التحقيق الدولية: تحسن بحماية الأدلة في سوريا
أبدت لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا، التابعة للأمم المتحدة، بعد أول زيارة رسمية لها إلى سوريا على الإطلاق، أملها أن تتحقق العدالة والمسائلة في سوريا، مشيرة لوجود تحسن في حماية الأدلة.
وقال مفوض اللجنة هاني مجلي، لوكالة “الأناضول” التركية، الخميس 16 من كانون الثاني، إن هناك تحسنًا ملحوظًا في حماية الأدلة في مراكز الاحتجاز ومواقع المقابر الجماعية، وهو أمر ضروري للتحقيقات المستقبلية.
وأضاف أن عمليات التفتيش التي نفذتها اللجنة “لم تكن ذات طابع تحقيقي، بل كانت تهدف إلى التأكد من المعلومات التي تم الإبلاغ عنها سابقًا وتقييم كيفية الحفاظ على الأدلة”.
ولفت إلى أن المسؤولين الذين التقى بهم، أكدوا أنهم يسعون لتحقيق العدالة للضحايا، ويرغبون في رؤية المساءلة في المستقبل، مع التركيز بشكل خاص على كبار المسؤولين في النظام السوري المخلوع.
ووفق ما نقلته الوكالة التركية، كان لزيارة اللجنة هدفان رئيسيان، هما تفقد مراكز الاحتجاز ومواقع المقابر الجماعية، وبدء مناقشات مع السلطات السورية المؤقتة بشأن التعاون المستقبلي من أجل العدالة والمساءلة.
وأعرب مجلي عن “تفاؤل حذر” بشأن تعاون الحكومة السورية المؤقتة مع عمل اللجنة مستقبلًا.
“لقد كانوا واضحين تمامًا بشأن محاولتهم حماية الأدلة في السجون ومراكز الاحتجاز، وأن لديهم خططًا … لجمع المعلومات والحفاظ عليها بشكل آمن”، أضاف مجلي.
وفي سجن “صيدنايا”، الذي اشتهر على مدار السنوات الماضية بانتهاكات حقوق الإنسان، وصف مجلي التدابير الأمنية الجديدة المعمول بها قائلًا: “توجد الآن نقطة تفتيش عند المدخل. ويحتاج المرء إلى تصريح للدخول إلى المنشأة”، ولم يجد الفريق داخل المنشأة أي علامات على التلاعب أو سرقة الوثائق.
وأضاف أن مواقع المقابر الجماعية أديرت بشكل أفضل كما هو واضح، لافتًا إلى أن السلطات عملت على تأمين بعضها ببوابات وحراس، بينما تجري مراقبة البعض الآخر “بشكل أكثر سرية”.
ولفت إلى أن حكومة تصريف الأعمال لم تفرض أي قيود كبيرة على الفريق خلال الزيارة، وقال “لم يتم إبلاغنا بأي قيود فيما يتعلق بالأماكن التي اقترحنا زيارتها، وكانت تلك الزيارات تسير بسلاسة تامة”.
مطالب بالحفاظ على الأدلة
قبل أيام، طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الإدارة السورية الجديدة بالحفاظ على الأدلة والوثائق التي تم العثور عليها في السجون والفروع الأمنية التابعة للنظام السابق.
وقالت المنظمة في تغريدة عبر حسابها على “إكس“، في 13 من كانون الثاني الحالي، إن عشرات الآلاف من السوريين اختفوا قسرًا على يد أجهزة الأمن والمخابرات التابعة للأسد، ومن حق العائلات معرفة الحقيقة، “لذلك يجب الحفاظ على أدلة الفظائع التي ارتكبتها الحكومة السابقة”.
وشددت “هيومن رايتس ووتش” على أن قيام الإدارة السورية الجديدة بالحفاظ على الأدلة والوثائق في السجون، هو السبيل أمام الحكومة الانتقالية لبناء الثقة مع الشعب السوري.
عقب سقوط النظام السوري، تهافت عدد من الناشطين السوريين وبعض وسائل الإعلام العربية إلى مواقع لمقابر جماعية معروفة في سوريا، وانتشرت من هناك تسجيلات مصورة تظهر نبش المقابر والعبث بالجثث المدفونة.
نشر هذه التسجيلات جعل عددًا من أهالي المختفين والمفقودين ممن لم يتمكنوا من معرفة مصير ذويهم بعد، يصل إلى عدد من المواقع بدافع نبش المقابر والبحث عن ذويهم عن طريق التعرف عليهم من لباسهم أو ملامحهم.
وسبق أن أعلنت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة بشأن سوريا أنها طلبت إذنًا من الحكومة السورية الجديدة لبدء العمل الميداني وتوثيق الانتهاكات في سوريا.
وقال رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة، روبرت بيتيت، في 22 من كانون الأول 2024، إن هناك إمكانية للعثور على أدلة أكثر من كافية لإدانة أولئك الذين يجب محاكمتهم.
سرقة وثائق
في 19 من كانون الأول 2024، كشفت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” عن عملية سرقة لوثائق وأجهزة كمبيوتر من سجن “صيدنايا” بعد سقوط نظام الأسد.
وقالت الرابطة في تقرير، إنها تمكنت من تحديد هوية بعض الأفراد المتورطين في سرقة أجهزة الكمبيوتر من سجن “صيدنايا”، من خلال شهادات متقاطعة لسكان محليين وأهالي المختفين، مع توثيق قام به أعضاء من الرابطة كانوا داخل السجن في 8 من كانون الأول، أي بعد بضع ساعات من سقوط الأسد.
ووفق شهود عيان، قامت مجموعة من “الشبيحة” واللصوص الذين كانوا على ارتباط بالنظام المخلوع بالتسلل إلى سجن “صيدنايا” مع بدء توافد الأهالي، وسرقوا أجهزة الكمبيوتر من غرفة المراقبة وبعض الملفات من القلم الأمني في السجن.
وبعد ساعات من سقوط النظام، انتشرت مقاطع مصوّرة من داخل سجن “صيدنايا” لمقاتلين ومدنيين يتجولون بين رفوف حوَت وثائق وتقارير كتبت نهاية حياة عشرات آلاف السوريين، أو أدت إلى اعتقالهم ومعاملتهم بطريقة غير آدمية، ووثقت أيضًا أسماء المسؤولين عن ذلك.
وثائق مرمية على الأرض، وأخرى أخذها أشخاص سواء مدنيون أو عسكريون، ومن الممكن أن يكونوا من أركان النظام السابق، أدت إلى فقدان أو تلف وثائق وتقارير أمنية، ولم يُعرف حجم الفقدان حتى الآن.
استمرت حالة عدم ضبط دخول الأشخاص إلى المعتقلات والعبث بمحتوياتها نحو أربعة أيام، إلى أن أغلقت “إدارة العمليات العسكرية” هذه المعتقلات، وأنهت فرق البحث والإنقاذ وعلى رأسها “الدفاع المدني السوري” عمليات البحث عن سجون أو غرف مخفية داخلها، وهو ما حدث في سجن “صيدنايا”.
اقرأ أيضًا: “عصابة” تعفش سجن صيدنايا دون رقابة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :