دعم تحيطه المخاوف..

ما هواجس العرب من إدارة سوريا الجديدة

زيارة وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي اليحيا و الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي إلى سوريا واستقبالهم من قبل قائد الإدارة الجديدة - 30 من كانون الأول 2024 (القيادة العامة في سوريا)

camera iconزيارة وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي اليحيا و الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي إلى سوريا واستقبالهم من قبل قائد الإدارة الجديدة - 30 من كانون الأول 2024 (القيادة العامة في سوريا)

tag icon ع ع ع

خطوات التحرك العربي الأولى نحو إدارة سوريا الجديدة بدأت بتهنئة بحرينية، زيارة سياسي لبناني، ثم وصول وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي ووفد قطري، ليتبع ذلك زيارات مسؤولين من دول الخليج والعراق.

التحركات العربية تسارعت بعد نحو أسبوعين من سقوط النظام السابق، ووصلت إلى مرحلة أعلى من التنسيق بإعادة فتح السفارات، وتوجه أول وفد سوري نحو السعودية، ثم زيارة خليجية إلى قطر والإمارات والأردن.

لن نزعج العرب

الإطاحة برئيس النظام السوري، بشار الأسد، جاءت بعد نحو عام من محاولة الدول العربية إعادة علاقتها مع نظام المخلوع، وتقديمها مبادرات للأسد الذي لم يستجب أو يقدم للعرب أي مطلب لهم، خاصة في ملف تصنيع وتجارة المخدرات.

بل شكك الأسد بفعالية الجامعة العربية وأكد استمراره بعلاقته مع إيران، وذلك خلال كلمته في القمة العربية المنعقدة بمدينة جدة السعودية في أيار 2023.

بالمقابل دأب قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، في كل فرصة له على تقديم تطمينات للعرب، خاصة فيما يتعلق بمنع تصدير أي تهديد من سوريا باتجاههم، وتخليصهم من المنافس الإقليمي المزعج للعرب إيران.

وفي أول لقاء للشرع مع صحيفة عربية كانت مع “الشرق الأوسط” السعودية، ركز فيها على نقاط أساسية هي عدم تصدير الثورة للدول العربية الأخرى، وأن سوريا “لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان”، وفق تعبير الشرع.

كما القيادة الجديدة لسوريا تسعى لبناء علاقات استراتيجية فاعلة مع الدول العربية، فـ”سوريا تعبت من الحروب، ومن كونها منصة لمصالح الآخرين”، بحسب الشرع، في إشارة إلى إيران.

الشرع خرج في أول لقاء تلفزيوني مع قناة سعودية أيضًا، إذ قال لقناة “العربية” إن “تحرير سوريا يضمن أمن المنطقة والخليج لـ50 سنة مقبلة”، مشيرًا إلى أن للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا.

لقاء الإدارة الجديدة مع وفد قطري في دمشق - كانون الأول 2024 (القيادة العامة في سوريا)

لقاء الإدارة الجديدة مع وفد قطري في دمشق – كانون الأول 2024 (القيادة العامة في سوريا)

خلاص من الأسد يقابله تخوف

الدكتور المتخصص في العلاقات الدولية فيصل عباس محمد، قال لعنب بلدي إن “هواجس الدول العربية تجاه الحكم الجديد في سوريا تتقاطع وتتمايز بآن واحد”، فمن جهة معظم الأنظمة العربية الحاكمة في المنطقة “تتخوف من وجود نظام حاكم في سوريا تعتبره إسلاميًا متطرفًا، كما يظهر، مثلًا، في تصريح أنور قرقاش المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات”.

في 14 من كانون الأول 2024، قال قرقاش خلال كلمة في “مؤتمر السياسات العالمية”، “أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية”، ولا يمكننا تجاهل أن المنطقة شهدت حلقات مشابهة سابقًا، لذا يتعين علينا أن نكون حذرين.

