السعر منخفض.. لا أسواق لتصريف القطن في رأس العين

عنب بلدي – رأس العين

يواجه مزارعو القطن في منطقة رأس العين شمالي غربي الحسكة صعوبة في تسويق المحصول، بعد نحو ثلاثة أشهر على الجني، إذ يبدأ قطاف القطن، عادة، منتصف أيلول من كل عام.

وأكد مزارعون لعنب بلدي صعوبة تصريف القطن بسبب انخفاض الأسعار، ورفض التجار شراء المحصول بسعر مناسب يغطي تكاليف الإنتاج، مع اضطرار بعض المزارعين للبيع بسعر أقل من تكلفته.

انخفاض الأسعار كان بمثابة “ضربة قاضية” لآمال المزارعين، الذين وصفوا الموسم بـ”الكارثي”، إذ طالته الأضرار بدءًا بارتفاع تكاليف السقاية إلى الإصابة بـ”دودة القطن” وقلة الإنتاج، وصولًا إلى غياب الدعم واحتكار التجار.

تراجع في الإنتاج والأسعار

تراوح إنتاج القطن هذا العام بين 100 و200 كيلوغرام للدونم، بعدما كان يتراوح عام 2023 بين 300 و350 كيلوغرامًا، وقابله انخفاض حاد في الأسعار، إذ لم يتجاوز سعر الطن 475 دولارًا (خمسة ملايين ليرة سورية) حاليًا، ما جعل بيع القطن أمرًا غير مجدٍ اقتصاديًا.

أملًا في سداد ديونه لهذا العام، زرع أحمد الحسين (44 عامًا) من قرية حميد شرقي رأس العين 20 دونمًا من القطن، وعند جني المحصول، صُدم من الإنتاج الضعيف الذي لم يتجاوز 130 كيلوغرامًا في الدونم الواحد.

أما الأسعار فقد ضاعفت خسائره، ولم يدفع التجار سوى 450 دولارًا أمريكيًا للطن الواحد من القطن، قائلًا إنه لم يبع القطن بعد، بل تركه في المستودع حتى تتحسن الأسعار، لعله يتمكن من سداد جزء من ديونه المتراكمة.

زرعت السيدة سلوى 50 دونمًا من القطن في قريتها لوذي، لكن المحصول أصابته “دودة القطن” قبل الجني بشهر، ما أدى إلى تضرر 55% من المحصول.

وعند الجني، أنتج الدونم الواحد 150 كيلوغرامًا فقط، وهو ما لا يغطي تكاليف زراعته وتركيب مشروع الطاقة الشمسية الذي قدّرت تكلفته بـ50 مليون ليرة سورية.

وقالت لعنب بلدي، إن التجار لم يدفعوا لها سوى 440 دولارًا للطن، بحجة أن قطنها متضرر من “الدودة” التي انتشرت في حقلها.

وطالب المزارعون بضرورة توفير آلية حكومية لتصريف محصول القطن بأسعار تشجيعية، بالإضافة إلى تعويض المزارعين الذين تكبدوا خسائر هذا الموسم.

ووفقًا لتقرير سابق أعدته عنب بلدي، تضرر بسبب دودة القطن نحو 20% من محصول القطن في رأس العين، الذي قُدّرت مساحته بـ27 ألف دونم، بحسب ما ذكره رئيس مكتب الزراعة والثروة الحيوانية، عمر حمود.

لا سوق رسمية للتصريف

قال سليم الكريم، تاجر القطن من مدينة رأس العين، إن جودة محصول هذا العام كانت “سيئة للغاية”، ما أدى إلى تلف في المحصول وانخفاض ملحوظ في أسعاره.

وأوضح أنهم كتجار يواجهون مشكلة بسبب غياب سوق رسمية لتصريف القطن في رأس العين، ما اضطرهم للتعاقد مع تجار في تركيا.

وأضاف أن الأسعار تتغير بشكل مستمر من قبل التجار في تركيا، ما يزيد من تعقيد عملية البيع.

وذكر أن لديه حوالي 150 طنًا مكدّسًا من القطن، ولم يتمكن من تصريفها بسبب عدم التوصل إلى اتفاق على السعر مع التجار في تركيا.

27 ألف دونم

يعد محصول القطن من الزراعات الأساسية في رأس العين، التي يعتمد فيها معظم السكان على الزراعة ثم تربية الماشية كمصدر دخل.

المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، قال لعنب بلدي، إن المساحة المزروعة بالقطن لهذا العام بلغت 27 ألف دونم.

وأوضح أن تراجع أسعار القطن في الأعوام الثلاثة الماضية كان بسبب انخفاض الأسعار العالمية للقطن المحلوج، ما أدى إلى تدهور الأسعار محليًا.

وأضاف أن هذا التراجع دفع المزارعين لتحويل أراضيهم إلى زراعات بعلية، لتقليل التكاليف المرتفعة، ما يسبب فقدان محاصيل أساسية مثل القطن والذرة والخضار في الموسم الصيفي.
وطالب ملكي “الحكومة السورية المؤقتة”، كونها المسؤولة عن المنطقة في الوقت الحالي، بتقديم الدعم اللازم للمزارعين للتخفيف من الأعباء الاقتصادية التي يعانون منها.

وتتصدر محافظة الحسكة إنتاج القطن في سوريا، تليها محافظتا الرقة ودير الزور، لكن في السنوات الأخيرة، شهدت هذه المحافظات انخفاضًا في إنتاج القطن بسبب الظروف الأمنية وعدم استقرار المزارعين، وصعوبة تصريف المحصول.

ويضاف إلى أسباب الانخفاض هجرة المزارعين، وارتفاع أسعار البذار والمبيدات الحشرية، وقلة المياه المتاحة للري.

ولم تتدخل “الحكومة المؤقتة” في شراء محصول القطن المزروع ضمن مناطق سيطرتها، ما عرض المزارعين لخسائر، نتيجة اضطرارهم لتخفيض أسعار المبيع، ويتراوح سعر الطن بين 420 و475 دولارًا أمريكيًا، في حين كان سعره عام 2022 يتراوح بين 750 و800 دولار.

وأكثر ما يؤرق قطاع الزراعة في رأس العين وجارتها تل أبيض هو التصحّر الذي ضرب مئات آلاف الدونمات، إلى جانب أراضٍ طالتها تكهفات وانهيارات أخرجتها عن الخدمة، وعززتها عوامل اقتصادية من ارتفاع تكاليف الاستصلاح واستخراج المياه، وعوامل بشرية من استنزاف للمياه الجوفية وتقصير الجهات المسؤولة، وعدم اهتمامها بالتربة والفلاح والمحصول.