أمراض الشتاء.. كيف نقي أنفسنا منها
د. أكرم خولاني
يؤثر البرد على أجهزة الجسم الحيوية مؤديًا إلى ضعف المناعة، وإذا ترافق ذلك مع سوء التغذية فإن معدل الإصابة بالأمراض يرتفع، وهذا ما نلاحظه عند نسبة كبيرة من الشعب السوري، إذ إن الوضع الاقتصادي السيئ يتسبب بالتغذية السيئة والتعرض للبرد نتيجة عدم القدرة على شراء المحروقات اللازمة لتشغيل أجهزة التدفئة، يضاف إلى ذلك ازدياد نمو وانتشار الفيروسات والجراثيم في الأجواء الباردة.
كما يسهم المكوث في أماكن مغلقة لفترات طويلة بانتشار الفيروسات، ويؤدي كل ذلك إلى انتشار العديد من الأمراض في فصل الشتاء، كأمراض الجهاز التنفسي وأمراض المفاصل والأمراض الهضمية والأمراض الجلدية والنوبات القلبية وغيرها، وتُعرف هذه الأمراض بـ”أمراض الشتاء”.
ما أشيع أمراض الشتاء
هناك عدد من الأمراض التي يزداد حدوثها خلال فصل الشتاء، أبرزها:
الأمراض التنفسية:
نزلات البرد، التهاب الأنف، التهاب الحلق، التهاب الجيوب، التهاب الأذن الوسطى، التهاب القصبات الهوائية، أزمات الربو.
تعتبر الفيروسات هي أشيع أسبابها، ولكن قد تحدث الأمراض بسبب جرثومي أو تحسسي، وتحدث العدوى الفيروسية أو الجرثومية عن طريق الرذاذ التنفسي في أثناء العطاس والسعال وعن طريق مفرزات الأنف واللعاب، وتنتقل عبر الهواء أو الأيدي عادة، ويمكن أن يصاب كامل أفراد العائلة عن طريق طفلهم المعرّض للعدوى في المدرسة مثلًا، كذلك يحفز الهواء البارد نوبات الربو بشكل كبير، وتصبح الحالة أسوأ حين يصاب المريض بالزكام أو الإنفلونزا، إضافة إلى ذلك فإن أنظمة التدفئة المنزلية تحفز نوبات الربو أيضًا.
الأمراض الهضمية:
تشنج الأمعاء، القرحات الهضمية، التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي.
يؤدي التعرض للبرد إلى تشنج عضلات البطن ما يسبب ألمًا بطنيًا وشعورًا بالغثيان وقد يحدث الإقياء، كما تحدث تشنجات في جدران المعدة والأمعاء والقولون وفرط حركية فيها ما يؤدي إلى الإصابة بالمغص المعوي والإسهال، ويكون هذا الإسهال حادًا (يستمر لفترة قصيرة نسبيًا).
كما يسبب البرد انقباض الأوعية الدموية ويعيد توزيع الدم من جديد على مناطق حيوية في الجسم، وهذا قد يعرض المريض للتقرحات مثل قرحة المعدة والاثني عشر.
كما يعتبر نوروفيروس واحدًا من أكثر الفيروسات انتشارًا في العالم، ويعرف بفيروس الشتاء لأنه يظهر وينتشر بشكل كبير خلال الطقس البارد، وهو يصيب المعدة ويسبب الإقياء والإسهال مع ألم وتشنجات في المعدة، إضافة إلى ألم حاد في العضلات وصداع وعطش شديد نتيجة فقدان الجسم للسوائل، وهو فيروس شديد العدوى، ينتقل عن طريق الطعام الملوث أو المياه الملوثة، ولا يوجد علاج محدد له، لكن يتم إعطاء المريض مضادات الإسهال والكثير من السوائل، وتشفى الحالة خلال بضعة أيام.
الأمراض الجلدية:
جفاف الجلد، عضة الصقيع، قرحات البرد الجلدية.