وأوضح الدكتور فيصل عباس محمد أن الإمارات تشترك مع كل من السعودية ومصر في عدائها لـ”الإخوان المسلمين”، والأردن “لايقل عداءً عنهم تجاه هذه الحركة”، ولا سيما أن “جبهة العمل الإسلامي”، النسخة الأردنية للتنظيم وأقوى منظمة سياسية في المملكة الأردنية، هي أيضًا في طليعة المعارضة للحكومة الأردنية، و”ثمة خشية حقيقية من تنسيق مستقبلي مع الحكومة السورية الجديدة”.

أما بالنسبة لقطر، فهي “تنفرد من بين دول الخليج بموقف مؤيد بقوة للنظام الجديد، خصوصًا وأن الحكومة القطرية تربطها منذ سنوات علاقات جيدة مع الفصائل المسلحة في سوريا”.

وبحسب الباحث في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، الدكتور أحمد قاسم حسين، تشعر الدول العربية، وخاصة دول الخليج والدول المجاورة جغرافيًا لسوريا، بمزيج من التفاؤل والحذر تجاه التغيرات الأخيرة في سوريا”، من جهة، وجود ارتياح لسقوط نظام الأسد الذي كان يشكل محورًا لعدم الاستقرار في المنطقة عبر سياساته التي لطالما هددت الأمن الوطني لهذه الدول.

وأضاف الدكتور أحمد قاسم حسين، لعنب بلدي، أنه من جهة أخرى، تبرز مخاوف من احتمال حدوث فوضى أو انزلاق البلاد من جديد في أتون فوضى قد تقوض مساعي الاستقرار الإقليمي.

لكن حتى هذه اللحظة يبدو أن سلوك الدول العربية تجاه سوريا بعد سقوط نظام الأسد “يدلل على رغبتها بتحقيق الاستقرار فيها على نحو يحد من نفوذ إيران والذي كان له بالغ الأثر على استقرار المنطقة في العقد الأخير”، وفق تعبير حسين.

مكاسب لبنانية.. تخوف عراقي

لبنان لا يبدو مترددًا في إقامة علاقات طيبة مع حكومة الشرع، الذي أنهى نظام الأسد و”أعطى لبنان الفرصة للخلاص من بقايا الهيمنة السورية بعد الخروج “المذل” لقوات الأسد من لبنان في عام 2005، وفق الدكتور فيصل عباس محمد.

وبعد تحجيم القوة العسكرية لـ”حزب الله” نتيجة الأعمال العسكرية الإسرائيلية في لبنان، ثمة قوى لبنانية ستجني مكاسب سياسية ونفوذًا أكبر بعد انتكاسة “حزب الله”، وخروج عرّابه الإيراني من سوريا عقب سقوط الأسد، وعلى غرار الأردن يأمل لبنان بتعاون النظام الجديد في دمشق في مسألة إعادة اللاجئين السوريين.

الاتصال الأول بين الشرع ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، ركز على مسألة أمن الحدود والملفات الطارئة، وجاء بعد توتر شهدته إحدى النقاط العسكرية الحدودية.

وقالت “القيادة العامة” في سوريا، إن ميقاتي أكد ضرورة التعاون والتنسيق لضبط أمن الحدود بين لبنان وسوريا، وعلى “وقوف لبنان الشقيق بكامل أطيافه إلى جانب الشعب السوري لإعادة بناء سوريا”.

وأشار الدكتور فيصل أن لدى العراق “هواجس أمنية حقيقية بشأن تأمين الحدود المشتركة”، في ظل وجود فصائل مسلحة، وهناك أيضًا مخاوف لدى الحكومة العراقية من احتمال إطلاق سراح آلاف من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” من معتقلات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على أيدي الفصائل التي تقاتل “قسد”.

القادة العسكريون والأمنيون في العراق، ومنذ إطلاق “إدارة العمليات العسكرية” عملية “ردع العدوان” في 27 من تشرين الثاني الماضي، كثفوا من تصريحاتهم حول استعداد العراق لضبط الحدود وأجروا اجتماعات وجولات ميدانية على الشريط الحدودي.

رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لم يرسل إلى سوريا شخصية سياسية على غرار بقية الدول العربية التي أرسلت وفودًا أو مبعوثين، وإنما أرسل رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري.

