه القوات تسعى منذ سنوات لفرض أمر واقع يتعلق بوجود إقليم فدرالي يشبه إلى حد ما التجربة الكردية في شمال العراق.

ويأتي ذلك من خلال إنشاء مؤسسات حوكمية متمثلة بالإدارة الذاتية، وانشاء مؤسسات تشريعية متمثلة بمجلس الشعوب والعقد الاجتماعي وتكتلات حزبية.

و تعتبر “قسد” هذا المشروع بمثابة أمر لا يمكن التنازل عنه، فهي تسعى للدخول إلى الجيش السوري ككتلة، على غرار ما فعلته قوات “بيشمركة” شمال العراق، عندما تم دمجها ضمن الجيش العراقي، مع الإبقاء على استقلالها السياسي تحت سلطة “حكومة إقليم كردستان”.

وفي هذا النموذج، تكون وزارة الدفاع العراقية هي المسؤولة عن توفير الرواتب والتمويل، في حين أن تلك القوات لا تخضع مباشرة للحكومة العراقية بل لحكومة الإقليم.

وتحاول قسد تقليد هذه الصورة مع تقديم نفسها كقوة جامعة لشرائح مجتمعية متنوعة، في محاولة لدحض التهم التي تشير إلى كونها جماعة كردية ضيقة الأفق، بحسب الأحمد.

لكن هذا التوجه، لا يعكس الواقع السياسي الذي تعيشه المنطقة، وفقًا لقول الباحث.

ويضيف مُلا رشيد أن الولايات المتحدة ما زالت تعتبر “قسد” الجسم العسكري الفاعل في مواجهة تنظيم “داعش”.

وتعتبرها أيضا الوحيدة القادرة على منع عودة التنظيم إلى الواجهة مجددًا، إذ إنها تواصل السيطرة على السجون والمخيمات التي تضم أكثر من 15 ألف مقاتل و20 ألف من أفراد عائلات التنظيم.

وأضاف أنه في حال اندماج “قسد” مباشرة مع الجيش السوري، فإنها قد تواجه خطر الانهيار السياسي والعسكري،  فضلًا عن مخاوفها من العودة إلى المربع الأول فيما يتعلق بالحقوق الثقافية والقومية، وقضية الإدارة المحلية في شمال سوريا.

كما يرى مُلا رشيد أنه وفي حال نجاح “قسد” في تحقيق أهدافها، قد تشهد المنطقة حالة من الهدوء، مع زيادة التعاون بينها وبين دمشق، خاصة في مجالات أمن الحدود، وضبط الاشتباكات مع “الجيش الوطني” السوري.

وسيتيح ما سبق لحكومة دمشق رقابة أوسع على السجون والمخيمات الموجودة تحت سيطرتها.

لكن سعيها بالاستمرار ككتلة عسكرية سيضمن سيطرة مستمرة لحزب العمال الكردستاني على الأراضي التي تسيطر عليها “قسد”، وهذا ما ترفضه دمشق وتركيا في الوقت الحالي، بحسب ما أردف الباحث السوري، الأحمد.

مقالات متعلقة

  1. واشنطن ستوقف مساعداتها لـ"قسد" إذا تحالفت مع الأسد
  2. "قسد": المجالس العسكرية استراتيجيتنا الجديدة
  3. "قسد" تخطط لهيكلية عسكرية جديدة بعد إنهاء التنظيم
  4. التحالف يتوسط لـ"تهدئة" بين تركيا و"قسد"

سوريا

المزيد من سوريا