الجلد الجاف هو حالة شائعة، وغالبًا ما يكون أسوأ في فصل الشتاء، فالطقس البارد وانخفاض معدلات الرطوبة يؤديان إلى جفاف البشرة وتشققها وإصابتها بالحكة والأكزيما، لذلك يعتبر الترطيب ضروريًا خلال فصل الشتاء، حيث تعمل المرطبات الجلدية كمانع للتسرب لوقف تبخر الرطوبة الطبيعية للبشرة.
وتنتج عضة الصقيع عن نقص تدفق الدم في نهايات الأطراف نتيجة تقبض الأوعية الدموية بفعل البرد الشديد.
قرحة البرد هي بثور صغيرة ممتلئة بسائل شفاف تتشكل حول الفم أو الأنف وعلى الذقن، يتسبب بها فيروس الهربس البسيط عادة، وتحدث نتيجة الإصابة بالإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي والتعرض للرياح الباردة والإجهاد العاطفي أو الجسدي، وتشفى عادة من تلقاء نفسها خلال 7 إلى 10 أيام.
الأمراض المفصلية:
آلام المفاصل، النقرس.
لا يسبب البرد التهاب المفاصل، ولكن مع انخفاض درجات الحرارة تصبح المفاصل أكثر تصلبًا ما يؤدي إلى الشعور بالألم، ويعتبر الداء التنكسي الذي يصيب غضاريف مفاصل الركب هو الأكثر تأثرًا بالبرد، حيث يزداد ألمه دون أن يُعرف سبب ذلك، كما يحرض البرد آلام الظهر والرقبة بسبب تقلص العضلات والأربطة.
كذلك فإنه عند وجود ارتفاع بحمض البول في الدم فإن البرد يؤدي إلى تحوله إلى بلّورات تترسب في بعض الأماكن ذات التروية الدموية الضعيفة كصيوان الأذنين ومفاصل القدمين، وهو ما يعرف بمرض النقرس.
الأمراض الوعائية:
الأزمات القلبية، السكتات الدماغية، جلطات الأطراف، برودة اليدين والقدمين (ظاهرة رينو).
يؤدي التعرض للبرد إلى تقبض فوري في الشرايين خاصة بالأطراف، وهذا يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم ما يزيد العبء على القلب فتزداد نبضاته كما يزداد استهلاكه للأكسجين، كل ذلك لا يسبب مشكلة عند الشخص الطبيعي الصحيح، لكن في حال كان الشخص مصابًا بتصلب الشرايين أو تضيقها فإن هذا الجهد قد يسبب الذبحة الصدرية التي من الممكن أن تتطور إلى جلطة قلبية، كذلك فإن الارتفاع المفاجئ والشديد في ضغط الدم قد يؤدي إلى تمزق اللويحات العصيدية والتخثرات الدموية في الأوعية، ما يسبب حدوث الجلطات القلبية أو السكتات الدماغية.
وتعتبر ظاهرة رينو حالة شائعة تجعل الأصابع يتغير لونها وتصبح مؤلمة جدًا في الطقس البارد، ويحدث ذلك نتيجة تشنج الأوعية الدموية الصغيرة في اليدين والقدمين، ما يحد من تدفق الدم مؤقتًا فيها.
الأمراض البولية:
القولنجات الكلوية، زيادة عدد مرات التبول، السلس البولي.
يسبب البرد تقلص عضلات الكلى والحوالب والمثانة ما يؤدي إلى الإصابة بالمغص الكلوي وكثرة التبول، كما تزداد أعراض ضخامة البروستات عند الرجال وتترافق بكثرة التبول الليلي، وكذلك يزداد حدوث السلس البولي خاصة عند النساء، ويزداد حجم البول أيضًا ويصبح لونه فاتحًا لأن برودة الجو تقلل من فقدان الجسم للسوائل.
الأمراض العصبية والنفسية:
نوبات اختلاج عند مرضى الصرع، الشعور بالكآبة أو ما يعرف بـ”اكتئاب الشتاء”.