والتقى الشطري، في 26 من كانون الأول 2024، أحمد الشرع، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ورئيس الاستخبارات السورية، أنس خطاب، وبحث خلال زيارته التطورات على الساحة السورية، ومتطلبات الأمن والاستقرار على الحدود المشتركة بين البلدين.

تطمينات الشرع

الأيام التي سبقت سقوط الأسد وخلال تقدم “إدارة العمليات العسكرية” أصدر الشرع عدة بيانات حاول من خلالها تطمين الدول العربية، واستمر في هذا النهج بعد سقوط النظام، وإدارته للمشهد في سوريا، بأن سوريا الجديدة لن تكون مصدر تهديد لأي من دول المنطقة.

وقد يمثل خطاب الشرع محددات السياسة الخارجية السورية في ظل الإدارة السورية الجديدة، وفق الدكتور أحمد قاسم حسين، هذه المحددات تقوم على مبدأ تصفير المشاكل والأزمات مع المحيط العربي والإقليمي، وعدم انخراط البلاد في سياسة المحاور والاصطفافات، فهي حاليًا بأمس الحاجة إلى عنصري الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي .

ويرى الدكتور فيصل عباس محمد أن الأنظمة العربية قابلت ذلك بالترحاب عمومًا، و”لكنها تنتظر التطورات العملية القادمة في الساحة السورية، وعَيْن هذه الدول على إمكانية تحقيق الاستقرار في سوريا، والذي لن يتحقق إلا بإشراك جميع القوى السياسية الأخرى في تقرير مصير البلاد وبناء نظام حكم يتمتع بتأييد غالبية السوريين ويرسم مسارًا سياسيًا يطمئن الداخل والخارج”.

وقال الدكتور أحمد قاسم حسين، إن المؤشرات الحالية تشير إلى توجه إيجابي نحو تحسين العلاقات بين سوريا والدول العربية في ظل الإدارة الجديدة، بالمقابل يعتمد استقرار سوريا في المستقبل القريب على الدعم الاقتصادي والسياسي الذي ستقدمه الدول العربية لإنقاذ سوريا التي أرهقتها العقوبات الاقتصادية وسياسات نظام الأسد.

وفي هذا السياق على الدول العربية وخاصة دول الخليج أن تضع في الاعتبار أن “أمنها الوطني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن واستقرار سوريا وهو ما أثبتته التجربة السابقة”.

بالمقابل، فإن مستقبل العلاقات بين سوريا والدول العربية يعتمد على قدرة الإدارة السورية الجديدة على تحقيق الاستقرار الداخلي، تنفيذ إصلاحات سياسية، والالتزام بتعهداتها بعدم تشكيل تهديد أو مصدر قلق للدول العربية المجاورة.

الإدارة الجديدة في دمشق لم تتوقف عند مسألة استقبال الوفود، وأرسلت أول وفد لها إلى السعودية، الأربعاء 1 من كانون الثاني، ضم وزيري الدفاع والخارجية ورئيس جهاز المخابرات.

أعرب الوفد السوري عن أهمية سوريا في لعب دور إيجابي في المنطقة ونسج سياسات مشتركة تدعم الأمن والاستقرار وتحقق الازدهار إلى جانب الدول العربية.

من جانبها، عبرت المملكة العربية السعودية عن دعمها للشعب السوري والإدارة السورية الجديدة، مؤكدة استعدادها للمشاركة بنهضة سوريا ودعم وحدتها وسلامة أراضيها.

لحق الزيارة إلى السعودية، إعلان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على رأس نفس الوقد، الجمعة 3 من كانون الثاني، عن جولة دبلوماسية عربية هي الأولى من نوعها، سيجريها هذا الأسبوع، إلى قطر والإمارات العربية، والأردن.

هذا الإعلان سبقه اتصال هاتفي بين الشيباني ونظيره الأردني أيمن الصفدي، وجرى خلال الاتصال الاتفاق على تنظيم زيارة لوفد وزاري وقطاعي وعسكري وأمني سوري إلى الأردن، تلبية لدعوة رسمية من الصفدي، لبحث آليات التعاون في عدة مجالات تشمل الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة وقطاعات حيوية أخرى، وفق ما نقلته الخارجية الأردنية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة