قال وزير الخارجية في حكومة دمشق المؤقتة، أسعد الشيباني، إن الإدارة السورية الجديدة تخطط لخصخصة المواني والمصانع الحكومية، وتسعى لجلب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التجارة الخارجية.
ويهدف هذا المسعى لإجراء إصلاحات اقتصادية وإنهاء عقود من الزمن كـ”دولة منبوذة”، بحسب ما أضافه الشيباني لصحيفة “فاينانشال تايمز” اليوم، الأربعاء 22 من كانون الثاني.
ووفق وزير الخارجية السوري، تبحث الحكومة السورية الجديدة عن شراكات بين القطاع العام والخاص لتشجيع الاستثمار في المطارات والسكك الحديدية والطرق.
واعتبر أن التحديات الحالية ستتمثل بإيجاد مشترين للمؤسسات التي كانت في حالة “تدهور” لسنوات في بلد “محطم ومعزول عن الاستثمار الأجنبي”.
تأتي تصريحات الشيباني للصحيفة البريطانية خلال منتدى “دافوس” الاقتصادي التي تشارك سوريا فيه لأول مرة بتاريخها، معتبرًا أن مشاركته هي لنقل رؤية الإدارة السورية الجديدة التنموية حول مستقبل سوريا وتطلعات الشعب السوري، وأن محادثاته ترتبط بالتنمية الاقتصادية، بينما كانت رؤية رئيس النظام المخلوع بشار الأسد خلال حكمه متعلقة بالرؤية الأمنية للدولة.
ودعا الوزير السوري إلى وجود قوانين ورسائل واضحة لفتح الطريق أمام المستثمرين الأجانب، وتشجيع المستثمرين السوريين على العودة إلى سوريا.
وقال للصحيفة البريطانية، إن موظفين من حكومة النظام السابق كشفوا للحكومة الحالية الأضرار التي لحقت بالبلاد وخزائنها من قبل العهد القديم، الذي كان يدير اقتصادًا “اشتراكيًا منغلقًا”.
وشملت الأضرار ديونًا بقيمة 30 مليار دولار لإيران وروسيا، إضافة إلى عدم وجود احتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي وتضخم في كشوف رواتب القطاع العام، وتدهور في قطاعات الزراعة والصناعة، التي أهملها النظام السابق.
وذكر الشيباني للصحيفة، أن التحديات المقبلة “هائلة”، وستستغرق سنوات لمعالجتها، معلنًا أن السلطات الجديدة تشكل لجنة لدراسة الوضع الاقتصادي والبنية التحتية.
رفع العقوبات
بحسب “فاينانشال تايمز”، سيشكل وجود الشيباني في المنتدى العالمي فرصة لتجديد الدعوة إلى رفع العقوبات التي فرضت في عهد رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، وقال إنها ستمنع الانتعاش الاقتصادي، وتمنع للدول الأخرى من الاستثمار في سوريا.
وقال الشيباني، إن التعافي يمثل أولوية عاجلة ويشمل تأمين ما يكفي من الخبز والمياه والكهرباء والوقود، لشعب يُدفع إلى الفقر بسبب حكم الأسد والعقوبات المفروضة عليه.
وأضاف أنه لا يريد أن تعيش سوريا على المساعدات أو أن تمنح الدول المال كما لو أنها “تلقي الاستثمارات في البحر”، على حد تعبيره، معتبرًا في الوقت ذاته أن المفتاح هو تخفيف العقوبات الأوروبية والأمريكية على سوريا و”هيئة تحرير الشام” (نواة الإدارة السورية الجديدة).
وتدرس دول أوروبية تخفيف العقوبات المفروضة على النظام السابق، والتي مازالت سارية حتى بعد سقوطه، وتربط تخفيف العقوبات بسلوك الحكومة الحالية.
وفي 20 من كانون الثاني الحالي، اطلعت وكالة “رويترز” على وثيقتين داخليتين صدرتا عن الاتحاد الأوربي، حددتا سياسة الأخيرة لدعم عملية الانتقال السياسي في سوريا، وبحث ضرورة تخفيف العقوبات المفروضة.
كما دعت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف تنشيط اقتصادها و عودة الخدمات الأساسية فيها.
رسائل طمأنة
جدد الشيباني إرسال رسائل طمأنة للدول العربية والغربية بأن السلطات الجديدة لا تشكل تهديدًا، قائلًا، إن دمشق لا تخطط لتصدير الثورة والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وأضاف أن الإدارة السورية الجديدة تهدف إلى بناء تحالفات إقليمية تمهيدًا للازدهار السوري، وفق تعبيره.
تصريحات الشيباني مشابهة لأخرى لقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، حول عدم السماح بتصدير الثورة إلى الدول العربية.
وقال الشرع لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، في 20 من كانون الأول 2024، “نحن اليوم في مرحلة بناء الدولة. الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، ولن تكون سوريا منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان”.
شمال شرقي سوريا
اعتبر الشيباني أن العلاقات السورية- التركية التي وصفها بـ”الخاصة”، ستسمح للبلاد بالاستفادة من الخبرات التكنولوجية التي تمتلكها أنقرة، وثقلها الإقليمي وعلاقاتها مع الدول الأوروبية.
من جانب آخر، رفض الشيباني أن علاقات سوريا مع تركيا ستمنح الأخيرة نفوذًا “لا داعي له”، أو أن يرقى إلى التوسع في الأراضي السورية.
وحول قضية شمال شرقي سوريا، قال الشيباني إن وجود “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لم يعد لها مبرر، مشيرًا إلى أن السلطات السورية الحالية تعهدت بضمان حقوق الأكراد وتمثيلهم في الحكومة الجديدة.
وأبدى الشيباني استعداد حكومة دمشق لتسلم السجون التي تديرها “قسد” والتي تحوي الآلاف من أسرى تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وتجري مفاوضات في الأيام الأخيرة حول ضم “قسد” إلى الجيش السوري الجديد، وبينما تريد الأخيرة الانضمام بشكلها الحالي دون حل نفسها، ترفض حكومة دمشق، وتريد انخراط عناصرها في وزارة الدفاع الجديدة.