تؤدي تقلبات الجو المفاجئة أحيانًا إلى حدوث تشنجات عند مرضى الصرع، حيث يفقدون بفعل البرد أي استجابة لأدويتهم السابقة، كذلك تبرز في الشتاء مشكلات الاعتلال الموسمي التي تؤدي إلى الشعور بالكآبة أو ما يسمى باكتئاب الشتاء.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بأمراض الشتاء
يمكن تجنب الإصابة بأمراض الشتاء والحد من انتشارها عن طريق العمل بالنصائح التالية:
- تجنب التعرض للبرد بارتداء الألبسة الشتوية المناسبة، فمن الضروري ارتداء قفازات، قبعة، شال أو جوارب سميكة لتدفئة أطراف الجسم في حال الخروج من المنزل.
- عدم المكوث في أماكن باردة، وتجنب التعرض للتيارات الباردة أو جفاف بلل المطر على الأجسام.
- اتباع نظام غذائي متنوع وصحي، مع التركيز على الخضار والفواكه على أنواعها فهي غنية بمضادات الأكسدة والفيتامينات، والإكثار من الأطعمة الغنية بالفيتامين “C” مثل الليمون والكيوي والفراولة والجوافة والطماطم والبروكلي والفلفل الملون والبقدونس والسبانخ، فهذه المأكولات تحفز كفاءة الجهاز المناعي ليحارب أمراض موسم الشتاء.
- الحصول على قدر كافٍ من النوم بحدود 8 ساعات يوميًا.
- تناول كمية وافرة من المياه ما بين 6 إلى 8 أكواب يوميًا.
- ممارسة الرياضة قدر الإمكان لمنع تصلب المفاصل والعضلات وتحسين الدورة الدموية.
- الحرص على إجراء التهوية الجيدة للمنزل يوميًا حتى في فصل الشتاء ومع برودة الجو.
- الابتعاد عن المرضى وتجنب استخدام أدواتهم وحاجياتهم، وغسل اليدين المتكرر بانتظام لمنع نقل الفيروسات بعد ملامسة شخص مصاب أو ملامسة أشياء ملوثة كمسكات الأبواب أو درابزين الدرج.
- تجنب الانتقال المفاجئ من مكان دافئ إلى بارد لتفادي حدوث صدمة البرد التي يمكن استيعابها بطريقة بسيطة جدًا وذلك بشرب كأس من الماء البارد قبل الخروج إلى البرد.
- الإكثار من شرب الأعشاب الطبية كالزعتر البري والنعناع والعكبر وزيت السمسم وزيت حبة البركة والجينسنغ، وكذلك المأكولات الغنية بالفيتامين “ث” كالليمون وعصير البرتقال.
- استعمال الكريمات المرطبة التي من المفضل وضعها مباشرة بعد الاستحمام بشكل يومي، وتجنب الاستحمام بمياه ساخنة جدًا واستبدالها بمياه فاترة، وتقليل الوقت المستغرق في الاستحمام.
- الالتزام ببرامج اللقاحات المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية للأطفال، كما يمكن إعطاء لقاح الإنفلونزا للأطفال فوق عمر الستة أشهر ولمرضى الربو والأمراض التنفسية والقلبية، حيث يقي بشكل لا بأس به من الإصابة بالأمراض التنفسية، على أن يتم إعطاؤه قبيل بدء فصل الشتاء (تشرين الأول) والتأكد أنه مصنع حديثًا لموسع العام نفسه.
- في حال اللجوء إلى استعمال وسائل التدفئة يجب التأكد من بعض شروط الأمان لتجنب حوادث الحروق الجلدية، ومنها وضع المدفأة الكهربائية بعيدًا عن متناول الأطفال، وإبعادها عن المواد القابلة للاشتعال مثل الستائر والبطانيات وأغطية الأسرّة مسافة لا تقل عن متر واحد، وتفادي إشعال النار بالفحم أو بالحطب في أماكن مغلقة لتفادي الاختناق من جراء استنشاق غاز أحادي أكسيد الكربون.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :